نشرة «المصري اليوم» الصباحية.. الأرصاد تعلن موعد انكسار الموجة الحارة وأحمد مجاهد يرد على اتهامات كهربا ب«تزوير عقده»    ارتفاع جديد.. أسعار الفراخ والبيض في الشرقية اليوم الخميس 25 إبريل 2024    الشعب جاب آخره، المنوفية تنضم اليوم لحملة مقاطعة الأسماك بعد ارتفاع أسعارها    ب86 ألف جنيه.. أرخص 3 سيارات في مصر بعد انخفاض الأسعار    استشهاد فلسطيني برصاص قوات الاحتلال خلال اقتحام مدينة رام الله    رئيس موريتانيا يعلن ترشحه لولاية رئاسية ثانية    شرطة لوس أنجلوس تعتقل عددا من طلاب جامعة جنوب كاليفورنيا المؤيدين لفلسطين    كلوب يعتذر لجماهير ليفربول وهذا ما قاله عن فرص الفوز بالدوري الإنجليزي    ميدو يطالب بالتصدي لتزوير أعمار لاعبي قطاع الناشئين    حزب المصريين: البطولة العربية للفروسية تكشف حجم تطور المنظومة الرياضية العسكرية في عهد السيسي    المنيا.. السيطرة على حريق بمخزن أجهزة كهربائية بملوى دون خسائر في الأرواح    زوج بدرية طلبة لصدى البلد: ربيت بناتي على القديم..والفنانة: اديني في الشعبي    نقل الفنان الكويتي شعبان عباس إلى المستشفى بعد تعرضه لوعكة صحية مفاجئة (فيديو)    الفندق عاوز يقولكم حاجة.. أبرز لقطات الحلقة الثانية من مسلسل البيت بيتي الجزء الثاني    عن تشابه «العتاولة» و«بدون سابق إنذار».. منة تيسير: التناول والأحداث تختلف (فيديو)    الرشفة ب3500 ريال وتصنيفاته ما بتخيبش، قصة شاب سعودي في مهنة تذوق القهوة    إصابة 9 أشخاص في حريق منزل بأسيوط    أبو رجيلة: فوجئت بتكريم الأهلي.. ومتفائل بقدرة الزمالك على تخطي عقبة دريمز    الاحتفال بأعياد تحرير سيناء.. نهضة في قطاع التعليم بجنوب سيناء    لتفانيه في العمل.. تكريم مأمور مركز سمالوط بالمنيا    الحماية المدنية تسيطر على حريق بمخزن أجهزة كهربائية بالمنيا.. صور    يحيى السنوار يشغل المتظاهرين أمام منزل نتنياهو.. ماذا حدث؟    طلاب مدرسة أمريكية يتهمون الإدارة بفرض رقابة على الأنشطة المؤيدة للفلسطينيين    تعديل موعد مباراة الزمالك وشبيبة سكيكدة الجزائري في بطولة أفريقيا لكرة اليد    توقعات ميتا المخيبة للآمال تضغط على سعر أسهمها    مستشار الأمن القومي الأمريكي: روسيا تطور قمرا صناعيا يحمل جهازا نوويا    بعد الصعود للمحترفين.. شمس المنصورة تشرق من جديد    عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير.. أسعار الذهب اليوم الخميس 25 إبريل 2024 بالصاغة    صندوق التنمية الحضرية يعلن بيع 27 محلا تجاريا في مزاد علني    الليلة.. أدهم سليمان يُحيي حفل جديد بساقية الصاوي    هل يجوز قضاء صلاة الفجر مع الظهر؟.. «الإفتاء» تحسم الجدل    أحمد موسى: مطار العريش أصبح قبلة للعالم وجاهز لاستقبال جميع الوفود    حصول 5 وحدات طب أسرة جديدة على اعتماد «GAHAR» (تفاصيل)    رئيس قسم الطب النفسي بجامعة الأزهر: تخصصنا يحافظ على الشخص في وضعه الطبيعي    رئيس «الطب النفسي» بجامعة الإسكندرية: المريض يضع شروطا قبل بدء العلاج    بعد نوى البلح.. توجهات أمريكية لإنتاج القهوة من بذور الجوافة    محافظ شمال سيناء: منظومة الطرق في الشيخ زويد تشهد طفرة حقيقية    توجيهات الرئيس.. محافظ شمال سيناء: أولوية الإقامة في رفح الجديدة لأهالي المدينة    مش بيصرف عليه ورفض يعالجه.. محامي طليقة مطرب مهرجانات شهير يكشف مفاجأة    تيك توك تتعهد بالطعن في قانون أمريكي يُهدد بحظرها    كيف أعرف من يحسدني؟.. الحاسد له 3 علامات وعليه 5 عقوبات دنيوية    دعاء في جوف الليل: اللهم أخرجنا من الظلمات إلى النور واهدنا سواء السبيل    بعد اختناق أطفال بحمام السباحة.. التحفظ على 4 مسؤولين بنادي الترسانة    "مربوط بحبل في جنش المروحة".. عامل ينهي حياته في منطقة أوسيم    اسكواش - ثلاثي مصري جديد إلى نصف نهائي الجونة الدولية    محافظ شمال سيناء: الانتهاء من صرف التعويضات لأهالي الشيخ زويد بنسبة 85%    الهلال الأحمر: تم الحفاظ على الميزانية الخاصة للطائرات التى تقل المساعدات لغزة    «زى النهارده».. عيد تحرير سيناء 25 إبريل 1982    غادة البدوي: تحرير سيناء يمثل نموذجًا حقيقيًا للشجاعة والتضحية والتفاني في سبيل الوطن    ميدو: لاعبو الزمالك تسببوا في أزمة لمجلس الإدارة.. والجماهير لن ترحمهم    الزكاة على أموال وثائق التأمين.. الإفتاء توضح أحكامها ومتى تجب    تأجيل بيع محطتي سيمنز .. البنوك الألمانية" أو أزمة الغاز الطبيعي وراء وقف الصفقة ؟    من أرض الفيروز.. رسالة وزير العمل بمناسبة ذكرى تحرير سيناء    إصابة أم وأطفالها الثلاثة في انفجار أسطوانة غاز ب الدقهلية    فريد زهران: نسعى لوضع الكتاب المصري في مكانة أفضل بكثير |فيديو    حظك اليوم برج الميزان الخميس 25-4-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    صور.. الطرق الصوفية تحتفل برجبية السيد البدوي بطنطا    بالفيديو.. أمين الفتوى: موجات الحر من تنفيس نار جهنم على الدنيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



زايد.. والإخوان'4'
نشر في الأسبوع أونلاين يوم 21 - 05 - 2013

في الجزء الثالث, تم إستعراض تقسيم عام للمراحل التاريخية للتنظيم, منذ النشئة وحتي الإنكشاف..
