قالت الولاياتالمتحدةوروسيا أمس الجمعة إنهما تريدان تمديد وقف إطلاق النار الذي توسطتا فيه والمستمر منذ أربعة أيام في سوريا على الرغم من أن الاتفاق يبدو هشا بشكل متزايد بسبب أعمال عنف متفرقة والفشل في إيصال المساعدات. ونجحت ثاني محاولة هذا العام من خصمي الحرب الباردة السابقين لوقف الصراع في احتواء العنف حتى الآن لكنها تبقى مقامرة خطرة في حرب جعلت من كل جهود السلام السابقة أضحوكة. واتفقت واشنطنوموسكو - اللتان تساندان طرفين متعارضين في الصراع بين الرئيس بشار الأسد والمقاتلين الذين يحاولون الإطاحة به-على تبادل معلومات استهداف المتشددين وهو عدوهم المشترك إذا صمدت الهدنة. وعلى الرغم من بقاء تفاصيل الاتفاق سرية فإن ذلك قد يجعل الدولتين تقاتلان على نفس الجبهة للمرة الأولى منذ الحرب العالمية الثانية. لكن مثل هذا التعاون غير المسبوق يأتي في وقت من انعدام عميق للثقة إذ وصلت العلاقات بينهما لأسوأ مستوياتها في عقود. وعلى الأرض قبل مقاتلو المعارضة وقف إطلاق النار على مضض ووصفوه بأنه يميل لصالح الأسد لكنهم قالوا إن لا خيار لديهم بسبب الوضع الإنساني البائس للمدنيين في المناطق المحاصرة. كما أن حكومة الأسد التي أصبحت في أقوى موقف لها على أرض المعركة منذ بدايات الحرب ليست أيضا في عجلة من أمرها لتقديم تنازلات. وقالت موسكو - التي تملك القدرة على دفع حليفها الأسد للتعاون - إنها مستعدة لتمديد الهدنة لمدة 72 ساعة ودعت واشنطن للضغط على مقاتلي المعارضة للتقيد بها. وقالت واشنطن إنها توافق على أن تمديد الهدنة مهم لكنها عبرت عن قلقها من الفشل في إيصال المساعدات. وقال وزير الخارجية الأمريكي جون كيري -الذي أبرم بنفسه الاتفاق على الرغم من تشكك زملائه في الإدارة الأمريكية- لوزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف إن واشنطن لن تبدأ في الاستهداف المشترك المتفق عليه للمتشددين إلى أن يبدأ تدفق المساعدات. والخلاف الرئيس في الهدنة حتى الآن يدور حول إيصال المساعدات إلى حلب أكبر مدينة في سوريا قبل الحرب والمقسمة منذ أعوام إلى منطقة تسيطر عليها الحكومة وأخرى تسيطر عليها المعارضة. وطوقت القوات الموالية للحكومة هذا الشهر المنطقة التي تسيطر عليها المعارضة بالكامل محاصرة حوالي 300 ألف مدني مع عدم وجود سبيل لإدخال الغذاء إلى المنطقة. وأشارت الأممالمتحدة بأصابع الاتهام إلى الحكومة السورية في عرقلة وصول المساعدات وقالت إنها طلبت إذنا للوصول إلى جميع المناطق المحاصرة. وعبرت المنظمة الدولية في الأيام القليلة الماضية عن تزايد شعورها بخيبة الأمل إزاء تقاعس الحكومة عن السماح لها بدخول تلك المناطق. وقال ينس لايركه المتحدث باسم مكتب الأممالمتحدة للشؤون الإنسانية في بيان صحفي في جنيف "من أجل البدء فعليا في تحريك تلك القوافل (إلى المناطق المحاصرة) نحن بحاجة إلى خطابات التسهيل. وهى لم تصل." وأضاف قائلا "هذا مخيب للآمال بشدة... ونحن بالطبع نحث السلطات وكل من له نفوذ على تلك السلطات للضغط من أجل إصدار الخطابات في أسرع وقت ممكن." ويتبادل الجانبان الاتهامات بشأن انتهاك الهدنة والفشل في الانسحاب من الطريق الذي سيستخدم لإيصال المساعدات إلى حلب. وقالت روسيا يوم الجمعة إن الجيش السوري انسحب من طريق الكاستيلو لكنه أعاد قواته إليه بعد أن تعرض لنيران من مقاتلي المعارضة. لكن جماعات المعارضة في حلب تقول إنها لم تلحظ هذا وإنها لن تنسحب من مواقعها حول الطريق قبل أن ينسحب الجيش. وقال زكريا ملاحفجي المسؤول بجماعة (فاستقم) المعارضة في حلب لرويترز في اتصال هاتفي إنه لم يحدث أي شيء حتى صباح الجمعة على طريق الكاستيلو ولا يوجد جديد في حلب. *"خارج عن السيطرة" وما زالت قافلتا مساعدات عالقتين منذ بضعة أيام في منطقة على الحدود التركية بانتظار الحصول على إذن للتحرك داخل سوريا وسط جدل بين الفصائل المتناحرة حول كيفية توصيل الإمدادات. وقال متحدث باسم الأممالمتحدة إن قافلة الشاحنات الأولى تحمل طحينا لأكثر من 150 ألف شخص بينما تحمل الثانية حصصا غذائية تكفي 35 ألفا