رغم الإفراج عن آلاف المعتقلين الإثيوبيين المعارضين وتنظيم الحكومة الإثيوبية حفلًا بمناسبة إطلاق سراحهم، وحضره رئيس الوزراء هايله مريم ديسالين، الذي قال: إن حرية التعبير والمعارضة حق مكرس دستوريًّا، لكنه حذر من لجوئهم للعنف والذين سيدفعون ثمنة غاليًا، إلَّا أن أثيوبيا تصدرت مرة أخرى قوائم انتهاك حقوق الإنسان، بحسب إحصائيات تلك النظمات. قال موقع إثيوميديا: إن هيومن رايتس وواتش نشرت تقريرًا لاذعًا عن الأحداث التي وقعت في إثيوبيا في 2016، وحددت فيه سلسلة من انتهاكات حقوق الإنسان بما في ذلك قتل 400 من المتظاهرين وانتهاكات حرية التجمع وحرية التعبير وتكوين الجمعيات، فضلًا عن استخدام التعذيب والاحتجاز التعسفي، كما اعتبر مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة أن تلك التطورات مقلقة. وتابع الموقع أن إثيوبيا كانت تتمتع بنمو اقتصادي قوي واستقرار نسبي بمنطقة عرقية هشة لمدة عشر سنوات، لكن في نوفمبر 2015، بدأت الاحتجاجات المناهضة للحكومة تشكل تهديدًا للجبهة الديمقراطية الثورية الشعبية «الجبهة الشعبية الثورية الديمقراطية» الائتلاف الحاكم الإثيوبي، الذي كان في السلطة منذ عام 1991، والتي أثارت المعارضة ضد خطة توسع الحكومة الإثيوبية في أراضيها، ونظمت شُعب أورومو، وهي أكبر مجموعة عرقية في البلاد احتجاجات واسعة للمطالبة بالمساواة الاقتصادية والسياسية. وانضمت إليها في وقت لاحق أمهرة، التي تعتبر ثاني أكبر مجموعة عرقية في جنوب إثيوبيا، والمنضمون إليها يشعرون أيضًا بالحرمان في وطنهم، وهاتان المجموعتان يشكلان أكثر من ثلثي سكان البلاد، واعتبرت جماعات حقوق الإنسان دولة إثيوبيا من الدول القمعية بعد تقديرها لقتل أكثر من 600 شخص على يد قوات الأمن، وفي أكتوبر أعلنت الحكومة حالة الطوارئ التي سمحت للسلطات باحتجاز المشتبه بهم دون اتباع الإجراءات القانونية الواجبة، واحتجازهم بحجة إعادة تأهيلهم، كما يعتبر اعتقال حوالي 24 ألف شخص غالبًا من دون تهمة، وإرسالهم إلى معسكرات لتدريب إعادة التأهيل، مما يعد خرقًا لحقوق الإنسان الأساسية. وأوضح الموقع أن الاضطرابات في إثيوبيا لم يكن سببها شعور شعبي أمهرة والأورمو بالاضطهاد فحسب، بل كانت هناك احتجاجات على خلفية الفضاء السياسي الإثيوبي، وهو غير موجود تقريبًا في البرلمان، في حين أن الائتلاف الحاكم لديه 100% من المقاعد، وهناك قيود على المجتمع المدني ووسائل الإعلام المستقلة، مما جعل كل هؤلاء المعارضين تتوحد أهدافهم ضد الحزب الحاكم ويقومون باحتجاجات واسعة النطاق، مما جعل الحكومة تقابلهم بالمضايقات التعسفية والاحتجاز والقتل لغلق أي باب يثير عليها المعارضة، لكن رد فعل الحكومة الإثيوبية فتح عليها أبواب المعارضة جميعها وجعل الأخيرة تفكر في سبل للتواصل والترابط لتعزيز كلمتها وتشكيل قوة في وجه الحزب الحاكم المستبد. وأضاف الموقع أيضًا أن الاضطرابات الداخلية تلك ليست كل شيء، بل ما جعل الأمر أكثر صعوبة أمام الحكومة الإثيوبية أن القوات الإثيوبية المنتشرة في خارج البلاد متهمة بانتهاك حقوق الإنسان أيضًا، فإثيوبيا تنشر قوات داخل الصومال كجزء من بعثة الاتحاد الأفريقية «امصيوم» في عام 2016 ، وكانت هناك تقارير تفيد بأن القوات العسكرية الإثيوبية، التي تعمل في بعثة الاتحاد الإفريقي قتلت دون تمييز 14 مدنيًّا خلال عملية حركة الشباب بمنطقة باي الصومالية، وبدلًا من أن تبدي الحكومة استعدادها لمعالجة الأخطاء والمظالم التي أعرب عنها المعترضون على السياسة التعسفية للحكومة الإثيوبية، اتخذوا اتجاهًا غير ملائم في كثير من الاضطرابات التي تفاقمت ولم تجد الحكومة الإثيوبية أي مبرر سوى إلصاق ما يحدث بالبلاد بقوى خارجية، وادعت أنها تسببت تفاقم الوضع السيئ. كما تستمر وسائل الإعلام أيضًا تحت قبضة الحكومة، التي تقلص دورها المعارض واختفى بعد تفاقم حالة الطوارئ في نهاية عام 2016، وقبضوا على العديد من الصحفيين وأجبروهم على الاختيار بين الرقابة الذاتية والمضايقة والاعتقال أو المنفى، وقد فر 75 صحفيًّا على الأقل من إثيوبيا منذ عام 2010، بالاضافة إلى التهديدات ضد الصحفيين والتكتيكات المستخدمة لتقييد وسائل الإعلام المستقلة، التي تشمل استهداف الناشرين والمطابع والموزعين. جدير بالذكر أنه رغم تلك الانتهاكات الجسيمة إلَّا أن إثيوبيا مازالت تتمتع بدعم قوي من الجهات المانحة الأجنبية ومعظم جيرانها الإقليميين؛ نظرًا لدورها بوصفها البلد المضيف للاتحاد الإفريقي، وكلاعب استراتيجي ومساهم في نشر السلام ومكافحة الإرهاب الإقليمي، والمساعدة وشراكات الهجرة مع الدول الغربية والتقدم المعلن المتمثل في مؤشرات التنمية، كما أن موقع إثيوبيا الجغرافي جعل لها أهمية كبرى لدى الجهات المانحة الأجنبية، كما أنها تعتبر مضيفًا لأعداد كبيرة من المهاجرين واللاجئين. وأسفرت الحملة الوحشية ضد المتظاهرين وحالة إعلان الطوارئ في أقوى موجة من التصريحات العلنية المعتادة من العديد من حلفاء إثيوبيا، فحقوق الشعوب الإفريقية واللجنة الإفريقية لحقوق الإنسان، كلتاهما أصدرتا بيانات الإعراب عن القلق، فيما أفرج البرلمان الأوروبي عن قرار قوي، وقدمت قرارات في مجلس الشيوخ الأمريكي ومجلس النواب، وأكدت المفوضة السامية لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة علنًا الحاجة إلى إجراء تحقيق دولي في عمليات القتل في يوليو. وواصلت الجهات المانحة الأخرى، بما فيها البنك الدولي، العمل على النحو المعتاد دون رفع إعلان مخاوفها، وفي يونيو اُنتخبت إثيوبيا كعضو في مجلس الأمن الدولي، وهي أيضًا نائب رئيس مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة، رغم التاريخ الطويل في عدم التعاون مع الآليات الخاصة للأمم المتحدة.