وهنا نستكمل, تفاصيل مرحلة التأسيس وكيف إنتشر فكر وثقافة الإخوان عن طريق الإصدارات الثقافية بجمعية الإصلاح والتوجيه الإجتماعي، وذكرنا أن الإصدار بعنوان 'الأفاق الثقافية للإصلاح الإسلامي' وهو عبارة عن رسالة صادرة عن الجمعية بمناسبة معرضها الثالث للكتاب الإسلامي الذي إقيم بمركزها في دبي خلال شهر محرم 1403 ه.
ونتابع هنا ماجاء في – مدونة ضرار بالهول –
في هذه الحلقة كشف المزيد عما تضمنه كتيب 'الآفاق الثقافية للإصلاح الإسلامي' أحد مطبوعات جمعية الإصلاح من الترويج الصراح لمنهج الإخوان المسلمين ورموزهم ومؤلفاتهم والترويج للكتب الفكرية والثوريةولكن قبل هذا نقول:
ربما يتساءل أحد: إلي أي مدي يمثل ما تقول خطورة فعلية؟
هل من الممكن أن يكون الفكر الذي يحمله إنسان عنوان خطر وطريق شر؟
هل من الممكن أن يكون الإنسان الفلاني الذي يحمل فكرا معينا سببا للتعاسة؟
هل من الممكن أن يكون ما سطره فلان في كتاب أو منشور يمثل تهديدا حقيقيا؟
والجواب أيها القارئ الكريم:
أننا نتكلم عن شيء معين وهو الإنسان، وحينئذ ما هو الإنسان؟
أليس هو ذلك الكائن الذي توجِّهه الأفكار والقناعات لتبني المواقف والأحداث؟
أليست أوعية الأفكار والقناعات هو هذا الإنسان نفسه؟
أليست تلك الأفكار تسيل من الإنسان عبر ما يتكلم ويكتب ليتجلي المخبوء في الصدر علي مائدة النشر والاطلاع والمعاينة والتأثر والتأثير؟
وحينئذ أليس التفجير والتدمير والتقتيل وما جري ويجري علي هذه الأرض من هذه الفظائع هو من عمل الإنسان وكسبه؟
أليس من يعتقد أنه يجب أن يفجر الأبرياء ويقتل ويزهق الأرواح تحت شعارات دينية أو شيوعية أو ليبرالية أو غيرها هو قنبلة بشرية موقوتة تهدد الآمنين؟
إن الشاب الذي يفجر نفسه ويودي بأرواح الأبرياء ليس مخلوقا من عالم آخر له طبيعته المغايرة لبني الإنس، بل هو هذا المخلوق الإنسي الذي نعرفه ولكنه نتاج مزري للأفكار المتطرفة والأطروحات الإرهابية التي جعلت منه آلة تدمير وقنبلة موقوتة تنتظر لحظة الانفجار.
إن هذه الأفكار والأطروحات التي صنعت هذا المخلوق الإرهابي هي نفسها تلك الكلمات والعبارات المبثوثة علي لسان ما أو في كتاب ما.
وحينئذ أليست هذه الكلمات والعبارات تمثل خطرا حقيقيا وتهديدا فعليا؟!
أليست هذه الكلمات هي الوقود الذي ولَّد ذلك الانفجار؟!
أليس ذلك الانفجار كان نتيجة فكر بائس؟!
وحينئذ أليست هذه الكلمات المتطرفة وذلك الفكر المنحرف شوكا داميا يستدعي منا إماطته عن الطريق وتحذير المارة منه وبالخصوص عن طريق الشباب المفعم بالحماس والرغبة في الخير والهدي؟!
وإذا كانت إماطة الأذي المادي عن طريق المارة لئلا يتضرروا سببا للمثوبة والأجر والمغفرة من الله سبحانه وتعالي حتي قال نبينا صلي الله عليه وسلم: 'لقد رأيت رجلا يتقلب في الجنة في شجرة قطعها من ظهر طريق كانت تؤذي المسلمين'، فكيف بإماطة الأذي الفكري القاتل والمدمر الذي يفسد علي أبنائنا عقولهم ويهلك الأخضر واليابس؟!
إن من أسباب التساؤلات التي استفتحنا بها المقال هو اهتمام البعض بالأحداث نفسها ونتائجها وصداها، والانشغال بذلك عن أسبابها ودوافعها وخوافيها، فمن السهل أن يتابع أحد حدثا ما، ولكن قد يخفي عليه أو يجد صعوبة في التعمق في أسبابها وجذورها وما وراء الحدث من حقائق ودوافع، ولا يعني ذلك الانشغال بهذا أو ذاك، ولكن أن نعرف ما يهمنا بالتحديد علي وجهه الصحيح، وأن نعرف أسباب المشكلات ليكون الحل حلا جذريا فاعلا يقتلع المرض من أساسه وحلا استباقيا وقائيا يواكب القاعدة المعروفة: الوقاية خير من العلاج.
وبعد هذه المقدمة نقول:
من الكتب التي روجت لها جمعية الإصلاح وأشادت به غاية الإشادة كتاب 'في ظلال القرآن' لسيد قطب، وهو الكتاب الذي اقتبس منه سيد بعد ذلك كتابه 'معالم في الطريق'، وقد اعترف غير واحد من رموز الإخوان المسلمين أنفسهم بما تضمنه كتاب 'الظلال' و'المعالم' وغيرها من كتبه من الدعوة الصريحة إلي تكفير المجتمعات المسلمة والحكم عليها بالارتداد.
يقول يوسف القرضاوي في برنامج 'فقه الحياة': 'الكتاب ينضح بفكرة تكفير المجتمع، وأنا آسف أن أقول هذا لولا أن الأمانة اقتضتني أن أقوله'.
المذيع: أليس كل التفاسير لها وعليها؟
القرضاوي: 'نعم هناك أخطاء جزئية لكل مفسر، ولكن الخطأ في الظلال هو في الاتجاه حيث إنه محمَّل بفكرة كلية حول المسلمين الحاليين وأنهم كفار لا مسلمين'.
