تسلم البنك المركزي مبلغ 4 مليارات دولار حصيلة السندات الدولية التي طرحتها وزارة المالية خلال الأسبوع الأخير من شهر يناير الماضي، وعلى إثرها ارتفع حجم الاحتياطي النقدي من العملات الأجنبية خلال شهر يناير الماضي بمقدار 1. 2 مليار دولار ليصل إلى 363. 26 مليار دولار مقابل 265. 24 مليار دولار في ديسمبر 2016، بعد أن سدد التزامات مالية منها نادي باريس بقيمة 700 مليون دولار، بالإضافة إلى سداد التزامات أخرى على الحكومة بالنقد الأجنبي. سداد الالتزامات المالية القديمة وارتفاع الاحتياطي النقدي لمصر بقروض وسندات جديدة يدخلنا في دوامة اقتراض جديد لسد عجز أو سد دين قديم أو نواقص في نفقات الدولة، وهي السياسة التي تعتمد عليه الحكومة بموافقة الرئيس عبد الفتاح السيسي، والتي تسببت في تراكم الديون وكثرتها وزيادة فوائدها، سواء كانت خارجية أو داخلية، وبزيادة الفائدة تصبح الدولة في مأزق كبير، وتدخل في دوامة سداد فوائد القروض عن طريق قروض وسندات جديدة. ارتفاع ديون مصر ووصول الدين الخارجي إلى 60.15 مليار دولار بنهاية سبتمبر الماضي، مقابل 55.764 مليار دولار في يونيو العام الماضي، وارتفاع الدين العام المحلي إلى 2.758 تريليون جنيه بنهاية سبتمبر 2016، بالمقارنة ب2.619 تريليون جنيه بنهاية يونيو 2016، يجعلنا نتساءل عن فائدة زيادة الاحتياطي النقدي من سندات دولية مع وجود ارتفاع في ديون مصر. يقول الدكتور رشاد عبده، الخبير الاقتصادي: ارتفاع الاحتياطي النقدي من القروض والسندات كارثة وخراب وليست ميزة؛ لأن الارتفاع الجاد للاحتياطي يكون نتاج عمل وليس نتيجة استلاف من الخارج أو الداخل. وضرب الخبير الاقتصادي مثلًا لتوضيح الأمر: «لو أراد أحد أن يقيم عرسًا لابنته واستلف وعمل فرح بتكلفه عالية وجهزها بمبلغ كبير للتباهي، وجاء وقت السداد واقتراض مبلغًا آخر لسداد القديم، وتوفى فأولاده مطالبون بسداد هذه المبالغ التي استلفها»، موضحًا أن هذا ما تفعله الحكومة الحالية مع مصر، بأنها تبلي الأجيال المقبلة بالقروض. وأوضح عبده ل«البديل» أن السندات الدولية تسدد على مدى 5 أو 10 أو 30 سنة، فهل هذه الحكومة باقية حتى هذه المدة حتى تقترض بهذه الطريقة؟ بالطبع لا، فالسلطة بدلًا من بناء مصانع تنفع الناس في المستقبل تبلينا بقروض داخلية تعدت ال3 تريليونات جنيه وديون خارجية تعدت ال60 مليار دولار. وانتقد الخبير الاقتصادي محافظ البنك المركزي الذي يقوم بزيادة احتياطي النقدي الأجنبي بالقروض ليتباهى بها، في حين أننا لو حللنا الاحتياطي سنجده عبارة عن ودائع وسندات وقروض من الخارج والداخل، وليس من نتاج عمل، فالتباهي يأتي من الزيادة نتيجة العمل وليس الاقتراض. وكان الدكتور رائد سلامة، الخبير الاقتصادي، قد أوضح في تصريحات سابقة ل«البديل»أن ارتفاع احتياطي النقد الأجنبي قروضًا أو سندات هي زيادة سلبية لا تأتي بجديد؛ لأن القروض لا تصنع الاحتياطي النقدي الحقيقي يستطيع إنقاذ البلد وقت الأزمات؛ لأنها ببساطة واجبة السداد، وليست مملوكة للدولة، مؤكدًا أن الاحتياطي الحقيقي يكون ما «تمتلكه» الدولة من نقد أجنبي، لا ما «تحوزه»، فهناك فارق كبير بين الملكية والحيازة.