الطائفية والغضب هما العنصران الرئيسيان في الولاياتالمتحدة، صمما ليكونا استجابة كلاسيكية إلى الخيال الغوغائي المباشر للديمقراطية، وضعف النظام الملكي غير القابل للمساءلة، وأولئك الذين يقفون خلف دستور الولاياتالمتحدة لاختيار الرئيس، وبالتالي تظهر مجموعة من المدرجات السياسية الملتزمة بخوض معركة ترسيم حدود السلطة على طول الفصل بين السلطات. ازدهرت الدولة، وأصبحت بيروقراطية، حتى تحولت لمجرد صنم، رغم معارضة بعض السياسيين بطريقة بلاغية من قبل مختلف الإدارات، حيث كانوا يخشون من نمو الطبقات غير المنتخبة داخل منظومة حكومة الولاياتالمتحدة. تم توظيف الموظفين، وسعى جنود المشاة لبناء إمبراطورية في مساحة من الحرية، وظهرت وكالة الأمن القومي لتصبح إمبراطورية جديدة للحرب، وبجانبها وكالة الاستخبارات المركزية، وبالتالي توسع مجتمع الاستخبارات في ظل عذاب الحرب الباردة والمخاوف النووية. بدأت المخابرات بكافة أنواعها المراوغة باسم الشعب، ولكن في الحقيقة كانت تتحدث باسم مصالح ومخططات الشركات العملاقة، فبعد ذلك أوضح التاريخ هذه العلاقات، ولصالح من تجسست هذه المؤسسات الاستخبارية. بعد أحداث 1 سبتمبر 2011، ورغم القيود المفروضة، بدأت المخابرات التجسس لصالح بعض الشخصيات، وأصبحت وكالة الاستخبارات المركزية تحت المراقبة المباشرة للرئيس الأمريكي الأسبق، جورج دبليو بوش، وبدأ بنفسه الإشراف على عمليات التعذيب. والآن أجهزة الاستخبارات تخلق شكلًا جديدًا من الأذى، قبل أيام قليلة من تنصيب الرئيس الجديد دونالد ترامب، كان هناك صراع داخلي وغضب وتهديدات من قبل المهنيين في واشنطن، وتواصلت هذه المشاعر التي عبر عنها رئيس وكالة المخابرات المركزية السابق، مايكل موريل، خلال الحملات الانتخابية الرئاسية، وأكد أن الشعب الأمريكي يتجه نحو الخطر وزعزعة الاستقرار. اللغة مهمة هنا، بالنسبة للذين لا يخجلون من الإشارة إلى المرشح المفضل، مثلما فعل هنري كيسنجر، وزير الخارجية الأمريكي الأسبق، في دعمه لترامب. انتقادات ترامب لمجتمع الاستخبارات تأتي بناء على انحرافات سابقة لمواقف وكالة الاستخبارات المركزية، فعلى الرغم من مغادرة شخصيات بعينها للمراكز الاستخباراتية، إلا أن هناك أرضية مشتركة بين الشخصيات الاستخباراتية المختلفة، ليجد ترامب نفسه أداة في أيدي هؤلاء. المزاج العام الذي يسيطر على المخابرات بكافة أشكالها ضد ترامب، وضد شرعيته، وبالتالي ستظهر الأيام القادمة الطبيعة الحقيقية لنظام السياسة الأمريكية، ومن هو الإمبراطور الحقيقي للبلاد. المدير السابق لوكالة الاستخبارات المركزية، جون برينان، مثال غريب الأطوار، ففي السنوات القليلة الماضية، عرض نفسه على أنه المصلح والمجدد، ولكنه عبر عن غضبه ضد ترامب، في المدارس البطريركية. حث برينان الرئيس الجديد، يوم الأحد، على التخفيف من تصريحاته المندفعة، حرصًا على الأمن القومي. وقال برينان: لا أعتقد أنه يدرك تمامًا قدرات روسيا ونواياها وأفعالها. وواصل ترامب هجماته على المسؤولين عن أجهزة الاستخبارت الأمريكية، وقال في تغريدة عصر الأحد: إن مسؤولي الاستخبارات هؤلاء ارتبكوا خطأ، وعندما ترتكب خطأ عليك أن تعتذر، كما على وسائل الإعلام أيضًا أن تعتذر. كما نفى نائب الرئيس مايك بنس حدوث أي اتصالات بين فريق ترامب والكرملين أثناء الحملة الانتخابية على الرئاسة. وصرح لشبكة "إن بي سي" أن: ذلك كله تشتيت للانتباه.. وهو جزء من المحاولات لإزالة الشرعية عن الانتخابات والتشكيك في شرعية الرئيس. وجاء في تقرير نشره مدير الاستخبارات القومية هذا الشهر أن قراصنة يعملون لحساب روسيا اخترقوا أجهزة كمبيوتر الحزب الديمقراطي وحساباته على الإنترنت؛ لنشر ملفات محرجة لكلينتون، كما قاموا بحملة للتلاعب بالإعلام لنفس الهدف. التصريحات المتبادلة بين ترامب ورئيس المخابرات السابق تعد مسرحًا جديدًا للجولة القادمة من مشاجرات المؤسسات، رغم أن الرئيس الجديد بالتأكيد يرغب في عدم الغرق في المشكلات مع مثل هذه المؤسسات، خاصة مع رغبته في مكافحة الإرهاب. معركة اللوبيات تلوح في الأفق، وكل الأطراف ستستخدم المخالب الخانقة للوصول إلى أهدافها، ولكن ينبغي على لوبي المخابرات الخروج من هذه اللعبة، لأنها تثير القلق، وتبعث برائحة انقلاب محتمل. جلوبال ريسيرش