ويقول القرضاوي أيضا في كتابه 'أولويات الحركة الإسلامية': 'في هذه المرحلة ظهرت كتب الشهيد سيد قطب التي تمثل المرحلة الأخيرة من تفكيره، والتي تنضح بتكفير المجتمع، وتأجيل الدعوة إلي النظام الإسلامي، والسخرية بفكرة تجديد الفقه وتطويره وإحياء الاجتهاد، وتدعو إلي العزلة الشعورية عن المجتمع وقطع العلاقة مع الآخرين، وإعلان الجهاد الهجومي علي الناس كافة، والاستخفاف بدعاة التسامح والمرونة ورميهم بالسذاجة والهزيمة النفسية أمام الحضارة الغربية، ويتجلي ذلك أوضح ما يكون في تفسير 'في ظلال القرآن' في طبعته الثانية، وفي 'معالم في الطريق' ومعظمه مقتبس من 'الظلال'، وفي 'الإسلام ومشكلات الحضارة' وغيرها'.
ويقول فريد عبد الخالق عضو الهيئة التأسيسية لجماعة الإخوان المسلمين في كتابه 'الإخوان المسلمون في ميزان الحق': 'ألمعنا فيما سبق إلي أن نشأة فكر التكفير بدأت بين شباب بعض الإخوان في سجن القناطر في أواخر الخمسينات وأوائل الستينات، وأنهم تأثروا بفكر الشهيد سيد قطب وكتاباته، وأخذوا منها أن المجتمع في جاهلية، وأنه قد كفر حكامه الذين تنكروا لحاكمية الله بعدم الحكم بما أنزل الله، ومحكوميه إذا رضوا بذلك'.
إلي أن يقول: 'إن أصحاب هذا الفكر وإن تعددت جماعاتهم يعتقدون بكفر المجتمعات الإسلامية القائمة وجاهليتها جاهلية الكفار قبل أن يدخلوا في الإسلام في عهد الرسول صلي الله عليه وسلم، ورتبوا الأحكام الشرعية بالنسبة لهم علي هذا الأساس' إلخ.
بل ها هو عمر التلمساني نفسه المرشد الثالث للإخوان المسلمين يُسأل: إلي أي حد يمكن اعتبار كتاب 'معالم علي الطريق' مسئولا عن هذا الفكر عن تكفير المجتمع وتحبيذ العنف؟
التلمساني: 'الحق إذا قرأت كتاب 'معالم علي الطريق' تري أن سيد قطب كان قاسيا في التعرض للأحداث التي حدثت في مصر في تلك الفترة، لعل بعض الشباب أخذ منها فكرة أن القوة لابد وأن تنتهي به إلي أن يكون عنيفا، يمكن هم أخذوا هذا'. ومع هذا يكمل التلمساني كلامه قائلا: 'ولكنا مع ذلك عندما نقرأ تفسير سيد قطب لبعض الآيات التي تتعرض لمن لا يحكم بما أنزل الله لا نجد معني للتكفير'.
وهذه الحجة في الحقيقة لا وزن لها في ميزان العقل والمنطق، فإن كون سيد قطب لم يتعرض للمسألة في بعض المواضع من تفسيره – علي فرض التسليم بذلك – فإنه لا ينفي ما هو ثابت عليه من الترويج لها في مواضع أخري من تفسيره وفي مؤلفاته الأخري!.
ولكن لأن سيد قطب أحد رموز الإخوان وأقطابهم ومنظريهم فإن الاتجاه العام للإخوان المسلمين هو الإشادة به وبمؤلفاته واعتباره رمزا ساطعا من رموزهم وفارسا عظيما من فرسانهم، حتي انبري محمد بديع نفسه المرشد الحالي للإخوان المسلمين وآخرون معه وتولوا الإشادة بسيد قطب وبمؤلفاته في بعض البرامج واللقاءات والاستماتة في إطرائه.
وقد كان لكتابات سيد قطب وبالخصوص كتاب 'الظلال' و'المعالم' وكتبه الأخري أكبر الأثر في بروز الجماعات الإرهابية المتطرفة في هذا العصر، ونذكر علي ذلك في هذه العجالة مثالين فقط:
المثال الأول: يقول شكري مصطفي الذي تم إعدامه عام 1978م علي خلفية زعامته وإدارته لجماعة 'التكفير والهجرة' الجماعة الإرهابية التي لم تتورع حتي عن اغتيال الدكتور حسين الذهبي وزير الأوقاف المصري في وقته: 'لقد انتشرت نزعات الكفر في مجتمعات المسلمين، وسرت تمور في جسد الأمة كالسم الزعاف لدرجة فاقت جاهلية ما قبل الإسلام، عندئذ رجعنا إلي أفكار الشهيد سيد قطب، وهو الذي طرق باب أزمة العقيدة في كتابه 'في ظلال القرآن' حيث دق ناقوس الخطر محذرا من جاهلية القرن العشرين'.
المثال الثاني: يقول أبو مصعب السوري الذي عمل في التدريب العسكري في معسكرات تنظيم القاعدة: 'لقد توصل نفر من المفكرين والدعاة الأوائل مطلع الستينيات إلي أن مشاكل الأمة قائمة تطول: أولها حكم الكفر وولاء الأعداء' إلي أن يقول: 'فبدأت تتكون بوادر الفكر الجهادي حيث طُرح فكر الحاكمية والولاء والبراء والتمايز والمفاصلة، وكان رائد هذه الصحوة بلا منازع الأستاذ المعلم سيد قطب رحمه الله '.
وليست هذه الثمرات المرَّة التي ولَّدت هذه الكيانات المتطرفة جاءت من فراغ، بل كانت نتائج عملية للفكر التكفيري والحركي والثوري الذي ملأ سيد قطب مؤلفاته به.
فها هو سيد قطب يقول في 'ظلال القرآن': 'إنه ليس علي وجه الأرض اليوم دولة مسلمة ولا مجتمع مسلم قاعدة التعامل فيه هي شريعة الله والفقه الإسلامي'.
ويقول أيضا: 'نحن اليوم لسنا أمام دولة مسلمة وإمامة مسلمة وأمة مسلمة ... لقد استدار الزمان كهيئته يوم جاء هذا الدين إلي البشرية أول مرة ورجع الناس إلي الجاهلية التي كانوا عليها فأشركوا مع الله أربابا أخري تصرف حياتهم بشرائعها البشرية ولقد عاد هذا الدين أدراجه ليدعو الناس من جديد إلي الدخول فيه إلي شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله '.
