في الفترة الأخيرة، تصدرت عناوين الصحف مشكلة شعب الأورومو والاحتجاجات في إثيوبيا، لكن لم يلق الإعلام الضوء على مشكلة مدينة غوندر، التي تقع في المرتفعات الشمالية لإثيوبيا عاصمة الحبشة القديمة وبها قلاع عتيقة وقصور ملكية، وأصبحت الآن حطاما بعدما أحرقت خلال الاضطرابات في أغسطس الماضي. قال موقع إثيوميديا، إن مدينة غوندر المعروفة باسم "كاميلوت إفريقيا" التي تواجه اليوم توترات جديدة لها تاريخ معقد متعلق بنزاع إقليمي بين النخب في منطقة أمهرة، وكذلك في تيجري المجاورة، التي ستدخل عامها ال25 من الاضطرابات. وأضاف الموقع أنه منذ عام 1991، وهناك اضطرابات واسعة ومظالم أخرى أدت إلى الاحتجاجات والاضرابات والتخريب والقتل في غوندر، مما تسبب في انخفاض حاد في عدد السائحين الأجانب إلى تلك المدينة السياحة التي أصبحت مدمرة ومخيفة. وتابع «إثيوميديا»: بعد حرص الحكومة على فتح المتاجر والمدارس في غوندر وتكثيف الرقابة في المناطق الحضرية، تزايدت الاشتباكات المتفرقة بين قوات الجيش وأهالي الريف في تلك المنطقة، مما اضطر الحكومة لإعلان حالة الطوارئ في 8 أكتوبر الماضي، وتعتبر غوندر صورة مصغرة من إثيوبيا، حيث التنمية غير المتوازنة والاستقطاب وسط الفراغ الإعلامي الظاهري، والتاريخ المتنازع عليه، والتوترات العرقية، والمعارضة المجزئة، مما يظهر عدم قدرة السلطة الإثيوبية على السيطرة على هذا المستنقع المليء بالمشاكل، فيما يعتقد كثيرون أن الحكومة كانت سببًا في هذه المشاكل. واستطرد الموقع: بدأت الاضطرابات في غوندر، يوليو الماضي، عندما انتشرت شائعة أن السلطات تعتزم اعتقال العقيد ديميكي ذيودو وهو متمرد سابق في منطقة ولكايت، وحاولت قوات الأمن القاء القبض على ذيودو، إلا أن القوات المسلحة والعديد من الناس قاموا بحمايته، فاندلعت الاضطرابات، ولقي العديد منهم مصرعهم. ولكايت منطقة إدارية في تيجري، تقع على الحدود مع أمهرة، وتم تقسيمها على أسس عرقية في عام 1992، ومن هنا بدأ النزاع بين شعب تيجري ومدينة غوندر، الأمر الذي أدى إلى تزايد عدد المتمردين ودخول البلاد في العديد من مشاكل التمرد القائم على أساس إثني وعرقي. واستنكر محاضر في جامعة غوندر السياسة الإثنية التي تقوم عليها إثيوبيا، ويعتقد أنها السبب في الصراع بين أجنحة أمهرة والجبهة الشعبية الثورية الديمقراطية، وقال إن جبهة تحرير شعب تيجري هو الحزب المهيمن في الجبهة الشعبية الثورية الديمقراطية، ويسعى السياسيون في حركة أمهرة الوطنية الديمقراطية للفوز بقدر أكبر من السلطة، وأضاف: أنا لا أؤمن بالأحزاب التي يتم تنظيمها على أساس العرق. كما تنكر نشطاء أمهرة، النظام القائم على العرق، حيث اعتبروه جوهر الخلافات، بسبب أن الفيدرالية تحمي رسميا حقوق المجتمعات المهمشة في المراحل السابقة، عندما كانت إثيوبيا دولة وحدوية، وتعزز الوحدة الوطنية على حساب الحكم الذاتي العرقي. وسبقت الاضطرابات في أمهرة احتجاجات من قبل شعب أورومو، أكبر جماعة عرقية في إثيوبيا، والذين يشكون أيضا من التهميش والقمع، وردا على ذلك فرضت الحكومة حالة الطوارئ، وأرسلت الحكومة 240 ألف شخص على الأقل إلى مخيمات التلقين، تحت القواعد التي تسمح بتعليق الإجراءات القانونية الواجبة، وفقا لجمعية حقوق الإنسان في إثيوبيا، وقتلت قوات الأمن نحو 6 آلاف متظاهر خلال العام الماضي.