ماذا يفعل الترقيع في ثوب مهلهل؟ بالطبع لن يسد خروقاته، وإن نجح في التئام ثقب ستتفتق عشرات الثقاب الأخرى؛ لأن الخرقة بالية تدب في ثناياها «العتة» ويتخلل خيوطها العفن.. إنه حال التعديل الوزاري المرتقب. «الواد بلية زي الواد زلطة زي الواد شغتة»، كلهم صبيان المعلم تيفا، بينفذوا أوامره «خد ياد يا بلية روح ياد زلطة» مفيش فرق بالنسبة لنا، المعلم «بيمشيهم على العجين ميلخبطوش.. انتوا هتعرفوا أكتر مني الحكومة دي كويسة ولا لأ! أنا اللي بقعد معاهم كل يوم».. هكذا التعديل الوزاري الوشيك؛ يظل وزير الصحة أو يغادر، الإبقاء على وزير التربية والتعليم أو استبداله، التمسك بوزير الخارجية أم تسريحه، واستغلال حيز الفراغ الذي يشغله وكمية الأكسجين التي يتنفسها، عملًا بنصائح التقشف التي طالما يطالبنا بها القائد العظيم. الأحوال البائسة التي وصلنا إليها لا تخفى على أحد سوى أنصار الملك المُحنك، الذين يتغنون بإنجازات مولاهم التي لا يراها سواهم، حيث احتلت مصر المرتبة 134 من إجمالي 139 دولة في مؤشر جودة التعليم الابتدائي، والخدمات الصحية أشبه بالمُعدمة؛ فالمرضى على الأبواب وفي طرقات المستشفيات يموتون في اليوم ألف مرة، والآثار بتتسرق كل يوم، والسياحة حصلت على تأشيرة جهنم، والأسعار كالحصان الجامح لا يبلغها أحد، حتى وصل سعر كيلو السكر إلى 15 جنيه واللحمة ب120 جنيه، والفراخ ب30 جنيه.. والقائمة طويلة، حتى اقترب المواطنون من شراء السلع بالتقسيط. لكن الصورة القاتمة التي ارتسمت في السطور السابقة، لا تخلو من نظرة تفاؤلية ساقها لنا طارق عامر، رئيس البنك المركزي «ماتخافوش، البلد في إيد أمينة وقوية.. والدولار هيبقى ب4 جنيه»، وظللنا ننتظر وننتظر حتى وصل الدولار إلى 20 جنيهًا، لكننا سوف ننتظر حتى يصل ل4 جنيه وبعدها «هنعدي»، أكيد هو يعرف أكتر مننا؛ لأنه مُعين من قبل القائد العظيم، الركن الطبيب، صاحب الحِكَم والدرر «ماسر هتبقى أد الدنيا». لا شك أن من يقبل العمل مع نظام فقد شرعيته وحنث باليمين الدستوري الذي أقسم عليه قبل توليه الرئاسة، سوف يحاكم أمام الشعب والتاريخ، اللذين لن يرحما أحدا شارك في هدم وطن بكر بعد ثورة مجيدة. «أقسم بالله العظيم أن أحافظ مخلصًا على النظام الجمهوري».. فلم تعد مصر جمهورية، بل أصبحت مملكة للحاكم بأمره «منتكلمش في الموضوع دا تاني»، وننتظر قريبا تأميمها لتكون ثكنة عسكرية يديرها «أبو دبورة ونسر وكاب». «وأن أحترم الدستور والقانون».. تعامل الرئيس مع نصوص الدستور والقانون كأنها حبر على ورق؛ فصادر الحريات وكمم الأفواه، وامتلأت السجون بالشباب، وأغلق المجال العام، حتى وصلت الكوميديا إلى وضع اللاعب الخلوق محمد أبو تريكة، الذي مثّل أحد أبرز مصادر السعادة للمصريين، على قوائم الإرهاب. «وأن أرعى مصالح الشعب رعاية كاملة».. منذ الوهلة الأولى رفع شعار «معنديش حاجة ببلاش»، وسلّط أدواته ل«تنفيض جيوب المصريين»؛ بدعوات التبرع الدائمة، حتى أفلست الجيوب فعليًّا بعد اشتعال الأسعار، التي أصبحت وحشًا ينهش أجساد المصريين. «وأن أحافظ على استقلال الوطن وسلامة أراضيه».. بكل سهولة ويسر، وقّع الرئيس من خلال أحد أذرعه على اتفاقية التنازل عن جزيرتي تيران وصنافير للسعودية، الأرض التي سال عليها الدم المصري، لتكون وصمة عار في جبين النظام الذي تنازل عن التراب الوطني من أجل حفنة مساعدات خليجية، لكن القضاء انتصر للإرادة الشعبية، التي انتفضت في مظاهرات «الأرض» يومي 15 و25 أبريل الماضي، لإفشال صفقة تدويل المعبر الملاحي، التي تصب في صالح الكيان الصهيوني.