السلفية والسياسة: التيه بين النص والواقع.. قراءة في التحولات الكبرى    شركة العاصمة الإدارية: لا ديون علينا.. وحققنا 80 مليار جنيه أرباحًا خلال 3 سنوات    متحدث الكهرباء: 15.5 مليار جنيه خسائر سرقات واستهلاك غير قانوني    وزير الاتصالات: مصر تقفز 47 مركزًا عالميًا بمؤشر جاهزية التحول الرقمي    نيجيريا: تحرير 130 تلميذًا وموظفًا خطفهم مسلحون من مدرسة الشهر الماضي    بوتين يصف اتفاقية الحدود بين دول آسيا الوسطى ب"التاريخية"    ضبط سورى بجنسية مزورة يعمل داخل وزارة الدفاع الكويتية.. اعرف التفاصيل    بحضور عضوي مجلس إدارة الأهلي، محمود بنتايك يحتفل بزفافه على سندس أحمد سليمان    إصابة 8 أشخاص في تصادم بين سيارتين على طريق المنصورة    للمرة الثانية خلال يومين.. إخلاء سبيل إبراهيم سعيد في اتمامه بسب وقذف طليقته    ريهام عبد الغفور: خريطة رأس السنة محطة استثنائية في مسيرتي الفنية    دوميط كامل: الدول المتقدمة تُقدّم حماية البيئة على المكاسب الاقتصادية مهما بلغت    الدفاع الروسية تعلن إسقاط 35 مسيرة أوكرانية خلال ساعات    عماد الدين أديب: ترامب ونتنياهو لا يطيقان بعضهما    الكرملين: روسيا تدرس مقترحات خطة السلام بناء على اتصالاتها في ميامي    رسميا.. إبراهيم دياز رجل مباراة المغرب وجزر القمر فى افتتاح الكان    أكسيوس: لا توجد مؤشرات حتى الآن على هجوم إيرانى وشيك ضد إسرائيل    سفيرة مصر بتايلاند تؤكد التزام القاهرة بدعم الجهود الدولية لمكافحة الجرائم الإلكترونية    أمم إفريقيا - محمود صابر: نهدف الوصول لأبعد نقطة في البطولة    خالد الغندور: توروب رفض التعاقد مع محمد عبد المنعم    لعبة في الجول – أمم إفريقيا.. شوت في الجول واكسب البطولة بمنتخبك المفضل    رئيس غرفة البترول باتحاد الصناعات: مصر بها 34 معدنًا مدفونًا في باطن الأرض    بيان عاجل من المتحدث العسكري ينفي صحة وثائق متداولة على مواقع التواصل الاجتماعي| تفاصيل    اعترافات المتهم بقتل زميله وشطر جثمانه 4 أجزاء في الإسكندرية: فكرت في حرق جثته وخشيت رائحة الدخان    إخلاء عاجل لفندقين عائمين بعد تصادمهما في نهر النيل بإسنا    سائق يقتل زوج شقيقته إثر نزاع عائلي على شقة ميراث بالخانكة    من حقول الطماطم إلى مشرحة زينهم.. جنازة مهيبة لسبعة من ضحايا لقمة العيش    مصرع فتاة إثر تناول قرص غلال سام بالمنيا    ضبط 286 قطعة سلاح أبيض خلال حملات أمنية خلال يوم    أبناؤنا أمانة.. أوقاف بورسعيد تطلق خارطة طريق لحماية النشء من (مسجد لطفي)| صور    محمد سلام في العرض الخاص لفيلم خريطة رأس السنة    تعرف على جوائز الدورة ال7 من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي للفيلم القصير    "بنتي بتقولي هو أنت كل سنة بتموت"، تصريحات قوية من عمرو زكي عن حالته الصحية    بالصور.. ختام الدورة السابعة لمهرجان القاهرة الدولي للفيلم القصير    تطورات الحالة الصحية لإدوارد بعد ظهوره على كرسي متحرك    أستاذ بالأزهر يوضح فضائل شهر رجب ومكانته في ميزان الشرع    الصحة توضح آليات التعامل مع المراكز الطبية الخاصة المخالفة    عصام الحضرى: مصر فى مجموعة صعبة.. والشناوى سيكون أساسيا أمام زيمبابوى    هاني البحيري: يد الله امتدت لتنقذ أمي من أزمتها الصحية    عمرو زكى: اتحاد الكرة مش بيحمى