تهلّ نفحات شهر رمضان، هذا العام بمذاق مختلف عن الأعوام السابقة، حيث يعيش جمهور الدراما، حالة من التباعد الاجتماعي المفروض عليه بأوامر من فيروس كورونا المستجد، ما ينبئ بملامح جديدة للشهر الفضيل، المعروف بطقوسه التفاعلية بين الناس، من حفلات إفطار، وسهرات وتجمعات الأصدقاء والأقارب، ويبدو أن صناع الدراما التليفزيونية، كان لهم حسابات أخرى في غمار هذه الأزمة العالمية، فمنذ اندلاع "الجائحة"، أبدى الجميع تخوفه من استكمال تصوير المسلسلات والبرامج التليفزيونية، وبالفعل قرر البعض إيقاف التصوير لأجل غير مسمى، رغم الخسائر المقدرة بالملايين. ولكن بمرور الوقت، تفتق ذهن القائمين على صناعة الدراما، عن فكرة جديدة، تمنع عنهم خسائر الالتزامات بعقود الفضائيات والمعلنين، وتحفظ نصيبهم من تورتة المشاهدات، وفي نفس الوقت تدعم جهود الدولة لمواجهة الفيروس، عن طريق توجيه هذه الأعمال الدرامية ك"سلاح فعال" في مواجهته. ف"بغض النظر" عن نسب المشاهدة المضمونة مسبقًا، بحكم بقاء المشاهدين في منازلهم ك"حظر إجباري"، بزغت زاوية إيجابية، بتسلية الجمهور، ومساعدتهم على قضاء أوقات الملل العصيبة، بالاستمتاع ب"الفرجة" على المسلسلات لساعات طويلة أمام أجهزة التليفزيون، التي باتت المتنفس الوحيد للحياة داخل البيوت، وكان الحل الوحيد للحاق بركب موسم رمضان، هو إجراء تعديلات على سيناريوهات عدد من المسلسلات، لتلائم ظروف التصوير خلال الأزمة، منها إلغاء مشاهد السفر والأفراح وأعياد الميلاد والمقاهي والاحتفالات، والتصوير الليلي في ظل فرض حظر التجوال، وتعديل "مكان المشهد"، لتكون داخلية يتم تصويرها في شقق واسعة، وديكورات خاصة، مع الالتزام بالإجراءات الاحترازية، مثل التعقيم الدائم لكل العاملين، وارتداء الكمامات، وتقليل مشاهد الحب والأحضان، والاكتفاء بالمشاهد التعبيرية أو لمس الأيدي على أقصى تقدير. "عودة فلانتينو" كان الزعيم عادل إمام، أول من قاد مسيرة استكمال التصوير، ونجح في تجهيز مسلسله للعرض في رمضان، ليعود ب"فلانتينو" إلى المشاهدين بعد غياب، ويشاركه البطولة داليا البحيرى، ودلال عبد العزيز، حمدى الميرغنى، وفاء صادق، وعدد كبير من الفنانين، تحت قيادة المخرج رامي إمام، بتوقيع المؤلف أيمن بهجت قمر. وقبل بداية الشهر الكريم بحوالي أسبوعين، أعلن محمد رمضان، انتهاء تصوير مسلسله "البرنس"، نمبر ون في الجدل الدائر حوله وحول مسلسله الجديد، الذي حصد برومو العرض، نسب مشاهدات عالية، كما نشر أغنيتين للدعاية، واحدة للمطرب أحمد سعد، والثانية لمغني المهرجانات الشهير حسن شاكوش، رغم الأزمات المتكررة حول هذا الشاكوش، وبنت الجيران، والسكر المحلي المحطوط على كريمة. اختار رمضان، نجمة غابت عن الساحة فترة لا بأس بها، وهي الفنانة اللبنانية نور، رغم فارق السن الواضح