الحكومة اليابانية تقدم منح دراسية للطلاب الذين يرغبون في استكمال دراستهم    «أنصفه على حساب الأجهزة».. الأنبا بولا يكشف علاقة الرئيس الراحل مبارك ب البابا شنودة    النائب شمس الدين: تجربة واعظات مصر تاريخية وتدرس عالميًّا وإقليميًّا    تراجع عيار 21 الآن.. سعر الذهب في مصر اليوم السبت 11 مايو 2024 (تحديث)    زيادات متدرجة في الإيجار.. تحرك جديد بشأن أزمة الإيجارات القديمة    الزراعة: زيادة الطاقة الاستيعابية للصوامع لأكثر من 5 ملايين طن قمح    «القومية للأنفاق» تعلن بدء اختبارات القطار الكهربائي السريع في ألمانيا    الإمارات تستنكر تصريحات نتنياهو بالدعوة لإنشاء إدارة مدنية لقطاع غزة    بلينكن يقدم تقريرا مثيرا للجدل.. هل ارتكبت إسرائيل جرائم حرب في غزة؟    يحيى السنوار حاضرا في جلسة تصويت الأمم المتحدة على عضوية فلسطين    مجلس الأمن يطالب بتحقيق فوري ومستقل في اكتشاف مقابر جماعية بمستشفيات غزة    سيف الجزيري: لاعبو الزمالك في كامل تركيزهم قبل مواجهة نهضة بركان    محمد بركات يشيد بمستوى أكرم توفيق مع الأهلي    نتائج اليوم الثاني من بطولة «CIB» العالمية للإسكواش المقامة بنادي بالم هيلز    الاتحاد يواصل السقوط بهزيمة مذلة أمام الاتفاق في الدوري السعودي    المواطنون في مصر يبحثون عن عطلة عيد الأضحى 2024.. هي فعلًا 9 أيام؟    بيان مهم من الأرصاد الجوية بشأن حالة الطقس اليوم: «أجلوا مشاويركم الغير ضرورية»    أسماء ضحايا حادث تصادم سيارة وتروسيكل بالمنيا    إصابة 6 أشخاص إثر تصادم سيارة وتروسيكل بالمنيا    مصرع شاب غرقًا في بحيرة وادي الريان بالفيوم    النيابة تأمر بضبط وإحضار عصام صاصا في واقعة قتل شاب بحادث تصادم بالجيزة    عمرو أديب: النور هيفضل يتقطع الفترة الجاية    حظك اليوم برج العقرب السبت 11-5-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    رسائل تهنئة عيد الأضحى مكتوبة 2024 للحبيب والصديق والمدير    حظك اليوم برج العذراء السبت 11-5-2024: «لا تهمل شريك حياتك»    بتوقيع عزيز الشافعي.. الجمهور يشيد بأغنية هوب هوب ل ساندي    النجم شاروخان يجهز لتصوير فيلمه الجديد في مصر    رد فعل غريب من ياسمين عبدالعزيز بعد نفي العوضي حقيقة عودتهما (فيديو)    هل يجوز للمرأة وضع المكياج عند خروجها من المنزل؟ أمين الفتوى بجيب    الإفتاء تكشف فضل عظيم لقراءة سورة الملك قبل النوم: أوصى بها النبي    لأول مرة.. المغرب يعوض سيدة ماليا بعد تضررها من لقاح فيروس كورونا    «آية» تتلقى 3 طعنات من طليقها في الشارع ب العمرانية (تفاصيل)    تفاصيل جلسة كولر والشناوي الساخنة ورفض حارس الأهلي طلب السويسري    مران الزمالك - تقسيمة بمشاركة جوميز ومساعده استعدادا لنهضة بركان    نيس يفوز على لوهافر في الدوري الفرنسي    على طريقة القذافي.. مندوب إسرائيل يمزق ميثاق الأمم المتحدة (فيديو)    حكومة لم تشكل وبرلمان لم ينعقد.. القصة الكاملة لحل البرلمان الكويتي    انخفاض أسعار الدواجن لأقل من 75 جنيها في هذا الموعد.. الشعبة