ويقول: 'لقد استدار الزمان كهيئته يوم جاء هذا الدين إلي البشرية بلا إله إلا الله فقد ارتدت البشرية إلي عبادة العباد وإلي جور الأديان ونكصت عن لا إله إلا الله وإن ظل فريق منها يردد علي المآذن: لا إله إلا الله دون أن يدرك مدلولها ... عادت البشرية إلي الجاهلية، وارتدت عن لا إله إلا الله فأعطت للعباد خصائص الألوهية ولم تعد توحد الله وتخلص له الولاء، البشرية بجملتها، بما فيها أولئك الذين يرددون علي المآذن في مشارق الأرض ومغاربها كلمات: لا إله إلا الله بلا مدلول ولا واقع، وهؤلاء أثقل إثما وأشد عذابا يوم القيامة، لأنهم ارتدوا إلي عبادة العباد من بعدما تبين لهم الهدي ومن بعد أن كانوا في دين الله.
ويقول في كتابه 'العدالة الاجتماعية': 'لا إسلام ولا إيمان بغير الإقرار بالحاكمية لله وحده ... وحين نستعرض وجه الأرض كله اليوم علي ضوء هذا التقرير الإلهي لمفهوم الدين والإسلام لا نري لهذا الدين وجودا، إن هذا الوجود قد توقف منذ أن تخلت آخر مجموعة من المسلمين عن إفراد الله سبحانه بالحاكمية في حياة البشر وذلك يوم تخلت عن الحكم بشريعته وحدها في كل شؤون الحياة، ويجب أن نقرر هذه الحقيقة الأليمة وأن نجهر بها وألا نخشي خيبة الأمل التي تحدثها في قلوب الكثيرين الذين يحبون أن يكونوا مسلمين، فهؤلاء من حقهم أن يستيقنوا: كيف يكونون مسلمين.
ويقول في كتابه 'معالم في الطريق': 'ولكن ما هو المجتمع الجاهلي؟ وما هو منهج الإسلام في مواجهته؟ إن المجتمع الجاهلي هو كل مجتمع غير المجتمع المسلم، وإذا أردنا التحديد الموضوعي قلنا: إنه هو كل مجتمع لا يخلص عبوديته لله وحده متمثلة هذه العبودية في التصور الاعتقادي وفي الشعائر التعبدية وفي الشرائع القانونية، وبهذا التعريف الموضوعي تدخل في إطار المجتمع الجاهلي جميع المجتمعات القائمة اليوم في الأرض فعلا !!.
يقول مستعرضا هذه المجتمعات: 'تدخل فيه المجتمعات الشيوعية.. وتدخل فيه المجتمعات الوثنية.. وتدخل فيه المجتمعات اليهودية والنصرانية في أرجاء الأرض جميعا ... وأخيرا يدخل في إطار المجتمع الجاهلي تلك المجتمعات التي تزعم لنفسها أنها مسلمة'.
ثم يقول: 'وإذا تعين هذا فإن موقف الإسلام من هذه المجتمعات الجاهلية كلها يتحدد في عبارة واحدة: إنه يرفض الاعتراف بإسلامية هذه المجتمعات كلها وشرعيتها في اعتباره'.
كما ملأ سيد قطب كتبه بالدعوة إلي التنظيمات الحركية وفرضها علي كل مسلم ومسلمة، وتخيير المسلم بين أن ينضم إلي هذه التنظيمات الحركية أو أن يكون خادما للجاهلية، وانحرف بالدعوة إلي الله تعالي إلي هذا المنحي الخطير فأوجب علي كل داعية الانخراط في تنظيم خاص يخلص لقيادته بالولاء والطاعة ويسعي به لإزاحة الحكام عن مراكز القيادة والسلطان.
يقول سيد قطب: 'أصحاب الدعوة إلي الله لا بد لهم من التميز، لا بد لهم أن يعلنوا أنهم أمة وحدهم، يفترقون عمن لا يعتقد عقيدتهم، ولا يسلك مسلكهم، ولا يدين لقيادتهم، ويتميزون ولا يختلطون، ولا يكفي أن يدعوا أصحاب هذا الدين إلي دينهم، وهم متميعون في المجتمع الجاهلي، فهذه الدعوة لا تؤدي شيئا ذا قيمة، إنه لا بد لهم منذ اليوم الأول أن يعلنوا أنهم شيء آخر غير الجاهلية، وأن يتميزوا بتجمع خاص آصرته العقيدة المتميزة وعنوانه القيادة الإسلامية' إلي أن يقول: 'وجاهلية القرن العشرين لا تختلف في مقوماتها الأصلية وفي ملامحها المميزة عن كل جاهلية أخري واجهتها الدعوة الإسلامية علي مدار التاريخ'!
ويقول أيضا: 'إن تميز المسلم بعقيدته في المجتمع الجاهلي لا بد ان يتبعه حتما تميزه بتجمعه الإسلامي وقيادته وولائه، وليس في ذلك اختيار، إنما هي حتمية من حتميات التركيب العضوي للمجتمعات، هذا التركيب الذي يجعل التجمع الجاهلي حساسا بالنسبة لدعوة الإسلام القائمة علي قاعدة عبودية الناس لله وحده وتنحية الأرباب الزائفة عن مراكز القيادة والسلطان، كما يجعل كل عضو مسلم يتميع في الجاهلية خادماً للتجمع الجاهلي لا خادماً لإسلامه كما يظن الأغرار'.
إلي آخر ما تضمنته مؤلفات سيد قطب من المصائب والبلايا التي زرعت في المجتمعات الإسلامية التنظيمات الحركية الحزبية والجماعات الإرهابية المتطرفة والأفكار السوداء.
يقول القرضاوي: 'الأمر ليس تحشية في موضع أو موضعين أو عشرة أو عشرتين أو مئات المواضع، هذا فكر يسري في كتبه مسري العصارة في الأغصان ومسري الدم في الجسم، الأمة الإسلامية عند سيد قطب انقطعت من الوجود، وهو له رأيه المتطرف في مسألة بني أمية وعثمان وغيره، ورد عليه الأستاذ محمود شاكر من قديم في مسألة الصحابة, ورأيه في المجتمع الإسلامي علي طول التاريخ ورأيه في المجتمع الحالي, وأنه لا يوجد علي وجه الأرض مجتمع مسلم قط في أي بلد من البلاد حتي المجتمع الذي يعلن ارتباطه بالإسلام'.
هذا القرضاوي نفسه أحد رموز الإخوان المسلمين يعترف بهذا ويدعي مخالفته لسيد قطب في مسألة الصحابة والتكفير العام مع أنه وافقه في كثير من البلايا وشاركه في الاستعداء علي الحكومات والتحريش بين المسلمين.
