بعيدًا عن الجدل السائد هذه الأيام على مواقع التواصل وبين أغلب طبقات المجتمع المصرى. وفى نظرة مخلصة للمستقبل القريب الذى نأمل أن يكون أفضل كثيرًا لنا ولأجيال قادمة أتساءل: وماذا بعد..؟! نعلم منذ الصغر أن الف شبهة وشائعة لا تصنع برهانًا ولكن ماذا إذا كان المتلقى وخاصة هذا الشباب صغير السن لا يملك أى حوائط للصد أو فلاتر للتدقيق والفرز فى زمن انخفض فيه مستوى الفكر وغاب أهل الإبداع والتميز عن مجالات كانت يومًا تمثل الوعى والضمير الوطنى كالإعلام والصحافة والدراما والفنون بكل أشكالها وأصبحت الممارسة السياسية فى أضعف حالاتها حتى انصرف عنها العامة ففقدنا رافدًا هامًا من روافد نشر الفكر الصحيح وأحد أدوات تثبيت القيم والهوية والانتماء مع تراجع دور رجال الدين الوسطيين بعيدًا عن التزمت أو اللامنطقية والاكتفاء بالشكل دون التعمق فى الروح واحتياجاتها.. نعلم تمام العلم أن هناك من يدس لنا السم فى العسل وأن الاستهداف الفكرى لعقول شبابنا وبسطاء الوطن قد أصبح شديدًا بل وواقعا نعيش فيه كل يوم حتى أصبحت الإشاعات والأكاذيب جزءًا ممنهجًا من حياتنا المعاصرة لا سبيل لإنكاره فماذا نحن فاعلون؟ وماذا أعددنا لهذا الغزو؟ ولماذا نقف مكتوفى الأيدى تجاهه أو على أفضل تقدير نحاول مقاومته بالطرق التقليدية بل وبالأفكار والأساليب التى عفا عليها الزمن وربما أيضًا بنفس الأسماء التى فقدت جزءًا كبيرًا من مصداقيتها لدى غالبية سكان هذا البلد الطيب فى شتى مجالات الإعلام والسياسه والفن. أين التجديد والسير مع تطورات الأيام والسنين فى علاج ومقاومة هذه الظاهرة التى باتت تؤرق كل الأذهان وتهدد الأمن والسلم الاجتماعى وتشيع حاله من الاستقطاب بين افراد المجتمع بل ربما بين افراد الببت الواحد حين تدخل الإشاعة بينهم فينقسم البيت إلى فرق وشيع متناحرة فكريًا بين مصدق للإشاعة وبين مكذب لها.. أين بناء الإنسان الذى طالبنا به منذ سنين؟ ولماذا نسير فى نفس الطريق ثم نندهش من أن أحدهم قد مارس على صغارنا وعقولنا سحرًا اسود بفكر فاسد تتم صياغته فى إطار عصرى جذاب لعقول هؤلاء الصغار ليخفى بداخله حقدًا وكرهًا لهذا الوطن ومؤسساته وأهله .. اين نحن من كل هذا..؟!! فى زمان يئن فيه العالم كله من اثار الانفتاح الزائد وغير المحكوم على مواقع التواصل وبرامج الإنترنت وما شابهها من اساليب تداول المعلومات والشائعات لابد ان يكون العلاج بنفس الأساليب وان يكون التعامل معها مقنعًا وبنفس اللغة التى أصبح الشباب يتحدث بها وان نحصنهم بالفكر الصحيح والفن الجيد الذى يرتقى بالعقول فيمنحها القدره على التمييز بين الطيب والخبيث حتى يكون العقل البشرى نفسه هو أول حوائط صد تلك الشائعات وليس آخرها فكيف نترك الأصل ثم نبحث عن الأمور الثانوية التى لا تجدى نفعًا. مزيدًا من الفكر والنور والمعاصرة والتجديد وطرح الحقائق بشفافية قد يُجدى كثيرًا جدًا فى علاج أغلب مشاكلنا المجتمعية التى تبدأ دائمًا من إشاعة أطلقها فاشل أو حاقد أو مأجور ولننشر فى هذا الوطن نورًا يضىء طريق الباحثين عن الحقيقة فهذا وطن يستحق وتلك أجيال واعدة لها كل الحق فى أن تفهم وتعى وتتعلم وتجد القدوة والمثل... انشروا النور والحق والانتماء فى ربوع الوطن فخفافيش الظلام تخشى ضوء النهار.. حفظ الله مصر.. حفظ الله الوطن.