"المال مقابل الأرض"..يبدو أنها"الصيغة"التي ستتفتق عنها مبادرة"صهر ترامب اليهودي"والمعروفة لدينا بإسم"صفقة القرن"..وهي لاتعدو كونها"لعبة"منحها"ترامب"لزوج إبنته"جيرهارد كوشنر"ليتسلي بها علي المنطقة،منذ نحو العامين،وبيشرنا أن يكون"يونيو"المقبل،موعدا لإطلاقها. يحلو للفتي الصغير"الأنيق في ملبسه"أن يغلف مبادرته،بغموض مثير،وكأنه سيرفع الغطاء عن "مفاجأة"يدهش بها العالم،الذي لم يتمكن عبر عقود من الزمن من الوصول لحل لقضية شعب فلسطين،المذبوح علي"مسلخ"العالم الذي يدعي أنه"حر"..وعلي مدار "طلات"محدودة،للحديث في الموضوع،وماتحمله"لعبته"من أفكار، يراوغ"كوشنر"،ويستخدم ألفاظا"مطاطة"وعبارات،مفتوحة علي كل التفسيرات.
فحين تلقي سؤالا واضحا عن رؤيته لحل"الدولتين"،راح يهرب بإجابة ،بدت ك"لغز"يحتاج إلي"حل"،إذ راح يقول"من الأفضل العزوف عن تعبير دولتين،إذا يفسر كل طرف-الإسرائيلي والفلسطيني-المصطلح،بطريقة مختلفة"..وعلي ذلك،والكلام لصهر ترامب"من الأفضل عدم الحديث عن ذلك"..أي أنه لم يجب علي السؤال،ولم يقل شيئا،وهذا أحد نماذج الغموض الذي يتقنه.
ويحلو ل"كوشنر"وضع"عناوين"فقط،دون التعرض للتفاصيل،إذ يقول أن "الصفقة المنتظرة"تطرح حلولا للقضايا الجوهرية،مثل"الحدود،ووضع القدس،وحق العودة"..ويري أن الحل يكمن في"الأموال"،يقول ذلك لأنه"ساذج"ولايعرف شيئا عن تاريخ المنطقة،ولاعن تمسك سكانها بأراضيهم،ولاعن مئات الآلاف من الشهداء الذين بذلوا الدماء،دفاعا عن تراب الوطن المقدس.
كل مايمكن فهمه الآن من "خزعبلات كوشنر"أنهم يتحدثون عن "فلسطين الجديدة"،لاحدود لها،ولاكيان ترتكز عليه،ولاحديث عن دولة،وكل مايبشروننا به مجرد"خيال"يتمثل في"جسر مرتفع يربط بين غزة والضفة"وبعض من المشروعات،والاستثمارات،التي أعدوا من أجلها مؤتمرا في العاصمة البحرينية"المنامة"يومي الخامس والعشرين والسادس والعشرين من يونيو المقبل،مهمته الوحيدة"تنمية قطاعات من الأرض الفلسطينية"،وكله بالطبع من جيوب العرب،إيمانا بالمثل الشهير الذي يقول"من دقنه،وافتله".
ولعل أفضل وصف أطلق علي مايفعله "صهر ترامب اليهودي"هو أن مايتم ليس سوي"خديعة"وعملية"تخدير"كبري،ف"ترامب"وإدارته،يعرفون عن يقين أن الفلسطينيين سيرفضون "لعبة كوشنر"،وهو ماعبر عنه الرئيس الفلسطيني"أبومازن"لأكثر من مرة،لأن الشعب الذي قدم تلك التضحيات الجسام،لن يفرط في حقوق وطنه،ومن ثم،ووفقا لبنود"الخديعة"سيعلن"النتن ياهو"أنه لايوجد شريك للحديث معه حول"السلام"وفقا للصفقة"الملعونة"،وقد يندفع بغروره للإعلان عن ضم المستوطنات في الضفة الغربية إلي الكيان الصهيوني..وهنا سيتحرك"ترامب"وبإيعاز من"كوشنر"وغلاة المتطرفين،للإعلان عن إعتراف واشنطن بضم المستوطنات في الضفة،سيرا علي منهجه العدواني،واللاشرعي،في الاعتراف بالقدس عاصمة للكيان،والاعتراف كذلك بضم الجولان السورية المحتلة.
هكذا تلوح في الأق ملامح الصفقة"المشئومة"،الأمر الذي جعل الشرق الأوسط برمته يدخل مرحلة"الإنتظار العصبي"لحين بلوغ الصفقة أهدافها،وتكشف أوراقها،فيما يحلو للطائفة اليهودية في واشنطن،أن تصف"كوشنر"ب"فتي القدس الطيب"..تعبيرا عن وفائه،وإخلاصه ل"إسرائيل"والذي من المستحيل وجود من يماثله،في الذهاب لأبعد مدي من أجل"مصلحة كيان غاصب".