* قبل غروب الشمس، أصبح عدد المحتشدين فى ميدان التحرير من غير الإسلاميين يفوق عدد الإسلاميين بكثير * وصول المسيرات للميدان غيرت لهجة الإسلاميين.. والمشاركون فيها يبعثون برسالة للإخوان والعسكري معا * المشاركة القوية للنشطاء علامة على أن بإمكانهم الضغط على الإخوان.. في مواجهة أي تنازلات للعسكر ترجمة- شيماء محمد: ذكرت وكالة أنباء أسوشيتد برس في تغطيتها لمظاهرات ميدان التحرير أمس أن مئات الآلاف احتشدوا فى الميادين الرئيسية في جميع أنحاء مصر يوم الأربعاء بمناسبة الذكرى الاولى للانتفاضة التي أطاحت بحسني مبارك، وهو ما كشف عن الانقسامات التي حلت محل الوحدة التى ظهرت خلال العام الماضي . وأضافت: تحول ميدان التحرير فى القاهرة، الذى هو بؤرة الاحتجاجات التى استمرت18 يوما ضد مبارك، إلى نقطة محورية للتنافس بين إصرار المناضلين الثوريين على إظهار أنهم لا يزالوا قادرين على تعبئة وحشد الشارع، وبين الإخوان المسلمين، الذين ظهروا كقوة سياسية مهيمنة فى مصر بعد انتصارها الساحق في الانتخابات البرلمانية . واعتبرت الوكالة في تقريرها أن الناشطين يريدون استمرار الاحتجاجات للضغط من أجل الإطاحة الفورية بالجنرالات الذين تولوا السلطة بعد سقوط مبارك، مؤكدين أنهم ليسوا سوى ديكتاتوريين مثل المخلوع. هذه المشاركة القوية للنشطاء تعد علامة على أن بإمكانهم الضغط على الإخوان، حيث يخشون أن الإخوان يمكن أن يتوافقوا مع العسكريين من أجل ضمان هيمنتهم السياسية. ومن جانبها، قالت سحر عبد المحسن، التي سارت 5 كيلومتر في مسيرة حاشدة عبر مختلف أنحاء القاهرة إلى التحرير: “أنا لدي أمل أن تكون المسيرات رسالة إلى جماعة الإخوان المسلمين كما هي للمجلس العسكري”، وأضافت “نحن جميعا نعلم أنه حتى لو كان الإخوان أقوياء، والمجلس العسكري لا يزال قويا.. فكل ما نريده هو إنهاء الحكم العسكري” . كلا الطرفان عازم على حشد أكبر عدد ممكن من المؤيدين لإظهار قدرته وثقله في بلد لا تزال تعاني من هزات ارتدادية بعد الإطاحة بالرئيس مبارك. ورصدت وكالة الأنباء الظهور القوي للإسلاميين فى البداية، حيث تولوا مواقعهم منذ الصباح فى اللجان الشعبية لحفظ الأمن والنظام فى الميدان، كما كان يقوم متطوعو الإخوان بتفتيش حقائب الداخلين إلى الميدان. ومن على منصة كبيرة بها 10 مكبرات للصوت، قاموا ببث الأغاني الدينية وسط هتافات “الله أكبر”، مما يشير إلى مظاهر الاحتفال بما وصفوه بأنه نجاحات الثورة، ولا سيما البرلمان الذي انتخب حديثا. بينما عشرات من المسيرات الكبيرة التي نظمتها جماعات مدنية من مناطق مختلفة من المدينة، ألتقت جميعها فى ميدان التحرير وهم يهتفون “يسقط يسقط حكم العسكر”. وقبل غروب الشمس، أصبح عدد المحتشدين فى ميدان التحرير من غير الإسلاميين يفوق عدد الإسلاميين بكثير. سارت الحشود لتقديم التحية لمئات من المحتجين الذين قتلوا على مدى العام الماضي، من قبل نظام مبارك والجيش- وللتأكيد على أن هذه ليست ذكرى سعيدة للاحتفال، مع وجود مطالب كثيرة بالإصلاح الديمقراطي لم تتحقق. وارتدى العديد منهم أقنعة لصور لوجوه شهداء. وقاموا بنصب مسلة خشبية كبيرة على غرار الطراز الفرعوني فى الميدان مكتوب عليها أسماء الشهداء. وقال عطية محمد عطية، وهو أب عاطل عن العمل لديه أربعة أبناء: “أنا لست هنا للاحتفال. أنا