تحول عدد من المناطق الأثرية بمحافظة المنيا إلى مزارات للتبرك وطلب الشفاء، بدلًا من توافد السائحين عليها، إذ تسيطر الكثير من الخرافات على البسطاء والأميين من المواطنين، وما بين وهم الشفاء وعدم جدوى الأدوية في علاج المرضى، يذهب الكثيرون إلى تلك المناطق للتبرك والدعاء بشفائهم. اتخذ التبرك بتلك الأماكن أشكالًا متعددة، بين الدوران حول الأثر تارة، والدحرجة والدعاء وشرب الماء تارة أخرى، وغالبية هؤلاء المتوافدين من مريدي الإنجاب. أبرز تلك المناطق التي تشهد توافد المواطنين، وخاصة يوم الجمعة للدعاء هناك، غرفة الإله "سوبك"، والتي تقع بمعبد نيرون بمنطقة طهنا الجبل التابعة لمركز المنيا. ويقوم اللاجئون بالصعود إلى الغرفة فوق الجبل، والدوران عدة مرات حول بئر غرفة الدفن الكائنة أمام الغرفة مباشرة، معتقدين أن التماسيح المحنطة داخل تلك الغرفة والمسماة قديمًا بالإله "سوبك" سوف تجلب لهم الحظ، وقد تتحقق أمنياتهم في إنجاب الأطفال. وفي قرية البيهو التابعة لمركز سمالوط شمال المنيا، نجد كنيسة "أبسخيرون" الأثرية، وأمام بابها بئر يفد إليها عشرات المواطنين، سواء من المسلمين أو المسيحيين؛ للتبرك والدعاء قبل شرب مياهها. سُميت تلك الكنيسة وبئرها بهذا الاسم نسبة إلى القديس أبسخيرون الذي عاش بمنطقة قلين بكفر الشيخ، والذي تُروَى عنه أنه تم تعذيبه على يد الرومان، وطلب من الرب أنه إذا استشهد، أن يكون له مكان باسمه في قرية البيهو بالمنيا، وفي القرن السادس عشر أثناء حكم السلطان "بركوك"، وحسبما يتداوله الناس هجم البربر على إحدى الكنائس بكفر الشيخ، ليقتلوا جميع من كانوا فيها، خلال عقد الكنيسة لإكليل جماعي للعرسان، فقام جميع من كانوا في الكنيسة بالتشفع باسم القديس أبسخيرون لنجدتهم، فتم نقل الكنيسة من قلين إلى المنيا ب "معجزة"، وعند خروج العرسان من الكنيسة، وجدوا أنفسهم في البيهو.. هذه الرواية وراء ذهاب الكثيرين للكنيسة وبئرها للتبرك وقضاء الحاجات. وفي مركز بني مزار، توجد قرية البهنسا، أحد أشهر المناطق الأثرية الاسلامية بمصر، والتي دفن بها عدد كبير من الصحابة الذي وفدوا إلى مصر أثناء الفتح الإسلامي، كما نجد منطقة "السبع بنات"، التي يقال إنها مدفون بها 7 راهبات قمن بإمداد جيش المسلمين بالماء والطعام خلال فتحهم للبهنسا؛ لتخليصهم من حكم الرومان، فتم قتلهن على أيدي العدو. تأتي أعمال التبرك هذه المرة بشكل مختلف، حيث يتدحرج المرضى على الرمال، بناء على تعليمات "العرافة"، التي تتولى أعمال الدحرجة، ووفقًا للعادات المتبعة بالمنطقة فإن من يتدحرج بشكل مستقيم، تكون الأرض قد قبلته، وسوف يشفى قريبًا، ومن ينجرف إلى اليسار، فإن الأرض قد رفضته. وفي البهنسا أيضًا شجرة السيدة مريم، وهي الشجرة التي استظل بها المسيح والسيدة مريم ويوسف النجار خلال رحلة العائلة المقدسة للجنوب، ويأتي الوافدون للجلوس أسفل الشجرة والتضرع بها. لم تختلف أفعال المرضى كثيرًا بزيارة حجر القديس الشهيد "مارجرجس"، والذي قيل إنه استشهد على هذا الحجر، بعد أن لاقى أنواعًا كثيرة من التعذيب؛ لدفاعه عن المسيحية بمنطقة أنصنا الأثرية، التي تقع شرق مدينة ملوي بجنوب المحافظة. ويقوم المريض بوضع يده على الحجر، ويتمسح به، ويمسح جسده ورأسه، ويدعو. ويقع هذا الحجر في منطقة نائية في الجبل بجوار أطلال الكنائس بمنطقة أنصنا.