تجربة صاروخية هي الثالثة خلال أقل من 3 أسابيع، وال12 منذ بداية العام الحالي، أجرتها كوريا الشمالية، أمس الإثنين، وذلك بعد أيام من خروج قمة السبع دول بالتأكيد على عزمها تعزيز الإجراءات ضد كوريا الشمالية ما لم تتخلَّ هذه الأخيرة عن جميع برامجها النووية، وخروج سلسلة قرارات عن مجلس الأمن تحظر على بيونج يانج مواصلة برنامجيها البالستي والنووي، لكن يبدو أن الزعيم الكوري الشمالي لم يبال بكل هذه الإجراءات، بل يتبع سياسة الندية مع محاولات هيمنة أمريكا على كل وسائل القوة في العالم. أجرت كوريا الشمالية، فجر أمس الاثنين، تجربة صاروخية بالستية جديدة، من الساحل الشرقي للبلاد، لمسافة 450 كيلومترًا، قطعها صاروخ من طراز سكود خلال 6 دقائق وسقط في المنطقة الاقتصادية الحصرية لليابان، دون إلحاق أي ضرر بالسفن البحرية اليابانية أو طائراتها، لتكون هذه التجربة هي الثالثة من نوعها في أقل من 3 أسابيع. يبدو أن هذه التجربة تحمل في طياتها رسائل سياسية كبيرة إلى الدول السبع، وعلى رأسها أمريكا التي تسعى إلى تشديد العقوبات على كوريا الشمالية، حيث جاءت التجربة الصاروخية الباليستية بعد يومين من إعلان قادة دول مجموعة السبع خلال اجتماعهم في تاورمينا الإيطالية، السبت الماضي، أن التجارب النووية والبالستية لكوريا الشمالية تشكل تهديدًا خطيرًا، الأمر الذي دفع بعض المراقبين إلى وصف هذه التجربة بأنها تحد جديد للمجتمع الدولي وجيرانها على حد سواء، لا سيما اليابان التي شهدت هذه المرة منطقتها الاقتصادية في بحر اليابان سقوط الصاروخ الجديد، وأمريكا التي تصعد من تحركاتها العسكرية في شبة الجزيرة الكورية في محاولة لتخويف وتهديد بيونج يانج، وهو ما أكده الزعيم الكوري الشمالي، كيم جونغ أون، الذي أشرف على التجربة الصاروخية الأخيرة، وعقب إطلاق الصاروخ عبر عن قناعته بأن "الدولة ستحقق قفزة أكبر إلى الأمام في هذا النشاط لإرسال هدية أكبر للأمريكيين ردًا على الاستفزازات العسكرية الأمريكية. من جانبها سارعت واشنطن للرد على التجربة الصاروخية الكورية، حيث حلقت قاذفتا القنابل الاستراتيجيتان الأمريكيتان من طراز "بي– 1 بي لانسر" فوق البحر الشرقي من شبه الجزيرة الكورية بعد مرور 5 ساعات فقط من إطلاق كوريا الشمالية لصاروخ بالستي، وقال مصدر في الحكومة الكورية الجنوبية، إن قاذفتي القنابل الاستراتيجية الأمريكية شاركتا في المناورات العسكرية مع حاملة الطائرات الأمريكية "كارل فينسن"، التي نُشرت في البحر الشرقي، ثم حلقتا في منطقة داخلية قريبة من البحر الشرقي، مشيرًا إلى أن سيول شاركت في تدريبات مشتركة مع القاذفات الأمريكية. في ذات الإطار، فإن أمريكا بعد أن أدركت جيدًا عدم جدوى التهديدات التي أطلقتها مرارًا لتخويف بيونج يانج، وبعد أن عرفت يقينًا أن بيونج يانج لن تبالي بالتحركات العسكرية التي تتخذها واشنطن وحلفاؤها ولا بالعقوبات التي تفرضها وتشددها هذه الدول على كوريا الشمالية، أخذت واشنطن على عاتقها التوجه إلى دبلوماسية الوقيعة بين الدول، والتي تعمل من خلالها على محاولة الوقيعة بين كوريا الشمالية وحلفائها، وعلى رأسهم الصين. ظهرت هذه الدبلوماسية في تصريح الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، أمس الإثنين، الذي قال فيه إن كوريا الشمالية تظهر عدم احترام كبير للصين حليفتها الرئيسية، بعد أن أطلقت صاروخًا باليستيًا قصير المدى صباحًا سقط في البحر قبالة سواحلها الشرقية، وأضاف "ترامب" في تغريدة له على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر": "كوريا الشمالية أظهرت عدم احترام كبير لجارتها الصين من خلال إطلاق صاروخ باليستى آخر، ولكن الصين تحاول جاهدة"، وسبق أن أطلق الرئيس ترامب تصريحات مماثلة ترمي إلى استفزاز بكين لاتخاذ موقف عدائي ضد حليفتها الكورية. أمريكا لم تكن البلد الوحيدة التي تضغط على الصين بكل ما تملك لزيادة جهود إقناع حليفتها الكورية الشمالية بوقف تجاربها الباليستية والنووية، بل رافقتها في ذلك العديد من الدول وعلى رأسها اليابان، حيث أعلنت وزارة الخارجية اليابانية، اليوم الثلاثاء، أن كبير مستشاري الأمن لرئيس الوزراء الياباني، شينزو آبي، حث الصين على لعب دور أكبر في كبح برامج كوريا الشمالية الصاروخي، وقال مستشار الأمن القومي الياباني، شوتارو ياتشي، خلال اجتماع مع مستشار الدولة الصيني، يانغ جيتشي، بالقرب من طوكيو، إن أفعال كوريا الشمالية وصلت إلى مستوى جديد من الاستفزاز، وأضاف ياتشي: اليابانوالصين تحتاجان للعمل معًا من أجل حث كوريا الشمالية بقوة على تجنب المزيد من الأعمال الاستفزازية، والامتثال لأمور مثل قرارات الأممالمتحدة، وحث الصين على القيام بدور أكبر. على الرغم من الضغوط الدولية التي تقودها أمريكا على الصين، وتتشارك معها بعض الدول التي تحمل العداء لكوريا الشمالية، إلا أن العديد من السياسيين استبعدوا أن تنجح محاولات الوقيعة بين الصين وحليفتها التاريخية كوريا الشمالية، حيث يعول الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، على الصين الحليف الوحيد للنظام الكوري الشمالي لاستخدام نفوذها وإقناع زعيمها بوقف برامجه البالستية والنووية، لكن بكين التي تملك علاقات استراتيجية تاريخية مع بيونج يانج تمكنها من التأثير عليها إذا أرادت ذلك، عادة ما تكتفي بالدعوة إلى التهدئة المستمرة، فتجرى مفاوضات مع أمريكا بشأن حل الأزمة سياسيًا والابتعاد عن الخيار العسكري، وذلك في الوقت الذي تستمر فيه كوريا الشمالية في إجراء تجاربها الصاروخية والنووية بنجاح، الأمر الذي رأى فيه بعض السياسيين لعبة سياسية ومناورة تشترك فيها بكين مع حليفتها بيونج يانج لتشتيت أمريكا وتجنب الدخول في نزاع عسكري متهور، لكن في حال نشوب هذا النزاع فإن الصين ستتجه بلا تفكير إلى الدفاع عن بيونج يانج، وفقًا للاتفاقية الموقعة بين البلدين في عام 1961، والتي تنص على دعم أي منهما للآخر إذا خاضت أي منهما حربًا مع عدو خارجي، ومازالت تلك الاتفاقية سارية وتستمر حتى عام 2021.