بينهما على أرض الواقع، ولكن لدراما "رمضان" حسابات أخرى، كما يشاركه البطولة عدد كبير من النجوم، منهم روجينا، أحمد زاهر، نجلاء بدر، إدوارد، دنيا عبد العزيز، عبد العزيز مخيون، أحمد داش، في عودة ل"رمضان" مع صاحب مسلسله الشهير "الأسطورة"، محمد سامى، مؤلفًا ومخرجًا. "فرصة تانية" ويضطر الجمهور المصري، لمنح الممثلة الشابة ياسمين صبري، فرصة تانية، بعد فشلها في إقناع المشاهدين بأدائها الذي وصفوه ب"الباهت"، في مسلسلها برمضان الماضي، حكايتي، وها هي تطل على الجمهور بمسلسل جديد في رمضان، بعنوان "فرصة تانية"، استأنفت تصويره خلال الحظر، ويشاركها البطولة دياب، أيتن عامر، هبة مجدى، إدوارد، محمود البزاوى، وهو فكرة ومعالجة درامية محمد سيد بشير وتأليف مصطفى جمال هاشم وإخراج مرقس عادل. ويبدو أن حظ ثنائي مسرح مصر، حمدي الميرغني وأوس أوس، قد ابتسم لهما في رمضان هذا العام، بعد تأجيل عرض مسلسلهما من موسم الشتاء، كأول بطولة مطلقة لهما، بعنوان "2 فى الصندوق"، يشاركهما البطولة صلاح عبد الله وبيومى فؤاد وانتصار، تأليف لؤى السيد وإخراج محمد مصطفى. "عقلية محترفين" وبعقلية نجوم محترفين، بدأ فرسا الرهان أمير كرارة، وياسر جلال، تصوير مسلسليهما منذ أواخر العام الماضي، بإنجاز المشاهد الخارجية الصعبة أولاً، سواء بالمشاهد القتالية في "الاختيار" لأمير كرارة، أو مشاهد الأكشن والمجاميع في مسلسل "الفتوة" للنجم ياسر جلال، وأبهر صناع العملين، جمهور المشاهدين، ببروموهات الدعاية، وسط إعجاب باختيار قصة الضابط الشهيد أحمد المنسي، في معركته ضد الإرهاب، ليجسدها "كرارة" بعد نجاح سلسلته "كلبش" على مدار "3" مواسم، كما لفت "جلال" الانتباه بتجسيد دور "الفتوة" الذي كان يعيش في أوائل القرن الماضي، باختيار ديكورات قديمة تجسد الحارة المصرية الأصيلة، بعد نجاحه على مدار المواسم الماضية في مسلسلات رحيم، ظل الرئيس، لمس أكتاف، على التوالي. وفي ملحمة "الاختيار"، ينتظر الفنان الشاب أحمد العوضي، بفارغ الصبر، ردود أفعال المشاهدين، على أدائه شخصية الإرهابي "هشام عشماوي"، بعد أن كان "العوضي" مثار جدل في مواقع التواصل الاجتماعي، عقب ارتباطه بقصة حب مع الفنانة ياسمين عبد العزيز. "ضجة النهاية" جاء برومو جوكر دراما رمضان، النجم يوسف الشريف، بمثابة قنبلة جماهيرية مثيرة للجدل، حيث تصدر تريند جوجل، وحقق نسب مشاهدة تخطت "المليون"، في أول "24"ساعة، وبدا أن الجمهور مشتاق لنجمه المفضل العائد بعد غياب "3" مواسم، عقب نجاحه الساحق في مسلسله "كفر دلهاب"، والطريف أن مسلسل "النهاية" حالت ظروف إنتاجية دون عرضه في رمضان الماضي، لتلعب الصدفة دورًا مميزًا في عرضه خلال أزمة كورونا، حيث إن "النهاية"، يدور في قالب خيال علمي حول اقتراب نهاية العالم، وهي الفكرة "المفزعة" التي