على الرغم من خروج القمة الصينيةالأمريكية بين الرئيسين الصيني شي جين بينج والأمريكي دونالد ترامب، والتي عقدت في فلوريدا، بخطاب جديد يوحي بوجود تطور إيجابي في العلاقات بين البلدين، خاصة الاقتصادية، إلا أن العلاقة لم تخلُ من طابع المنافسة، الذي يصل أحيانًا إلى حد الخلاف بين زعيمي الدولتين، فبعيدًا عن الاستثمارات المشتركة الثنائية، والتي تعد الخط العريض في العلاقة بين واشنطنوبكين، تأتي ملفات أخرى خارجية على رأس الخلافات بين العاصمتين. مناطق التوافق أبرز مناطق التوافق بين البلدين – بحسب تحليلات الخبراء والمراقبين – هو التعاون المالي بين أمريكاوالصين، فمن خلال معاهدة الاستثمار تعهدت الصين بعدم احتكار السوق من حيث التدخل في سوق العملات، كما أنها ستعمل على تحرير أسعار الصرف وفتح أسواق جديدة أمام قطاع المال والاتصالات. وبعد القمة أعلنت الصينوواشنطن عن إقامة آلية جديدة للحوار والتعاون في مجال الاقتصاد والتجارة، وخلال المحادثات حث الرئيس الصيني البلدين على الدفع قدمًا بالمفاوضات حول معاهدة استثمار ثنائية واستكشاف مجالات التعاون في مشروعات البنية التحتية والطاقة. وقال «شي» إن اجتماعه الأول مع الرئيس الأمريكي يحمل أهمية فريدة لتطوير العلاقات «الصينية – الأمريكية»، وإن الاجتماع ساعدهما على التوصل إلى توافقات أساسية متعددة وإقامة علاقة عمل جيدة، مشيرًا إلى أن الجانبين بحاجة إلى زيادة توسيع علاقاتهما من أجل خدمة البلدين وشعبيهما بشكل أفضل وتعزيز السلام والرخاء العالميين. وتعد الصينوالولاياتالمتحدة الشريكين التجاريين الأكبر لبعضهما بعضًا، وهو الأمر الذي يعود بالكثير من الفائدة على العلاقات الاقتصادية التي تجمع البلدين، وتحدث شي حول جهود الصين للدفع قدمًا لإصلاح هيكل العرض؛ لتعزيز الطلب المحلي وزيادة حصة صناعة الخدمات في اقتصاد الصين الوطني. وأكد الرئيس الصيني أنه وفي ظل نجاح الاقتصاد الصيني في الحفاظ على قوة دفع سليمة للتنمية وتمتع الصينوالولاياتالمتحدة بآفاق واسعة للتعاون الاقتصادي والتجاري، فإن هناك فرصًا كبيرة ينبغي أن يتم اغتنامها لتحقيق المزيد من النفع بالنسبة للجانبين، كما قال «شي» لترامب، خلال المحادثات، إن بكين ترحب بمشاركة واشنطن في التعاون في إطار مبادرة الحزام والطريق. ونقل البيت الأبيض عن «ترامب» قوله عقب الاجتماع مع «شي»: «أعتقد أننا حققنا تقدمًا هائلًا في علاقاتنا مع الصين»، مضيفًا أن العلاقة التي طورها مع شي «رائعة»، وأن واشنطن مستعدة لزيادة تعميق التعاون مع الصين في الاقتصاد والشؤون العسكرية. ويشمل التوافق بين البلدين في النطاق السياسي الاتفاق على الوقوف ضد البرنامج النووي لكوريا الشمالية، وعلى الرغم من أن هناك اختلافًا في وجهات النظر بهذه المسألة، لا سيما في التشدد الأمريكي تجاه الزعيم الكوري الشمالي، إلا أن الجانبين خلال القمة اتفقا على أهمية إخلاء شبه الجزيرة الكورية من الأسلحة النووية. الخلافات الصينيةالأمريكية هناك مناطق خلاف عدة بين البلدين، تشمل غموض السياسة الأمريكية الجديدة تجاه أغلب القضايا السياسية، حيث خرج تقرير أعده مجموعة من الباحثين الأمريكين والصينين يؤكد أن التقلبات المزاجية للرئيس الأمريكي دونالد ترامب والقابلة للاشتعال في أي وقت تنذر باحتمال انهيار العلاقات الأمريكيةالصينية الموصوفة بالهشة، ومن ضمنها ملف كوريا الشمالية، فعلى الرغم من أن هناك توافقًا على