في هذه الأيام المجيدة من كل عام من سفر شعبنا الآبي المفعمة بالعز والشموخ والاقتدار ، والمليئة بالكفاح والمؤطرة بالصمود الفريد في مواجهة مؤامرة المعتدين الأشرار ، والإصرار على إفشال مخططهم الصهيوني للبقاء في سيناء الفيروز وباقي أرضنا العربية ، وبما تجمع لدي الصهاينة من خبرة في الدجل والشعوذة والادعاء بأن جيشهم لا يقهر وأنه سيد المنطقة ، وفي إطار تعبئتهم للشر واستنفارهم للحقد المدعوم من قوى الظلام والاستكبار وعدم انصياعهم للحق ، قام قواتنا المسلحة في مثل هذه الأيام بعد الاعتماد على الله تعالى وبسواعد جنودنا البواسل بملحمة عدها التاريخ من أعظم الملاحم التي سطرها شعب مع جيشه ، بدحر الصهيوني المحتل البغيض وأذنابه ولقنهم درساً لن ينسوه ، بما تيسر لهم من سلاح لا يمكن مقارنته بما يحمله العدو المتغطرس ، وصارت هذه الملحمة تدرس في أعظم الأكاديميات العسكرية كمعجزة من المعجزات التي لم ولن تتكرر في التاريخ القديم أو الحديث ،ظن الصهاينة كما ظن غيرهم من أصحاب النفوس المريضة أن تمترُسَهُم خلف أكبر مانع طبيعي وصناعي في العالم قناة السويس وخط بارليف سيمنع عنهم أكبر هزيمة لحقت بهم ،أو أنهم بمأمن من جيشنا جنود الرحمن وروحهم التي استمدوها من أيمانهم بالله ومن تاريخنا المجيد على مدار حضارتنا أقدم الحضارات في العالم ، ظنوا أن مانعتهم حصونهم من الله لكن هيهات، فأتهم العذاب من فوقهم ومن تحت أرجلهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ،في العاشر من رمضان السادس من أكتوبر 1973 م وبعد أن أدار العالم ظهره لنا فلا قيمة لأرض محتلة ولا كلمة لمهزوم ، بينما كانت عقارب الساعة تقترب من الثانية ظهراً ، أراد الله تعالى للمتعدين فاجعة تستقر في وجدانهم لا تبقى لهم ولا تذر ، فمعالم الأرض كرهت أنفاسهم وتراب الأرض لفظ أقدامهم النجسة، إنها أرض الرسالات وموطن الكرامات سيناء الفيروز ، فتح جنودنا بأيديهم أبواب الجحيم على مصراعيه حتى أن أحد جنودنا صاح لا خير فينا إلا إذا سالت دمانا وارتوت أرضنا ، وقال أخر الإفطار الليلة في سيناء أو في الجنة ، وقال أخر لأجعلن ديان يتحسر على اليوم الذي وطئت قدماه أرضنا ،وسط هذه المشاعر الجياشة عبر عبد الحميد قناة السويس بنفسه يدا تسبح ويدا ترفع السلاح طمعاً في الثأر من أحفاد القردة والخنازير ، نعم إنه الإيمان بالوطن والأرض والقضية ،جاء وقت الحساب مع من ظنوا أنفسهم بالجيش الذي لا يقهر والذي ملئ الدنيا طنيناً بأساطيره وخرافاته الوهمية ، جاء وقت الحساب لهم ومن ورائهم وهم الذين استباحوا الحرمات وانتهكوا المقدسات فصرعوا الورود في بحر البقر ، عندما يقول ( ديان ) وزير الحرب الصهيوني آنذاك ((لقد تبخرت قواتنا ودفاعتنا الحصينة امام المصريين)) ، عندما يقول حاييم هيرتزوج رئيس الكيان الصهيوني الأسبق ((لقد تحدثنا أكثر من اللازم قبل السادس من أكتوبر وكان ذلك يمثل إحدى مشكلاتنا فقد تعلم المصريون كيف يقاتلون .. بينما تعلمنا نحن كيف نتكلم .. لقد كانوا صبورين كما كانت بياناتهم أكثر واقعية منا .. كانوا يقولون ويعلنون الحقائق تماما حتى بدا العالم الخارجي يتجه إلى الثقة بأقوالهم وبياناتهم)) ،عندما يقول الجنرال الإسرائيلي اليعازر رئيس الأركان الإسرائيلي 1973 ((بالنسبة لإسرائيل في نهاية الأمر انتهت الحرب دون أن نتمكن من كسر الجيوش العربية.. لم نحرز انتصارات .. لم نتمكن من كسر الجيش المصري أو السوري على السواء .. ولم ننجح في استعادة قوة الردع للجيش الإسرائيلي )) عندما يقول هؤلاء ذلك وأكثر فاعلم ساعتها أنه انتصار لم يسبق في تاريخ العسكرية العالمية بدون تجنٍ على أحد ، وأنه انتصار ليس وليد الصدفة واللحظة ، إنما كلفنا هذا الانتصار الجهد والدماء والعرق وأكل رمال الصحراء فهذا الوطن يستحق ويستحق . لا كرامة لأرض لا يحميها جيش وطني مدرب قادر على رد المعتدين ، لا كرامة لجيش لا يمتلك أسباب القوة والمنعة ، يا سادة رغم أننا أصحاب أعظم وأفضل إنجاز عسكري في التاريخ المعاصر إلا أن الأجيال الحالية والقادمة لا تعرف قيمة وعظمة نصر أكتوبر المجيد ، كثيراً ما أتحدث مع الشباب في أكثر من مناسبة عن هذا النصر العظيم لكن معلوماتهم محدودة بل معدومة ، هل عجز الوطن بما يمتلك من إمكانيات هائلة عن صناعة فيلم تاريخي يوثق الحدث من الانكسار إلى الانتصار وما الذي ترتب على هذا النصر العظيم ؟ ،كل الأعمال التي تحدثت عن النصر المبين لا تعدو كونها اجتهادات فردية اجتماعية ،لسنا أقل من دول أنتجت أفلاماً لا تزال تمثل علامات بارزة في تاريخ هذه الدول على سبيل المثال منها عمر المختار ،ليكن ذلك العمل وثيقة لأبنائنا في كل محفل تعليمي ،في الكلية أو المعهد أو المدرسة حتى نواجه الحملات الشرسة على بلدنا ، هذا النصر يحتاج عمل يليق به فهل يصل صوتنا لمن بيدهم الأمر ؟ كل عام ومصرنا عزيزة بجيشها وشهدائها والذين بذلوا الغالي والنفيس من أجلها ، المجد والخلود لقادة أكتوبر ومن شارك فيه ،المجد والعزة والشرف لجيشنا العظيم