تصوير: محمد حكيم السبع بنات في مدينة البهنسا تعد منطقة "السبع بنات" الأثر الأبرز في مدينة البهنسا بمركز بني مزار بالمنيا، وهي قبلة الزائرين الأولى في المدينة الغراء، واكتسبت قدسيتها من خلال الطقوس التي تمارس بالمكان، وكذا القصص والروايات التي تدور حول صاحبات الأضرحة وقد امتزجت بها الأساطير. أجمعت أشهر الروايات وأقربها للحقيقة أن السبع بنات مجموعة من النسوة لحقن بجيش عمرو بن العاص لقتال الروم فى البهنسا، ولبسن ملابس الرجال وقاتلن معهم، وفى إحدى الجولات التى انتصر فيها جيش الإسلام غلبتهن طبيعتهن كإناث، فزغردن ابتهاجًا بالنصر، ففطن الروم لكونهن نسوة، فتسلل الروم ليلاً وذبحونهن، وبعدها دفن معًا، وكانت الأرض قد امتلأت بدمائهن. 7 و 70.. راهبات وليست مسلمات يقول سلامة مصطفي زهران كبير مفتشي آثار البهنسا إن السبع بنات لم يعرف أحد عددهن الحقيقي، فقد يكنَّ 7 أو 70، وإنهن قبطيات ولسن مسلمات كما يعتقد الغالبية العظمي، اشتركن في فتح البهنسا، ودافعن عن المكان حتى قتلهن الروم. ويضيف مستشهدًا بكتاب الخطط التوفيقية ل "علي باشا علي مبارك" أن هذا الضريح لم يكن موجودًا أيام علي مبارك، وكانت هناك مجموعة من القبور على أرض بها زاوية ميل وانحدار يتمرغ فيها الناس طلبًا للشفاء، إلى أن تم بناء الأضرحة تكريمًا للمكان ومن به، وظل هذا المعتقد سائدًا حتى يومنا هذا؛ ليتحول المكان إلى معلم أثري وسياحي واضح. بئر وقبة أثرية ومجرى دم.. معالم ومقاصد ضريح السبع بنات يشتمل على القبة الأثرية التي تضم 3 مقابر والسور الحديدي من الجانب الشرقي، ويضم 3 مقابر أخرى، ويقع القبر السابع بجوار البئر الأثري من الناحية الغربية، وبوصف المكان من الخارج يعلوه خوذة مدببة ملساء بها فتحة باب مستطيلة بالجدار الشمالي الشرقي، وهي محاطة بسور حديدي، وعند وصفه من الداخل فهو عبارة عن مربع يعلوه 4 مناطق انتقال عبارة عن جسور خشبية يعلوها خوذة مدببة ملساء، ويحوي المكان أيضًا بئرًا قديمًا أثري على عمق 15 مترًا تحت الأرض وبه مياه لا تنقص، كما يضم ساحة المراغة، وكان بها ما يعرف بمجرى الحصي أو مجرى الدم أو مجرى السيل، ويضم مسجدًا صغيرًا قديمًا ومتهالكًا غير مهيئ للصلاة. مجهولات الاسم اللوحة الاسترشادسة عن المكان لم تقدم أية استرشاد، فقط مدون عليها "المشهور عنهم أنهم اشتركوا في حروب فتح البهنسا".. وأيضًا "ممنوع التصوير"، كما أنه لا توجد أسماء علي كل من المقابر السبع لتوضح من بداخل كل منها، وبسؤال الأثريين والأهالي تبين عدم استدلالهم على أسماء صاحبات الأضرحة، وأنه لا يوجد أي سند تاريخي في ذلك. من الضريح للرمال.. تمرغ وطواف يتحول المكان إلى ما يشبه العيد القومى للبهنسا صبيحة كل يوم جمعة، بتوافد أعداد غفيرة من شتى بقاع الجمهورية بقصد التبرك والشفاء وغسل الذنوب ومسح الهموم. وبرغم أشعة الشمس الحارقة وسخونة الرمال تحت الأقدام يمارس الزوار طقوس عدة، فبعد أن يخلعوا عنهم أحذيتهم ينطقون "باسم الله" ثم يأخذون في الدعاء مع التمسح وتقبيل سطح الأضرحة، وبعدها يطوفون في شكل دائري حول الأضرحة المتباعدة قليلاً، ومنها للمنحدر الرملي وبه يتمرغ أو يتدحرج الرجال والنساء، ويتدحرجون على الرمال مع الدوران إما في خط مستقيم أو في منحنى نصف دائري، وذلك بتشبيك اليدين خلف الرأس. "المرأة العاقر إذا