إخلاء هذه المنطقة من السلاح النووي، إلا أن نقطة الخلاف بين الجانبين أن أمريكا ترى أن بكين قادرة على إقناع حكومة بيونج يانج بالتخلي عن برنامجها النووي أو تحجيمه لكنها لا تفعل، في حين تنفي الصين أن يكون لها مثل النفوذ الكافي لإقناع بيونج يانج بالتخلي عن برنامجها النووي، وتبدي معارضتها للعقوبات المفروضة على حليفتها؛ باعتبار أنها تؤثر على الشعب. ولكن يرى المراقبون أن الصين تتخوف من أنه في حالة سقوط النظام الكوري الشمالي، فإن اللاجئين سيتدفقون عبر الحدود إليها، وستكون فرصة للقوات الأمريكية المتمركزة في كوريا الجنوبية للانتشار على الحدود الكورية الصينية حال إعادة توحيد الكوريتين، حيث تعارض بكين نشر واشنطن الدرع الصاروخية "ثاد" في كوريا الجنوبية، معتبرة أنها تمس بقوتها الرادعة. دوريات أمريكية في بحر الصين رغم تحذيرات بكين من ناحيتها تستغل الولاياتالمتحدةالأمريكية الخلاف حول بحر الصين الجنوبي كأداة ضغط على بكين، ويعود الخلاف إلى أن الصين تطالب بالسيادة شبه الكاملة على هذه المنطقة الاستراتيجية؛ حيث تعمد إلى إنشاء جزر اصطناعية يمكن أن تنشر أسلحة على بعضها، لكن واشنطن دائمًا ما تنتقد هذه العمليات، وفي عهد سلفه باراك أوباما أرسلت واشنطن إلى المنطقة سفنًا حربية وطائرات تحت شعار الدفاع عن حرية الملاحة. ملف حقوق الإنسان ويشكل ملف حقوق الإنسان خلافًا تقليديًّا بين البلدين منذ سنوات طويلة، لكن دونالد ترامب لم يُبدِ منذ تولي مهامه سوى اهتمام محدود بهذه المسألة، حيث أعلن أن هذا الملف لن يكون ضمن اهتماماته في المرحلة المقبلة، وأبدى في لقاءاته بزعماء الدول التي يشمل سجلها الحقوقي بعض الخلاف مع الولاياتالمتحدة عدم اهتمامه بهذا الأمر كثيرًا، وكان ترامب عام 1990 أشاد بقيام الجيش الصيني بإخلاء ساحة تيان أنمين في بكين من المتظاهرين المعارضين للحزب الشيوعي الحاكم بالقوة بعد فشل المفاوضات معه عام 1989. التخوف من ميل ترامب نحو المزاجية وإشعال التوتر أحيانًا أورفيل شيل، الباحث الصيني، كتب في تقرير صدر مؤخرًا، ويشرح عمق الخلافات الأمريكيةالصينية، عن التخوفات من ميل ترامب الواضح نحو إشعال النار في عقود من السياسات الأمريكية المتبعة تجاه الصين، وقال شيل "لا يمكن توقع ما سيقوم به ترامب، ولذا نحن في وضع غريب وخطير جدًّا في الواقع". وأضاف "هذه هي ثورة أمريكية، حيث يسعى ترامب للهجوم على نخبة مؤسسة السياسة الخارجية، وهو يطلق العنان لشعبويته". ملفات الشرق الأوسط وأفغانستان وبينما تشعر الصين بقلق من إمكان أن يوفر عدم الاستقرار في أفغانستان، التي لها حدود قصيرة مع شينغيانغ، دعمًا للأويجور، ويعزز وجودها الدبلوماسي هناك في محاولة لإحلال السلام، فإن استمرار تواجد قوات الولاياتالمتحدةالأمريكية على الحدود الصينية طالما هز العلاقات بين أمريكاوالصين. ولا يبتعد الملف السوري والعراقي أيضًا عن هذه الخلافات، حيث ترى بكين أن تدخل الولاياتالمتحدةالأمريكية في الأزمات الداخلية هناك يساعد على عدم الاستقرار، ويعطي فرصة للجماعات المتشددة أن تنطلق في مساحة أكبر، فيما حثت الخارجية الصينية، الجمعة، جميع الأطراف على ضبط النفس، عقب الضربة الأمريكية في سوريا، ونقلت وكالة أنباء "شينخوا" الصينية الرسمية، عن الناطقة باسم الوزارة، هاو تشونيينغ، دعوة بلادها جميع الأطراف للحيلولة دون تدهور الأوضاع، وذلك للحفاظ على فرص الحل السياسي للأزمة السورية.