الإدارية العليا نظر 31 طعنا على 19 دائرة ملغاة في انتخابات النواب    آخر موعد للتقديم الكترونياً لوظيفة معاون نيابة إدارية دفعة 2024    رئيسة القومي لذوي الإعاقة تشدد على الاستجابة الفورية لشكاوى المواطنين    تعرف عليها.. فصل التيار الكهربائي عن عدة مناطق بقنا    وزير البترول: تأمين احتياجات الطاقة لمدة 5 سنوات ورفع المتجددة إلى 42%    ارتفاع معظم مؤشرات البورصة قبل ساعة من ختام تعاملات الإثنين    تصدير 37 ألف طن بضائع عامة من ميناء دمياط    لأول مرة.. الرقابة المالية عضو في فريق عمل فجوة الحماية التأمينية بالمنظمة الدولية لمراقبي التأمين IAIS    رئيس سلوفاكيا يعلن مصرع أحد مواطنى بلاده فى هجوم سيدنى باستراليا    "المشاط": اللجان المشتركة أداة فعالة للدبلوماسية الاقتصادية لتوسيع آفاق التعاون الاقتصادي بين مصر وشركائها    محمود ناجي يدير مباراة مصر ونيجيريا غدا    شيكابالا: "الزمالك عمره ما هيقع"    مدينتي تستضيف انطلاق مبادرة "احنا معاكم" لدعم مرضى الزهايمر (فيديو)    القبض على سيدة لإدارتها نادى صحي لممارسة الأعمال المنافية للآداب بالقاهرة    الأرصاد تحذر هذه المحافظات من أمطار خلال ساعات وتتوقع وصولها إلى القاهرة    أول دفعة للبكالوريا المصرية.. إليك شكل الامتحانات ونظام الدرجات.. فيديو    تموين الأقصر تضبط 2.5 طن سماد مخصص للجمعيات الزراعية في مخزن بمدينة إسنا    مفتي كازاخستان: الفتوى في ليست مجرد رأي عابر بل حكم شرعي شديد المسؤولية    عادل إمام يغيب عن جنازة شقيقته أرملة مصطفى متولي    وزير الثقافة يشارك في جنازة الدكتور صابر عرب وزير الثقافة الأسبق    بهذة الطريقة.. الأعلامية ريهام سعيد توجه رساله للفنان أحمد العوضي    أطعمة شتوية ضرورية لتعزيز المناعة والوقاية من أمراض البرد    مجمع إعلام دمياط يطلق حملة "حمايتهم واجبنا" لتوفير بيئة آمنة للأطفال    جامعة القاهرة الأهلية تواصل تنفيذ برامجها التدريبية والعملية بمعامل الكيمياء والفيزياء ب"هندسة الشيخ زايد"    تنظيم داعش يعلن مسئوليته عن هجوم استهدف دورية تابعة لقوات الأمن السورية في إدلب    محمود ناجي حكم ودية مصر ونيجيريا    رئيس جامعة القاهرة يصدر قرارات بتعيين وتجديد تعيين 14 رئيسًا لمجالس الأقسام العلمية بطب قصر العيني    محافظ المنوفية: ضبط مخزنين بقويسنا والباجور لحيازتهم مواد غذائية مجهولة المصدر    فيتش تشيد بجهود الحكومة المصرية في دعم الرعاية الصحية وتعزيز الحماية للفئات الأكثر احتياجًا    بالفيديو.. الأوقاف: كل نشاط للوزارة يهدف إلى مكافحة كل أشكال التطرف    وزير الخارجية: مصر تدعم الدور المضطلع به البرلمان العربى    ضبط سائق نقل اصطدم بسيارة وفر هاربًا    ضبط محطة وقود غير مرخصة داخل مصنع بمدينة السادات    "الوزراء" يستعرض تفاصيل الخطة الحكومية لتطوير المنطقة المحيطة بالقلعة وأهم التحديات    القبض على المتهمين بقتل تاجر ماشية في البحيرة    جوجل توقع اتفاقاً للطاقة الشمسية فى ماليزيا ضمن خطتها لتأمين كهرباء نظيفة    جامعة بنها تطلق مبادرة لدعم الأطفال والتوعية بحقوقهم    دار الكتب والوثائق القومية تنعى وزير الثقافة الأسبق محمد صابر عرب    وزيرة التضامن: إطلاق جائزتي الدكتور أحمد خليفة و"باحث المستقبل" باسم الدكتورة حكمت أبو زيد    تراجع سعر الدولار مقابل الجنيه بمنتصف تعاملات اليوم    "حقوق المرأة في التشريعات المصرية" ندوة توعوية بجامعة بنها    "فورين أفيرز": واشنطن تعيش وهم الطائرات بدون طيار مما يفقدها تفوقها الضئيل على الصين    التحقيقات الأولية . ابن روب وميشيل راينر المشتبه به الرئيسى فى حادث مقتلهما بلوس أنجلوس    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 15-12-2025 في محافظة قنا    غدًا انطلاق اختبارات اختيار كوادر مدرسة الإمام الطيب لحفظ القرآن الكريم وتجويده    شيكابالا ينشر فيديو تكريمه من رابطة جماهير الزمالك في قطر    انطلاق اجتماعات الاتحاد الأفريقي لكرة السلة في مصر    مخالفة للقانون الدولي الإنساني ..قرار عسكري إسرائيلي بهدم 25 مبنى في مخيم نور شمس شرق طولكرم    استشاري ينصح بتناول الشاي المغلي وليس الكشري أو الفتلة حفاظا على الصحة    الأزهر يدين الهجوم الإرهابي الذي استهدف تجمعًا لأستراليين يهود ويؤكد رفضه الكامل لاستهداف المدنيين    ذكرى رحيل نبيل الحلفاوي.. رحلة فنان مثقف من خشبة المسرح إلى ذاكرة الدراما المصرية    إصابة نجم ريال مدريد تعكر صفو العودة للانتصارات    الاثنين 15 سبتمبر 2025.. أسعار الحديد والأسمنت بالمصانع المحلية اليوم    كيف أرشد الإسلام لأهمية اختيار الصديق؟.. الأزهر للفتوى يوضح    فيتامين سي ودعم المناعة.. ما دوره الحقيقي في الوقاية وكيف نحصل على أقصى فائدة منه؟‬    حُسن الخاتمة.. مفتش تموين يلقى ربه ساجدًا في صلاة العشاء بالإسماعيلية    مرشح اليمين المتطرف يفوز بالانتخابات الرئاسية في تشيلي    محمد صلاح يوجه رسالة للمصريين من خلال ابنته "كيان" قبل أمم إفريقيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العيش والعيشة واللي عيشنها
نشر في محيط يوم 07 - 10 - 2007


