كتب: جمال عبد المجيد وبريهان محمد ووسام حسين طرح 15 مصنعًا حكوميًا للمستثمرين بعد الفشل في إدارتهم مازال تطوير منظومة جمع القمامة وفصلها بمحافظات مصر تائه بين سوء التخطيط، والوعود الكاذبة، لتغرق الكثير من المدن والقرى في تلال القمامة، ما يضيع على الدولة مليارات الجنيهات التي من الممكن جنيها من إعادة تدويرها، بالإضافة لما تخلفه من أمراض مختلفة نتيجة تراكمها. وفقا لتقارير وزارة البيئة، فإن مصر تنتج ما يزيد على 60 مليون طن قمامة سنويا، غير أنها تنفق في العام الواحد أكثر من 20 مليار جنيه لتحسين البيئة وتجميلها، ومع ذلك، شكاوى المواطنين لا تنتهي، واعتراف المسؤولين بالمشكلة أثبت عدم الربط بين التخطيط والتنفيذ، رغم احتمالية توفيرها أكثر من مليوني فرصة عمل للمواطنين وتحقيق مكاسب هائلة على الجانبين المادي والبيئي، وتوفير مئات الأطنان من الأسمدة العضوية وغيرها. وقال الدكتور شريف الدمرداش، الخبير الاقتصادي: "رغم استفادة دول العالم من القمامة بشكل كبير، إلا أننا لم نتمكن من استغلالها بشكل حقيقي حتى الآن؛ نظرا لوجود مشكلات عدة، على رأسها فصل القمامة الصلبة عن البلاستيك والزجاج وغيرها، حيث لا يفرز العاملون القمامة، بالشكل المطلوب ما يؤدي لتفاقم الأزمة، ورغم أننا طالبنا بصرف حافز للمسؤول عن جمع القمامة لكي يفصلها من المنبع، من أجل توفير الوقت والجهد عند وصولها إلى المصنع، إلا أنه لم يتحقق شيء على أرض الواقع، علاوة على تراجع دور المحليات والفساد في جميع المؤسسات بنسبة اقتربت من80 %، وكذلك ضعف البيئة التشريعية الموجودة التي لا تخدم الاستثمار، كما أن ارتباطنا بالتعاقد الحالي مع شركة أجنبية لجمع قمامة القاهرة الكبرى يمنعنا من إجراء اتفاقيات أخرى لحين الانتهاء منها". وأضاف الدمرداش ل"البديل" أن الحكومة حال لجوئها لعقد اتفاقية أخرى مع شركة ثانية لإعادة تدوير القمامة قبل انتهاء الاتفاقية مع الشركة الإسبانية المتفق معها حاليا على إعادة التدوير، ستلجأ للتحكيم الدولي، مؤكدا أنه حال تفعيل اتفاقيات جمع القمامة بشكل أفضل من الحالي، سنجني عوائد كثيرة، متمثلة فى نظافة البيئة، واستخراج ثلث الطاقة من المخلفات العضوية، بما يدر عائدا على الدولة قد يصل 2 مليار جنيه شهريا لتوليد الطاقة البديلة، بما يقارب 30 مليار جنيه سنويًا، بل إن تدوير القمامة بجميع عناصرها يصل عوائدها لما يقرب من 60 مليار جنيه سنويا. وأشار الدمرداش لاستخدامات القمامة المتعددة، مثل إعادة تدويرها واستخدامها فى توليد الطاقة العضوية؛ فإعادة التدوير جزء من المنظومة الصحية، مطالبا بأن تكون إدارة منظومة تدوير القمامة، اقتصادية، وأن تتم عملية الجمع للكميات الموجودة وفصلها بتقنيات حديثة، وبناء مدافن لها وتوفير أراضي لبناء مصانع لتدوير القمامة. وأكد الدكتور أحمد قاسم، عميد كلية الهندسة بجامعة سوهاج، إمكانية الاستفادة من مئات أطنان القمامة الناتجة عن استهلاكات المواطنين اليومية بمختلف المحافظات في أكثر من اتجاه، لكن أهمها توليد غاز الإثيلين، والناتج عن المخلفات العضوية للقمامة، التي تعد بمثابة مشكلة للعاملين بمجال تدوير القمامة، الذي يستخدم وقودا للسيارات، ما يخفف الطلب نسبياً علي البنزين والسولار، مضيفا أن الحكومة إذا أسندت هذه المهمة لجهة متخصصة سوف تؤتي ثمارها وتعود بالنفع الوفير على البلاد، بدلاً من إهدار هذه الثروات. وتابع أن القمامة ثروة كبيرة غير مستغلة ولابد من الالتفات إليها والاستفادة منها في توليد أنواع من الغازات التي تستخدم في وقود السيارات مثلا، لافتاً إلى أن دولا أخرى سبقتنا بكثير في الاستفادة من القمامة ومخلفات استهلاك المواطنين، خاصة الدول الأوروبية. وقال