حسام حسن.. وأمى مقهورة بسببى    تامر النحاس: سعر حامد حمدان لن يقل عن 50 مليونا وصعب ديانج يروح بيراميدز    نجاح عملية معقدة لتشوه شديد بالعمود الفقرى بمستشفى جامعة كفر الشيخ    بدون تدخل جراحى.. استخراج 34 مسمارا من معدة مريضة بمستشفى كفر الشيخ العام    سلوكيات خاطئة تسبب الإصابة بالفشل الكلوي    بعد 18 عاماً من الإشارة إليها فى «أخبار الأدب» |قريبًا .. السيرة الشعبية المفقودة للحاكم بأمر الله متاحة للقراء    تكريم الزميل عبد الحميد جمعة خلال المؤتمر السادس لرابطة تجار السيارات 2025    الصحة: إغلاق 11 مركزًا للنساء والتوليد بسبب مخالفات تهدد سلامة الأمهات    الصحة توضح أسباب اعتداء الطلاب على زميلهم في أكتوبر    دعاء أول يوم في شهر رجب.. يزيد البركة والرزق    جامعة العاصمة تنظم معرضا متكاملا بالتعاون مع محافظة القاهرة    وزير الإسكان يتابع موقف مشروعات وحدات المبادرة الرئاسية" سكن لكل المصريين" بعددٍ من المدن الجديدة    تعليم الغربية: عقد لجنة القيادات لتدريب 1000 معلم لقيادة المدارس كمديرين    برلمانية المؤتمر: تعديلات قانون الكهرباء خطوة ضرورية لحماية المرفق    مواقيت الصلاه اليوم الأحد 21ديسمبر 2025 فى المنيا    انطلاق الإثارة في أمم إفريقيا 2025.. المغرب يواجه جزر القمر في افتتاح المجموعة الأولى    محافظ القاهرة جدول امتحانات الفصل الدراسي الأول للعام الدراسي    بعد رؤية هلال رجب.. ما هو موعد شهر شعبان ؟    الإفتاء: الدعاء في أول ليلة من رجب مستحب ومرجو القبول    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نظامى »مبارك« و»مرسى«
تشابهت الأقوال.. فهل تتشابه الثورة؟!

التغير سُنة كونية لا نستطيع إيقافها، فهى ماضية حتى وإن حاول البعض فرملتها أو الحد من سرعتها، وفى اللعبة السياسية بشكل عام يصبح هذا التغير ليس سُنة كونية فحسب، بل فرضا ومن المُسلمات المتفق عليها، فالسياسة بمفهومها الواسع لا تستبعد حدوث أى تغير أو تحول فى المواقف، طبقاً للمقتضيات الراهنة المحيطة بالمشهد وحول السياسيين، ولكن بعض هذه المواقف والتغيرات قد تبدو طريفة بالنسبة لأى متابع مهتم، خاصة إذا كان هذا التغير والتبدل والتحول يتبنى منهجا مناقضا تماماً.. بل سبق أن رفضه هذا التيار أو الشخص أو السياسى، الذى صار يتحدث ربما بمثل فكر ومنهج وأسلوب خصومه السابقين الذين وقف ضدهم بعنف، وتزداد الطرافة إذا وضعنا فى الإعتبار أن هذا المتحدث وتياره كان هو نفسه ضمن الصفوف الأولى بين معارضى هذا الفكر والمنهج بالتحديد، حتى أزاح منافسه عن المشهد، ووجدناه فجأة يتبنى كل أفكار هذا المنافس، وكأنه يؤكد لنا صدق أحد أهم المبادئ الميكافيلية »الغاية تبرر الوسيلة«..
وحتى أبتعد عن أى جدالات قد يخوضها هذا الطرف أو ذاك ليبرر موقفه من التحول، سأحاول وضع إجابة واحدة قد تناسب الجميع، وهى أن المرور بنفس التجربة قد يؤدى إلى نفس النتائج، لأغلق هذا الباب الذى لا يعنينى فى هذه السطور، فما يعنينى هنا هو مقارنة منهج نظامى حكم، مع ملامسة بعض التصريحات المشابهة لرموز نظامين.. المفترض أنهما مختلفان ومتعارضان ويحتل كل منهما طرفا متقابل من طرفى العصى، ما يثبت أن السياسة لا تعرف كلمة مستحيل، فكل شىء وارد، مستعيناً فى ذلك ببعض شهادات معاصرين للأحداث وغير مكتفٍ بمتابعتى ورأيى الخاص..