العيش والعيشة واللي عيشنها

امل المصري

"عض قلبي .. ولا تعض رغيفي" و"يا واخد قوتي .. يا ناوي على موتي" و"أكل العيش مر" و" أطعم الفم تستحي العين".. "من يأكل رغيف السلطان يحارب بسيفه"!

وللحصول علي رغيف العيش عزيزي المواطن المصري المسكين يجب أن تهيئ نفسك بهذه الكلمات قبل النزول فجرا لتحجز مكانك في طابور العيش ، وتعلم انك لابد أن تقدم العديد من التنازلات للحصول علي العيش .

والعيش هو الخبز باللغة العربية وقد سماه المصريون عيشاً لأهميته وارتباطه الوثيق بالحياة وقد مر العيش في مصر بتطورات وتحديثات وتسميات قد تستدعي يوماً ما أن ننشئ له مجلس قومي بما أننا متخصصون في المجالس القومية.

وكلنا بشكل أو بآخر تعرضنا لأزمة الحصول علي رغيف العيش وأغلبنا وإن لم يكن كلنا قد عانينا الأمرين في طوابير العيش وتكبدنا خسائر فادحة في ملابسنا جراء التزاحم للحصول على رغيف عيش حاله لا يسر عدو ولا حبيب .

والحقيقة لم أرى بلداً تتعامل مع الخبز كتعاملنا معه وقد تفردنا بين الأمم في طريقة خبزه وإضافة مواد أخرى فيه حتى تزيد الاستفادة منه ويكون العيش متعدد الاستخدامات فقد تجد في رغيف العيش مسمار أو وقد تجد فيه موس حلاقة وقد تجد دوبارة وقد تجد أيضا عقب سيجارة وقد تجد أكثر من ذلك فلا تندهش .