ومع هذا كله نجد جمعية الإصلاح تروج لمؤلفات يسد قطب بصورة صارخة وبالخصوص تفسيره المذكور فتقول في كتيب 'الآفاق الثقافية للإصلاح الإسلامي' ص12 و13: 'ثم يكون الحرص علي اقتناء 'في ظلال القرآن' لسيد قطب رحمه الله، وهو مدونة موسوعية غزيرة النفع! وفيه الجوانب التفسيرية لمن أرادها، من غير استطراد تفصيلي، ولكن أهميته تكمن في الحقيقة في استنباطه لموازين فقه الدعوة وقواعد الفكر الإسلامي من الآيات نفسها! وقد أجاد وصف الطبيعة الحركية التربوية لسيرة النبي صلي الله عليه وسلم مع أصحابه وجنده رضوان الله عليهم من خلال آيات الغزوات خاصة، مع نقد لواقع الأمة الإسلامية رسم من خلاله أبعاد العمل الاستدراكي الواجب علي ضوء التاريخ القريب، كل ذلك بعبارة رصينة وأسلوب أدبي رفيع يشد القارئ ويحلق به عاليا'.
هكذا وبمثل هذا الإطراء البالغ روجت جمعية الإصلاح لهذا الكتاب الذي يمثل أحد مرتكزات الأفكار المتطرفة في هذا العصر والذي كان سببا لزج كثير من الشباب في المتاهات السوداء والعمليات الإرهابية.
لقد أشادت جمعية الإصلاح بما تضمنه تفسير سيد قطب من الطبيعة الحركية التي دعا إليها، والتي لم تكن في الحقيقة إلا دعوة صارخة إلي التنظيمات الحركية الحزبية التي تخلص لقياداتها بالولاء والطاعة وتنزع الولاء من جميع القيادات المسلمة القائمة علي وجه الأرض.
أشادت جمعية الإصلاح بما تضمنه تفسير سيد قطب من نقد لواقع الأمة الإسلامية والذي لم يكن سوي التكفير الصراح للأمة الإسلامية جمعاء دولا ومجتمعات!
أشادت جمعية الإصلاح بما تضمنه تفسير سيد قطب من الفقه المزعوم للدعوة وقواعد الفكر الإسلامي والذي لم يكن سوي الدعوة الصريحة إلي مجابهة الحكام وإيجاب الانخراط في التنظيمات الحركية من أجل أزاحتهم عن مراكز القرار والسلطة!
وختمت الجمعية إطراءها وإشادتها بقولها: 'كل ذلك بعبارة رصينة وأسلوب أدبي رفيع يشد القارئ ويحلق به عاليا'!!
ونحن نقول: نعم يحلق بالقارئ عاليا ولكن إلي أين؟!
إلي تكفير المسلمين حكومات ومجتمعات؟!
إلي اعتزال المجتمعات المسلمة وقطع العلاقة مع أفرادها؟!
إلي نزع الولاء من ولاة الأمور ومن كل قيادة مسلمة قائمة علي وجه الأرض؟!
إلي الانخراط في التنظيمات الحركية الحزبية وإفرادها بالولاء والطاعة؟!
إلي مجابهة الحكام والسعي لإزاحتهم عن مراكز السلطة والقرار؟!
أهذه هي مقومات الدعوة والإصلاح وقواعد الفكر الإسلامي في نظر جمعية الإصلاح؟!!
وقد سبق في الحلقة الماضية مدي غلو هذه الجمعية في سيد قطب حتي وصفوه في الكتيب المذكور بسيد الفكر الإسلامي في هذا العصر علي الإطلاق!
وقد انعكس هذا كله وبصورة جلية علي خطابات التنظيم الإخواني الإماراتي ومواقفه في اعتداءاته الأخيرة، حيث قاموا من دون ورع بتنزيل الآيات التي تناولت الكفار ومصائرهم علي المسلمين وبالخصوص علي قيادة الدولة ومسؤوليها ورجال أمنها، وشبهوهم بفرعون وقارون وهامان، وشبهوهم بأصحاب الأخدود الذين أحرقوا المؤمنون اعتراضا علي إيمانهم بالله، بل صرحوا بأن ما يجري معهم هو مثل ما جري مع هؤلاء المؤمنين وأن الأمر كله بسبب إيمانهم بالله تعالي! إلي آخر تلك الخطابات التكفيرية التي لم يتورع هؤلاء عن ترويجها والتكريس لها.
وهذا ما يذكرنا بقول الصحابي الجليل عبد الله بن عمر رضي الله عنهما في كلامه عن الخوارج الأوائل الذين استحلوا دماء المسلمين وكفروهم حيث قال عنهم: انطلقوا إلي آيات نزلت في الكفار فجعلوها علي المؤمنين'.'
وتستطرد المدونة = كيف أن جمعية الإصلاح قامت بالدعاية والترويج للمؤلفات الإخوانية في كتيب 'الآفاق الثقافية للإصلاح الإسلامي' إحدي مطبوعاتها والتي منها إضافة إلي ما سبق: مؤلفات محمد قطب وسعيد حوي ويوسف القرضاوي وحسن الترابي ومحمد أحمد الراشد وغيرهم.
لقد حاول التنظيم الإخواني الإماراتي جاهدًا غسل أدمغة الشباب وحشوها بالفكر الإخواني من خلال ربطهم برؤوس التنظيم ومؤسسيه ومؤلفاتهم وبالخصوص مؤلفات حسن البنا وسيد قطب وإقامة معارض للكتاب وإصدار مطبوعات من أجل تسريع عجلة الغزو الفكري الإخواني للمجتمع.
وماذا عسي أن يثمر التنظيم الإخواني في أي مكان كان إلا عن تمجيد لفكر الإخوان وإضفاء هالات التقديس والمديح والإطراء علي مؤسِّسيه ومنظِّريه وزجِّ الشباب في أتون أفكارهم؟!
بل ويصل الأمر في التضليل إلي محاولة إيهام العقول بأن الإخوان المسلمين هم جند الله في الأرض والصفوة المختارة للبعث والإنقاذ!
يقول حسن البنا: 'دعوتنا دعوة البعث والإنقاذ'!
ويقول: 'نحن أيها الناس ولا فخر أصحاب رسول الله، وحملة رايته من بعده، ورافعو لوائه كما رفعوه، وناشرو لوائه كما نشروه، وحافظو قرآنه كما حفظوه، والمبشرون بدعوته كما بشروا، ورحمة الله للعالمين'!
