لم تكن مصر في يوماً ما ذلك الدولة المارقة التي لا تعبأ بقانون ، أو تلك الدولة التي تعتدي على جيرانها أو تأخذ ما ليس لها، مصر منذ نشأة التاريخ إلى ساعة كتابة هذه السطور كانت عوناً وسنداً لكل شعوب الأرض المستضعفة ، ويشهد لنا التاريخ في كل قاراته أننا ساندنا كفاح الشعوب، لا بل اقتطعنا جزءً من قوتنا وأموالنا مساندة لقضايا أمتنا العربية والإسلامية والإفريقية بل حتى على المستوى العالمي ، حتى عندما أصبح هناك قوتين تحكم العالم هما أمريكا والاتحاد السوفيتي لم ننحاز لأيهما وأنشأ الرئيس عبد الناصر مع باقي المخلصين في العالم ما سمي بدول عدم الانحياز . مياه النيل ليست خطاً احمر لمصر فقط إنما هي مسألة وجود ، يظن البعض واهماً أننا داخل مصر منقسمين في خلافات سياسية وهذا أمر محض افتراء لأننا حتى ولو مختلفين فإننا في مسالة مياه النيل يداً واحدةً وخلف قيادة البلاد في أمر جلل كهذا . أثيوبيا تُريد المُضي قُدُمًا في بِناء السّد ومَلء خزّانه من المِياه في غُضون ثلاث سنوات، وتخفيض حصّة مِصر السنويّة بحواليّ خمسة مِليارات متر مُكعّب من النّيل الأزرق فقط (مجموع حصّتنا 55.5 مليار متر مكعّب في العام)، ونحن نعتبر هذه الخطوة بمثابة تجويع لملايين الفلّاحين ، ويؤثر على إنتاج السّد العالي من الكهرباء بسبب انخفاض ارتفاع منسوب المِياه اللّازم لتشغيل توربيدات توليد الكهرباء. السيد آبي احمد رئيس الوزراء الأثيوبي أمام مجلس الشعب قال إنه مستعد لتجييش مليون أثيوبي للدفاع عن سد النهضة وتناسى متعمداً أو بقصد أن هناك 100 مليون أو يزيدون قادرون على الانتشار في بقاع إفريقيا للحفاظ على حياتهم ومصدر بقائهم . مصر لا تريد الحرب ولا تسعى إليه والدليل أنها تفاوضت مع الأثيوبيين أكثر من ست سنوات وهم الذين يماطلون ويراوغون في الوصول إلى حلول ترضي الجميع . يقيني أنه حيث تتواجد إسرائيل يتواجد القلق ،والأنباء المتواترة أن إسرائيل ساعدت أثيوبيا في بناء السد وهي التي أمدتهم ببطاريات الصواريخ حول السد ، إسرائيل لا تريد الخير لمصر وهذه من المسلمات لأن مصر كانت وما زالت شوكة في حلق إسرائيل. مصر يجب ألا تقف وحدها في هذا الخندق فمصر هي العمود الفقري لأمتها ومحيطها ، يجب على الدول العربية أن تتخندق مع وخلف مصر في هذا الأمر ، كما يجب على كل وطني حر أكل من تراب هذا الوطن وشرب من مائه أن يكون خلف قيادته ، الأمة يجب أن تكون صفاً واحداً لمواجهة هذا التهديد ، وليعلم الجميع أن مصر قادرة على فرض احترامها وإرادتها على الجميع ،ولا يملك أحد على ظهر الدنيا أن يفرض علينا واقعاً لا نقبله . ونقول لأثيوبيا نعم للتفاوض الذي يحفظ حقوقنا التاريخية ولا للمماطلة حتى يكون السد أمراً واقعاً، فلن يقبل مصري واحد إنقاص ولو نقطة من مياه من حقه ، حفظ الله مصر من كيد الكائدين.