نشرت مؤسسة القرن البحثية في الولاياتالمتحدة تقريرا، يسلط الضوء على الأعمال الداخلية في مدينة إدلب، شمال سوريا، التي تعمل واشنطن الآن كي تصبح مقرا جديدا لجبهة النصرة الإرهابية أو تنظيم القاعدة، لتكون المدينةالشرقية للرقة التي يسيطر عليها تنظيم داعش الإرهابي. حتى الآن، الرقة موطن لعدد كبير من الجماعات المتشددة المتعاونة مع المنظمات الإرهابية، فضلا عن عدد لا يحصى من المنظمات غير الحكومية الممولة من قبل الولاياتالمتحدة وأوروبا وتركيا ودول الخليج. يوجد أمل كبير في تصريحات الولاياتالمتحدة والسياسيين الأوروبيين والخليجيين، التي وردت عبر المنصات الإعلامية، بأن يكون لإدلب دور محتمل في أن تصبح عاصمة بديلة للحكومة المعارضة للحكومة السورية الحالية. وجود المعارضة في سوريا قائم على دعم المصالح الأجنبية، حيث يصف التقرير الذي يحمل عنوان "إبقاء الأضواء على متمردي إدلب"، بأنها مدينة خطيرة لدرجة أن العاملين على التقرير لم يغامروا بأنفسهم لإجراء مقابلات، وبدلا من ذلك أجروا مقابلات على الجانب الآخر من الحدود التركية السورية. يعترف التقرير بأن مجلس المحافظة قد يحل محل الحكومة السورية المعارضة التي مقرها في تركيا منذ عدة سنوات، ولا يزال مكتبها هناك حتى اليوم، حيث يقول التقرير: "في محافظة إدلب التي يسيطر عليها المتمردون في سوريا، تم إنشاء مقار للحكم المحلي التي تقدم الخدمات اللازمة للسكان، مما يشكل تحديا كبيرا لحكومة الرئيس بشار الأسد، كما أن الجماعات المتمردة والمسلحة تمتلك سلطة على المستوى المحلي، وبالتالي وضعت هيئات للتنسيق متطورة نسبيا، لكن حتى الآن تعتمد سلطة اتخاذ القرار على الجهات المانحة خارج البلاد". الجماعات المسلحة لا تتنافس فقط على النفوذ في إدلب، ولكن أيضا من أجل ضمان استمرار التدفق المستمر للموارد والمساعدات من المنظمات الأجنبية، ويعترف التقرير أن هذه المساعدات الخارجية تديم وجود المحتلين في إدلب، والذين يفتقرون إلى القدرة على توحيد المدينة، أو تمويل أحد أنشطتها، ناهيك عن تحدي الدولة السورية. يؤكد التقرير أنه في البداية كانت الحكومة السورية قادرة على حماية المراكز الحضرية في إدلب، إلا أنها سقطت بعد فتح تركيا حدودها مع سوريا، وهذا يشير إلى تدفق الأسلحة والإمدادات والمقاتلين عبر الحدود من تركيا، بدعم رعاية الدولة التركية، وغيرها من الراغبين في تحويل الدفة ضد الحكومة السورية، وليس دعم "الانتفاضة" في حد ذاتها. محافظة إدلب الآن واحدة من المناطق القليلة التي لا يزال لديها حدود غير مؤمنة مع تركيا، وبالتالي ليس من الغريب أن تصبح أحد المناطق الخارجة عن سيطرة الحكومة السورية. التدخل الأجنبي في إدلب انعكاس لفشل التدخل في ليبيا وأفغانستان، حيث يكشف التقرير مختلف جوانب الخلل الذي تعاني منه المدينة الآن، بما فيها الفساد والمحسوبية وتدخل الجماعات المسلحة. إدلب تعد صورة مصغرة من الحرب السورية، والصراع بين الجماعات المسلحة يوضح عدم التنسيق بينهم، بالإضافة إلى عدم تنسيق الدعم الخارجي. إذا اعتقدت الولاياتالمتحدة وحلفاؤها أنه من الناحية السياسية يمكنها إعلان إدلب عاصمة بديلة لدمشق، ففي الواقع لن تخدمهم إدلب وتقوم بمثل هذا الدور، وهذا نتيجة لصغر حجمها واعتمادها على المساعدات الخارجية، فلا يمكنها حتى إدارة نفسها، كما أن جميع الحكومات التي ستأتي إلى إدلب لن تهدف إلى الازدهار أو السلام، لكنها تهدف فقط إلى الإطاحة بدمشق. نيو ايسترن اوت لوك