الشيخ خليفة بن زايد أكد أن الخلافات مع حكم الإخوان لن تؤثر أبدًا علي أوضاع العمالة المصرية تكريم الشيخ محمد بن زايد لشيخ الأزهر واعتماد نصف مليار جنيه لمشروعات الأزهر يؤكد استمرار رسالة الشيخ زايد ثوابت أساسية اتفقت عليها غالبية دول الخليج 'نعم للعلاقة مع الشعب المصري.. لا لدعم حكومة الإخوان' جماعة الإخوان اختصرت العلاقة مع الإمارات في الشبكة المقبوض عليها.. والشيخ خليفة رد بالإفراج عن 103 سجناء مصريين حديث مرسي عن الدعم القطري ترك غصة لدي كافة الدول الخليجية الأخري بلا استثناء كانت تلك هي المرة الأولي التي أسافر فيها إلي دولة الإمارات العربية المتحدة منذ فترة طويلة، أبلغني الصديق الباحث والكاتب د.عبد الرحيم علي بأنني مدعو ضمن آخرين لحضور معرض الكتاب الدولي في أبو ظبي والمشاركة في فعالياته، من قبل وزارة الثقافة والسياحة في دولة الإمارات. قبيل السفر بقليل أرسل إليّ عبد الرحيم علي كتابه الهام 'الطريق إلي الاتحادية الملفات السرية للإخوان'، حيث تقرر إقامة ندوة لمناقشة هذا الكتاب بمشاركة كل من المفكر الوطني السيد ياسين والكاتب والباحث فريد زهران ومشاركتي معهم إلي جانب المؤلف. في الطريق إلي 'أبو ظبي' ساورتني هواجس عديدة، أدرك أن هناك أزمة لا يمكن القفز عليها، وأن دولة الإمارات أبدت استياءها واحتجاجها بعد أن أعلنت عن اكتشاف مخطط إخواني لزعزعة أمن البلادواستقرارها، وأنه تم القبض علي خلية إخوانية كانت تعمل في البلاد، وعندما احتجت الحكومة المصرية، قالت دولة الإمارات إن لديها أدلة تمتلكها، واطلعت بعض المسئولين المصريين عليها. منذ هذا الوقت اشتدت الحملات الإعلامية بين جماعة الإخوان الحاكمة في مصر ودولة الإمارات، وقام أكثر من وفد بزيارة إلي 'أبو ظبي' إلا أنه لم يتمكن من تحقيق أية نتائج إيجابية، وقد قام المسئولون الإماراتيون بإبلاغ هذه الوفود بأن الأمن الإماراتي خط أحمر. لم تكن تلك فقط هي بداية التوتر، كان الهجوم الذي شنه الشيخ يوسف القرضاوي علي دولة الإمارات في وقت سابق مثار استياء من دولة الإمارات حكومة وشعبًا، الشيخ القرضاوي وجه انتقادات إلي دولة الإمارات بسب إلغائها لإقامة سوريين تظاهروا ضد نظام بشار الأسد، وراح يحرض ضد دولة الإمارات بشكل اعتبره الإماراتيون تدخلاً في الشئون الداخلية لبلادهم، وهو ما دفع الفريق ضاحي خلفان إلي التهديد باعتقال الشيخ القرضاوي، واتهم جماعة الإخوان بالتآمر علي الأنظمة الخليجية ومحاولة تغييرها. في هذا الوقت أصدر د.محمود غزلان المتحدث باسم جماعة الإخوان المسلمين بيانًا في مارس 2012 قال فيه 'لقد هاجمنا رئيس شرطة دبي هجومًا ظالمًا، ونسب إلينا ما تعلم الدنيا كلها أننا منه براء، حيث ادعي بأننا نمثل خطرًا علي أمن واستقرار الخليج'. لقد أثار هذا التوتر قلق المصريين جميعًا، سواء هؤلاء الذين يعملون داخل الإمارات أو خارجها، كان الكل يدرك أن جماعة الإخوان سوف تشكل بتصرفاتها وإصرارها علي التدخل في الشئون الداخلية للدول الأخري ومحاولة التحريض ضد أنظمتها عاملاً مهمًا سيؤدي حتمًا إلي تقويض العلاقات بين البلدين. غير أن التعليمات التي أصدرها الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات العربية كانت علي العكس من ذلك، فقد شدد علي أهمية استمرار العلاقات مع مصر، وحماية العمالة المصرية علي أراضي دولة الإمارات والتأكيد علي دورها ورفض أية محاولة لإبعاد العاملين المصريين أو إنهاء عقودهم. إن العمالة المصرية في دولة الإمارات تبلغ أكثر من 400 ألف عامل، منهم من يعملون علي أراضي البلاد منذ أكثر من ثلاثين عامًا، وجميعهم يلقون معاملة حسنة، هي موضع إشادة، منذ عهد الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، والذي كان يعطي لمصر أهمية خاصة، وأفضلية خاصة. لقد فتحت دولة الإمارات خزائنها في حرب أكتوبر 1973، دعمًا للمجهود الحربي المصري، بل إن الشيخ زايد استدان من البنوك الأجنبية من أجل أ يقدم مزيدًا من الدعم إلي جبهة القتال ضد إسرائيل، وكان من أوائل الحكام الذين استجابوا لدعوة الراحل الملك فيصل بحظر البترول عن الغرب، وقال مقولته المشهورة 'النفط العربي لن يكون أغلي من الدم العربي'. لقد تجاهلت جماعة الإخوان هذا التاريخ، وراحت تدفع بأعضائها إلي الادعاء كذبًا بأن هناك مخططًا تقوم به خلية خليجية بمشاركة مصريين لاختطاف الرئيس مرسي وعزله عن سدة الحكم، وأن القائد العام لشرطة دبي الفريق ضاحي خلفان متورط في هذا المخطط بالاشتراك مع قيادات من المعارضة المصرية. وقد اضطر الشيخ عبد الله بن زايد وزير الخارجية الإماراتي إلي الرد علي هذه الأكاذيب نافيًا ما بثته وسائل إعلام مصرية بالتآمر ضد الرئيس مرسي، معتبرًا إياها مجرد افتراءات وادعاءات باطلة تهدف إلي الإساءة لمصالح البلدين والعلاقات التاريخية المميزة بينهما. وهكذا استمرت عملية الشد والجذب، طيلة الفترة الماضية، تمسكت دولة الإمارات بالعلاقات مع مصر، رغم كافة محاولات النظام في مصر وجماعة الإخوان اختصار هذه العلاقة في شبكة التنظيم التي تم القبض عليها من كوادر الإخوان في الإمارات. وخلال القمة الاقتصادية العربية التي انعقدت في المملكة العربية السعودية في شهر فبراير الماضي، التقي د.عصام الحداد مساعد رئيس الجمهورية المصري علي هامش المؤتمر بالشيخ عبد الله بن زايد لمحاولة التوصل إلي حل ينهي أزمة الشبكة الإخوانية المقبوض عليها، إلا أن كافة هذه المحاولات ذهبت سدي، حيث أكد الشيخ عبد الله بن زايد أن بلاده لن تسمح أبدًا بالعبث في أمنها، وأنها لن تتردد في اتخاذ الإجراءات القانونية ضد كل من يحاول التآمر علي البلاد. وفي معرض أبو ظبي للكتاب قابلت بالصدفة الشيخ عبد الله بن زايد، وسألته عن العلاقة بين البلدين، فقال بغض النظر عن أية خلافات، فعلاقتنا مع الشعب المصري ستبقي دائمًا، ولن نسمح بالتفريط فيها، لقد كانت تلك وصية الراحل الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، والجميع يفي بهذه الوصية، وهو نفس ما أكده لي الأستاذ عبد الله الشرف رئيس الديوان في عهد الشيخ زايد. وفي معرض الكتاب كان المصريون حاضرين بشدة، هناك أكثر من 80 دار نشر كانت مشاركة في أعمال المعرض، وقد علمت أنه تم رفض مشاركة بعض دور النشر الإخوانية في المعرض، إلا أن مصر بشكل عام، كان لها النصيب الأكبر في المشاركة. وقد حظيت الوفود المصرية المشاركة باهتمام خاص من الجهات المعنية، وتم تسهيل كافة الإجراءات بالنسبة لها، كما أن كثيرًا من المثقفين المصريين شاركوا في أعمال هذا المعرض وندواته. وفي اليوم المحدد لندوة كتاب د.