نشرت بوابة الوفد موضوعات خطيرا جاء فيه تحت عنوان " لماذ يدعم الجنرالات.. "مرسي "؟ ...اليد الخفية في الحكومة المصرية" نشرت مجلة" فورين أفيرز" الامريكية مقالا حول الاوضاع في مصر في الأشهر الأخيرة. وقالت المجلة ان الجيش المصري علي مايبدو توصل الي تحالف هادئ خلال الاشهر الماضية مع رئيس البلاد "محمد مرسي"، اعتقادا منه بأنه وجماعة الإخوان المسلمين سيحتفظون بالفوز في الانتخابات المقبلة. وفي مقابل الحصول علي دعمهم، حصل الجنرالات علي ما يريدونه في مسودة الدستور الجديد، بما يحمي العديد من مصالحهم الجوهرية، ومع ذلك يحاول الجيش أيضا الحفاظ علي مظهره الحيادي، تحسبا لتغيير الأوضاع في أي وقت واحتمال سقوط الإخوان. الأحداث الأخيرة واوضحت المجلة أن ماحدث في مصر مؤخرا يبدو وكأن الامور تعود الي الوراء ، حيث يتكرر المشهد. واشارت الي ان الاشتباكات الاخيرة بين انصار الرئيس "محمد مرسي" وأولئك الذين يعارضون الدستور، تذكرنا بالعنف في الأيام الأخيرة من عهد الرئيس السابق "حسني مبارك ، عندما كان الجيش والشرطة غائبين عن الساحة بشكل عام، حيث وقف الجيش بمعزل عن الفوضي من حولهم، واكتفي باصدار بيانات مما يوحي بأنه قد يتدخل لاستعادة النظام، ولكنه لم يوضح ما إذا كان سيتدخل نيابة عن المتظاهرين أو "مرسي" ، علاوة علي ذلك أشار الجيش في 11 ديسمبر الجاري إلي أن مصلحته في التوسط في اتفاق بين جماعة الإخوان المسلمين والمتظاهرين ودعا الي حوار بين جميع الاطراف، إلا أن الدعوة تم إلغاءها بعد ذلك بوقت قصير. الإطاحة بالجنرالات.. بداية التحالف وقد جادل البعض بأن حياد الجيش علي ما يبدو هو انعكاس لتقلص قوته. فقد جاءت انتخابات يونيو 2012 بالرئيس "مرسي" إلي السلطة، وقام الرئيس بعدها بقص أجنحة الجيش، مما اضطر الجنود العودة الي ثكناتهم، وذلك عندما قام، علي وجه التحديد، بعزل معظم كبار الجنرالات في المجلس الأعلي للقوات المسلحة في أغسطس الماضي. وقالت المجلة إنه في الواقع، ووفقا لنائب وزير الدفاع المصري الجنرال "محمد العصار"، كانت خطوة "مرسي" تلك وفق تنسيق مخطط مع أعضاء المجلس العسكري الصغار، وبالتالي كشفت هذه المناورة بدايات تحالف بين الإخوان المسلمين والقوات المسلحة. خدعة ذكية وحسبما أشارت المجلة ، فإن خدعة الجيش في حياديته وعدم ميله لحزب او جهة ضد اخري خلال الاحتجاجات الأخيرة كانت ذكية. فهو يبدو مع المتظاهرين الذين يدعون إلي الاطاحة ب"مرسي"، ويبدو ايضا مع مؤيدي الرئيس ضد المتظاهرين الذين يريدون اسقاط حكومة منتخبة. واضافت المجلة ان المجلس العسكري الذي ظل 17 شهرا في السلطة بعد الاطاحة ب "مبارك" ارتكب العديد من الاخطاء، حيث نكص بوعوده قي تسليم السلطة للحكم المدني اكثر من مرة، بل انه عمل علي ترسيخ الطابع القديم من جهاز الدولة في عهد "مبارك" ، حيث تم تشكيل حكومة تصريف أعمال ضمت خليط من ممثلين من جماعة الاخوان المسلمين، والسلفيين، وبعض المتبقين من عهد "مبارك" ، بما في ذلك أعضاء المعارضة الشكلية القديمة، في حين تم استبعاد الثوار، وتم قمع الشخصيات القوية في مؤسسات الدولة ، الي ان توجه المصريون الي صناديق الاقتراع في بداية العام الحالي ، وانتخبوا الإخوان المسلمين الذين حققوا فوزا كبيرا في الانتخابات البرلمانية. الحفاظ علي المكتسبات ورأت المجلة أنه من وراء الكواليس، يؤيد الجنرالات ، الرئيس المنتخب ، حفاظا علي مصالحهم الخاصة. ويعود ذلك في جزء منه، إلي اعتقادهم بأن "مرسي" وجماعته ، من المرجح أن يستمروا في اكتساح الانتخابات. واضافت المجلة أنه بعد كل شيء، فالإخوان المسلمين هم أفضل تنظيما من الأحزاب السياسية الأخري في مصر، وتمتد شبكاتهم في جميع أنحاء البلد، بما يسمح لهم بالاتصال بقطاع كبير من السكان ، وبالإضافة إلي ذلك، فإن جماعة الإخوان المسلمين، علي عكس القوي الثورية، أظهرت أنها يمكن أن تقدم تنازلات والتفاوض مع الجنرالات. لا يمكن نصر المعارضة علي الرئيس وبالنسبة لقادة الجيش، فإنه ببساطة ، ومن المنطق ، لا يمكن المغامرة مع رئيس يتمتع بشرعية انتخابية ، لأن ذلك أصعب بكثير من محاولة التغلب علي أي تمرد من خصوم الرئيس السياسيين. بنود الصفقة وفي مقابل ضمان دعم القوات المسلحة، قبل الإخوان المسلمين العديد من المطالب الأساسية للجنرالات ، منها ، عدم الرقابة البرلمانية علي الميزانية العسكرية، وإنشاء مجلس الدفاع الوطني المكدس بالجنرالات، والقدرة علي محاكمة المدنيين في محاكم عسكرية ، وكل ذلك تضمنته مباشرة مسودة الدستور، وهذا كل ما سعي الجيش لتأمينه منذ رحيل "مبارك". ومن الأفضل بالنسبة للجيش، ان يحصل علي ما كل ما يريد ، في حين يظهر شكليا علي هامش الحياة السياسية المصرية. لا يوجد بديل واوضحت المجلة ان الجيش كان امامه خيارا اخر لدعم بديل ، مثل مسؤول سابق من عهد "مبارك"، ضد "مرسي " ، ولكن هذا لا يبدو انه سيحدث في وقت قريب. وعلي الرغم من أن الاحتجاجات الأخيرة والعنف التخريبي أثبت مدي هشاشة ولاية "مرسي" هو، الا ان الثوار غير قادرين علي التوحد أو الاندماج مع مجموعات أخري غير مقبولة في الشارع مثل الحركة العمالية أو ما يسمي ب "الفلول". وفي الوقت نفسه، فأن المعارضة من القوي الثورية وهؤلاء الذين ما زالوا في الحكومة ولا يحبون الإخوان، فضلا عن ضغوط الأزمة الاقتصادية المستمرة، سوف تمنع "مرسي" والإخوان المسلمين من أن يصبحوا أكثر راديكالية. رهان صعب وعلي الرغم من أن استراتيجية الجيش تبدو وكأنها فعالة في الوقت الراهن، الا أنها رهان محفوف بالمخاطر. فخلال الثورة التي استمرت 18يوما وأطاحت ب "مبارك"، راهن جنرالات الجيش الكبار علي انه أنه يمكن احتواء احتجاجات الشوارع ، بإسقاط "مبارك" ولكن ليس بإجراء التغييرات الهيكلية الكبري للنظام السياسي. وبعد الانتخابات، راهن الجنرالات علي افتراض أنه سيكون قادرا علي استخدام المدنيين المنتخبين ككبش فداء في أي أزمات سياسية أو اقتصادية في المستقبل . ولكن بعد ما يقرب من عامين ، لم تتوقف الاحتجاجات ، وهناك دلائل تشير إلي أن العامين القادمين لن يختلفا كثيرا، فالثوار يتعلمون من أخطائهم وتزداد شعبيتهم، وفي الوقت نفسه، فإن الحكومة لا تكسب العديد من الحلفاء. الكفة تميل لصالح الثوار وفي ظل ضعف الاداء الحكومي وتزايد سخط الشارع ، تتراجع جماعة الاخوان المسلمين ، فيما تميل الكفة تدريجيا لصالح الثوار، ولكن ذلك سيستغرق وقتا طويلا ، بل بالتأكيد لن يحدث ذلك قبل تمرير الدستور والدعوة لانتخابات برلمانية جديدة ، ولكنه سوف يحدث في نهاية المطاف. الجيش سيضطر للثوار وعلي الرغم من أن الجيش لا يزال يتمتع بشعبية نسبيا في جميع أنحاء البلاد، فمن غير المؤكد ما إذا كان سيقدر علي منع حدوث الاصلاح السياسي الكبير في مصر، إذا نظمت جماعات المعارضة نفسها. في الواقع، إذا كان قد الجيش لا يعترف حدوده وقدراته، ففي المرة القادمة سوف يضطر إلي التفاوض مباشرة مع الثوار للخروج من الأزمة ، وهي حالة يمكن أن تؤدي إلي تغييرات خارجة عن إرادته.