على خلاف باقي أركان الإسلام، يعتبر الحج من العبادات الصعبة التي تجمع بين الجهد البدني والبذل المادي والتنقل الجغرافي، كما يعد من الطاعات الشاقة والمتعبة بسبب تعدد مناسكه وتنوع شعائره، لذلك فرضه الله تعالى على المسلمين مرة واحدة في العمر واعداً إياهم بمغفرة الذنوب وتكفير الخطايا، شريطة التزامهم بأداء مناسكه كاملة، والقيام بشعائره على الوجه الصحيح. وتُعَد هذه المناسك والشعائر في غاية الأهمية لدى المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، حيث لا تستقيم فريضة الحج بدونها ولا تكتمل زيارة البيت الحرام في غيابها. وقد شرعها الله تعالى لعباده لما تحمله في طياتها من حِكم روحية عظيمة ومقاصد دينية عميقة وأهداف اقتصادية واجتماعية متنوعة. وتمثل فريضة الحج أهمية كبرى لدى كل مسلم ويبذل في سبيلها الغالي والنفيس ، لا بل أن أغلب الناس يعملون جمعيات تمتد لسنوات من أجل التحويش للفوز برحلة العمر إلى بيت الله والحج هذه الأيام مكلف لدرجة أن البعض قد يستدين ،وأغلب من يذهب إلى بيت الله بقصد الحج والعمرة لا يدركون المناسك والشعائر إدراكاً كاملاً حتى لو كان متعلما وكثيراً من الحجاج ذهب ورجع ولا يعرف عن المناسك شيئا أو بالأحرى قل أنه قد ينسى واجبا من الواجبات أو يفعل محرما من المحرمات لعدم إلمامه بكافة أعمال الحج والعمرة ، فقد سألني سائل قائلا أنه العام الماضي أتي بأعمال العمرة أولاً ثم بعدها تحلل وأتي بأعمال الحج وكما نقول ( المتمتع ) ثم لا يعرف الرجل أن التحلل من العمرة يوجب تقديم الهدى ، وقال الرجل أنه لا يعرف بهذا الأمر ،والغريب أن على درجة عالية من الثقافة لكن يبدو انه لا يدرك شيئا عن أعمال الحج والعمرة إلا القليل ، والحقيقة يا سادة عندما كنت مستشارا لوزير التعليم السنغالي إبان الفترة من 2013 2016 م وجدت أهل السنغال يفعلون شيئا طيبا أعجبني وسررت به ، وهو جمع المتجهين للحج والعمرة في ساحة مسجد محمد الخامس بداكار وهو من أكبر المساجد مساحة في العاصمة ثم يأتون بمجسم للكعبة ويجعلون الناس يطوفون حولها ويبدأ العلماء والمشايخ في تصحيح أخطاء الحجاج كما لو أنهم في صحن الكعبة أو في السعي بين الصفا والمروة أو على جبل عرفات ثم يوضحون للحجاج كيفية لبس الإحرام وما هي الأخطاء التي يقع فيها الحجيج . أعجبني هذا الأمر جدا بل أنني أثنيت على من فكر ونفذ هذا العمل المحترم ، في العلم العسكري التدريب يوفر الدماء أثناء المعركة ، وفي عالم الرياضة يتدرب اللاعبون ويبذلون العرق للتألف والتوافق بينهم وتصحيح الأخطاء ، فلماذا لا يقوم وزير الأوقاف بالتعاون مع وزير الداخلية لعمل برنامج مكثف ولو من يوم واحد بحيث يتم دعوة حجاج كل محافظة في مكان متسع مؤمن ولو مثلا في الإستاد الرياضي لكل محافظة ويتولى هذا الأمر علماء الأزهر الشريف والأوقاف وهم كثر وسيتعاونون بلا شك وبلا مقابل في هذا الصدد ، إنني أوجه رسالتي هذه إلى الأستاذ الدكتور مختار جمعه وزير الأوقاف، وصدقني فهناك من أمهاتنا وآبائنا وأجدادنا لا يحيطون بكافة بأحكام الحج والعمرة وهذا هو دورنا وفرض علينا تجاههم ،فقد حججت قبل ذلك وأعرف تماما أن الحجاج يتطلعون إلى عالمٍ لسؤاله عن مناسك الحج وهم في أرض عرفة أو منى أو غيرها ولا يجدون لذلك سبيلا ، الأمر سهل ويسير وأمامنا الوقت الكافي لأداء هذه الرسالة التي فرضت علينا نرجوا أن نكون أهلاً لها ، حفظ الله مصر وحجاجها