باتفاق علماء الإسلام..«رابعة» تفسد الحج

لا يعلم هؤلاء الذين يريدون أن يرفعوا شعار «رابعة» وهم واقفون على جبل عرفات أنهم بذلك يقدمون الدليل الأكبر والقاطع أنهم يخلطون الدين بالسياسة وأنهم يرفعون شعارات دينية يمررون من خلالها أفعالا سياسية بحتة.
ورغم اتفاق العلماء على أن رفع هذا الشعار خلال مناسك الحج «حرام» ورغم أن سلطات السعودية أعلنت إنها ستتعامل مع ذلك التصرف بكل حسم لأن الحج شعيرة دينية ولا مجال للسياسة فيها. إلا أن أنصار هذا الشعار يأبون الاستماع ويصرون على رفع شعار وهو دليل آخر على أن السياسة والحكم هو الصدق وليس الدين ولا ابتغاء وجه الله أو نصره إسلامية.
الدكتور السعيد محمد على وكيل أوقاف الشرقية الأسبق يؤكد أن الحج فريضة ومن ثم فهو عبادة لا تقبل السياسة بأى لون من الألوان،موضحا أن السياسة من شأنها الأهواء وربما الحقد والخداع وكل هذا يتنافى مع العبادة التى هى خالصة لوجه الله.
وأضاف أن أول عهد يقطعه الحاج على نفسه أمام الله عندما تطأ قدماه أرض الحرم ويكبر الحاج بأعلى صوته»لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك»، مستنكرًا الدعاوى التى خرجت بالتهليل بإشارة معينة تشير إلى أمر سياسى محدد مؤكدا أن هذا يفسد الشعيرة، لأن المناسك لا أصل لها بالسياسة من قريب أو من بعيد سواء كانت خاصة بدولة معينة أو بقطر معين.
وتابع أنه لا يقبل عقل أن يفسد أحد هذه العبارة - الحج - بإشراكها فى السياسة التى هى متروكة لأهل الحل والسياسة والحكام والمفكرون.
دعوة زائفة
أما الشيخ فؤاد عبد العظيم وكيل وزارة الأوقاف سابقا فيرى أن من يقصد بيت الله الحرام لابد أن يتوب إليه توبة نصوحًا وأن يكون ذلك خالصا لله، وأن يبتعد عن النفاق والرياء، وأنه إذا ارتدى رداء الحج يمحو من نفسه كل شىء ولا يتذكر رابعة أو إخوان أو أى شىء من هذا القبيل.
واندهش وكيل وزارة الأوقاف: كيف لهؤلاء يذهبون إلى هذا المكان المبارك وهم يبيتون النية لأن يفعلوا ذلك وأن يخالفوا النص الألهى، موضحا أن الإنسان حينما يقترف عملا يخالف الدين تكتب له سيئة وإذا عزم النية على المعصية ولم يفعلها، كتبت له حسنة، أما إرادة الذنب فى هذا المكان ذنب.
ونصح هؤلاء الذين يدعون إلى اقتراف مثل هذا الذنب العظيم بأن يبتعدوا عن هذا الشىء الذى يفسد عليهم حجهم، مستندًا بقوله تعالى ? M? ? ? ? ? ? ? ? ?L
أبواب الشر
فى حين وصف الدكتور محمد الشحات الجندى الأمين العام الأسبق للمجلس الأعلى للشئون الإسلامية هذه الدعاوى بأنها لا أساس لها من الدين ولا ينبغى أن نقحم مثل هذه الأشياء فى أداء المناسك، خاصة إذا كانت خاصة بأداء فريضة وعبارة ينبغى أن يكون خالص لوجه الله تعالى.
وأوضح أن ما ينوى أن يفعله الحجاج الإخوان يهدف إلى كسب تعاطف الجميع معهم، فى حين أن هذا قد ينقلب عليهم، لأنهم بذلك يشوشون على حجاج بيت الله الحرام من أجل كسب مصلحة أو دعوة للحكم أو شىء من هذا القبيل، وأستند بقوله تعالى
( وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ )
موضحا أنه لا يجوز أن نشرك مع الله مسائل خلافية، لما فى السياسة من أمور متغيرة، مطالبا بأن نحترم شعيرة الحج.
واختتم أن السماح بمثل هذه الشعارات فيه فتح لأبواب الشر والفتنة وذريعه لاحتشاد أهل الفرق والأهواء وأصحاب البدع فى مناسك الحج بدعوى نصرة الحق ومحاربة الباطل.
فرصة للتآلف
وطالب الدكتور عباس شومان وكيل الأزهر الشريف حجاج بيت الله الحرام بالبعد عن المهاترات السياسية خلال أداء مناسك الحج حتى يكون حجهم مقبولا بإذن الله، مناشدا المسلمين جميعا بأن يستفيدوا من دروس الحج بوحدة الصف والتآلف والتعاون على الأعمال الصالحة والمساهمة فى بناء وطنهم.
ووصف شومان فريضة الحج بأنها مؤتمر بشرى يجتمع فيه الناس من جميع أنحاء العالم، وفرصة للوحدة والتآلف ودعوة لتصحيح المسار ولوحدة الأمة الإسلامية والعربية، داعيا الحجاج إلى الابتعاد عن أى أعمال مخالفة أو الانشغال بالسياسة خلال المناسك والتفرغ للأعمال الصالحة، لأنه الحج فريضة شملت كل أركان الإسلام.
أما الدكتور شوقى علام مفتى الجمهورية، فأكد أن توزيع الشعارات السياسية، ورفع اللافتات الحزبية وعمل المظاهرات فى مناسك الحج، أمر محرم شرعا وبدعة، لأنه مدعاة للفرقة والتنازع والجدال، وكل ذلك مناف لمقصود الوحدة وإخلاص العبادة لله، وفيه استحداث أحوال فى العبادة لم يأتى بها الله تعالى.
وأوضح فى فتوى له أن رفع الشعارات السياسية أثنا اجتماع الناس فى عرفة استخفاف بالشعائر الدينية، والهاء للحجيج عن ذكر الله تعالى، كما إنها تثير الضغائن والأحقاد والنزاعات التى تشغل الحاج عن روح العبادة، وتحدث فتنة فى الحرم بما تجر إليه أمثال هذه الشعارات من فوضى وتنازع بل وتقاتل فى بعض الأحيانا حيث يقول تعالى (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ ) .
وأكدت الفتوى أن توزيع الشعارات السياسية ورفعها فى الحج هو مدعاة للجدل المحرم شرعا فى الحج ، لما قد ينتج من أن يعارضها أكثر المسلمين، وكثرة الحديث والجدال تقسى القلوب، موضحا أن مثل هذه الدعوات تناقض إخلاص العبادة لله تعالى، الذى أمر باتمام العمرة والحج وحدة فقال سبحانه ( وأتمو الحج و العمرة لله )