وطوابير العيش موجودة من زمان أما الجديد ، أنه من كان يشتري الرغيف "أبو شلن" أصبح مضطرا الآن لشراء الرغيف بخمسة وعشرون قرشا لعجزه عن الانتظار في طوابير طويلة لا آخر لها وسط المشاحنات والسلوكيات الغريبة، وقد وصل الأمر بالبعض لشراء نفس النوع من الرغيف التعيس بخمسون قرشا.

وللعيش أسماء لا يستطيع مجمع اللغة العربية حصرها

فقد ظهر العيش الطباقي "العيش ابو زلط "، وهناك العيش المدعم ، والعيش المميز وأنواع أخرى كثيرة وكله بثمنه وهناك ألوان من الخبز مثل الأبيض " الشامي " ، الأسود " الأفران " .

وهناك أيضا العيش السن لمن لا يعرف هو عيش أغمق من العيش العادي لان به نسبة أعلى من قشرة القمح ويؤكل لدواعي صحية كالإصابة بمرض السكر مثلا أو لمن يلتزمون بنظام غذائي معين وقد يعتبره البعض من الكماليات .

أما العيش الفينو فمصيبتنا فيه أكبر وأعظم

فبعد تدرج سعره وانكماش حجمه لمروره هو أيضا بمراحل تطور العيش البلدي وصل لحالة يرثى لها وقد أصبح يوزن بالقطمة أي والله بالقطمة.

وتمشياً مع روح العصر والعولمة ومواكبة للتكنولوجيا والحياة الذكية وفي ظل ارتفاع الأسعار فكان النصيب الأكبر لرغيف عيشنا البلدي المدعم حيث ارتفع سعره حسب حجمه وشكله ، فيباع الرغيف نفسه مع بعض التحسينات ب 25 قرشا ، وعندما يزداد حجمه قليلا ليباع علي الأرصفة ب 50 قرشا أما عن أحدث الإشكال التي ظهرت لرغيف العيش المصري هو العيش الجامبو والذي يباع بسعر 100 قرشا وحاليا في الشهر الكريم يباع ب 125 قرشا فقط لا غير وذلك بعد مروره بتطورات وتحسينات عديدة .

وأرجو من القراء ألا يتسأل أحدا كيف نعيش هذه العيشة ونأكل هذا العيش ونحن بلد النيل والزراعة والمفترض أن ننتج قمح يكفينا علي الأقل .

وهناك مهارات خاصة لحصولك في مصر علي العيش لكي لا تضطر إلي الوقوف 5- 6 ساعات يوميا في الطوابير وخاصا في هذا الشهر الكريم وهي :

1- إذا كنت دكتور أو مهندس أو محاسب فانسي منصبك مهما كان ، لأنك ستدخل على حرب تسمي بتلاحم قوي الشعب.. يعني تعمل لنفسك تهيئة نفسية وتنسى انك بني ادم علشان تقدر تستحمل يا مسكين اللي هيجرالك في الطابور.

2- إذا كنت مواطن عادي وراجل يبقى لازم تستخدم مهارة تسمي الزن علي الودان أمر من السحر وهي مهارة تحتاج منك إلى صوت عالي جهوري واختلاق قصص وأكاذيب ليس لها وجود مثل" خلصني بقي أنا ورايا امتحان".. أو "أنا ورايا قطر" .. وممكن تكون أنت أصلا مبتعرفش تفك الخط ولا دا موسم امتحانات ، ولكن مش مهم هي يعني الحكومة هتفتش وراك.. كلما علا صوتك كانت فرصتك في الحصول على العيش أفضل وقد حاول العلماء إيجاد قانون لهذه المهارة وهو مهارة الزن علي الودان أمر من السحر= مقدار علو صوتك - متوسط علو صوت الناس اللي وراك في الطابور.

3- إذا كنتي واحدة ست في سن متوسط يبقي لازم تستخدمي مهارة الاستعطاف وخاصا في شهر الصوم وهي تتلخص في أن تحضري معاكي طفل صغير وياريت يكون رضيع .. ممكن تستلفيه من جارتك إذا مكانشي عندك واحد.. وبعدين تقولي في صوت حزين" يالا بقى يا عم خلصني الواد على كتفي ".. وكلما علت درجة الحزن في صوتك تكتسبي طاقة استعطاف عند البائع ..