عبد الرحيم علي 'الطريق إلي الاتحادية' كان الحشد كبيرًا من المصريين والإماراتيين حيث جري الحوار والعرض الفكري بحرية كاملة، عكستها تغطية واسعة من وسائل الإعلام المختلفة، بل أكاد أقول إن هذه الندوة ربما كانت الأكبر من حيث الحشد الجماهيري المشارك فيها داخل معرض الكتاب. لقد التقيت السفير تامر منصور سفير مصر في دولة الإمارات والمستشار شعيب عبد الفتاح رئيس المكتب الإعلامي المصري والعديد من أعضاء السفارة المصرية في 'أبو ظبي' وكانوا جميعًا يؤكدون أن أوضاع العمالة المصرية لم يطرأ عليها جديد، وأن هناك إصرارًا من قيادة الدولة في الإمارات علي احتضان العاملين المصريين، وعدم الزج بهم في أية خلافات سياسية بين الحكومتين. إن هذا هو أيضًا ما أكده لي الكثيرون من المصريين العاملين في الامارات، والذين استهجنوا الهجمات الإعلامية التي يقوم بها بعض عناصر جماعة الإخوان ضد دولة الإمارات. أحد هؤلاء المصريين قال لي 'من منا ينسي دور الشيخ زايد في مصر، هناك أكثر من 21 موقعًا ومدينة كبري، كان الشيخ زايد هو الذي أنشأها وقام بتمويلها لصالح الشعب المصري، ناهيك عن أبواب الخزائن التي كانت مفتوحة لمصر وللمصريين مع كل ضائقة مالية تمر بها البلاد. وقال المصدر وهو يعد من كبارا لمستثمرين المصريين في 'أبوظبي' هل يعقل إن الحكومة المصرية لا تزال تعوق بناء مدينة الشيخ خليفة بن زايد والمعتمد لها مبلغ 750 مليون دولار لبناء 13ألف وحدة سكنية للفقراء، لمجرد أن الجهات الاماراتية المختصة اشترطت أن تقوم هي بنفسها ببحث الحالات المحتاجة لضمان عدالة التوزيع وإسكان الفقراء..؟! لم يكن هذا المشروع هو وحده الذي وضعت الحكومة العراقيل أمام تنفيذه، بل هناك مشروعات عديدة لا تزال تقف في طابور الانتظار، بالرغم من ابداء الامارات أكثر من مرة استعدادها للتمويل. .. لقد كرمت دولة الامارات شيخ الازهر د.أحمد الطيب علي هامش معرض الكتاب حيث فاز بجائزة الشيخ زايد للكتاب، وكان ذلك مؤشرًا جديدًا علي صدق ما يقول الاماراتيون، وأيضا علي مكانة الأزهر وشيخه في نفوسهم. .. وعندما وصل شيخ الأزهر علي متن طائرة اماراتية خاصة كان الشيخ محمد بن زايد ولي عهد أبو ظبي، نائب القائد الأعلي للقوات المسلحة ورئيس المجلس التنفيذي لامارة أبو ظبي هو أول من يزوره في مقر اقامته، كما أن كافة كبار المسئولين في الامارات أحاطوه بالاهتمام والرعاية التي تليق بمقام شيخ الأزهر، كما تم اعتماد مبلغ يصل إلي نصف مليار جنيه من دولة الامارات لمشروعات الأزهر الشريف. لم يقف الأمر عند هذا الحد من التكريم، لكن الشيخ خليفة بن زايد قرر أيضا إطلاق سراح 103 مسجونين مصريين في دولة الامارات علي ذمة أحكام مالية، بل وقرر أن يتولي بنفسه سداد المستحقات المالية التي أصدرت المحاكم المختلفة أحكامًا عليهم بتسديدها. .. كانت كل تلك اشارات ذات مغزي جاءت من دولة الاماراتالمتحدة لتؤكد مجددًا أن أية خلافات لن