تكشف التفاصيل (فيديو)    هشام إبراهيم لبرنامج الشاهد: تعداد سكان مصر زاد 8 ملايين نسمة أخر 5 سنوات فقط    الطيران المروحي الإسرائيلي يطلق النار بكثافة على المناطق الجنوبية الشرقية لغزة    الخارجية الأمريكية: إسرائيل لم تتعاون بشكل كامل مع جهود واشنطن لزيادة المساعدات في غزة    الجرعة الأخيرة.. دفن جثة شاب عُثر عليه داخل شقته بمنشأة القناطر    تراجع أسعار الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم السبت 11 مايو 2024    حلمي طولان: «حسام حسن لا يصلح لقيادة منتخب مصر.. في مدربين معندهمش مؤهلات» (فيديو)    طولان: محمد عبدالمنعم أفضل من وائل جمعة (فيديو)    رؤساء الكنائس الأرثوذكسية الشرقية: العدالة الكاملة القادرة على ضمان استعادة السلام الشامل    هل يشترط وقوع لفظ الطلاق في الزواج العرفي؟.. محام يوضح    حج 2024.. "السياحة" تُحذر من الكيانات الوهمية والتأشيرات المخالفة - تفاصيل    وظائف جامعة أسوان 2024.. تعرف على آخر موعد للتقديم    جلطة المخ.. صعوبات النطق أهم الأعراض وهذه طرق العلاج    إدراج 4 مستشفيات بالقليوبية ضمن القائمة النموذجية على مستوى الجمهورية    زيارة ميدانية لطلبة «كلية الآداب» بجامعة القاهرة لمحطة الضبعة النووية    لتعزيز صحة القلب.. تعرف على فوائد تناول شاي الشعير    لماذا سمي التنمر بهذا الاسم؟.. داعية اسلامي يجيب «فيديو»    5 نصائح مهمة للمقبلين على أداء الحج.. يتحدث عنها المفتي    بالصور.. الشرقية تحتفي بذكرى الدكتور عبد الحليم محمود    نائب رئيس جامعة الزقازيق يشهد فعاليات المؤتمر الطلابي السنوي الثالثة    محافظة الأقصر يناقش مع وفد من الرعاية الصحية سير أعمال منظومة التأمين الصحي الشامل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بعد أن كان صديقهم الحميم.. أسرار إعلان "أردوغان" الحرب على الأكراد
نشر في الموجز يوم 07 - 08 - 2015

فجأة وبدون مقدمات فوجيء العالم كله بمنح تركيا القوات الأمريكية حق استخدام قاعدة انجرليك العسكرية لتكون نقطة إنطلاقة الطيران الذي يشن الغارات ضد تنظيم الدولة الإسلامية فى بلاد العراق والشام والمعروفة اختصارا ب "داعش" ،وفي اليوم التالي شنت قوات الجو التركية بنفسها عدة غارات قيل أنها استهدفت مواقع لداعش في كل من سوريا والعراق ،لكن سرعان ما ظهرت الحقيقة بأن التحول الغريب في موقف أنقرة التي رفضت المشاركة في التحالف الدولي ضد التنظيم الإرهابي رغم قربها من الأحداث ،حتى أنه تم اتهامها بمساعدة العناصر الإرهابية على التحرك عبر حدودها وتهريب السلاح ،كان سببه هو ضرب مواقع الأكراد في سوريا حيث تخوف الرئيس التركى رجب طيب أردوغام من ان انتصارات الأكراد المتلاحقة فضلا عن أن تعاونهم مع امريكا قد يؤدي إلى حصولهم على الشرعية التي تمكنهم من إعلان دولة لهم على الحدود ترتبط بشكل كبير مع حزب العمال الكردستاني المعارض الذي بات له مؤيدين في البرلمان التركي بشكل يهدد سطوة حزب العدالة والتنمية الذي يهيمن على الحياة السياسية التركية منذ سنوات طويلة.
