لجنة القيادات بجامعة بنها الأهلية تستقبل المرشحين لرئاسة الجامعة ونوابها    ضبط 34 قضية سلاح و6 قضايا إتجار بالمخدرات في أسيوط    الأزهر للفتوى يوضح فضل حج بيت الله الحرام    اعرف جدول المراجعات المجانية للثانوية العامة في الفيوم    أسعار الدواجن والبيض اليوم الخميس 23-5-2024 في المنيا    وزير المالية: حشد كل قدرات الدولة للسيطرة على التضخم ودفع النشاط الاقتصادي    «عاشور» يشارك في المنتدى العالمي للتعليم بلندن بحضور 122 من وزراء الدول    بمشاركة زعماء وقادة.. ملايين الإيرانيين يلقون نظرة الوداع على رئيسي (فيديو)    «قانونية مستقبل وطن» ترد على CNN: مصر ستواصل دعم القضية الفلسطينية    بعد الاعتراف بفلسطين.. الاحتلال الإسرائيلي يوجه رسالة توبيخ للنرويج وأيرلندا وإسبانيا    هيئة البث الإسرائيلية: حكومة الحرب ستدعم مقترحا جديدا لمفاوضات غزة    ميكالي: حلم الميدالية الأولمبية مع منتخب مصر يراودني    رومارينهو يودع جماهير اتحاد جدة في التشكيلة المتوقعة لمواجهة ضمك    غيابات بالجملة في قائمة الأهلي قبل مواجهة الترجي    وصول جثمان شقيق هاني أبوريدة إلى جامع السلطان حسين بمصر الجديدة "صور"    وزير الدفاع: مصر تقوم بدور مهم وفعال لمساندة القضية الفلسطينية على مدار التاريخ    النيابة تطلب التحريات حول دهس سائق لشخصين في النزهة    وكيل «تعليم الأقصر» يوجه رسالة هامة لطلاب الإعدادية    تجديد حبس سائق ميكروباص معدية أبو غالب وعاملين بتهمة قتل 17 فتاة بالخطأ    مواعيد قطارات السكك الحديدية على خط «السد العالي - القاهرة»    تزامنا مع رفعها.. كيف كانت تُكسى الكعبة المشرفة قبل الإسلام؟    اليوم.. كاظم الساهر يحيي حفلا غنائيا في دبي    أول تعليق من مي سليم بعد إصابتها في حادث سير: «كنت هموت»    أميرة هاني تكشف سابقة تعرضت لها من سائق «أوبر»    بعد الأحداث الأخيرة.. وزارة الهجرة تطلق رابط تسجيل للطلاب المصريين في قيرغيزستان    هل يجوز شرعا التضحية بالطيور.. دار الإفتاء تجيب    مستشار الرئيس للصحة: مصر تمتلك مراكز لتجميع البلازما بمواصفات عالمية    «حياة كريمة» تطلق قوافل طبية مجانية في الشرقية والمنيا    «صحة المنيا»: تقديم الخدمات العلاجية ل7 آلاف مواطن خلال شهر    إصابة طفلين فلسطينيين برصاص الاحتلال شرق مدينة قلقيلية    توريد 197 ألف طن قمح إلى شون وصوامع كفر الشيخ منذ بداية الموسم    تعليم القاهرة تعلن تفاصيل التقديم لرياض الأطفال والصف الأول الأبتدائي للعام الدراسي المقبل    وزير الري يلتقي مدير عام اليونسكو على هامش فعاليات المنتدى العالمي العاشر للمياه    النائب محمد المنزلاوي: دعم الحكومة الصناعات الغذائية يضاعف صادراتها عالميا    "شوف جمال بلدك".. النقل تعلن تركيب قضبان الخط الأول للقطار السريع - فيديو    صباح الكورة.. صدمة في الزمالك ودور ممدوح عباس في الأزمة الكبرى.. لبيب يكشف موقفه من ضم حجازي والشناوي يتدخل لحل أزمة نجم الأهلي وحسام حسن    مسلسل البيت بيتي 2.. هل تشير نهاية الحلقات لتحضير جزء ثالث؟    