التحول
»رجال السلطة كان لديهم قناعة تصل إلى حد اليقين بأن الشعب المصرى الخانع بطبيعته لن يثور أبداً، كان يقال إن المصريين لا يفتحون أفواههم إلا أمام طبيب الأسنان، لأول مرة فى تاريخ البلاد يقوم الشعب بإسقاط فرعون«، كلمات نقلها الصحفى الفرنسى »روبير سوليه« عن حديث مع »شريف الشوباشى«، فى كتاب »سقوط الفرعون.. ثمانية عشر يوماً غيرت وجه مصر«، حيث كان الحديث عن رجال الرئيس السابق »محمد حسنى مبارك« وقناعاتهم، والحقيقة أن هذه القناعة لا تتوفر فى النظام الحالى، فغالبية رموز هذا النظام تعلم علم اليقين أن هذه المُسلمات البالية قد انتهت وذهبت بغير رجعة، وأن معادلات الواقع المصرى قد تغيرت، فهذا الشعب لم يعد ممكناً وصفه ب'الخنوع' بعد أو قبل الآن، وخاصة بعد أن تلاشت أمامه حواجز الخوف..
ثم أضاف الكاتب: »حاول حسنى مبارك أن يثنى المحتجين عن هدفهم بالقوة، أو أن يشكك فى نواياهم بالوسائل القديمة دون جدوى، كانت أخطاؤه المتتالية قاتلة وحتمية بالنسبة لمصيره....«، وهى الكلمات التى يمكن أن يقارنها البعض بما يحدث الآن على الساحة السياسية، فمحاولات إثناء المعارضين تبدو بأشكال متنوعة لم تتطور حتى الآن إلى استخدام العنف على الأقل من السلطة الحاكمة، ولكن التلويح باستخدام العنف من بعض التيارات المؤيدة للرئيس قائم، أما الرئيس نفسه فقد استخدم التشكيك فى النوايا بنفس الوسائل التى وصفها الكاتب ب»القديمة«، ثم إن مسلسل الأخطاء مايزال مستمراً، ما يصنع مقاربة بين نظامى حكم المفترض ألا يتقاربا أبداً..
أما عندما تحدث الكاتب عن الفائزين من يناير 2011 فقد وضع بينهم جماعة الإخوان المسلمون متحدثاً عن التحول وهو يقول: »من بين الفائزين أيضاً الإخوان المسلمون.. فالجماعة التى لم تنضم إلى الجماهير الثائرة فى بداية الأمر، مكتفية بمشاركة شبابها بشكل فردى، سرعان ما اختارت اللحظة المناسبة للحاق بالركب، ليس هذا فقط، بل استطاعت أن تزيد شيئاً فشيئاً من ثقل تواجدها فى قلب الثورة، لقد اقتنصت لنفسها الشرعية بعد ان كانت حتى الآن مقبولة فقط، أثناء استفتاء 19 من مارس بذلت الجماعة كل ما فى وسعها لتغليب نعم، ونجحت فى ذلك إلى حد بعيد، إذ تمت الموافقة على التعديلات الدستورية بنسبة 77.2٪ من الأصوات، أما أغلب المعارضين للنظام الذين دعوا لقول لا –قناعة منهم بضعف التعديلات- فقد اكتشفوا قوة الإخوان المسلمين، حتى لو كانت نتيجة الاستفتاء تعود بشكل كبير إلى الخوف من البطالة والرغبة فى العودة بأسرع وقت للحياة الطبيعية«.. وما يعنينا فى هذه الكلمات تذكير الكاتب لنا على التحول الذى حدث فى موقف الجماعة، من عدم المشاركة ثم المشاركة فالسعى إلى السيطرة وما تبع ذلك من استفادة تحققت، والأهم الحديث عن محاولة توظيف أحلام الناس، التى تعود إلى الخوف من البطالة والرغبة فى العودة بأسرع وقت للحياة الطبيعية، وتوظيف كل ذلك فى إطار السياسة ومكاسبها..
إذن فإن مواقف الجماعة ذاتها متغيرة حسب مقتضيات السياسة، ومن ثم فإن هذا الأمر ينطبق بالضرورة على تصريحات ومواقف رموزها أو المحسوبين عليها وعلى ساستها على مختلف المستويات، وهو ما يؤدى -كما ذكرنا- إلى مواقف وتصريحات مشابهة لما كان يطلق من نظام »مبارك«، حتى وإن بدا ذلك متناقضاً، ففى الوقت الذى يعلن فيه مسئولو النظام الحالى محاولة تحسين الأحوال المعيشية للمواطنين وزيادة فرص تشغيل الشباب والخريجين, تزداد الصورة قتامة، وفى الوقت الذى يعلن هؤلاء عن السير فى هذا الاتجاه وتحقيق نتائج ملموسة.. لا تتلمس الغالبية ذلك، وإذا قال البعض أنهم لا يستشعرون ذلك، نرى تصريحات تتشابه مع تلك التى سبق وأن أطلقها 'مبارك'، عندما أكد أن ما يقال عن عدم وصول عوائد النمو الكبيرة التى حققها الاقتصاد المصرى خلال الفترة الأخيرة إلى المواطنين كلهم هو أمر غير صحيح!!