واتهم زعيم حزب الشعب الديمقراطي التركي المعارض والمؤيد للأكراد، صلاح الدين ديميرتاش، الحكومة التركية باستهداف الأكراد في سوريا من خلال المنطقة العازلة التي تخطط لإنشائها على الحدود السورية مع تركيا.
واعتبر ديميرتاش في مقابلة مع بي بي سي, أن العملية العسكرية التركية ضد مسلحي تنظيم داعش في سوريا غطاء لاستهداف حزب العمال الكردستاني .،داعيا الطرفين للعودة إلى عملية السلام. بينما قالت أنقرة إن هجمات مسلحي الحزب داخل تركيا جعلت محاولات الوصول إلى سلام أمرا مستحيلا.
وشنت تركيا غارات على معسكرات حزب العمال الكردستاني شمالي العراق بعد هجوما انتحاريا أودى بحياة 32 شخصا بمدينة سروج التركية, وتصنف تركيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي حزب العمال الكردستاني وتنظيم داعش كجماعات إرهابية.
واتفقت تركيا والولايات المتحدة على إنشاء منطقة عازلة داخل شمال سوريا مقابل السماح للطائرات الأمريكية باستخدام قواعد عسكرية تركية لضرب تنظيم داعش.
ووفقا ل قناة بي بي سي، فإن هذه المنطقة التي ستمتد لمسافة 90 كيلومترا وسوف تستخدم لتدريب المعارضة السورية المعتدلة وتأمل الحكومة التركية أن يتسنى لها السماح لبعض اللاجئين السوريين في تركيا بالعودة إلى منطقة آمنة.. لكن ديميرتاش يرى أن على تركيا التعاون مع القوات الكردية لتشكيل هذه المنطقة.
ونفى المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، جون كيربي، أن تكون الولايات المتحدة أقرت الضربات التركية شمال العراق.
على جانب آخر، ألقت فرق الأمن التركية القبض على 35 مشتبها ، من خلال عملياتها ضد داعش وحزب العمال الكردستاني وجبهة حزب التحرير الشعبي الثوري في 5 ولايات تركية .
وأفادت وكالة أنباء الأناضول التركية أن فرق الأمن التركية ألقت القبض على 35 شخصا، بتهمة الانتماء إلى منظمات إرهابية في ولاية "ألازيغ"، و"أرضروم"، و"ملاطية"، و"وان"، و"موش" من خلال عمليات أمنية متزامنة.
وكانت رئاسة الوزراء التركية أعلنت عن توقيف 1050 شخصا ، خلال الحملة الأمنية الواسعة ضد المنظمات الإرهابية وحزب العمال الكردستاني و"جبهة حزب التحرير الشعبي الثوري في 34 ولاية.
وأفاد بيان صادر عن مركز التنسيق برئاسة الوزراء، أن "العمليات ضد المنظمات الإرهابية ومن بينها الحزب الكردستاني التي تستهدف الأمن القومي للبلاد، وقوات الأمن، وتهدد سلامة المواطنين المدنيين، متواصلة داخل البلاد وخارج الحدود
من جانب آخر، قالت وكالة الاناضول إن عناصر مسلحة تابعة لحزب العمال الكردستاني اختطفت شرطيا تركيا بعد اعتراض سيارته في قضاء "ليجة" بولاية "ديار بكر" جنوب شرقي البلاد. وهذه هي المرة الثانية التي يختطف عناصر الحزب المذكور فيها شرطيا بنفس المنطقة.
وكانت المنظمة الكردية، قد اختطفت قبل ذلك شرطيا تركيا، بعد اعتراض سيارته في القضاء المذكور أيضا.
