كلما وليت وجهك طوال شهر رمضان الكريم في الشوارع وأمام المساجد عند صلاة الجمعة والتراويح وأعلي محطات مترو ومحطات الأتوبيسات وعند إشارات المرور، لا بد أن تجد متسولا يلح عليك فى طلب المساعدة واذ لم تستجب له، فاعرف أنك حتما ستصيبك إحدى كلماته، التى يعبر فيها عن الغضب من تجاهلك له. فى إشارات المرور، ينتقي المتسول السيارات الفاخرة ويهرول إذا كانت تقودها سيدة، أو اذا كانت تجلس بجوار قائد السيارة أو فى الخلف، وكذلك الحال مع سيارات التاكسي، وبالطبع يجد المتسول من وراء هذا التصرف المبالغ المالية تتدفق إلى جيبه بكل سهولة، ذلك لأن هناك الكثيرين ممن يتعاطفون مع هؤلاء ويغدقون عليهم بالأموال خاصة أن هناك البعض ممن يريدون التصدق فى أيام الصيام أو إخراج الزكاة. حكايات المتسولين عالجتها الدراما فى عمل سينمائي شهير، تعرفنا من خلاله على عصابات التسول التى يحكمها بعض الأفراد، والذين يتولون توزيعهم على المناطق المختلفة وجمع الحصيلة، ورأينا كيف يصبح هؤلاء مليونيرات، ومن أصحاب الأملاك، حيث يتكشف النقاب عن ضبط متسول لديه مبالغ طائلة بين الحين والآخر، حتى أنها أصبحت مطمعا للكثيرين. حديث الأرقام يقول إن قسم الجريمة بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية رصد، في تقرير له أوائل عام 2017، إحصائيات التسول في المحافظات المختلفة، وأكد التقرير ارتفاع أعداد المتسولين في الوجه البحري عن الوجه القبلي، وتركزت بالطبع النسبة الكبرى فى القاهرة، حيث بلغ عدد المتسولين فيها نحو 14 ألفا و400 متسول، لتكون الأولى في ترتيب المحافظات. ونظرا لتسارع الظاهرة خاصة فى السنوات الأخيرة وبشكل مبالغ فيه، حتى أن عمال النظافة الذين كان يتعاطف المارة مع حالهم، وكانوا يمنحونهم جزءا من الصدقات وأموال الزكاة، استمرأ الكثير منهم الحالة نظرا لما تحققه من مبالغ طائلة، ورأينا كيف أصبح زى عمال النظافة مطمعا للمتسولين الذين أصبحوا يستأجرونه بل إن بعض محلات الملابس، تحاول تقليده وبيعه لكل من يريد، هذه الظاهرة كانت محل تساؤلات عدة لبعض المستمعين الذين توجهوا بها الى البرامج الدينية التى تذاع على الهواء فى نهار رمضان. معظم التساؤلات كانت تدور حول إمكانية إخراج زكاة الفطرأو زكاة المال والصدقات لهؤلاء، وهل يستحقونها، وكانت الردود من رجال الدين الذين يردون على التساؤلات بأن ذلك لايجوز، وأن هناك مصارف أخرى نجد فيها من يستحقون، ولعل رد الشيخ نبيل غنايم على تساؤل حول هذا الأمر فى البرنامج اليومي الذى يذاع عصرا على الهواء مباشرة طوال أيام رمضان، على إذاعة القران الكريم، كان هو الرد القاطع لهذا الأمر، حيث قال: إن هؤلاء المتسولين يحصل الواحد منهم على حوالى 300جنيه يوميا، وأكد موجها حديثه للسائلة"يعني دول أغنى مني ومنك"، وأنهم يتخذون التسول حرفة ووظيفة، ولايجوز بأى حال أن نساعدهم على ذلك. ظاهرة التسول تضخمت خلال شهر رمضان الحالي وأعتقد أن كلا منا لاحظ هذا الأمر، كما أن سلوك بعض الجمعيات الخيرية وإنفاقها بشكل مبالغ فيه على الحملات الإعلانية خلال شهر رمضان، كل ذلك أفقد الثقة لدى الكثيرين، حتى أن أحد المستمعين قال إنه يرسل أموال الزكاة لبعض الأسر فى سوريا، وهو مارد عليه الشيخ بأن الاقربين أولى بالمعروف، ولايصح إخراج الزكاة فى بلد آخر إلا اذا انعدم الفقراء فى نفس البلد. خلاصة القول: إن التحري والبحث عن المتعففين والمستحقين هو واجب على كل من يريد التصدق أو إخراج الزكوات، وحتى لايختل ميزان العدل فى المجتمع وتذهب "أموال الخير"إلى من لايستحقونها.