تعوق العلاقة مع الشعب المصري.. .. صحيح أن هناك قلقا خليجيا من كافة البلدان بلا استثناء من جماعة الإخوان وحكمها، وهو أمر بالتأكيد لن يدفع غالبية هذه البلدان إلي تقديم الدعم المالي الذي كانت تتمتع به حكومات الرئيس السابق حسني مبارك، لاعتبارات عديدة ومتعددة، إلا أن هناك اصرارا منها علي استمرار العلاقة في اطارها الرسمي والشعبي علي السواء، ولكن دون السماح أبدًا لحكم الجماعة بزرع خلايا اخوانية في هذه البلاد وتجنيد أبنائها في صفوف الجماعة. صحيح أن حديث الرئيس مرسي الذي وجه فيه التحية أكثر من مرة إلي قطر لدعمها لحكومته، قد ترك غصة لدي الكثيرين، بمن فيهم السعوديون الذين احتضنوا أكثر من 2 مليون عامل وزادوا من حجم التجارة البينية بين البلدين حتي وصلت إلي أكثر من 20 مليار جنيه في عام 2012، وقدموا مساعدات عديدة لمصر، وكذلك الحال بقية البلدان إلا أن تجاهل ونكران مساعداتهم لمصر، لم يدفع هذه البلدان إلي حتي مجرد الرد علي تصريحات الرئيس. إنني أستطيع التأكيد هنا من خلال متابعتي ومقابلاتي مع العديد من المسئولين في بعض البلدان الخليجية، وكذلك الحال شخصيات أخري عديدة مصرية وخليجية علي عدد من الحقائق أبرزها: أن أوضاع العاملين المصريين في دولة الامارات والخليج لن يطالها رذاذ الخلافات السياسية مع حكم جماعة الإخوان، وذلك وفاء للشعب المصري ودوره العروبي. أن أنظمة الخليج اتفقت في مجموعها علي التعاون وعدم السماح لجماعة الإخوان المسلمين وحكمها بالعبث في أمن البلدان الخليجية، وأن هناك تبادلا معلوماتيا بين كافة هذه الأنظمة فيما يتعلق بالخلايا النائمة ودورها في هذه البلدان. أن حكومات هذه البلدان سوف تتخذ إجراءات حاسمة ضد كل من يحاول هز استقرار البلاد أو تشكيل خلايا وتنظيمات غير مشروعة، وأنها لن تسمح أبدًا بالتدخل في شئونها الخاصة، ولن تتسامح وتفرج عن أي من المتورطين، ولن تقبل أية وساطات في هذا الشأن، وأن الأمر بينها قد يمتد إلي المسئولين خارج البلاد عن زرع هذه الخلايا إذا ما اكتشف أن لها أي دور في التحريض علي إنشاء هذه الخلايا في بلدان الخليج. أن هناك بعض البلدان الخليجية قررت وقف الدعم الخيري لأية تيارات إخوانية كانت أو سلفية أو غيرها إذا ما تقرر استخدام هذا الدعم لصالح أهداف سياسية تخرج هذا الدعم عن رسالته المنوطة به. أن غالبية البلدان الخليجية لن تقدم أي دعم مالي جديد للحكومة الإخوانية في مصر، وأنها ستكتفي بما قدمته من دعم في الفترة الماضية، وكل له أسبابه في ذلك، وهو أمر سوف ينعكس علي الاستثمارات الخليجية في مصر أيضا.. لقد أدرك النظام الإخواني الحاكم في مصر، أن الموقف الخليجي جد، لا هزل فيه، فراح علي الفور يمارس ضغوطه علي هذه البلدان من خلال تقوية علاقاته مع إيران، وهو أمر بالرغم من أنه آثار قلق بعض دول الخليج، إلا أن مسئولي هذه البلدان قالوا، لن نخضع للابتزاز. وهكذا تبقي الأزمة علي حالها، بل ربما سوف تتصاعد في الفترة القادمة بسبب غباء الرؤية السياسية لنظام جماعة الإخوان في التعامل مع البلدان الخليجية، وبلدان المنطقة بأسرها. ويبقي السؤال: متي تنقشع الغمة وتعود مصر للمصريين وللعرب جميعًا؟