ووفقا لبعض المحللين فإنه على الرغم من العداء بينهما، إلا أن تركيا والأكراد يتمتعان بأهمية كبيرة لسياسة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، والغارات التي تشنها تركيا على مواقع الأكراد في العراق قد تعيق حرب واشنطن ضد تنظيم داعش
فبالنسبة للحكومة التركية لا يوجد فرق بين داعش وحزب العمال الكردستاني. فكلاهما بالنسبة لها منظمات إرهابية. وكل منظمة إرهابية تشكل خطرا على حدود الجمهورية التركية، ستتخذ ضدها إجراءات دون تردد، كما أكد رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو إثر شن تركيا غارات جوية ضد التنظيمين. وأضاف أنه لا ينبغي أن يساور أحد شك في ذلك
لكن حزب العمال الكردستاني العلماني أثبت أنه واحد من أشد خصوم تنظيم داعش حسب ميشائيل جونتر، مؤلف العديد من الكتب عن الأكراد. وأثبت الحزب فعاليته لدرجة أن تعالت أصوات في الولايات المتحدة مطالبة برفع اسمه من على قائمة المنظمات الإرهابية.
ووفقا لجونتر فإن الولايات المتحدة دعمت حزب العمال الكردستاني من خلال دعمها لجناح هذا الحزب في سوريا، أي حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي.
فحزب العمال الكردستاني والولايات المتحدة وجدا نفسيهما في نفس الخندق ليس في سوريا فحسب. وحين حاصر مقاتلو داعش آلاف اليزيديين في جبل سنجار في شمال العراق السنة الماضية، خاطب الرئيس الأمريكي باراك أوباما مواطنيه بأنه من واجب واشنطن إنقاذ الأقلية الدينية المضطهدة من المجزرة.
وبعد ذلك بدأت الولايات المتحدة غاراتها الجوية ضد مواقع التنظيم الإرهابي لكن لم تكن الولايات المتحدة هي من أنقذ اليزيديين في سنجار، وإنما حزب العمال الكردستاني، الذي ساعد في إخلاء اليزيديين إلى بر الأمان
لكن الآن بعد أن دخلت تركيا علنا في الحرب التي تزداد تعقيدا في العراق وسوريا. حيث أمر الرئيس التركي أردوغان بشن غارات على مواقع داعش وسمح ا للولايات المتحدة باستخدام قاعدة إنجرليك الجوية لذات الغرض، بعد التفجير، الذي نفذه مقاتلون من "داعش" في مدينة سروج، ذات الغالبية الكردية، فأودى بحياة 32 شخصا
ويعتبر جونتر أن هذا الهجوم على داعش هو حيلة ولا يعني شيئا ،و الحقيقة، أن تركيا تستغل التنظيم الإرهابي كسلاح ضد الأكراد في سوريا
وأضاف هناك ما يثبت أن تركيا سمحت على مدار السنتين الماضيتين بعبور الجهاديين لأراضيها باتجاه سوريا لكي يلتحقوا بداعش
وفي نفس الوقت شنت المقاتلات التركية غارات على مواقع لحزب العمال الكردستاني شمال العراق. وفي اسطنبول قتل نشطاء في حزب العمال ضابطي شرطة واتهم الحزب أنقرة بغض الطرف عن جرائم داعش ضد الأكراد.
وأوضح أن الولايات المتحدة دعمت، على الأقل علنا، الضربات التركية ضد حزب العمال الكردستاني. ووصف جون كيربي، المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية مقاتلي حزب العمال الكردستاني بالإرهابيين وقال إن لأنقرة الحق في الدفاع عن نفسها.
وقال إنه لأمر مثير للسخرية أن لا ترى الولايات المتحدة أن تركيا تقتل الأكراد الذين يحاربون تنظيم داعش، المفترض أن يكون عدو الولايات المتحدة،موضحا أن تركيا لا تدعم سياسة الناتو ضد تنظيم الدولة ، وفي الحقيقة فهي تعمل ضد تلك السياسات
ويرى المحللون أن خوض حرب على جبهتين سئودي إلى مخاطر كبيرة على تركيا عضو حلف شمال الأطلسي، فهو يعرضها لتهديد يتمثل في هجمات الجهاديين الانتقامية ولخطر إعادة إشعال حركة التمرد الكردية التي أودت بحياة 40 ألف شخص على مدار ثلاثة عقود.
