توضح الأرقام الجديدة التي تم الكشف عنها نجاح الصين في تحقيق كثير من طموحاتها الضخمة في إفريقيا، وتثير الرهانات حول تدهور وضع الولاياتالمتحدة في القارة السمراء. أظهر تقرير صدر مؤخرا عن مؤسسة إرنست آند يونغ، أن حصة الصين ارتفعت لأكثر من الضعف في مشاريع الاستثمار الأجنبي المباشر في إفريقيا في عام 2016، كما أن قيمة هذه المشاريع تفوق الاستثمارات الأمريكية بمعامل قدره 10، وعلاوة على ذلك، أعلنت وزارة التجارة الصينية أن التجارة مؤخرا بين الصين وإفريقيا زادت بنسبة 16.8%، في الربع الأول من 2017. كل ذلك لم يكن كافيا، حيث جلس قادة أفارقة في القمة التي عقدت في بكين في الشهر الماضي، ووعدوا بإقامة صفقات واسعة في البنية التحتية والتجارة مع الصين، وهو ما أثار تعجب الولاياتالمتحدة، وأثار التساؤلات حول كيفية تصعيد واشنطن لدورها في التجارة والاستثمار في إفريقيا. لسوء الحظ، كانت الولاياتالمتحدة بطيئة في المشاركة الاستراتيجية التجارية الجادة تجاه إفريقيا، حيث لا تزال الشركات الأمريكية حتى الآن تدرس عامل المخاطرة الخاص بممارسة الأعمال التجارية في المنطقة، وعلى النقيض من ذلك، حافظت الصين على سياسة المشاركة المتعمدة والاستثمار في القارة، وحققت عوائد تحسد عليها. وفي جميع أنحاء قارة إفريقيا، تولد مشاريع البنية التحتية الصينية عائدات تبلغ نحو 50 مليار دولار سنويا، وتترجم بشكل مباشر وغير مباشر إلى وظائف عديدة للمواطنين الصينيين. بناء على إرث قوي من الحزبين فيما يتعلق بالسياسة الأمريكية – الإفريقية، عززت إدارة الرئيس السابق باراك أوباما العلاقات التجارية في القارة، من خلال مبادرات مثل قوة إفريقيا (التي تهدف إلى مضاعفة إمكانية وصول الكهرباء في القارة)، وحظيت بدعم جمهوري واسع. وفي الواقع، ارتفع الاستثمار الأجنبي المباشر الأمريكي في إفريقيا بأكثر من 70٪، في الفترة من 2008 إلى 2015، على أساس التكلفة التاريخية، ومع ذلك، من الناحية غير النسبية، لا يزال هناك الكثير ينبغي القيام به للاستفادة الكاملة من إمكانات إفريقيا للمساهمة في نمو الولاياتالمتحدة. ما يبعث على القلق أن إدارة ترامب تسير في الاتجاه الخاطئ تماما، حيث إن إشارة السياسة إلى زيادة الاستثمار الأمريكي في إفريقيا ليست كبيرة. في حين دعا أوباما إلى تعزيز العلاقات الاقتصادية بين الولاياتالمتحدة وإفريقيا، لم تظهر إدارة ترامب أي اهتمام على مستوى عال بشأن ذلك، والأسوأ من ذلك أن الرئيس ترامب يسعى بنشاط إلى التخلص من بعض الأدوات الحيوية اللازمة لتعزيز جدول أعمال تجاري جاد، فقط ميزانية الحروب هي المستمرة، ولكن لحسن الحظ رفض الكونجرس مقترحات ترامب قصيرة النظر بشأن تمويل الشركات الأمريكية الاستثمارية ووكالة التجارة والتموين الأمريكية، وكليهما مهمان للتجارة والاستثمار على الصعيد العالمي، وفي إفريقيا على وجه الخصوص. في الفترة ما بين 2009 و2016 التزمت الشركات الأمريكية باستثمار 7 مليارات دولار في إفريقيا، وفي نفس الفترة زادت وكالة الاستثمار والتموين من أعمالها في إفريقيا على هيئة منح ومساعدات لمشاريع البنية التحتية، وزادت الصادرات الأمريكية بما لا يقل عن 2.5 مليار دولار. وإذا أرادت أمريكا التنافس بنجاح مع الصين فينبغي تعزيز هذه الأدوات وغيرها وليس هدمها، لدعم الشركات الأمريكية في إفريقيا وهذا يشمل بنك التصدير والاستيراد في الولاياتالمتحدة، الذي تفوق عليه بنك التصدير والاستيراد الصيني، ولا تزال الفرصة أمام إدارة ترامب لتقديم جدول أعمال تجاري جاد في إفريقيا، ولكن الولاياتالمتحدة تقع في المنعطف، ومن ثم سيكون من الصعب بشكل كبير تعويض قوتها المفقودة في إفريقيا. إفريقيا قارة ديناميكية، يوجد بها أكثر من مليار شخص، سيشكلون ربع سكان العالم والقوى العاملة بحلول عام 2050، وبالتالي سيزداد دور إفريقيا في الاقتصاد العالمي مع مرور الوقت، وبينما يبحث الاقتصاد الأمريكي عن نمو عالمي جديد لتغذية الوظائف المحلية، تمثل إفريقيا له ساحة تجارية ضرورية. المقال من المصدر: اضغط هنا