بين التصارع العسكري على الأرض والخلافات بين القوى السياسية، تحارب المعارضة السورية بعضها بعضًا في صورة توضح ما آلت إليه الأوضاع في الفترة الأخيرة، قبل أيام من انطلاق محادثات جنيف للسلام في سوريا، المقرر عقدها يوم 20 في الشهر الجاري. وأدى هذا التصارع السياسي والعسكري إلى عدم توصل المعارضة السورية إلى تشكيل وفد موحد في اجتماعات جنيف، حتى إن اجتماع الرياض الذي عقد في حضور ممثلين عن الفصائل المسلحة والائتلاف والهيئة العليا للمفاوضات لم يتوصل إلى تذليل كل الخلافات، وهو ما أدخل المبعوث الأممي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا على خط الأزمة. واستمرت اجتماعات الهيئة العليا للمفاوضات في الرياض، وبينما تحظى الفصائل المسلحة التي شاركت في مؤتمر أستانة بدعم تركيا، إلَّا أن أنقرة لم تسع لدعم هذه الفصائل لترأس الوفد المفاوض، ونصحت أن يكون هناك تقاسم ثلاثي بين الفصائل والهيئة العليا والائتلاف، مما أدى إلى نشوب خلافات بينها. ورغم اختيار عضو الائتلاف السوري المعارض نصر الحريري رئيسًا لوفد الهيئة العليا للتفاوض في مفاوضات جنيف، إلى أن ظهرت خلافات حول اختيار الشخصيات التي تمثل باقي الوفد، وقالت الهيئة العليا للمفاوضات، إن المعارضة السورية ستعلن قائمة مبعوثيها للجولة المقبلة من محادثات السلام، حيث كانت اختيار شخصيات المعارضة نقطة خلاف، وقال ستيفان دي ميستورا، مبعوث الأممالمتحدة إلى سوريا، إنه سيختار مبعوثي المعارضة إذا لم يتمكنوا من الاتفاق على ممثليهم «لضمان تمثيل أكبر عدد ممكن من الفصائل»، لكن انتقدت الهيئة العليا للمفاوضات التي تدعمها السعودية تصريحات دي ميستورا وقالت، إنها غير مقبولة. ويبدو أن هذا الاجتماع لم يكن الأول الذي تظهر فيه الكثير من الخلافات داخل المعارضة، حيث مثلت الهيئة العليا للمفاوضات المعارضة السورية في محادثات السلام العام الماضي، لكن لم تتم دعوتها لمحادثات أستانة في كازاخستان، حيث جرت محادثات غير مباشرة بين وفدي الحكومة السورية والمعارضة الشهر الماضي. وعن وجود خلافات حول تشكيل وفد المعارضة، قال نصر الحريري: «لا يوجد أحد ضد أحد في اجتماعات الرياض، كل الأمر أن هناك أفكارًا متعددة، وهدف الجميع أن يكون هناك وفد موحد وملتزم بالمرجعيات القانونية وبالقرارات الدولية، إلَّا أن مصدرًا من المعارضة السورية قال لصحيفة القدس العربي، إن خلافات حادة شابت اجتماعات الرياض. وأضاف أن الفصائل العسكرية المحسوبة على وفد أستانة اجتمعت في السادس من الشهر الجاري في فندق «ريتاج» إسطنبول واتخذت قرارًا جماعيًّا بالحصول على النصف زائد واحد «8 مقاعد من أصل 15» من مقاعد الوفد الذي سيتجه إلى جنيف4، فيما يحصل الائتلاف المعارض والهيئة العليا للمفاوضات على ما تبقى من مقاعد بإيعاز من بعض القوى الدولية ومن المبعوث الدولي إلى سوريا ستيفان ديمستورا. وعن الأعضاء المشاركين وغير المشاركين، قال المصدر ذاته، إن الباب مفتوح للذهاب إلى جنيف بمنصات متفرقة «العسكر، أستانة1، حميميم ، القاهرة، موسكو» قائلًا: «فيلق الشام» محسوب على الإخوان المسلمين ويتبع لتركيا، انسحبت من اتفاق أستانة ومن المشاركة في جنيف حتى يتم الالتزام بوقف إطلاق النار. ولم تبتعد الخلافات العسكرية عن المشهد، حيث بدا واضحًا التصادم العسكري بين القوى المسيطرة على الأرض، فيقول قال المرصد السوري لحقوق الإنسان، إن ما تعرف بجماعة جند الأقصى وهي جماعة إسلامية متشددة قوية في سوريا، حققت مكاسب سريعة على حساب فصائل متشددة أخرى بشمال محافظة حماة وجنوب محافظة إدلب في الأيام الماضية، وأضاف المرصد السوري أن جند الأقصى التي كانت لها صلات بجبهة فتح الشام، فرع القاعدة في سوريا سابقًا، استولت هذا الأسبوع على أسلحة وقواعد من جماعات تنشط تحت لواء الجيش السوري الحر، واعتقلت عشرات المقاتلين.