ويقول مخاطبا أتباعه: 'يا أيها الممثلون الحقيقيون لخير أمة أخرجت للناس'!
ويقول لهم أيضا: 'اذكروا جيدا أيها الإخوة: أنكم الغرباء الذين يصلحون عند فساد الناس، وأنكم العقل الجديد الذي يريد الله أن يفرق به بين الحق والباطل في وقت التبس عليها فيه الحق بالباطل، وأنكم دعاة الإسلام، وحملة القرآن، وصلة الأرض بالسماء وورثة محمد صلي الله عليه وسلم، وخلفاء صحابته من بعده، فضلت دعوتكم الدعوات، وسمت غايتكم علي الغايات، واستندتم إلي ركن شديد، واستمسكتم بعروة وثقي لا انفصام له، وأخذتم بنور مبين وقد التبست علي الناس المسالك وضلوا سواء السبيل'!!
هكذا يري حسن البنا تنظيمه!
ونتيجة لهذه النظرة الاستعلائية العجيبة والنرجسية الفكرية يري حسن البنا أن معيار الولاء والبراء وميزان الحب والكره هو التنظيم الإخواني ومصالحه.
يقول حسن البنا: 'هناك قاعدة عامة تجب مراعاتها، هي أننا أصحاب دعوة نوجهها للناس جميعا، فمنزلتنا من الناس منزلة الداعية من المدعويين، ومنزلة الناس منا منزلة المدعويين من الداعي، ذلك يشملهم جميعا أفرادا وجماعات وهيئات، ونحن نعتقد أن الجهر بهذه الدعوة وتوجيهها للناس فريضة علينا، وأن حمايتها والذود عنها فريضة كذلك، فالبدهي أن موقفنا العام من كل الناس هيئات وأفرادا أن نوالي ونحب من والاها وأحبها وساعدها، وأن نكره ونعادي من ناوأها ووقف في طريقها'!
إلي آخر تلك العبارات الغارقة في النرجسية والاستعلاء والحزبية.
وسنسلِّط الضوء في هذا المقال علي حقيقة العلاقة بين التنظيم الإخواني الإماراتي والإخوان عموما وبين طلب الحكم والاستيلاء علي الأنظمة في أقطار العالم الإسلامي، مستعرضين بعض أقوال مرشدي التنظيم أنفسهم في هذا الصدد قبل أن نستعرض بعد ذلك ما جاء في بعض مطبوعات جمعية الإصلاح، وذلك بالجواب علي الأسئلة الآتية:
ما الهدف الأساس من إنشاء حسن البنا لتنظيم الإخوان المسلمين؟
وماذا يمثل طلب الحكم والسلطة في أجندات التنظيم الإخواني وأدبياته؟
وهل هو هدف ثانوي أم أنه غاية الغايات وأمُّ المقاصد وأمنية الأماني؟
وهل يقتصر الأمر فيه علي قُطر من الأقطار أم أنه هدف أخطبوطي يستهدف كافة الأنظمة في بلدان المسلمين؟
وما هو طبيعة الخطاب الموجه من قبل التنظيم الإخواني إلي المسلمين عموما بخصوص هذا الهدف؟
وما موقف التنظيم من المسلمين الذين لا يرتضون هذه الأجندات الإخوانية؟
وحينئذ نقول:
1 - إن الهدف الأساس من إنشاء حسن البنا لتنظيم الإخوان المسلمين يتمثل في أمر رئيسي واحد وهو الوصول إلي السلطة من أجل إقامة دولة عالمية وخلافة إخوانية.
يقول حسن البنا: 'الإخوان المسلمون يجعلون فكرة الخلافة والعمل لإعادتها في رأس منهاجهم'.
ويقول عمر التلمساني المرشد الثالث للإخوان: 'إن إقامة الحكومة الإسلامية هي مناط الرجاء في دعوة الإخوان المسلمين وهي أمنية أمانيهم'.
ويقول مصطفي مشهور المرشد الخامس: 'الهدف الذي أقام الإمام الشهيد جماعة الإخوان من أجل تحقيقه هو إقامة دولة الإسلام العالمية وعلي رأسها الخلافة الإسلامية'.
ويقول أيضا: 'هدف الإخوان إقامة دولة الإسلام العالمية وإعادة الخلافة'.
نقول:
هذه نصوص واضحة صريحة من كلام مرشدي التنظيم الإخواني الذين يمثلون أعلي رأس في التنظيم تبين لنا بكل جلاء ووضوح أن الهدف الأساس من وجود تنظيم الإخوان المسلمين هو الاستحواذ علي زمام الحكم في بلدان المسلمين والاستيلاء علي السلطة فيها.
فماذا بقي بعد هذا ليوقن المغرَّر به أن غاية التنظيم الإخواني وهدفه هو هذا الذي اعترف به مرشدو التنظيم أنفسهم؟!
2 - بناء علي ما سبق فإننا نجد أن الجماعة الإسلامية القدوة في نظر التنظيم هي التي قامت علي هذا الأساس لا غير وهو أن يكون الهدف الكلي الجامع الذي قامت من أجله هو استهداف السلطة والحكم.
يقول مصطفي مشهور: 'من الأمور الأساسية التي يلزم توفرها في الجماعة الإسلامية القدوة أن يكون الهدف الذي قامت من أجله هو ذلك الهدف الكلي الجامع وهو التمكين لدين الله في الأرض بإقامة دولة الإسلام العالمية، وأن يكون في منهاجها القيام بسائر ما يحتاج إليه ذلك الهدف من خطوات وإعداد'.
بل نراه يقول بكل وضوح رافضا كل جماعة لا تتبني هذا الهدف: 'أي جماعة تحصر نفسها في بعض جوانب الإسلام أو حتي كل متطلبات الإسلام متجنبة هذا الهدف وهو: إقامة الدولة الإسلامية والخلافة الإسلامية، مثل هذه الجماعة لا تكون جديرة بالعمل معها، إذ يظل التقصير في أداء الواجب قائما وإثم التقصير قائما أيضا'!
3 - لذلك نجد أن الإخوان يعتبرون الوصول إلي السلطة من أجل إقامة دولتهم العالمية هو الواجب الأهم علي كل مسلم ومسلمة والهدف الكلي الأكبر المطلوب من كل فرد وجماعة والمقصد الأساس من أي اجتماع أو تضافر جهود.
