عندما انطلق الشعب العربي المصري بعشرات الملايين يفجر ثورته علي المشروع الإخواني المناقض للمشروع الوطني المصري والقومي العربي والإسلامي، كان في الواقع يرفض التبعية للمشروع الصهيو أمريكي، و العثماني التركي، و الإخواني القطري، ويعيد مصر إلي مصريتها، وعروبتها و إسلامها، لتصطف مع أمتها العربية والإسلامية من أجل الاستقلال الوطني والتنمية الاقتصادية والعدالة الاجتماعية والكرامة الانسانية في مواجهة أعداء الوطنية والقومية وتجار الدين البعيدين عن العروبة وعن الإسلام معا ! ولهذ كانت الاستجابة العربية والإسلامية من الدول الشقية المعروفة بعروبتها وإسلامها وبمواقفها التاريخية المشهودة مع مصر وشعبها فورية وأخوية، وهنا شهدنا مبادرات وتحركات ومواقف عربية سعودية وإماراتية وكويتية وعراقية علي عدة مستويات، سياسية بتأييد الارادة الشعبية المصرية، واقتصادية لدعم الاحتياجات الإقتصادية، لكن أهم المواقف الداعمة للموقف المصري في مواجهة التهديدات الأمريكية والأوروبية والتحرك القطري والتركي المناهض للشعب المصري وهنا، كان أبرز المواقف هو خروج العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز ببيان قوي دعمته دولة الإمارات والكويت والبحرين والأردن، يؤكد دعم بلاده القوي لمصر في موقفها تصديا للإرهاب الإخواني في الداخل، وللضغوط الدولية الغربية في الخارج ضد إردة شعبها، في موقف نادر يعيد إلي الأذهان الموقف التاريخي للدولتين العربيتين الشقيقتين الداعم بكل شجاعة لمصر وسوريا في حرب رمضان المجيدة بقطع البترول عن الدول الغربية الداعمة لإسرائيل ! إنطلاقا من وصية الملك الراحل عبد العزيز آل سعود لأبنائه علي مصر، ومن وصية الشيخ زايد آل نهيان لأبنائه للوقوف مع مصر. وسبق ذلك التحرك السياسي السريع لوزير الخارجية الإماراتية الشيخ عبد الله بن زايد بلقائه بالوزير الأمريكي جون كيري لإيصال رسالة عربية مفادها أن الامارات والعرب لن يسمحوا بتهديد مصر أو عدم احترام السيادة المصرية أو التصدي الغربي للإرادة الشعبية المصرية، كما تلاه التحرك السياسي القوي لوزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل بلقائه مع الرئيس الفرنسي هولاند بتحذير عربي قوي من تورط الدول الأوروبية في اعتراض إر ادة الشعب المصري بما حقق تغيرا إيجابيا في التصريحات الأمريكية والفرنسية عقب اللفائين. ومثلما تنبع هذه المواقف العربية من واقع المصالح الاستراتيجية العربية ومن واقع وحدة الخطر ووحدة المصير العربي، ووفاء من العرب الأوفياء لمواقف الشقيقة الكبري مصر عبر التاريخ دفاعال عن القضايا العربية وإسهاما بخبرائها وكوادرها البشرية في تنمية شقيقاتها العربية، فسوف يظل الشعب المصري وفيا لكل المواقف العربية الشريفة التي دعمت إراداته واستقلاله وتنميته، وهو الذي كانت أيادية أول من أسهمت في رفع رايات الاستقلال العربية وعندما استجاب قادة الجيش المصري لنداء غالبية الشعب ' واحد اتنين الجيش المصري فين ' و' إنزل ياسيسي مرسي موش رئيسي.، و' يسقط يسقط حكم المرشد '، مع 22 مليون وثيقة شعبية تطالب بانتخابات مبكرة وتسحب الثقة من الرئاسة الإخوانية، و ملايين التوكيلات الشعبية لمهمة حماية و إنفاذ الإرادة الشعبية فليس هذا انقلابا عسكريا علي الشرعية بل ثورة شعبية بكل المشروعية بحماية الجيش باعتباره ملك للشعب طبقا للدساتير المصرية وفي عالم تحكمه المصالح وتتحكم فيه القيم لمادية الأنانية ، ولا تقوم سياسات معظم دوله علي المباديء والقيم الإنسانية السامية بل علي القوة لاعلي الحق. وفي ظل منظمات دولية تعاني من حالة انفصام مرضية بين المباديء الدولية القيمة التي تحملها مواثيقها المحترمة، وقراراتها المتناقضة مع مواثيقها ومبادئها.. ومع مانشهده من نفاق أوروبي غطاؤه المباديء ومضونه المصالح، ومن معايير أميركية مزدوجة غطاؤها القيم الأخلاقية ومضمونها البراجماتية ! فلا عجب أن تواجه شعوبنا عالما يمشي علي رأسة لا علي قدمية، وعدالة دولية مائلة مع المصالح علي حساب المباديء ومع القوة علي حساب الحق، وإعلاما يمارس دعاية إعلانية مدفوعة الثمن عبر شركات العلاقات العامة، تقدم للرأي العام العالمي معلومات مغلوطة وصورا مقلوبة وأنصاف حقائق تقدم جانبا واحدا من الصورة، بمناظير انتقائية أوانتقامية، و برؤية منحازة عوراء تنشر الخطأ هنا وتحجب الصواب هناك في أكبر سوق للكذب ومذبحة للحقيقة ! في ظل هذه الغابة الدولية في أميركا الذي تبدو فيه كل ألاعيب السيرك العالمي في أوروروبا مثيرة للضحك أحيانا، وللرثاء أحيانا، خصوصا حين تبدو المواقف المتناقضة شيئا عاديا ويبدو انقلاب السياسات شيئا طبيعيا، وتحول رعاة الديمقراطية بالأمس إلي رعاة للديكتاتورية اليوم، ودعاة السلام إلي رعاة للإرهاب، وأدعياء حريات وحقوق الشعوب المقهورة هم أنفسهم أعداء الشعوب الحرة ، ومرضي الإسلاموفوبيا بالأمس هم أنصار الإسلاميين اليوم ! فإن الشعب المصري يرفض بشكل حازم أي تهديد أمريكي أو أوروبي أو أي تلويح بالتهديد، أو الضغط أو محاولات الابتزاز الغربية الرخيصة بالمساعدات العسكرية أو الاقتصادية، ويدرك كل مناورات المبعوثين الغربيين للالتفاف علي إرادته الوطنية الديمقراطية الشرعية، والذين هم صناع المشكلة المصرية ولن يكونوا بأي حال جزءً من الحل آخر هؤلاء المبعوثين غير المرحب بهم شعبيا هو جيفري فيلتمان مهندس الفتنة الأهلية الدموية اللبنانية والسورية، في محاولة لتكرار السيناريو السوري الشرير بالأداة الإخوانية الإسلاموية في مصر العربية ، لكن السد العالي الشعبي يقف بكل وعي وقوة في مواجهة، المؤامرات الأمريكية التي فشلت في لبنان وسوريا.. وحتما ستواجه الفشل في مصر !