أمرت محكمة صهيونية، الاثنين الماضي، بإفراغ حاوية في مدينة حيفا شمال إسرائيل، من حمولتها من مادة الأمونيا السامة، بعد تشبيه هذه الحمولة ب"القنبلة النووية"، وقررت محكمة حيفا، في الحكم الصادر عنها، تحديد مهلة 10 أيام لشركة كيمياويات حيفا لإزالة المادة الكيمياوية السائلة من الحاوية، الموجودة في خليج المدينة على البحر المتوسط، ولم تعرف كمية الأمونيا الموجودة في الحاوية بالتحديد لكن الحاوية تستطيع استيعاب حتى 12 طنًا. يأتي قرار المحكمة الصهيونية بعد أن قدم أستاذ الكيمياء ورئيس مجموعة من الخبراء، إيهود كينان، تقريرًا إلى المحكمة ورئيس "جمعية الكيمياء في إسرائيل"، يفيد بأن الحاوية تشكل خطرًا قائمًا وواضحًا، حتى من دون صواريخ حزب الله، وقال إن سكان حيفا والمنطقة يواجهون خطرًا كل شهر عند وصول الناقلة لتملأ الحاوية، ففي حال تسرب المواد من الناقلة، ستؤثر الأمونيا على البحر، وستؤدي إلى تشكل سحابة سامة ستكون خطرة على أي شخص على مسافة 20 كيلومترًا منها، وأوضح "كينان" للمحكمة أن الحاوية التي يبلغ عمرها 31 عامًا لم تخضع أبدًا لفحص دقيق، ولا تحتمل تأثير أي قذيفة تسقط عليها. من جهته، أكد متحدث باسم مؤسسة كيميائيات حيفا أن المؤسسة ستحترم قرار المحكمة، فيما رحبت "مايا جايكوبز" من منظمة "زلول" البيئية غير الحكومية، بقرار المحكمة، مشيرة إلى أن دولة إسرائيل كانت تحتجز كرهينة لدى مؤسسة كيميائيات حيفا. تحذيرات حزب الله يأتي قرار المحكمة الصهيونية بعد عام من إطلاق الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، تصريحًا بث الرعب والقلق في قلوب المسؤولين والقيادات والمستوطنين الصهاينة، حيث قال في مناسبة الذكرى السنوية للقادة الشهداء، إن حاوية الأمونيا ستكون مثل "قنبلة نووية" في حال إطلاق الحزب أي صاروخ عليها، وأكد أن عشرات آلاف الأشخاص سيموتون في حال استهداف الحاوية وسيتأثر بها نحو 800 ألف مدني. رعب صهيوني تصريحات نصر الله، أشعلت حينها الأوساط السياسية الصهيونية، وباتت خزانات الأمونيا تشكل مصدر قلق ورعب دائم للصهاينة، كما أنها أشعلت الغضب تجاه الحكومة الإسرائيلية، وقالت حينها المديرة العامة لجمعية "تسلول" البيئية الاسرائيلية، مايا جايكوبز، إن نصر الله على حق فنحن نحذر من ذلك منذ سنوات، مشيرة إلى أن صاروخًا قد يؤدي إلى مقتل عشرات الآلاف وإصابة مئات الآلاف إذا أصاب حاويات الغاز، وخرجت حينها تقارير تؤكد مدى الخطورة التي يتعرض لها مئات بل آلاف الأشخاص في حيفا والمستوطنات المحيطة بها، وأكدت التقارير حينها أن سكان المدينة يتعرضون أكثر من غيرهم للإصابة بمرض السرطان، إضافة إلى أن الأطفال يولدون برأس أقل حجمًا بسبب التلوث البيئي جراء انبعاث الغازات من المصانع الكيميائية في خليج حيفا. امتد الخوف والرعب ليصل إلى عدد من مستوطني مدينة حيفا، الذين طالبوا الحكومة الإسرائيلية بأن تأخذ تهديدات وتصريحات نصر الله على محمل الجد؛ لأنها مُقلقة للغاية، وقال أحد مستوطني المدينة لصحيفة يديعوت أحرونوت: إن التهديد على خليج حيفا، وتحديدًا على مصانع الأمونيا، موجود منذ العام 1991، لكن منذ ذلك الحين وحتى اليوم لم تعمل حكومات إسرائيل المتعاقبة أي شيء لإبعاد هذا الخطر عن المنطقة، وأضاف: للأسف الشديد، المسؤولون لدينا يستفيقون من سُباتهم فقط بعد أن تقع الكارثة. ظهرت آخر تداعيات الرعب الصهيوني في تصريح لنائب مندوب إسرائيل في الأممالمتحدة، دافيد رويت، التي قال فيها إن إسرائيل تواجه تهديدًا نوويًا من لبنان، وقال رويت: في الشمال هنالك حزب الله الذي يخفي في ترسانته أكثر من 150 ألف صاروخ في المدارس والمساكن والمشافي وكلها موجهة نحو إسرائيل. زادت التخوفات الإسرائيلية مع خروج العديد من التقارير التي تؤكد اقتراب موعد الحرب المقبلة بين إسرائيل وحزب الله، حيث قالت تقارير إن إسرائيل ستعمد إلى بدء حرب جديدة على لبنان في حال عاد مقاتلو الحزب من سوريا، الأمر الذي يعني أن الحرب القادمة ستكون الأكبر والأخطر بالنسبة لإسرائيل، حيث أتقن حزب الله منذ بداية الحرب السورية كيف يردع إسرائيل بعدما أصبح جيشًا متكامل وليس مجموعه من المقاتلين فقط، بل أصبح لديه قدرات وخبرة قتالية وعسكرية فائقة قد اكتسبها بعد انخراطة في الأزمة السورية. بروفة مصغرة في 25 ديسمبر الماضي، اندلع حريق ضخم في مصفاة للنفط في مدينة حيفا، وشبت النيران في أحد خزانات الوقود التابعة لشركة "أويل ريفايناريز"، وحينها هرعت أكثر من 40 سيارة إطفاء إسرائيلية و300 رجل إطفاء لمحاولة إخماد الحريق الذي استمر 3 أيام، وأدى إلى إصابة 130 مستوطنًا، واحتراق منازل ومساحات شاسعة، وهو ما دفع الشرطة إلى إغلاق جميع الطرقات المؤدية إلى المكان وإجلاء 60 ألف مستوطن من بعض الأحياء التي هددتها النيران، وإخلاء سجني "دامون" و"كرمئيل" وإغلاق مطار بن غوريون وميناء حيفا، ونقلت وسائل إعلام العدو حينها عن مسؤولين في جهاز الإطفاء الإسرائيلي ما يفيد بصعوبة السيطرة على الحريق. هذه الحادثة كانت بمثابة دق ناقوس الخطر بالنسبة لإسرائيل، حيث دفعت الكثير من السياسيين الصهاينة والمستوطنين الذين يعيشون بالقرب الميناء إلى القول بأن هذه الحرائق ما هي إلا بروفات مُصغرة لما سيحدث إذا أصاب حزب الله حاويات الأمونيا في ميناء حيفا خلال حرب قادمة.