لمدة شهر. ويتوقف وصول المساعدات الإنسانية إلى حلب على السيطرة على طريق الكاستيلو الرئيسي المؤدي إلى الجزء الذي تسيطر عليه المعارضة بالمدينة والذي بات خط جبهة رئيسا في الحرب لكن حتى الآن لم يتحقق أي تقدم نحو فتحه. ولا تزال موسكو تتحدث بلهجة إيجابية عن الاتفاق. وقال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف في مؤتمر صحفي عبر الهاتف "بوجه عام يمكننا القول إن عملية (وقف إطلاق النار) صامدة إلى حد كبير على الرغم من بعض الانتكاسات." لكن مسؤولا بوزارة الدفاع الروسية قال إن الوضع في سوريا "قد يخرج عن السيطرة" إذا لم تجبر واشنطن مقاتلي المعارضة على الالتزام بوقف إطلاق النار. وأضاف اللفتنانت جنرال فيكتور بوزنيخير قائلا "نتوقع إجراءات حاسمة من الجانب الأمريكي بهدف التأثير على الجماعات المسلحة التي تقع تحت سيطرتهم لتنفيذ اتفاق التاسع من سبتمبر بصرامة." وخارج نطاق الهدنة تقود الولاياتالمتحدة حملة قصف دولية ضد مقاتلي الدولة الإسلامية الذين يسيطرون على مناطق في سوريا والعراق. وقالت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) أمس الجمعة إن التحالف بقيادة الولاياتالمتحدة قتل قياديا بارزا في الدولة الإسلامية يدعى وائل سلمان الفايض في غارة جوية الأسبوع الماضي قرب المعقل الرئيسي للتنظيم في الرقة. *انتهاكات الهدنة ووفقا للمرصد السوري لحقوق الانسان فإنه بعد ثلاثة أيام تراجع فيها العنف كثيرا ولم تحدث أي وفيات وسقط يوم الخميس أول قتلى من المدنيين منذ بدء سريان الهدنة. وقال المرصد إن ثلاثة آخرين قتلوا وأصيب 13 في ضربات جوية في محافظة إدلب التي تسيطر عليها المعارضة يوم الجمعة. وأطلقت قوات المعارضة عددا من القذائف أيضا على الفوعة وكفريا المحاصرتين. وشهدت مناطق إلى الشرق من العاصمة دمشق اشتباكات عنيفة وسقطت فيها قذائف يوم الجمعة. وقال شاهد إن سكان وسط المدينة استيقظوا على دوي انفجار ضخم وإن قذائف سقطت على البوابة الشرقية للمدينة القديمة بوسط العاصمة. وقال المرصد السوري إن العنف نتج عن اشتباكات بين المعارضة المسلحة وقوات الحكومة وحلفائها في حي جوبر بالضواحي الشرقية للعاصمة وسط محاولات من الحكومة للتقدم بالمنطقة. وقال كل من الطرفين إن الآخر هاجمه أولا. وقال دبلوماسيون إن الولاياتالمتحدةوروسيا ستطلعان أعضاء مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في جلسة مغلقة يوم الجمعة على الاتفاق الذي توصل إليه البلدان لمحاولة إعادة عملية السلام السورية إلى مسارها. وتسعى روسيا لأن يتبنى مجلس الأمن مشروع قرار يدعم الاتفاق الأسبوع القادم. ويبدو أن الأسد ليس مستعدا مثلما كان دائما لتقديم تنازلات. وتعهد الرئيس السوري مجددا هذا الأسبوع باستعادة السيطرة على كامل البلاد التي تشظت إلى مناطق تسيطر عليها الدولة وأخرى تسيطر عليها فصائل من مقاتلي المعارضة ومناطق يسيطر عليها تنظيم الدولة الإسلامية وأخرى يسيطر عليها مقاتلون أكراد. وقال دبلوماسي غربي لرويترز إن الأممالمتحدة ومنظمة حظر الاسلحة الكيميائية ستصدران تقريرا الأسبوع المقبل لرفعه لمجلس الأمن الدولي يلقي على وحدات من الجيش السوري بالمسؤولية عن هجمات استخدم فيها غاز الكلور. وفي تطور منفصل إلى الشرق من حلب قال مصدر بارز في المعارضة السورية إن مجموعة صغيرة من العسكريين الأمريكيين دخلت بلدة الراعي التي تسيطر عليها المعارضة قرب الحدود مع تركيا في إطار عمليات لتنسيق الضربات ضد الدولة الإسلامية. وأضاف المصدر أن العسكريين الامريكيين اضطروا لمغادرة المنطقة بعد أن احتج معارضون مدعومون من تركيا على وجودهم. وقال مسؤول أمريكي طلب عدم نشر اسمه إن التقارير الأولية تؤكد فيما يبدو حدوث الواقعة التي ضمت مجموعة صغيرة من العكسريين الامريكيين. ولم ترد وزارة الدفاع الأمريكية على الفور على طلبات للتعقيب لكنها اعترفت بأن قوات أمريكية للعمليات الخاصة ترافق قوات تركية ومقاتلين من المعارضة السورية يحاربون متشددي الدولة الإسلامية في وحول منطقة الحدود السورية بالقرب من جرابلس والراعي.