يقول مصطفي مشهور: 'وفَّق الله الإمام حسن البنا في وضع الأسس والمقومات التي يقوم عليها العمل الإسلامي لتحقيق أهم هدف يجب علي المسلمين جميعًا تحقيقه وهو التمكين لدين الله في الأرض وإقامة دولة الإسلام العالمية وعلي رأسها الخلافة الإسلامية'.
ويقول: 'الهدف الكلي الأكبر الذي تمليه طبيعة المرحلة ويوجبه الإسلام هو إقامة الدولة الإسلامية وعلي رأسها الخلافة الإسلامية'.
ويقول: 'ندعو العاملين الصادقين الي تفهم طبيعة المرحلة التي تمر بها الدعوة الإسلامية في عصرنا هذا وما توجبه هذه المرحلة علي المسلمين من واجبات أولها وأهمها تحقيق الهدف الكلي وهو إقامة دولة الإسلام وخلافته وتكريس الجهود لتحقيقه'.
ويقول: 'الهدف الأولي بالاجتماع عليه وتضافر الجهود لتحقيقه والذي تمليه علي المسلمين طبيعة المرحلة التي تمر بها الدعوة الإسلامية في عصرنا هذا هو إقامة الدولة الإسلامية العالمية وعلي رأسها الخلافة الإسلامية'.
4 - بناء علي الفكر الإخواني المذكور لم يقتصر التنظيم في خطة الاستيلاء علي الأنظمة علي نطاق جغرافي محدود وإنما تجاوز كل الحدود الجغرافية مستهدفا كافة الأنظمة في بلدان المسلمين.
يقول مصطفي مشهور: 'إن الهدف عالمي وليس إقليميا، وهو إقامة دولة الإسلام العالمية لا مجرد إقامة حكومة إسلامية في قُطر ما منعزلة عن سائر أقطار العالم الإسلامي'.
ويقول أيضا: 'إن الذي ينشده الإخوان ليس دويلة إسلامية في قُطر إسلامي فحسب، ولكنهم ينشدون دولة إسلامية عالمية تغطي الساحة الإسلامية'.
5 - يري الإخوان المسلمون تحقيقا لخطتهم في الاستيلاء علي الأنظمة وجوب الانخراط في التنظيمات الحركية والإخلاص لها بالطاعة الولاء.
يقول مصطفي مشهور: 'لما كان هذا الواجب الأساسي والمهم هو إقامة الدولة الإسلامية لا يتم بشكل فردي بل بالعمل الجماعي المنظم والمخطط له، علمنا أن الجماعة والعمل الجماعي واجب علي كل مسلم ومسلمة تحقيقه، ولا يجزئ العمل الفردي المبعثر غير المنظم عن ذلك، لأن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب'!
6 - حيث إنَّ الفكر الإخواني يعتبر أن الهدف الأكبر هو إقامة الدولة المزعومة وجَّه التنظيم خطابا تحريضيا إلي جميع المسلمين في أقطار الأرض يأمرهم فيه بتنفيذ الأجندات السياسية للإخوان وتسهيل وصولهم إلي السلطة، معتبرا تنفيذ هذا الأمر فريضة محتمة علي كل مسلم ومسلمة، وأن أي تقصير فيه سبب للتأثيم والتجريم ودليل علي ضعف الانتماء إلي الإسلام.
يقول مصطفي مشهور: 'نحن نطالب كل مسلم عامة وكل شاب خاصة أن يتعرف علي معني انتمائه للإسلام وأن يعلم تماما ما يمليه عليه إسلامه من ضرورة العمل لتحقيق هذا الواجب الذي تمليه عليه طبيعة المرحلة وهو إقامة الدولة والخلافة'.
ويقول أيضا: 'هكذا وبهذا الاختصار الشديد نري أنه لزاما علي كل مسلم ومسلمة في هذه الفترة من عمر الدعوة أن يعملوا لإقامة دولة الإسلام وأن يسلكوا طريق الدعوة الذي نسلكه لتحقيق هذا الواجب'!
ويقول: 'يجب توضيح أن مسئولية إقامة الدولة الإسلامية ليست قاصرة علي الحكام أو العلماء ولكنها مسئولية كل مسلم ومسلمة موجودين في هذه الفترة من عمر الدعوة الإسلامية وأن المسلمين جميعا آثمون إن لم يعملوا علي إقامة الدولة الاسلامية'.
ويقول: 'إن مسئولية إقامة الدولة الإسلامية هي مسئولية كل مسلم ومسلمة، وليست مسئولية الحكام والعلماء دون غيرهم، إذ الواجب علي كل مسلم ومسلمة أن يكون لهم دور في أداء هذا الواجب الإسلامي الذي تفرضه طبيعة المرحلة التي نعيشها من عمر الدعوة الإسلامية بعد سقوط الدولة والخلافة، والذين يقصرون عملهم علي العلم والعبادة والذكر وعمل الخير دون العمل علي أداء هذا الواجب آثمون مقصرون'!
ولذلك نجد حسن البنا نفسه يقول: 'هذا الإسلام الذي يؤمن به الإخوان المسلمون يجعل الحكومة ركنا من أركانه ... قد يكون مفهوما أن يقنع المصلحون الإسلاميون برتبة الوعظ والإرشاد إذا وجدوا من أهل التنفيذ إصغاء لأوامر الله وتنفيذا لأحكامه وإيصالا لآياته ولأحاديث نبيه, وأما الحال كما نري: التشريع الإسلامي في واد والتشريع الفعلي في واد آخر فإن قعود المصلحين الإسلاميين عن المطالبة بالحكم جريمة إسلامية لا يكفرها إلا النهوض واستخلاص قوة التنفيذ من أيدي الذين لا يدينون بأحكام الإسلام الحنيف'.
إلي أن يقول: 'إن لم يجد الإخوان المسلمون الحكم بمنهاج إسلامي قرآني فالحكم من منهاجهم وسيعملون لاستخلاصه من أيدي كل حكومة لا تنفذ أوامر الله'!
وهذا كلام واضح صريح من حسن البنا يتضمن الآتي:
أ- عدم اعتراف بالحكومات الإسلامية القائمة.
ب- أن المطالبة بالحكم في ظل هذه الحكومات فريضة واجبة.
ج- أن القناعة برتبة الوعظ والإرشاد لا تنفع.
د- أن القعود عن المطالبة بالحكم جريمة لا يكفرها إلا استخلاص قوة التنفيذ من أيدي الحكومات.
ه- أن الإخوان المسلمين سيعملون علي استخلاص الحكم من أيدي هذه الحكومات.
