عندما يكتشف الطبيب أن الورم خبيث ويهدد باقى خلايا الجسد ولا جدوى من العقاقير فى علاجه، هنا يأتى القرار الأصعب والأصح وهو البتر والاجتثاث حفاظًا على حياة العليل. هكذا جماعة الإخوان الإرهابية هى ورم خبيث فى جسد الوطن اثبت التاريخ الوجودى لهذا المرض منذ تكوينه، أنه مرض جدرى خبيث يتمدد ويتسع ويهاجم جميع خلايا جسد الوطن وليس هناك جدوى من عقاقير تقليدية لعلاجه، بل أثبتت التجارب أن العقاقير فى الغالب يستخدمها لغذاء تكوينه ووجوده وتسهم فى تثبيته وتأصيله. وقد اتضح ذلك جليًا فيما حدث فى 25 يناير وما فعلوه ضد مؤسسات الوطن من حرق وسلب ونهب وقتل وتدمير، وأيضًا عندما اعتلوا كرسى حكم مصر، من محاولة استحواذ وتهميش الجميع والتخطيط لابتلاع الوطن بكل مؤسساته وتحويله إلى جزء من الورم الخبيث الاخواني. ورجوعًا إلى كتاب المفكر جمال حمدان «عبقرية المكان» سنة 1967 وما ذكره من سمات وصفات متنوعة وفريدة عن الشخصية المصرية، نتيجة تكوينها المتنوع المستمد من الثالوث التكوينى والتاريخى لمصر «الصحراء والبحر والنيل» والمتمثل فى الصلابة والتسامح والتماسك، تلك السمات قد ضربتها عوامل التعرية العاتية، وتلك العوامل هى مفردات ثقافية خارجية جاءت بها جماعة الإخوان الإرهابية. وظهر ذلك على السطح فى السنوات الأخيرة، من أفكار متشددة ومتطرفة تم زرعها فى التكوين الشخصى للمصريين تطالب بتكفير المجتمع ونبذ الآخر لأنه لا ينتمى إلى أفكارهم الأيديولوجية، فتشعبت منهم جماعات متنوعة تحت أسماء مختلفة ومتنوعة، ولكن جميعها تلبس جلباب معتقد واحد وهو داعش. ولم يقتصر وجودهم على التغلغل الأيديولوجى فى الشخصية المصرية فقط، بل أدى وجودهم إلى حالة موازية أخرى لكن متعارضة معها فى النهج والطريقة، وهى الهمجية الثقافية والأخلاقية التى ضربت الشخصية المصرية، فأصبح هناك تصارع وتنافس بين حالة التشدد وحالة الانفلات الأخلاقى والإلحاد وكليهما من صنع الأخوان. فلا فرق بين عبد الله رشدى المتطرف والممثل محمد رمضان الهمجى ومعهما المقاول محمد على الفاسد ووائل غنيم العميل، كل هؤلاء ظواهر طبيعية لمكون الشخصية المصرية، ففى غياب مؤسسات الدولة أثناء حكم مبارك تم ترسيخ تلك العوامل فى الشخصية المصرية حثى أصبحت واقعًا مؤلمًا يهدد الوطن وتاريخه الوجودي. فيكفيك أن تتصفح مواقع التواصل الاجتماعي، لترى وتستكشف حالة الفوضى والانحلال الأخلاقى والثقافى التى ضربت الشخصية المصرية، فالكل يجادل ويتصارع ويحارب ويحرض ويتهم الآخر، وفى وسط ذلك ليس هناك معرفة ووعى وثقافة، بل سطحية وهمجية وانحدار لغة وكلمة. ومن هنا ومن هذا المكان أقول لقد وضع الفأس على أصل الشجرة، ولابد من اجتثاثها من الجذور لان ليس هناك حل آخر، لان استمرار الشجرة يعنى ابتلاع التربة وتحويلها إلى مكان لجذع تلك الشجرة الخبيثة، ويأتى الاجتثاث عن طريق اتخاذ الخطوات التالية. 1 – تطهير مؤسسات ومفاصل الدولة من كل هؤلاء الذين ينتمون لهذا الفكر أو يتعاطفون معه أو يدعمونه بالفعل أو الصمت واخص بالذكر وزارة التعليم والداخلية والصحة. 2- نسف وحرق كل مؤلفات تلك الجماعة، وكل من على شاكلتهم، مع تكوين لجنة وطنية من علماء مصر الذين يؤمنون بالهوية المصرية لوضع مناهج تعليم لكل المراحل الدراسية، يكون مرجعهم هو شموخ وقوة أجدادنا الفراعنة، بعيدًا عن أى انتماءات دخيلة أخرى تابعة لفكر الجماعة الإرهابية. 3 – فسح المجال للمثقفين والتنويريين والعلماء فى الإعلام المتنوع بين مرئى ومقروء ومسموع؛ لكى يكونوا صورة ذهنية للشخصية المصرية، بعيدًا عن خفافيش الظلام الارهابى الذين يعتلون المنابر الإعلامية. 4- وقف كل القنوات والمنابر الدينية التى تسهم فى تأصيل المرض الخبيث فى الوطن وتغذى الإرهاب والعنصرية. 5 – عدم السماح بوجود أى تعليم دراسى دون دمجه تحت إدارة وزارة التعليم المصرى ومناهجه. 6 – كل ما ذكرته لا يتم إلا بتفعيل شيئين وهما وضع قانون عسكرى يحكم تلك الحالة، مع رجوع صلاحيات جهاز امن الدولة السابق بالمسمى والمضمون والرجال، وإعطائه الصلاحيات الكاملة للمراقبة والمتابعة والمحاسبة والتنفيذ، والسبب أن هذا الجهاز السابق هو الجهاز الوحيد الذى لم يخترقه الفكر المتطرف أو الفساد، بل كان جهازًا قويًا فى تكوينه وأدائه، وفى الوقت الحالى تحتاجه الحالة المصرية بشدة وقوة لان ليس هناك بديل عنه.