تسيطر على خيال البعض، في وقت الأزمات العالمية، ويعتبر المسلسل الأول من نوعه في الشرق الأوسط الذي يتناول هذه الأحداث المستقبلية، عام 2120، بتقنية عالمية، يجسد خلالها "الشريف" دور "روبوت"، وهو دور جديد تمامًا على "الشريف"، وعلى المشاهد المصري والعربي، في مسلسل ضخم إنتاجيًّا، من فكرة "الشريف"، وتأليف عمرو سمير عاطف وإخراج ياسر سامى، ويشارك في بطولته عمرو عبد الجليل وأحمد وفيق وسهر الصايغ ومحمد لطفى وناهد السباعى ومحمد خميس وعدد كبير من الفنانين. "صدفة ياسمين" ولعبت الصدفة دورها في إنقاذ عدد من المسلسلات من مذبحة الخسائر، حيث كانت الفنانة ياسمين عبد العزيز، قد انتهت قبل أزمة انتشار الفيروس، من تصوير المشاهد الخارجية لمسلسلها الجديد "ونحب تاني ليه"، مع كريم فهمي وشريف منير، واستأنفت تصوير المشاهد الداخلية مع الحرص على استخدام المطهرات والكمامات وتقليل التجمعات. أما الفنانة الكبيرة يسرا، فقد اضطرت إلى إلغاء مشاهد السفر لاستكمال تصوير مسلسلها الجديد "خيانة عهد"، وقررت استكماله في بلاتوهات داخلية، مع حلا شيحة وجومانا مراد وعبير صبري، للحاق بموسم رمضان، مع الالتزام بتعقيم أماكن التصوير وارتداء الكمامات. وكان المسلسل الأكثر حظًّا هو "سكر زيادة"، الذي يشهد أول لقاء فني بين قطبي المنافسة في الزمن الماضي، النجمتين نادية الجندي ونبيلة عبيد، يشاركهما البطولة هالة فاخر وسميحة أيوب، والذي يجري تصويره في لبنان، وكانت أسرة المسلسل قد صورت عددًا من المشاهد الخارجية قبل انتشار الفيروس، وتم الاستغناء عن بقيتها، والاكتفاء بالديكورات الداخلية، التي تناسب الأحداث التي تجري بالكامل داخل فيللا. "صرامة رجالة البيت" في الوقت الذي وضع فيه المخرج أحمد الجندي، جدولاً زمنيًّا صارمًا لانتهاء التصوير داخل البلاتوهات، لإنجاز مسلسله الجديد "رجالة البيت"، كما أصدر تعليمات بمنع الزيارات بالبلاتوه تمامًا، حتى لا يضيع وقت العاملين بالمسلسل الذي يجمع الثنائي الكوميدي أحمد فهمي وأكرم حسني، اللذين التقيا في مسلسل "ريح المدام"، رمضان 2017، ثم ظهور أكرم حسني، ك"ضيف شرف" مميز في مسلسل "فهمي" الرمضاني السابق، الواد سيد الشحات. باقة أخرى من المسلسلات ترى طريقها إلى المشاهدين في رمضان الحالي، منها "ليالينا" بطولة خالد الصاوي وغادة عادل، و"سلطانة المعز" للفنانة غادة عبد الرازق التي تحاول استعادة عرشها المفقود، و"لما كنا صغيرين" بطولة خالد النبوي ومحمود حميدة وريهام حجاج، و"جمع سالم" للفنانة الشابة زينة، و"شاهد عيان" لحسن الرداد. "مغامرات العدل" بينما يخوض جمال العدل، منتج مسلسل يسرا، مغامرتين إنتاجيتين موازيتين، بإسناد أول بطولة مطلقة لصاروخ الكوميديا الصاعد، محمد عبد الرحمن، في مسلسل من "15" حلقة"، بعنوان "الشركة الألمانية لمكافحة