تصريحات
دكتور »أحمد نظيف« ربما كان أول رئيس وزراء فى عهد »مبارك« يعترف بعدم أهمية دوره السياسى كرئيس للوزراء فى مصر، ولعل التصريح الذى أطلقه فى أواخر أيامه على رأس الوزارة كان يؤكد ذلك، عندما وصف نفسه بأنه مجرد منسق.. يعرض على الرئيس احتياجات الدولة، وينتظر توجيهاته ليعمل من خلالها، وإذا قارنا هذا التصريح مع مواقف رئيس الوزراء الحالى الدكتور »هشام قنديل« حتى ثلاثة أسابيع مضت ستعطى نفس المعنى الذى لم يعلن عنه، حتى خرج د.»هشام« مؤخراً فى محاولة صعبة لنفى هذا الأمر بالإدلاء بدلوه فى أمور عدة..
وهنا نعود ل»نظيف« مرة أخرى وتصريحه الأكثر صخباً، الذى قال فيه وبعد سنوات كثيرة فى تعامله مع الوزارة والعمل السياسى فى أكثر من موضع، إن الشعب المصرى غير مهيأ للديمقراطية، ويبدو أن هذا المعنى قد لفت نظر الدكتورة »باكينام الشرقاوى« مساعد د.»مرسى« للشئون السياسية، فوجدناها تتحدث حول حصول المصريين على »جرعة« ديمقراطية زائدة، ما يعنى أن هناك خطورة على متلقى هذه الجرعة غير المستعد أو غير المهيأ لها، فى تصريح يسير على نفس الطريق الذى سبقها إليه د.»نظيف«، ولكنها كانت الأسرع فى استنتاجه وفى أقل من عام فقط على توليها منصبها..
أما »صفوت الشريف« أمين عام الحزب الوطنى المُنحل ورئيس مجلس الشورى السابق، فيبدو صاحب التصريحات التى اتخذها عدد من المسئولين الحاليين كنموذج يحتذى به ويسيرون على نهجه، فهو صاحب مقولة: »قولوا لمن لم تصلهم بعد ثمار النمو والتنمية أنها فى الطريق«، بما يعنى إن شاء الله مسيرها توصل »يبقوا قابلونى«، ولذلك سنرى كل من يتحدث من رموز وشخوص النظام الحالى -وربما فى أى نظام قادم ما لم ينصلح حال الدولة- يتحدث عن كلمات لا يحدد لها زمن، مثلما يتحدث عن أشياء يصفها بالواقع بينما لا وجود لها، يتحدث حول معدلات تنمية وهمية، الوصول إلى طبقة من الشعب، يتحدث عن عدالة اجتماعية غائبة، يتحدث عن خبز و....و...، وهو ما ينسجم مع ما سبق وأعلنه أحد رموز الحزب الوطنى المنحل المهندس »أحمد عز«، عندما قال إن تكدس »الزبالة« فى الشارع دليل على رفاهية الشعب المصرى، متجاهلاً أن بعض أبناء هذا الشعب يأكلون من هذه الأكوام »الدالة على الرفاهية« التى تفضل المرفهون الآخرون بإلقائها للتخلص منها!!
ونعود ل»صفوت الشريف« مرة أخرى، فبينما كان نظام حزبه ينهار كان يقول نحن باقون شامخون من أجل هذا الوطن، وهو ما يمكن مقارنته بما يخرج الآن من تصريحات من رموز النظام الحالى، إما لإعلان قوة موقفهم وثباتهم وعدم تقديم أى تنازلات، أو لإظهار وكأنهم يحظون بتأييد كثرة تستطيع ان تسيطر وتفرض إرادتها، سواء بالطرق الديمقراطية أو بالعنف، وربما بأساليب تفوق أساليب النظام السابق الذى لم يسبق وأن أعلن مؤيده جهراً عن إمكانية استخدام هذا العنف حتى وإن خطط بعضهم لذلك..
ورغم ذلك اتهم مؤيدو الرئيس »مرسى« المعارضين بالتحريض على الشغب والعنف، ليعيد إلى الأذهان نفس الأسلوب الذى تعامل به نظام 'مبارك' قبل سقوطه مباشرة مع المعارضين، الذين يتمسكون الآن برحيل الرئيس بنفس قوة تمسك الاخوان بمطالبهم السابقة المتمثلة فى رحيل »مبارك«، وبشعارات مشابهة أيضاً استبدلت اسم »مبارك« باسم »مرسى«، وإذا كان مسئولو النظام الحالى بدءًا من الرئيس يحذرون من انهيار الشرعية ودخول البلاد فى نفق مظلم، فإن »مبارك« كان أول من صرح بهذا المعنى، ليتأكد بذلك تشابه الأقوال.. فهل تتشابه الثورة؟!
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.