شحاتة المقدس، نقيب الزبالين، إن الحكومة لا تمتلك رؤية مدروسة لمنظومة القمامة، التي يعمل بها ما يقرب من 3 ملايين عامل بجميع المحافظات، وأن ما تقوم به الحكومة من تحصيل للأموال من المواطنين نظير جمع القمامة، يتم دون وجه حق؛ لأن المشكلة قائمة، بل تتفاقم، والأولى أن نضع تلك الأموال في منظومة حقيقية تحل المشكلة نهائيا، واصفا ما حدث مؤخرا من حملات لبيع القمامة داخل أكشاك تحت مسمى "بيع زبالتك" ب"الفشنك"، وتعتبر تجارة لفئة من المواطنين بعينهم، خاصة أن بعض النواب عرضوا الفكرة وتطبيقها دون الرجوع للمحليات، بحسب تأكيده. وأضاف المقدس ل"البديل" أن الحل الحقيقي يكمن في إنشاء وزارة تسمى وزارة النظافة، فهي لا تقل شأنا عن الوزارات الأخرى، وعمل مجمعات لنقلها وفرزها في الأحياء المختلفة ويتم الفصل من المنبع، مع تطوير المحليات، مستنكرا توقف تصدير القمامة للخارج بسبب سياسات الدولة الخاطئة ومحاولتها رفع سعر طن البلاستيك والزجاجات الفارغة المصدرة للصين بما يقارب من 1000 جنيه، الأمر الذي رفضه الجانب الصيني وتم توقف التصدير، الأمر الذي سيصعب المشكلة في الفترات المقبلة، في ظل افتقادنا للمعدات اللازمة للتدوير بجميع مصانعنا. على الجانب الآخر، قال الدكتور خالد فهمي، وزير البيئة، إن الدولة تشجع القطاع الخاص للاستثمار في المخلفات الصلبة، وإن مصر بها 66 مصنعا لتدوير القمامة بمختلف المحافظات تحتاج للتجديد والتطوير، حيث تم طرح 15 منها للاستثمار ورفع الكفاءة؛ لأنها تعمل بكفاءة لا تزيد على 30 %، ولا تستطيع الدولة تحمل التكاليف، ما دفعهم للجوء إلى القطاع الخاص لإدارتها بمشاركة مع الدولة، من خلال توفير الأرض أو المعدات. وأضاف فهمي، على هامش مؤتمر بالمنيا الأسبوع الماضي، أنه تم الاتفاق بمجلس الوزراء على تقديم حوافز للمستثمرين تتمثل في حق الانتفاع ليصل 20 عاماً بدلاً من 3 أعوام لتشجيع المستثمرين من أجل الإقبال عليها، وأن يحققوا أرباحاً على المدى الطويل بدلا من المدد الزمنية القصيرة التي كانت تمنح لهم سابقا. وأشار الوزير إلى أن المصانع التي لن نستطيع الدولة تشغيلها سيتم طرحها للاستثمار بالقطاع الخاص، أو عمل شراكة بين الحكومة والقطاع الخاص توفيراً لأموال الموازنة العامة، ويجب الاعتماد على الشركات المتخصصة في التدوير، والوزارة تساعد في الأمور الفنية وتخصيص الأراضي، مؤكداً أنه تم طرح نحو 15 مصنعا حكوميا للاستثمار في 5 محافظات، هي الغربية وكفر الشيخ وقنا وأسيوط وسوهاج، ويجب أن يتم عمل دراسة جدوى لكل مصنع على حدة لاستثماره بشكل جيد، حتى تحقق الدولة أكبر استفادة. وتابع: "اتفقنا في مجلس الوزراء أن على حوافز للمستثمرين، تنقسم لنوعين؛ من خلال الأرض أو مدة حق الانتفاع، علي حسب دورة رأس المال، فهناك أراضٍ لمصانع ستطرح للانتفاع على 10 سنوات وأخرى لمدة 20 سنة، فالمزايا هنا تساعد المستثمر علي الاقتراض من البنوك وضخ الاستثمارات، ويتم تحليل الدراسة الفنية والاقتصادية من خلال جهاز المخلفات". وأكد الوزير أن هناك مذكرة شراكة موقعة مع الجانب الصيني لإنشاء مصانع لتحويل قش الأرز إلى ورق، كما أن الدولة تجري مشاورات للحصول على منح تبلغ قيمتها 80 مليون يورو بفائدة 2 % على مدار 20 سنة، ستساهم فيها مصر بمبلغ 37 مليون يورو، في إطار برنامج مبادلة الديون، حيث ستضخ الحكومة مبلغ 37 مليون يورو في شكل استثمارات جديدة بدلاً من سدادها، لتحويلها إلى مصانع تدوير القمامة، لافتا إلى أنه في إطار اتفاقية تبادل الديون مع الجانب الإيطالي، تم الاتفاق علي إحلال وتجديد مصنع العدوة للمخلفات الصلبة؛ فبدلاً من أن تعطي الحكومة هذه الديون للجانب الإيطالي، يتم ضخها في استثمارات ومشروعات جديدة.