وإذا كنتي ست كبيرة وعجوزة فيكتفي بأنك تعيطيله شويه ثم تعطيه شوية أدعية.. "ربنا يخليك يابني ويطول في عمرك" .

وطبعا مش هيسال عنك لو في حد من معارف صاحب الفرن جه وعاوز عيش ، أو واحد صاحبه فاتح مطعم ومش مهم بقي إذا كنتي ست عجوزة وكبيرة في السن .

أما بقى إذا كنتي بنت حلوة وأمورة فأنت هتشوفي كل أنواع العذاب والرخامة من الناس اللي قدامك وجمبك معلش استحملي وبلاش تتكلمي ، هتلاقي البائع بيقولك عايزة إيه يا آنسة ؟ ياريت تطلبي بسرعة

4- إذا كنت بقى من معارف أصحاب المخبز أو باشا من الباشوات أو بتشتغل عند واحد من الباشوات زي مثلا عسكري شرطة مبعوت من عند الباشا فلان الفلاني الضابط أو مديرية الأمن يقوم البائع بالتنفيض لكل كائن حي في المخبز وربما طردهم كمان حتى لو كان أبو صاحب المخبز نفسه علشان يجيب عيش للباشا الكبير .

5- إذا كنت عيل صغير فالأطفال الصغار لا يحتاجون إلى اكتساب مهارات لأنها تكون موجودة أصلا وهي مهارة الزن والعياط لحد لما تروح بالعيش .

وبالرغم من أن سعر كيلو الدقيق ارتفع إلي ال 3 جنيه ، ومبلغ دعم الخبز " اللي بيقولوا عليه " يصل إلي ال 9 مليارات جنيه إلا أن مشكلة الحصول على رغيف خبز جيد هي حلم كل مصري يقف في طابور العيش .

وطبعا أحنا هنصدق أن مؤسسة الشفافية التي تعلن أرقاما بترتيب الدول في سلم الفساد كل عام ومقرها ألمانيا ذكرت في أول تقرير لها أن مصر من اعلي عشرة دول في العالم تفوقا وريادة وعظمة في انتشار الفساد وعظمة على عظمة يا ست أم كلثوم!!

أما آخر تقرير فجاء ليهذب الحالة وذلك تعاطفا من الإدارة الأمريكية لكي تحسن ترتيب مصر بين دول العالم ، ويقلل الفضائح ويقول إنها من بين الثلاثين دولة الأوائل من حيث انتشار الفساد .

ولان الحكومة المصرية " كلنا عارفين طبعا " تبذل قصاري جهدها في حل أزمة الحصول علي رغيف العيش حيث قامت بتزويد طوابير العيش بالمشايخ والخطباء يلقون بالدروس والمواعظ حيث ستكون الدروس حيه وموضعية وذلك لرفع الروح المعنوية للصبر علي الوقوف في طابور العيش حيث يتحدث الشيخ عن نعم الله التي لا تحصي كنعمة الصحة حيث يقول للمواطنين في الطابور " احمدوا الله أن عندكم صحة تستطيعون الوصول إلي المخبز وغيركم طريح الفراش ووهب لكم معدة تطحن الزلط " "اللي بيتعمل منه العيش مع قليل من الدقيق الاسود " .

كما يتحدث الشيخ عن طاعة أولي الأمر الذين يتعبون من أجل راحة المواطن اللي واقف في طابور العيش من الفجر ، حيث يشترون القمح من أمريكا واستراليا وبوركينا فاسو ، ولا ينسي الشيخ تذكير المواطنين بكم المعاناة التي يعانيها المسئولين في الفصال والسمسرة لاستيراد هذا القمح ، ليبدءوا في توزيع حصص الدقيق وطبعا مفيش سوق سودا ولا رشاوي ، وكل ذلك يقوم به المسئولون في صمت.

وفي النهاية ينهي الشيخ خطبته بصرخة ليفوق من نام وهو واقف في الطابور ليقول : كل هذا وأنتم تأخذون الخبز علي الجاهز وياريت عاجبكم ياغجر !

ومع كل هذه الجهود المبذولة من قبل الحكومة لتوفير رغيف العيش إلي مواطنيها إلا أنها وعدت باتخاذ المزيد من الإجراءات اللازمة لحل هذه الأزمة في اقرب وقت ممكن .

** من اسرة تحرير محيط
7 / 10 /2007


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.