وكشفت تقارير أن آلاف الجهاديين الأجانب عبروا حدود تركيا لينضموا إلى تنظيم "داعش" في سوريا والعراق، وتسلل كثير منهم بين ملايين السائحين الذين يتدفقون على شواطئ تركيا كل عام.
وكثيرا ما يساعدهم مهربون أتراك مرتبطون بالإسلاميين المتشددين، وهي شبكة تحاول تركيا تفكيكها لكنها يمكن أن تشن هجمات على الأراضي التركية على غرار التفجير الانتحاري الذي وقع في مدينة سروج وأسفر عن مقتل 32 شخصا وألقت أنقرة باللائمة فيه على المتشددين.
ويخشى دبلوماسيون غربيون منذ فترة طويلة من أن تكون إسطنبول وهي واحدة من مدن العالم التي تتردد عليها أعداد كبيرة من السائحين أو منتجعات تركيا على بحر إيجة أو البحر المتوسط أهدافا سهلة.
وأعادت الهجمات التي قتل فيها عشرات السائحين الأجانب في وقت سابق من العام الحالي هذه المخاطر إلى الأذهان.
وفي هذا السياق، قال ولفانجو بيكولي من شركة تينيو انتليجنس لأبحاث المخاطر إن تبني أنقرة لسياسات حازمة في الآونة الأخيرة تجاه حزب العمال الكردستاني وداعش زاد من خطر الهجمات الإرهابية والاضطرابات الأهلية المستمرة داخل البلاد بدرجة كبيرة
لكن على الجبهتين يبدو أن أردوغان يأمل في استغلال الفرصة للخروج من أزمة إنه يسعى لتحسين موقف تركيا على الساحة الدولية من خلال اتخاذ موقف أقوى من داعش لكنه في الوقت نفسه يضعف المعارضة المؤيدة للأكراد، ويعزز دعم القوميين في الداخل من خلال الهجمات على حزب العمال الكردستاني
ويرى المحللون أن هناك مستجدات على الساحة الداخلية التركية هي التي أدت إلى هذا الوضف فمنذ الانتكاسة التي مني بها أردوغان في انتخابات يونيو الماضي حين فقد حزب العدالة والتنمية الذي أسسه الأغلبية، وحصل حزب الشعوب الديمقراطي المعارض المؤيد للأكراد، على أصوات كافية لدخول البرلمان للمرة الأولى، يحرص أردوغان على استعادة تأييد القوميين
وبرى إريك مايرسون، أستاذ مساعد بكلية ستوكهولم للاقتصاد في مقال على موقعه الإلكتروني إن الهدف الأرجح هنا هو حزب الشعوب الديمقراطي. من خلال ضرب حزب العمال الكردستاني بقوة تضغط الحكومة التركية على حزب الشعوب الديمقراطي ليختار جانبا ينحاز إليه
فإما أن يندد بحزب العمال الكردستاني لوقف العنف فيجازف برد فعل سلبي بين قاعدة تأييده الكردية أو يتبنى خطابا أكثر تأييدا للأكراد ليجازف بإغضاب الجماهير التركية وكذلك القضاء الذي له تاريخ طويل من حظر الأحزاب الكردية والساسة الأكراد
وفي حالة إجراء انتخابات مبكرة فإن تراجع تصويت الأكراد والمخاوف بشأن الأمن يمكن أن تنعش التصويت لحزب العدالة والتنمية ومعه طموحات أردوغان لتغيير الدستور ليعزز رئاسته بصلاحيات جديدة واسعة
إضافة إلى ذلك أدى الهجوم إلى ممارسة الأكراد لأعمال عنف على مدى أيام وهم يتهمون أردوغان وحزب العدالة والتنمية بتقديم الدعم سرا لتنظيم داعش ضد أكراد سوريا، ورغم أن أنقرة تنفي ذلك، لكنها في الوقت نفسه غير راضية عن التقدم الثابت الذي تحرزه وحدات حماية الشعب الكردية السورية مدعومة بالضربات الجوية التي تقودها الولايات المتحدة ضد التنظيم الإرهابي ويخضع نحو نصف حدود سوريا مع تركيا التي يبلغ طولها 900 كيلومتر لسيطرة الأكراد
ويخشى أردوغان وحزب العدالة والتنمية من أن يكسب هذا التقدم الأقلية الكردية في تركيا وقوامها 14 مليون نسمة جرأة وأن يشعل من جديد التمرد الذي قاده حزب العمال الكردستاني لثلاثة عقود