عضو مجلس الزمالك: نعمل على حل أزمة بوطيب قبل انتقالات الصيف    في الجول يكشف تفاصيل إصابة عبد المنعم وهاني بتدريبات الأهلي قبل مواجهة الترجي    رجل متزوج يحب سيدة آخري متزوجة.. وأمين الفتوى ينصح    23 مايو 2024.. ارتفاع جماعي لمؤشرات البورصة المصرية في بداية التعاملات    استطلاع: 70% من الإسرائيليين يؤيدون انتخابات برلمانية مبكرة    غدًا.. "العدل الدولية" تصدر حكمها بشأن قضية الإبادة الجماعية ضد إسرائيل    الرعاية الصحية تعلن نجاح اعتماد مستشفيي طابا وسانت كاترين يجنوب سيناء طبقا للمعايير القومية المعترف بها دوليا    آخر موعد للتقديم في مسابقة التربية والتعليم 2024 (الرابط والتفاصيل)    «المنيا» ضمن أفضل الجامعات في تصنيف «التايمز العالمي» للجامعات الناشئة 2024    «الصحة»: المرأة الحامل أكثر عرضة للإصابة بفيروس نقص المناعة البشري HIV    رئيس جهاز مدينة 15مايو يتفقد المشروعات الجارية.. ويجتمع بمسئولي الجهاز    مطران الكنيسة اللاتينية بمصر يحتفل بعيد القديسة ريتا في الإسكندرية    أول تعليق من دانا حمدان على حادث شقيقتها مي سليم.. ماذا قالت؟    نشرة مرور "الفجر ".. انتظام حركة المرور بميادين القاهرة والجيزة    اليوم.. النقض تنظر طعن المتهمين بقضية ولاية السودان    ل برج الجوزاء والميزان والدلو.. مفارقة كوكبية تؤثر على حظ الأبراج الهوائية في هذا التوقيت    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 23-5-2024    أمين الفتوى ينفعل على زوج يحب سيدة متزوجة: ارتكب أكثر من ذنب    استشهاد 8 فلسطينيين جراء قصف إسرائيلي على وسط غزة    «دول شاهدين».. «تريزيجيه» يكشف سبب رفضه طلب «أبوتريكة»    محلل سياسي فلسطيني: إسرائيل لن تفلح في إضعاف الدور المصري بحملاتها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الوطن الجريح
نشر في الأسبوع أونلاين يوم 17 - 12 - 2012

أطل الشتاء بوجهه باردًا،‮ ‬بائسًا،‮ ‬كان‮ ‬يحمل في‮ ‬جنباته مطرًا وخيرًا كثيرًا،‮ ‬لكن ما لبث أن ألقي‮ ‬علينا بظلامه،‮ ‬أتأمل الوجوه في‮ ‬الطرقات لأجدها متجهمة مقطبة تعسة قلقة حذرة مستنفرة،‮ ‬عيونها زائغة حائرة،‮ ‬باتت مذعورة أيامًا،‮ ‬جفاها النوم ليالي،‮ ‬غلقت أبواب بيوتها بمفاتيح وترابيس،‮ ‬تكة تلو تكة،‮ ‬أصبحت السفينة تترنح بين شاطئين لا تعلم مرساها أين؟ وكيف؟
أحبك وطني،‮ ‬أحب سماءك،‮ ‬وترابك،‮ ‬أحب بحارك،‮ ‬ورمالك،‮ ‬أحب زحامك وضوضائك،‮ ‬أين المفر؟ فدائمًا ما كنت أفر منك وإليك،‮ ‬أين السبيل؟ ولست أعرف‮ ‬غيرك وطنًا‮.‬