الخوارق"، تعرض في النصف الأول من شهر رمضان، على أن يعرض في النصف الثاني من الشهر، مسلسل من "15" حلقة أيضًا، بعنوان "ليه لأ"، كأول بطولة مطلقة للفنانة أمينة خليل. وبعد نجاحه في رمضان الماضي، بمسلسل "فكرة بمليون جنيه"، يعود نجم مسرح مصر، علي ربيع، هذا العام، بمسلسل جديد يحمل عنوانًا طريفًا، خادعًا، "عمر ودياب"، يشاركه البطولة الفنان الشاب محمد سلام. "مفاجأة الهضبة" وفاجأ الهضبة عمرو دياب، جمهوره على حسابه الرسمي بموقع الصور إنستجرام، وهو ينشر مقطوعة موسيقية مكتوب عليها "قريبًا"، تخص تتر مسلسل الفنانة دينا الشربيني، التي تطل على المشاهدين بمسلسلها الجديد "لعبة النسيان"، بعد أن حقق مسلسلها الرمضاني الماضي "زي الشمس" نسب مشاهدة مرتفعة. "انتقادات لاذعة" يذكر أن استمرار تصوير المسلسلات الرمضانية، في وقت أزمة كورونا، أثار حالة كبيرة من الجدل، إلى حد الرفض التام، وهو ما أعلنه عدد من الفنانين أنفسهم، أبرزهم الفنان الشاب أحمد السعدني، الذي نشر تغريدة على حسابه الشخصي ب"تويتر"، منتقدًا سلوك بعض الفنانين الذين يدعون الناس للجلوس في منازلهم بينما يذهبون لتصوير المسلسلات، كما هاجم نشر هؤلاء الفنانين مقاطع فيديو تظهر تجمعاتهم داخل البلاتوهات، مؤكدًا أن هذا السلوك يشوه صورة جميع الممثلين، باعتباره نوعًا من التعالي على الأزمة. "دجاجة تبيض ذهبًا" في الوقت الذي نشرت الكاتبة مريم نعوم، عبر صفحتها على "فيسبوك"، تؤكد أن صحتها وصحة زملائها الفنانين، ليست على قائمة أولويات القائمين على صناعة الدراما، ووصفت نفسها والآخرين ب"الدجاجة التي تبيض ذهبًا لهؤلاء"، متسائلة عن سر التشبث بما يسمى "موسم رمضان"، باعتباره موسما عاديا من "صُنع البشر"، ولا غضاضة أن يمر شهر رمضان دون مسلسلات جديدة، رافضة مبرر الخسائر المادية الذي يضع حياة الآخرين في خطر. على النقيض، دافع الكثيرون عن التمسك بموسم رمضان، حتى غير العاملين بالمجال الفني، ومنهم اللاعب أحمد حسام ميدو، الذي نشر تغريدة يصف فيها هذه المسلسلات بأنها واحدة من أهم وسائل الترفيه والتسلية للمصريين وقت الحظر، بينما هاجم الفنان محمود حافظ، منتقدي تصوير المسلسلات خلال الأزمة، لافتًا إلى وجود آلاف من الفنيين والعمال ب"اليومية"، في البلاتوهات، سيتضررون من توقف هذه الأعمال الدرامية، وأن الفنانين والنجوم يغامرون بحياتهم، ويتعرضون لأخطار العدوى، مشيرًا إلى أن الدولة لا تدار من خلال السوشيال ميديا، وضرورة النظر للأمور بعمق أكثر، وليس من خلال مواقع التواصل الاجتماعي. "علاج الاكتئاب" فيما وصف النقاد، شهر رمضان بأنه لا يكتمل بدون عرض المسلسلات الشيقة، التي تمنح المشاهدين البهجة والتسلية والمتعة، وتزداد الحاجة إليها، خاصة في الأوقات العصيبة، ك"علاج" لاكتئاب الجمهور خلال الأزمة الحالية.