وبعد استعراض هذه التصريحات من مرشدي التنظيم الإخواني نقول:
لقد حاولت جمعية الإصلاح الترويج لهذه الثقافة الإخوانية الفاسدة في المجتمع الإماراتي، وسعت إلي تكريس فكرة غياب الدولة الإسلامية والتي تتضمن كنتيجة بديهية عدم الاعتراف بالدول الإسلامية القائمة اليوم، كما سعت إلي تكريس الفكرة الإخوانية المتمثلة في أن الواجب الأساس علي كل مسلم ومسلمة هو التركيز علي إقامة الدولة المزعومة والتخطيط لذلك.
فقد جاء في إصدار مطبوع لجمعية الإصلاح بعنوان 'نحو وعي إسلامي' ص30 ما نصُّه: 'إن جهود الداعين إلي الإسلام يجب أن تتركز في إقامة الدولة الإسلامية التي تحكم بما أنزل الله، وتقيم الحياة كلها علي أساس الإسلام، تطبقه في الداخل، وتبلغه في الخارج، وحين تقوم هذه الدولة ستتولي هي كل ما ذكرت من حاجات المجتمع ومطالبه'.
نقول:
تضمن هذا النص ما يلي:
أ- ادعاء جمعية الإصلاح – ترسيخًا للفكر الإخواني – غياب الدولة الإسلامية التي تحكم بما أنزل الله.
ب- بالتالي فإن دولة الإمارات ودول المسلمين عموما في نظر جمعية الإصلاح لا تعتبر دولا إسلامية معترفا بشرعيتها.
ج- أن الواجب علي الدعاة في نظر هذه الجمعية أن يركزوا جهودهم علي إقامة الدولة الغائبة وذلك بالاستيلاء علي أنظمة الحكم في بلدان المسلمين والتمهيد لإقامة الدولة العالمية للإخوان المسلمين.
تقول جمعية الإصلاح في الكتاب المذكور: 'وعلينا أن نعمل لإيجاد هذه الدولة، ولا نضيع الوقت في ترقيعات جزئية، وإصلاحات جانبية، أشبه بالأقراص المسكنة للآلام، وليست بالأدوية التي تستأصل الأمراض من جذورها'.
وهذا كلام واضح فيه تأكيدٌ علي أن جمعية الإصلاح لا تؤمن إلا بالاستيلاء الكامل علي السلطة وأن أي عمل سواه فما هو إلا طريق ووسيلة للاستحواذ الكلي.
تقول جمعية الإصلاح: 'ونقول لهؤلاء الإخوة: إن إقامة الدولة المسلمة التي تحكم بشريعة الله وتجمع المسلمين علي الإسلام وتوحدهم تحت رايته فريضة علي الأمة الإسلامية، يجب أن نسعي إليها، وعلي الدعاة إلي الإسلام أن يعملوا بكل ما يستطيعون للوصول إليها، متخذين أمثل المناهج، سالكين أفضل السبل، ليجمعوا الجهود المبعثرة، ويقنعوا العقول المرتابة، ويزيحوا العوائق الكثيرة، ويربوا الطلائع المنشودة، ويهيئوا الرأي العام المحلي والعالمي لتقبل فكرتهم وقيام دولتهم'.
هذا الكلام الصادر من جمعية الإصلاح خطاب تحريضي سافر يأمر الدعاة والمسلمين عموما بأن يسعوا في تنفيذ الأجندة السياسية للإخوان المسلمين وأن يقوموا في سبيل ذلك بجمع الجهود وإقناع العقول وإزاحة العوائق وتربية الطلائع والغزو الإعلامي.
تقول جمعية الإصلاح: 'وهذا كله يفتقر إلي وقت طويل، وصبر جميل، حتي تتهيأ الأسباب، وتزول الموانع، وتتوافر الشروط، وتنضج الثمرة، وإلي أن يتحقق هذا الأمل ينبغي أن يشتغل الناس بما يقدرون عليه، ويتمكنون منه، من خدمة لأهليهم، وإصلاح لمجتمعاتهم، التي يحيون بين ظهرانيها، ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها، علي أن في ذلك تربية للطلائع المرجوة، وصهرا لها، وامتحانا لقدرتها علي قيادة المجتمع والتأثير فيه'.
فلا بد في نظر جمعية الإصلاح من أن يقوم التنظيم الإخواني باختبار قدراته ونجاحه في قيادة المجتمع والتأثير فيه كخطوة أولي في طريق القيادة الفعلية المتمثلة في الاستحواذ علي السلطة والذي يحتاج في نظر التنظيم إلي فترة زمنية لتهيئة الأسباب وإزالة الموانع.
والعجب أن أدعياء الإصلاح هؤلاء الذين يتشدقون اليوم بكلمات من قبيل الديمقراطية وغيرها نري أنهم كانوا بالأمس من ألد أعدائها وأشد مناوئيها، ولكن الغاية في نظر هؤلاء تبرر الوسيلة، ولا مانع من أن ينقلب المحرَّم البغيض إلي فريضة واجبة إذا كان فيه تحقيق مصالح التنظيم ومآربه!
تقول جمعية الإصلاح في كتيب 'الآفاق الثقافية للإصلاح الإسلامي' ص28: 'وتحرص الجمعية علي الأخذ بيد الشباب الذي يلتقون في دارها ليستكملوا نقصهم، ومن شأنها أن تجعلهم في المستوي اللائق لكشف زيف الآراء المستوردة وبيان تفوق نظرية الإسلام الاقتصادية علي المذاهب الرأسمالية والاشتراكية، ونظريته السياسية علي الديمقراطية بكافة أشكالها العالمية'.
يكشف لنا هذا النص كيف تبرأت جمعية الإصلاح في سالف أيامها من الديمقراطية بكافة صورها وأشكالها، بينما نري أصحابها اليوم – وكما تنسلخ الحية من جلدها – يعتبرون الديمقراطية المحرمة بالأمس فريضةً واجبةً اليوم يشنون في سبيلها كل مكيدة ومؤامرة ومكر!
وهكذا خطط التنظيم الإخواني الإماراتي ودبَّر المكائد والمؤامرات، ويقدِّر المولي سبحانه وتعالي بفضله وتوفيقه أن يفشل المخطط الإخواني الدنيء ضد دولة الإمارات والذي حيك في ظلمات السراديب السرية بأيادي الحقد والمكر وأن تظهر الحقائق وتنكشف الدسائس للعيان لتصبح تلك الألاعيب الماكرة وعلي مرأي الأشهاد فضائح إخوانية بجلاجل..
ونتابع..
الجزء الخامس: مرحلة النشوة والنشاط
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.