في تمام الساعة العاشرة والنصف مساءًا بتوقيت أنقرة، وعقب انتهاء مباراة بين فريقي بشكتاش وبورصة سبور مباشرة، استهدف هجوم إرهابي نقطة انتظار خاصة بفرق مكافحة الشغب التابعة للشرطة بهد أن انتهت من تنظيم إخراج المشجعين من الملعب، وبعد 45 ثانية فقط من التفجير الأول، اشتبه رجال الشرطة في انتحاري آخر بحديقة ماجقه المطلة على ملعب المباراة، فاتخذوا الترتيبات اللازمة للتعامل معه، لكنه فجر نفسه بينهم. وألحقت التفجيرات أضرارًا بعربات رجال الشرطة، فضلاً عن تحطم نوافذ السيارات، التي تصادف مرورها وقت وقوع التفجير، كما أسفر الحادث الإرهابي عن مقتل 29 شخصًا وجرح 166 آخرين حتى الآن، وأكد وزير الداخلية التركي، سليمان سويلو، أن التفجير نُفذ بواسطة سيارة مفخخة، وأن 27 من القتلى ال29 عناصر شرطة، وأن الاثنين الآخرين مدنيان. التفجير وقع في منطقة حساسة بمدينة اسطنبول، حيث ضرب الاعتداء المزدوج منطقة سياحية تقع بين ميدان تقسيم الشهير وقصر دولمبهس الإمبراطوري السابق على الجانب الأوروبي من هذه المدينة، مما أثار هلعًا بين السكان في المدينة، في الوقت الذي لم تتبن أي جهة مسؤولياتها عن الحادث. ردود أفعال تركية ألغى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان زيارته إلى دولة كازخستان المقررة اليوم الأحد على خلفية الهجوم الإرهابي، وأكد رئيس الوزراء، بن على يلدريم، أن الحكومة والوزراء في حالة تأهب كاملة من أجل كشف ملابسات الهجوم. وقال الرئيس أردوغان في تصريحات له عقب الحادث، إن الهجوم الخسيس أسقط العديد من القتلى والجرحى، وأضاف أن التفجيرين اللذين وقعا عقب مباراة جمعت فريقي بشكتاش وبورصة سبور هدفا إلى إيقاع أكبر عدد من القتلى، وأن كل المنظمات الإرهابية تهاجم تركيا وشعبها لهدف مشترك، وتابع: "شاهدنا هذا المساء في إسطنبول مجددا الوجه القبيح للإرهاب المخالف لكل القيم والأخلاق". وأكد نائب رئيس الوزراء التركي، نعمان قورتولموش، اليوم، أن حزب العمال الكردستاني المحظور قد يكون وراء الهجوم المزدوج، لكن الحكومة نفت توافر معلومات لديها حتى الآن حول من يقف وراء التفجير بالتحديد. وأعلنت تركيا الحداد الوطني على ضحايا التفجيرين، وقال مرسوم أصدره رئيس الحكومة "بسبب خسائرنا البشرية في الهجوم الإرهابي الغاشم الذي استهدف إسطنبول، رأينا أنه سيكون من المناسب إعلان الحداد ليوم واحد في البلاد، مع تنكيس جميع الإعلام برفعها لمنتصف السارية". تداعيات الحادث يأتي الحادث في غضون أشهر من سلسلة تفجيرات ألقي باللائمة في بعضها على تنظيم داعش، وأعلنت جماعات كردية وأخرى يسارية المسؤولية عن التفجيرات الأخرى، ولم تستفيق تركيا بعد من محاولة الانقلاب التي هددتها في يوليو الماضي، ووقوع تفجيرات أنقرة السابقة التي أدت إلى سقوط أكثر من 100 قتيل، كل هذه الأمور أدت إلى شن أنقرة سلسة من الإجراءات الأمنية العنيفة في الشهور الماضية ومن المتوقع أن تزداد وتيرتها في الفترات المقبلة جراء هذا الهجوم الإرهابي. واتخذت تركيا في الفترة الأخيرة على إثر الهجمات العنيفة ومحاولة الانقلاب الفاشلة إجراءات أمنية مشددة لمنع المتشددين من العودة إلى أراضيها عبر حدودها مع سوريا، كما تم تأمين جميع الحدود من خلال نظام مراقبة إلكتروني، بالإضافة إلى حملات الاعتقال الواسعة التي شملت عناصر يشتبه في انتمائها لمنظمات تصنفها أنقرة "إرهابية"، كانت آخر الحملات إلقاء القبض على 58 شخصًا من حركة جولن في 16 ولاية تركية، حيث تشير وسائل إعلام محلية إلى أن السلطات التركية ألقت القبض على أكثر من 36 ألف شخص منذ المحاولة الانقلابية، كما جرى فصل 75 ألف موظف حكومي وأقارب لهم من أعمالهم، إلى جانب إيقاف الآلاف عن العمل. وعلى وقع اتهامات لحزب العمال الكردستاني بالوقوف خلف هذه الأحداث، واصلت تركيا عملياتها التي تسمى درع الفرات في شمالي سوريا، ومنذ عام أو أكثر، تجدد في تركيا النزاع مع الأكراد، حيث تدور مواجهات عنيفة بشكل شبه يومي بين قوات الأمن وأنصار حزب العمال الكردستاني في جنوب شرق البلاد حيث الغالبية الكردية، فيما أعلنت رئاسة الأركان التركية مقتل 73 خلال الأسبوع الماضي ضمن حملته في سوريا، 41 منهم من منظمة حزب العمال الكردستاني و32 من تنظيم "داعش". وعلى إثر هذه الهجمات والتوتر الحادث في تركيا، جددت السلطات الألمانية تحذيراتها بشأن السفر إلى تركيا في أعقاب التفجير الإرهابي، كما حذرت الخارجية الألمانية مواطنيها الموجودين في تركيا من السفر إلى المدن والمناطق القريبة من الحدود السورية والعراقية التي يجري الجيش التركي فيها عمليات عسكرية عابرة للحدود. ويرى محللون أن طريقة وأسلوب التفجير ربما تُشير إلى تورط عناصر من تنظيم داعش في التفجير، ويرى آخرون أن تزامن هجمات حزب العمال الكردستاني وداعش في القلب التركي قد يدفع تركيا لاتخاذ إجراءات عسكرية أكثر صرامة في سوريا.