هنا من أجل ثورة ثانية”، وأضاف أن “المجلس العسكري يتكون من من فلول نظام مبارك. سننجح فقط عندما نبعدهم عن السلطة”. كان ميدان التحرير معبئا تماما، في واحدة من أكبر التجمعات منذ ذروة الاحتجاجات ضد مبارك والاحتفالات في ليلة سقوطه يوم 11 فبراير. لم يكن هناك تواجد لقوات جيش أو شرطة، فى إشارة إلى أن الجيش كان يتطلع لتجنب اندلاع مواجهات جديدة بعد أعمال العنف الدامية في أكتوبر ونوفمبر وديسمبر. وأوضحت الوكالة أن التنافس على النفوذ بين القوى العلمانية والليبرالية وبين جماعة الإخوان يتمركز حول المجلس العسكري الحاكم، الذى يقوده المشير محمد حسين طنطاوي، وزير دفاع لمبارك لمدة 20 عاما. ويقول الثوار إن الجنرالات يجب أن يسلموا السلطة للمدنيين على الفور، متهمين إياهم بالاستمرار فى النظام الاستبدادى السابق، وإفساد المرحلة انتقالية ، وارتكاب انتهاكات واسعة النطاق لحقوق الإنسان. بينما الإخوان على استعداد لقبول وعد الجنرالات بالتنحي بحلول نهاية يونيو. جماعة الإخوان المسلمين وغيرها من الإسلاميين كانوا أكبر المستفيدين من أسلوب إدارة الجيش في المرحلة الانتقالية. فالانتخابات التي جرت خلال الشهرين الماضيين أعطت الإخوان ما يقرب من نصف المقاعد في البرلمان الجديد الذي انعقد يوم الإثنين، وحصل السلفيون على حوالى ربع المقاعد. وفي نظر العلمانيين، أكد انتصار الإسلاميين أكد على شغفهم بالاستحواذ على السلطة بعد عقود من الاضطهاد من قبل الحكومات المتعاقبة، بالإضافة إلى تراجع اهتمامهم بالضغط من أجل مطالب الثورة من أجل تغيير حقيقي لتفكيك إرث60 عاما من الحكم الاستبدادي. يخشى كثيرون من أن الإخوان سيتوصلون إلى اتفاق مع المؤسسة العسكرية، من أجل بقاء وضعهم المهيمن، قد يتنازل الإخوان للمؤسسة العسكرية عن سلطة سياسية في المستقبل. بعد وصول المسيرات التي تقودها قوى مدنية، تغيرت لهجة المتحدثين من الإخوان قليلا. كانت جماعة الإخوان المسلمين-قبل وصول المسيرات الليبرالية- تلقى الخطب الدينية بقوة، فقد دعا أحد المتحدثين إلى الحاجة لمواجهة “أعداء” مصر الذين يهدفون إلى ضرب الإسلام. بينما في وقت لاحق من اليوم، شدد المتحدثون على ضرورة تحقيق العدالة للمتظاهرين الذين قتلوا وضرورة أن يقوم المجلس العسكرى بتسليم السلطة للمدنيين، وهى قضايا أقرب إلى تلك القضايا التى يدعو لها الناشطين. وأضاف التقرير أن المسيرات بقيادة الجماعات المدنية اجتذبت قطاع عريض من المجتمع، على غرار أكبر احتجاجات مناهضة لمبارك. انضم إلى هذه المسيرات الشباب وطلاب الجامعات ورجال ونساء الطبقة المتوسطة. وشارك الإصلاحى محمد البرادعي وأدى الصلاة مع مجموعة من المتظاهرين قبل الانطلاق فى مسيرة إلى ميدان التحرير . لكن على عكس العديد من المتظاهرين، قال البرادعي، إن العودة الفورية للقوات المسلحة إلى الثكنات ليست هى القضية الرئيسية. بدلا من ذلك، قال إن التركيز يجب أن يكون على “أهداف الثورة وهى –صياغة دستور سليم وإصلاح الاقتصاد، وتطهير الإعلام ومحاكم مستقلة، ومحاكمة قتلة المتظاهرين. كان عماد الحديدي( 66 عاما)، صيدلي، يشاهد مسيرة المتظاهرين. وقال إن النشطاء متعجلين جدا وينبغى أن يعطوا الوقت للمجلس العسكرى لتسليم السلطة. لكنه أيضا عبر عن إعجابه بحماسة وقوة المتظاهرين، وقال “نحن جيل تربى على الخوف”.