تمرغت في تراب السبع بنات أنجبت، وإذا تمرغ المريض زال مرضه ومُحِيَ ذنب المخطئ وهموم المهموم" هي عقيدة زوار المكان التي أكدوها ل "البديل" عند سؤالهم عن سبب طقس التمرغ. وبسؤال "صفية" خادمة المكان والتي تقوم بدفع الرجال والنساء للتدحرج على الرمال أوضحت أن عملية الدحرجة تبدأ بأن يقوم الزائر بالنوم على جنبه الأيمن ثم تقوم هي بدفعه على الرمال. خد لك حصوة وجرت العادة والعرف في مقابر السبع بنات أن يقتني الزائر أحجارًا وأثرًا من الرمال موضع التمرغ والاحتفاظ بها داخل المنازل لأجل التبرك. نحور ونذور بسؤال الزوار ومسئولي الآثار أكد معظمهم أنهم يفدون للتبرك بالمكان والوفاء بالنذر كذبح الذبائح وإطعام الفقراء وإيداع الأموال داخل صناديق المقابر. فيما أكدت خادمة المكان أن بعض النسوة ممن يحضرن للمكان بقصد الإنجاب وقضاء الحاجات يعدن ثانية بعد إنجابهن ليقدمون ما نذروه من نذور، وتضيف أن سبب التمرغ واقتناء الحصى يرجع لتساقط دماء السبع بنات عند قتلهن على الرمال، وبالتالي يتبرك الناس بها. استغاثة الأضرحة لم تبالي الجهات المختصة بقدسية المكان لتترك الإهمال يعبث به من الداخل والخارج وهو ما ترجمه تفاقم القمامة التي جعلته مرتعًا للحشرات والكلاب الضالة، حتى إن المصلى الصغير المبني من الطوب اللبن مهدد بالانهيار في أي لحظة ولم يعد صالحًا للصلاة؛ مما يضطر الزائر لقطع مسافة طويلة تقدر ب 2 كيلو متر لأداء الصلاة في أقرب مسجد بالمنطقة، وقد تبدو الحمامات التي تبعد عن المصلي قليلاً غير آدمية وتسكنها الكلاب. وفي مشهد آخر تتواجد سيارات الكارو التي يربطها سائقوها في الأعمدة الخشبية أمام الموقع الأثري، وقد تخرج الحمير إفرازاتها لتنبعث الروائح الكريهة بالمكان. ويضاف إلى ذلك عدم وجود استراحة للزوار داخل أو خارج الأضرحة سوى مصطبتين لا تسعان أكثر من 8 أفراد، في حين يتواجد المئات بالمكان في وقت واحد خاصة يوم الجمعة. وقد رصدت "البديل" كمًّا من التعديات تحيط بمنطقة السبع بنات من الناحيتين الغربية والشرقية، تمثلت في بناء الأسوار والمنازل وغرس الأشجار دون الالتفات للمكان الأثري وقدسيته. فيما كشف تقرير قدمه مدير تفتيش آثار البهنسا سلامة مصطفى محمد زهران إلى قطاع الآثار الإسلامية والقبطية بمنطقة آثار المنيا كمًّا من التعديات التي طالت منطقة السبع بنات، ففي القرار رقم 123 بتاريخ 6/1/2014 ضد المواطن شريف حافظ عبد الوهاب شريف ومصطفى وأسامة شريف حافظ تبين تعدي المذكورين على حرم قبة السبع بنات بالزراعة وغرس أشجار والبناء، والقرار رقم 5529 ضد المواطن على عبد العظيم أحمد الحمودى تبين تعديه على حرم قبة السبع بنات بالزراعة، فيما تعدى عزت إبراهيم حسن على حرم قبة السبع بنات بالبناء وذلك في القرار رقم 978 بتاريخ 9/2/2014. وطالب التقرير الجهات المقدم لها بمخاطبة الجهات المختصة والأمنية لسرعة إزالة التعديات لحماية المنطقة الأثرية، موضحًا أن التعديات ما زالت قائمة رغم تكرار الشكاوى والاستغاثات. هنا البهنسا تضم البهنسا قرابة 76 ضريحًا للصحابة ممن شاركوا في غزوة بدر، وفي المجمل تضم 5 آلاف ضريح للصحابة والتابعين والأولياء من شهداء الفتح الإسلامي للبهنسا، وتضم معالم أثرية شهيرة مثل شجرة مريم ومقام علي الجمام قاضي قضاة ولاية البهنسا وغيرها. width="132″ height="152″ /