على غير طبيعته الهادئة و المتزنة ، خرج جون برينان رئيس وكالة المخابرات الأمريكية (CIA) بتصريحات نارية يتحدى فيها الرئيس أوباما شخصيا أن يزيحه عن منصبه... والسبب فى هذه التصريحات غير المتوقعة هو موجة الانتقادات الحادة التى تعرضت لها الوكالة الاستخباراتية واتهامه بالتجسس على عدد من أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكى بصورة غير قانونية، والدخول على أجهزة الكمبيوتر الخاصة بهم للاستيلاء على بيانات ليس من حقهم الاطلاع عليها. إلا أن برينان حاول على الفور تدارك الموقف حين قال فى السياق ذاته: إن كنت أخطأت، فسأذهب إلى الرئيس أوباما شخصيا و أشرح له ما فعلت و ما توصلت إليه.. وهو الوحيد الذى يستطيع أن يأمرنى بالرحيل عن منصبي. وعلى الرغم من أن تصريحات برينان بهذا الشكل تعد أسلوبا معهودا فى السيايات الأمريكية يقوم فيها الشخص بتوجيه الضربة وامتصاص الغضب الناتج عنها على الفور، إلا أن هذه التصريحات لايمكن النظر إليها على أنها غير مقصودة ولا تحمل المعنى الحقيقى المقصود منها، لإن برينان هو كاتم أسرار أوباما منذ هجماته الجوية على أفغانستان و باكستان حتى حملة التجسس الاليكترونية الأخيرة على إيران. كما أن برينان ظل طوال فترة رئاسة أوباما للولايات المتحدة هو همزة الوصل بين عالم المخابرات و البيت الأبيض فور فوز أوباما بمنصب الرئيس عقب انتخابات 2008. وما هى إلا شهور حتى أصبح برينان مديرا لوكالة المخابرات المركزية فى 2009. وتصاعدت حدة الجدل والانتقادات طوال الأيام الماضية حول برينان وتقارير لجنة مجلس الشيوخ حول المخابرات، والتى تنتقد أداء وكالة المخابرات المركزية بشأن معاملة السجناء فى ما يعرف ب «الموقع الأسود» أو السجون السرية. إلا أن هذا كله لم يمنع جى كارنى المتحدث باسم البيت الأبيض من أن يخرج فى تصريحات خاصة حول هذه المسألة يؤكد فيها أن رئيس وكالة المخابرات المركزية يحظى بكامل ثقة الرئيس أوباما. ونظرا لأن الجدل وصل إلى ذروته فى هذه القضية، فقد فتحت وزارة العدل الأمريكية ولجنة الرقابة الداخلية فى وكالة الاستخبارت المركزية التحقيق فى تجسس برينان على أعضاء مجلس الشيوخ. ومن ثم باتت هناك حالة من الترقب فى البيت الأبيض وال CIA لنتائج التحقيقات التى قد تطيح بواحد من أهم مستشارى أوباما. ومن جانبها تطالب عضو الكونجرس ديان فينشتاين باعتذار رسمى من برينان عن التجسس على أعضاء من المجلس، وهو بالطبع ما لن يحدث وإلا يعد إقرارا بالجريمة يستحق برينان عليها الفصل من منصبه. و فى آخر تصريح له حول الأزمة ،دافع برينان بشدة عن نشاط وكالته، وقال عند ظهور الحقائق سيتأكد الجميع من أن كل من ادعوا على وكالة الاستخبارات المركزية بالتجسس كانوا مخطئين. والمؤكد فى كل الأحوال أن أى نهاية لهذه القضية ستخصم الكثير من رصيد أوباما و نزاهته فى إدارة الولاياتالمتحدة، بل و توقع مراقبون أن أوباما قد يواجه نفس نهاية الرئيس بوش الابن بعد قراره بشن الحرب على العراق.