ويقول سنان أولجن الباحث الزائر في مركز كارنيجي أوروبا ورئيس مؤسسة إيدام البحثية ومقرها إسطنبول إن سير الأحداث في سوريا كان يجري ضد المصالح التركية، فأولاً داعش كانت تتوسع في اتجاه الشمال الغربي وتواصل الاستيلاء على أراض على الحدود
وثانيا كان هناك خوف من أن تتوسع وحدات حماية الشعب الكردية، ما قد يؤدي في نهاية المطاف إلى إقامة أراض كردية تمتد من العراق إلى البحر المتوسط. هذان العاملان أجبرا تركيا على التحرك
ويشير أولجن إلى أن أنقرة تعي أيضا أن وحدات حماية الشعب الكردية بإثباتها أنها شريك يمكن الاعتماد عليه على الأرض للضربات الجوية التي تقودها الولايات المتحدة تكتسب درجة غير مناسبة من النفوذ في واشنطن، وهو ما دفع تركيا لتدرك الحاجة للتدخل والتحرك ضد داعش حتى تتجنب تهميشها.
ويضيف أن تأجيل المشاركة الكاملة مع التحالف المناهض للدولة الإسلامية كان ثمنه كبيرا من الناحية الأمنية وعلى صعيد المصلحة القومية لتركيا، موضحا أنه لو كانت تركيا استطاعت تبني هذا الموقف قبل عام لاختلفت الأمور كثيرا
ويبدو أن أنقرة قد حصلت على تأييد ضمني من واشنطن لحملتها ضد حزب العمال الكردستاني الذي تختبئ عناصره في جبال شمال العراق على الرغم من تعاون التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة مع الأكراد في سوريا،مما دفع بعض المحللين بالقول إن أمريكا باعت الأكراد بعد أن كانت اعتمدت عليهم بعد الانتصارات التي حققوها في سوريا ضد داعش وسيطرتهم على عدد كبير من المدن هناك
وقال بريت مكجيرك نائب المبعوث الرئاسي الخاص للتحالف الدولي لمواجهة تنظيم داعش على تويتر إنه لا توجد صلة بين الغارات الجوية ضد حزب العمال الكردستاني والتفاهمات الأخيرة لتعزيز التعاون الأمريكي التركي ضد تنظيم الدولة ،لكن المسئول الأمريكي لم ينتقد الضربات الجوية التي تنفذها تركيا في العراق، وكتب يقول نحترم تماما حق حليفتنا تركيا في الدفاع عن نفسها،ممايؤكد أن هناك صفقة سياسية بين أنقرة وواشنطن بحيث تمنح الأخيرة حق استخدام القواعد العسكرية في مقابل السماح لتركيا بشن غارات ضد الأكراد
ورأت صحيفة الجارديان البريطانية أن تغير الموقف التركي سوف يمثل نقلة نوعية في الحرب ضد داعش ،محذرة من أن استهداف الطيران التركي للمواقع الكردية قد يؤدي إلى تفجير أزمات جديدة في المنطقة المضطربة من الأساس
وانتقدت الصحيفة البريطانية الموقف التركي المزدوج خلال السنوات الأخيرة ،حيث كانت تتفاوض مع حزب العمال الكردستاني منذ عام 2012 وفي نفس الوقت كانت تساعد تنظيم داعش في سوريا في مواجهته مع تنظيم حماية الشعب الكردي في بلدة كوباني الحدودية
ويشكل أكراد تركيا 56% من مجموع الكرد في العالم، و عددهم 15,016,000 نسمة أي أنهم يشكلون نسبة 20 % من مجموع سكان تركيا،و يعيش معظمهم في الجنوب الشرقي للبلاد
وترجع الأزمة بين الأكراد والحكومة التركية إلى فترة ما بعد سقوط الخلافة العثمانية وإقامة الجمهورية التركية الحديثة ،حيث تبنى مصطفى كمال أتاتورك نهجا سياسيا يتمحور حول إلزام انتماء الأقليات العرقية المختلفة في تركيا باللغة والثقافة التركية وكانت من نتائج هذه السياسة منع الأقليات العرقية ومنهم الأكراد من ممارسة لغاتهم في النواحي الأدبية والتعليمية والثقافية ،إضافة إلى منعهم من تشكيل أحزاب سياسية وكان مجرد التحدث باللغة الكردية عملا جنائيا حتى عام 1991.
