إن الذين يحصرون هذا المفهوم 'المهنية.. ' في طبيعة سلوك الإعلامي أو المؤسسة الإعلامية وانعكاسات ذلك علي نجاح أو فشل ذلك الإعلامي أو تلك المؤسسة أو يقصرونه علي مدي الالتزام ب'مواثيق الشرف الإعلامي' فإنما يتحدثون عن واحد من عدة أسس تمثل في مجموعها متضافرة المهنية الإعلامية وعلي هذا فان القدرة علي استيعاب مفهوم المهنية بشموليته والتشديد علي الإيفاء بجميع أسسه هو الباب الذي نلج من خلاله نحو إعلام متطور وناجح يحقق أهدافه الرسالية وكذلك المادية. ويمكننا الحديث بإيجاز شديد عن تلك الأسس التي اشترطها المتخصصون لقيام مؤسسة إعلامية ناجحة، والتي بمجموعها تحدد بدقة مفهوم المهنية الإعلامية ويرتكز عليها العمل الإعلامي الناجح، واقصد هنا العمل التنموي – المشاريع المؤسساتية الإعلامية- ومجموعة العناصر الضرورية لإنشائه. - إن أولي تلك الأسس هي المتعلقة بما يطلق عليه ب'الموارد البشرية' فالارتقاء بوعي الإعلاميين وتطوير معارفهم ومهاراتهم يفتح الطريق أمام المؤسسة الإعلامية أن تخطو الخطوة الأولي في طريق التطوير. وهو علاوة علي ذلك سيؤدي بالنتيجة إلي كسر حالة الجمود في العمل الإعلامي من خلال الأداء الجيد والإبداع. لهذا نري المؤسسات الإعلامية الناجحة عادة ما تمتلك مراكز للتدريب والتطوير تزج فيها جميع العاملين في المؤسسة وعلي اختلاف وظائفهم من التحرير إلي الإدارة وحتي أقسام الإعلان والتسويق والتوزيع. هذا المركز الذي لا تقتصر وظيفته علي التدريب وحسب، بل ويتابع المستجدات العالمية في هذا المضمار من اجل استيعابها سريعا وتوظيفها لتطوير المؤسسة الإعلامية. - ثاني تلك الأسس هو مدي قدرة المؤسسة الإعلامية علي مواكبة التقنيات الحديثة في وسائل الاتصال واستيعابها. - إن المقدرة علي العمل المؤسساتي وكفاءته تعد واحدة من أهم الأسس التي تقوم عليها المهنية الإعلامية، وهي مهمة كونها تنظم قواعد العمل والعلاقة بين أقسام المؤسسة كلا وعملها المنوط بها، وتجمل ذلك في لائحة تنظيمية وتشريعية تصدرها الإدارة. إن أهمية الدقة في تفاصيل العمل المؤسساتي والجدية في تطبيق آلياته هو المسئول عن هيكلة كيان المؤسسة وإدارة أقسامها وضبط الموازنات وتقييم الموارد والقدرة علي توزيعها بشكل يمنع فيه الإخلال بأي جانب من جوانب العمل. إن الزمن الإعلامي يفرض شكلياً وتيرةً أسرع من تلك التي يقوم عليها التحول الاجتماعي، الشيء الذي يجعل هذا الأخير في حالة عدم توازن وعدم استقرار علي المستويين الفردي والاجتماعي، وبتعبير آخر، فإن الزمن الإعلامي 'يدوس' في لحظات علي ما تم استثماره سنوات في الزمن الاجتماعي، الشيء، وذلك ما يلاحظ في ألفاظ بعض الفئات الشابة وضعف حساسياتها للمحظورات الاجتماعية. للان الزمن الإعلامي 'مفروض إلي حد كبير' بينما يتأثر الزمن الاجتماعي بالتطور التدريجي الحاصل محلياً في المجتمع، فالزمن الإعلامي هو في الأصل صناعة غربية 'أي إنه مقحم'، وقد أدي إدخالها إلي المنطقة العربية إلي انتقال 'الحالة' أو 'الإطار الذي يحكم هذا الزمن' كحركة الممثلين في السينما والمسرح والأسبقية الزمنية في تقديم الخبر، إلي هذه المنطقة. مفهوم علم النفس الإعلامي: يكتسب المفهوم حقيقته من المعاني والصور المشتركة التي يرسمها، والمتفق عليها علي شكل رموز وصور ذات دلالات محدد، بحيث تستدعي هذه الرموز عند ذكرها المعاني والصور التي تعبر عنها، علم النفس الإعلامي هو دراسة العقل والسلوك البشري في سياق التفاعل البشري مع العملية الاتصالية'السلوك الاتصالي', ومن خلال ذلك يمكن أن نشير إلي عدة اتجاهات لتعريف علم النفس الإعلامي منها - الاتجاه الأول ما يعرفه 'بأنه عملية استقصاء وإخراج المعلومات والحصول عليها، ثم أعطاء وبث هذه المعلومات إلي الآخرين' - الاتجاه الثاني هو العلم الذي يسعي إلي حل المشكلات النفسية لدي العاملين في ميدان الإعلام وفق النهج العلمي و التعرف علي سلوك الفرد الإعلامي وعلاقته بالآخرين 'الزملاء' لغرض تغير اتجاهات العاملين نحو العمل