المحنة والمنحة كلمتان في شكلهما الظاهري تختلفان في ترتيب الأحرف، ولكن جوهريا شتان بين معنى المحنة وهي كل ضائقة وأزمة يمر بها الإنسان، والمنحة وهي التي يهبها الله للإنسان ليحقق تقدما ونجاحا وتطورا ولكن هل من الممكن أن نحول المحنة إلى منحة بتغيير ترتيب الأحرف؟ نعم من الممكن، ولكن لا يمكن أن يكون ذلك دون عزيمة وجهد وإصرار على التحول والسعي في طريقه. نحن الآن في محنة، محنة يواجهها العالم كافة لا فرق فيها بين غني وفقير، جائحة كورونا وانتشارها الواسع وتبعاتها وتأثيراتها على كافة الجوانب على مستوى العالم، هذه هي المحنة التي يعيشها العالم اليوم، نريد أن نجعل من هذه المحنة منحة لصالحنا في تقدمنا وتطورنا، ولايمكن لهذه المحنة أن تدور في فلك المنحة بدون وجود الدافع الداخلي المحرك لكل شئ وموجه الطاقات نحو تذليل كل الصعوبات لكي يستلذ بطعم المنحة . الآن ومع سلسلة القرارات لإتخاذ الإجراءات الاحترازية والوقائية ضد انتشار فيروس كورونا أبح لزاما على كل فرد أن يتواجد بمنزله معظم الوقت حفاظا على نفسه وعلى الناس أجمع، وذلك هو الحل السليم للحد من انتشار الوباء. ولكن هل نجلس في منازلنا نضيع في أوقاتنا؟ كلنا نتفق أن كل يوم يمر هو من عمر الإنسان، بل كل ساعة وثانية تمر هي من عمرك، فلما لا نستثمر الوقت؟ وهو الاستثمار الأعظم، وعلى ذلك لابد من وجود آلية لاستثمار الوقت،وقتنا الغالي الثمين،إذا تم توظيفه فيما يحقق النفع والتقدم والرفعة فذلك هو الاستثمار. عاجلا أم أجلا نخرج من هذه الأزمة بإذن الله. ولكن ماذا نريد؟ هل نريد أن نخرج من هذه الأزمة ونحن في مكاننا العقلي والذهني ثابتين لم نتحرك خطوة للأمام أم نخرج من هذه الأزمة ولدينا رصيد فكري وعقلي وتفتح ذهني للمستقبل؟ الكل سيختار الثانية، ولكن الاختيار وحده غير كافٍ، فاختيارك مقرون بضوابط وشروط وعمليات لابد وأن تقوم بها حتى تحقق الاختيار بدقة وفاعلية. كلنا موجودون في منازلنا، ولكن هناك فارق كبير، فمنا من يعطي وقته الاهتمام الكافي ويستثمره، وهناك من يضيع وقته ويهدره. آليات استثمار الوقت في منازلنا: وهنا نشير إلى عنصرين في غاية الأهمية ومنهما يتحقق الاستثمار للوقت 1) الله عز وجل: وقتنا يضيع ببعدنا عن الله عز وجل، فلتستثمر وقتنا في القرب من الله عز وجل بالصلاة والدعاء وقراءة القرآن وفعل الخيرات،والاستثمار الأعظم لوقتنا الغالي يكون في حفظ كتاب الله عز وجل. 2) التعلم الذاتي: Self Learning وهنا الإشارة إلى العنصر الفعال الدائري من النفس للنفس، أن تعلم نفسك بنفسك، فإن كانت نفسك عزيزة عليك فأكرمها بالعلم النافع، فما المانع من أن نقوم بتعليم أنفسنا وتطوير مهاراتنا وقدراتنا؟ التعلم الذاتي لا يتقيد بزمان أو مكان ما، ولكنه يتقيد بشخصك أنت، أينما ووقتما وجد لديك الدافع القوي المحفز نحو التعلم يتيح لك التعلم الذاتي ذلك، يطور ويحسن ويعدل من مهاراتك وأدائك ليصبح بمستوى أعلى وكفاءة أكبر. الكل يحوي منزله على الشبكة العالمية(الإنترنت) التي ما إن ضغطت بيدك ضغطة أصبحت العلوم كلها بين يدك تأخذ منها مايشاء، فهل تبخل عن نفسك؟ مع وجود تلك الشبكة وكم العلوم الموجود عليها كيف لي أن استفيد؟ بداية ولكي تحقق تعلما ذاتيا ذو فاعلية، عليك أن تضع خطة وافية كأي شئ تضع له خطة *حدد أهدافك بدقة وعناية. *حدد المجالات التي تحقق أهدافك. *البحث عن المراجع في تلك المجالات. * التفحص والتدقيق التقصي والتحقق. وفي حالة وجود أي عائق لا أرى أن هناك أي مانع من التواصل مع أحد الزملاء أو الخبراء أو المهتمين من خلال طرق التواصل المختلفة عبر الإنترنت، حتى يحقق لك الاستفادة. سعيك الدائم وراء التعلم الذاتي بدافع قوي يعطيك نتائج مبهرة في أقل وقت وبشرط أن تكون جادا وبذلك نستطيع أن نحول المحنة التي نسأل الله عز وجل أن يمحوها قريبا إلى منحة عظيمة تقدم لنا كل الاستفادة، فبعدما تزول المحنة يخرج الفرد يجد نفسه متعلما متقدما واعيا ذو فكر متطور له صفة الحداثة.