وقوبلت محاولات مصطفى كمال أتاتورك بمسح الانتماء القومي للأقليات بمواجهة عنيفة من قبل أكراد تركيا وقرروا والأقليات الأخرى بقيادة الزعيم الكردي سعيد بيران الذي عاش في الفترة ما بين (1865 -1925) القيام بانتفاضة شاملة لنزع حقوقهم القومية، على أن تبدأ الانتفاضة في يوم العيد القومي الكردي عيد نوروز 21 مارس 1925
وانتشرت الانتفاضة بسرعة كبيرة وبلغ عدد الأكراد المنتفضين حوالي 600،000 إلى جانب حوالي 100،000 من الشركس والعرب والأرمن والاثوريين وفرضوا حصارا على مدينة ديار بكر ولكنهم لم يتمكنوا من السيطرة على المدينة وفي منتصف أبريل 1925 تم اعتقال سعيد بيران مع عدد من قادة الانتفاضة ونفذ حكم الإعدام فيه في 30 مايو 1925
وبعد انتكاسة ثورة سعيد بيران شنت الحكومة التركية حملة اعتقالات وتصفيات واسعة في المناطق الكردية في تركيا وحسب مذكرات جواهر لال نهرو عن اعترافات حكومة أنقرة، فقد بلغ عدد القتلى الأكراد في تلك الأحداث مليونا ونصف مليون
و استمرت الحكومات التركية المتعاقبة على نفس النهج وكان مجرد تلفظ كلمة أكراد يعتبر عملا جنائيا إذ كان يطلق عليهم مصطلح "شعب شرق الأناضول" ولكن الاهتمام العالمي بهم ازداد بعد العمليات المسلحة التي شنها حزب العمال الكردستاني في الثمانينيات مما دفع رئيس الوزراء التركي آنذاك توركت أوزال ولأول مرة أن يستعمل رسميا كلمة الأكراد لوصف الشعب الكردي في تركيا وفي عام 1991 رفع أوزال الحظر الكلي باستعمال اللغة الكردية واستبدله بحظر جزئي
وأثناء صراع الحكومة التركية مع حزب العمال الكردستاني تم تدمير 3000 قرية كردية في تركيا وتسبب في تشريد ما يقارب 378،335 كردي من ديارهم
و في عام 1991 تم انتخاب ليلى زانا في البرلمان التركي وكانت أولى سيدة كردية في كردستان تصل إلى هذا المنصب ولكنه وبعد 3 سنوات أي في عام 1994 حكم عليها بالسجن لمدة 15 عاما بتهمة إلقاء خطابات انفصالية
ولا تزال الأزمة بين الأكراد والحكومة التركية في تصاعد حتى الآن ،ويخشى الرئيس رجب طيب أردوغان أن تؤدي الأحداث الإقليمية الحالية إلى تقويتهم مما يجعلهم يعلنون دولة مستقلة لهم على الحدود تهدد النظام في أنقرة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.