وتحسينه، والغوص في أعماق الآثار السيكولوجية لما يكتنف العلاقات الاجتماعية من أبعاد سيكولوجية الاتجاه - الثالث ما يعرف علم النفس الإعلامي بأنه'علم سلوكي يركز اهتماماته الأساسية حول الفرد والجماعة في تفاعلها مع وسائل الإعلام لمعرفة العوامل التي تشكل الميكانزمات السيكولوجية التي تفسر هذه التفاعلات'، ومن ثم فان علم النفس الإعلامي هو دراسة العقل و السلوك البشري سوي كان فردا او جماعة في تفاعله مع العملية الإعلامية 'الاتصالية' لغرض كشف وفهم وتفسير هذا السلوك و التنبؤ بما سيكون عليه وضبطه والتحكم فيه باستخدام مناهج البحث العلمي النفسي والإعلامي. نظر الدوائر الأمريكية إلي الحرب النفسية علي أنها صراع إرادات، يديره القادة وفقاً لخطة إستراتيجية في الميادين الإعلامية والسياسية والعسكرية، يتم تنفيذها علي أسس نفسية مدروسة. فهي في رأيها سلاح فعال يهدف إلي تحطيم إرادة الخصم والتعجيل بهزيمته. ويعرف العالم الأمريكي 'شفارتز' الحرب النفسية بأنها ''استخدام الصنوف المختلفة للحجج الحقيقية والمزورة والتي تهدف إلي إضعاف الروح المعنوية لسكان الخصم وجيشه، وتخريب سمعة قياداته ونزع الثقة بإمكاناتهم.وهذا يعني في نهاية المطاف الضغط والتأثير علي الرأي الاجتماعي عامة وآراء الناس المستقلين خاصة لتحقيق هذه الأهداف أو تلك''. كذلك فان الحرب النفسية هي استخدام الدعاية ضد عدو ما، مع مساعدة عسكرية أو اقتصادية أو سياسية لاستكمال الدعاية، وهي الاستخدام المخطط للتخاطب الذي يهدف إلي التأثير في عقول ومشاعر فئة معينة من الناس، وهي تطبيق أجزاء من علم النفس لتدعيم جهود العمليات السياسية أو الاقتصادية أو العسكرية، وهي أيضاً حرب تغيير السلوك، وميدان الحرب النفسية هو الشخصية، وهي استخدام مخطط من جانب دولة أو مجموعة دول في وقت الحرب أو وقت السلام لإجراءات إعلامية بقصد التأثير في آراء وعواطف ومواقف وسلوك جماعات أجنبية معادية أو محايدة أو صديقة بطريقة تساعد علي تحقيق سياسة وأهداف الدولة أو الدول المستخدمة. وعلي العموم فإن الحرب النفسية هي حرب باردة، وهي حرب أفكار تهدف للسيطرة علي عقول الرجال وإذلال إرادتهم، وهي حرب أيديولوجية عقائدية، وهي أيضاً حرب أعصاب وحرب سياسة ودعاية وكلمات وإشاعات وهي حرب تزلزل العقول وتغير السلوك . السلوك الإنساني محكوم بنمطين من الدوافع التي توجهه للتصرف علي نحو محدد من أجل إشباع حاجة معينة أو لتحقيق هدف مرسوم: أولهما دوافع أولية تتعلق بالبقاء وتضم دوافع حفظ الذات 'وهي دوافع فسيولوجية ترتبط بالحاجات الجسمية ' ودوافع حفظ النوع المتمثلة بدافعي الجنس والأمومة، وثانيهما دوافع ثانوية تكتسب أثناء مسيرة التنشئة الاجتماعية للفرد عن طريق التعلم، ومن بينها دوافع التملك والتنافس والسيطرة والتجمع، وترتبط هذه الدوافع بصورة عضوية وأساسية بانفعالات الغضب والخوف والكره والحسد والخجل والإعجاب بالنفس وغيرها، إذ تحدث في الجسم حالة من التوتر والاضطراب تتزايد حدة كلما اشتد الدافع ثم أشبع أو أعيق عن الإشباع، فقد تكون قدرات الفرد وعاداته المألوفة غير مواتية لإشباع حاجاته وتلبية رغباته ودوافعه لأسباب ذاتية ناتجة عن عوائق شخصية كالعاهات والإشكاليات النفسية التي تؤثر علي قدراته، أو خارجية ناتجة عن ظروف بيئية كالعوامل المادية والاجتماعية والاقتصادية. إن دافع حب السيطرة عند الفرد مثلاً يتطور ليصبح ميلاً إلي العدوان والعنف ويمر في خمس مراحل: أولاها الشعور بقلة رعاية الوالدين للأبناء، وربما ترك أحدهما بيت الأسرة بسب الطلاق فيصبح الطفل عدوانيا بسبب فقدانه رعاية الأب وعطفه أو نتيجة مشاهدته أشكال النزاع بين الوالدين كما يصبح الطفل مفرط الحركة إلي حد يجعله مصدر إزعاج سلوكي وهو في سن الثالثة وقد يتعرض الطفل في هذه المرحلة إلي صور شتي من التعسف والإيذاء الجسدي، وربما يصل الأمر إلي التعرض إلي التحرش الجنسي، ويستدعي ذلك الاهتمام بضرورة تعزيز مؤسسة الزواج وضرورة توفير الرعاية الجسدية والروحية للأبناء.