وطني‮ ‬لقد استعمرك بني‮ ‬دمي،‮ ‬لقد ضلل البسطاء وهم واهمون،‮ ‬إنهم لا‮ ‬يدركون فغرسوا الخنجر في‮ ‬قلبي‮ ‬طعنتين،‮ ‬طعنة لأني‮ ‬أعلم كم عاشوا تعساء،‮ ‬وطعنة أن طريقهم للنعيم صار مفروشًا بالجثث والدماء‮.‬
فظنوا أنهم مدفوعون بوطنية وشرعية فقتلوا الرجال ويتموا الأطفال ورملوا النساء،‮ ‬تحجرت الدموع في‮ ‬الأعين،‮ ‬أنبكيك أم نبكي‮ ‬حالنا،‮ ‬آلامنا،‮ ‬خوفنا،‮ ‬وذعرنا،‮ ‬أنخاف الآن بعضنا،‮ ‬أنتوجس الريبة من قرنائنا‮.‬
ألست أنت جاري،‮ ‬يا من كنت أمد لك‮ ‬يد‮ ‬العون،‮ ‬فحين تنهض تخونني،‮ ‬بيدين باردتين تسكت صراخي‮ ‬للأبد،‮ ‬هتافي‮ ‬كان لك ومن أجلك أو هذا وعدك للبلد‮.‬
يامن حين أدميتني‮ ‬وقتلتني،‮ ‬سألت ربي‮ ‬أن‮ ‬يغفر لك وياله من ذنب،‮ ‬جهل الشعوب بحكامها،‮ ‬فصار لزامًا عليهم أن‮ ‬يدفعوا عظيم الثمن‮.‬
يامن علي‮ ‬جسر الطريق دفعتني‮ ‬لكي‮ ‬نغرق سويًا للأبد،‮ ‬أفينا‮ ‬يشمتون وينظرون ويضحكون،‮ ‬ولحلمنا الحزين‮ ‬يلوحون‮.‬
ها أنا ذا ألمم أشيائي‮ ‬التي‮ ‬بعثروها،‮ ‬أحلامي‮ ‬التي‮ ‬دمروها،‮ ‬أعد حقيبتي،‮ ‬أسافر مودعة مسكني‮ ‬حيي،‮ ‬وأصدقاء الطفولة،‮ ‬سأرحل‮ ‬يا وطني‮ ‬ليس هروبًا،‮ ‬ولكن انتحاري‮ ‬أفضل كثيرًا من أن تقتلني‮ ‬يا أخي،‮ ‬ليتني‮ ‬اقترفت ذنبًا،‮ ‬لكان علي‮ ‬المثول لجزائي‮ ‬وعقابي،‮ ‬ولكني‮ ‬أخي‮ ‬دافعت عنك،‮ ‬فقاتلتني،‮ ‬وحاصرتني،‮ ‬وعلي‮ ‬أم رأسي‮ ‬ضربتني‮.‬
واه حسرتاه،‮ ‬أخشي‮ ‬ما أخشاه،‮ ‬أن أكون سددت أذني‮ ‬عن من كانوا‮ ‬يستغيثون،‮ ‬ويؤكدون،‮ ‬أنهم ثالثنا المتخفون المدبرون الراكضون وبالسطوح العليا‮ ‬يستأثرون،‮ ‬الصائدون المصوبون لصدري‮ ‬ولعيني‮ ‬مقتلعون،‮ ‬أفتحت لكم طريقًا منه تفرون،‮ ‬لتزجوا بي‮ ‬في‮ ‬السجون‮.‬
لا‮ .. ‬لن أسافر،‮ ‬فقبر أمي‮ ‬هنا،‮ ‬وابنتي‮ ‬مازالت هنا،‮ ‬لا تعي‮ ‬لما نحن راحلون،‮ ‬أو لسنا مصريون،‮ ‬أم أننا مهجرون‮.‬
لوموا وسبوا والعنوا واسخروا،‮ ‬وابغوا وجوروا وارجموا،‮ ‬فنحن وطن طارد للدخلاء،‮ ‬نحن وطن لا‮ ‬يسير للوراء،‮ ‬لقد مضي‮ ‬عهد الخلفاء،‮ ‬فلتكفوا اذن عن كل هذا الخيلاء،‮ ‬أتدعون أننا قتلة،‮ ‬لا بل نحن شهداء،‮ ‬ولي‮ ‬عهد الصمت والسكوت والخضوع والخنوع،‮ ‬لم تعد الأفواه مكممة،‮ ‬لن نصطبر علي‮ ‬الظلم‮ ‬يومًا واحدًا‮.‬
نعم لقد ظلت مصر تعيش سباتًا طويلا،‮ ‬لكنها ما لبثت أن استيقظت شابة فتية،‮ ‬مصرة أن تبني‮ ‬مجدًا جديدًا،‮ ‬يضاف إلي‮ ‬أمجاد الأجداد،‮ ‬حضارة من التقدم والتطور،‮ ‬والمضي‮ ‬قدمًا في‮ ‬ركب الأمم،‮ ‬التي‮ ‬مازالت تلهمها وتعلمها،‮ ‬فالأمم مثلها كمثل ذاتها البشرية من صفات أفراد شعوبها،‮ ‬فكما هناك شعوب‮ ‬يتم انقيادها واغتيال هويتها،‮ ‬هناك مصر صامدة أصيلة تلفظ من جوفها كل ما هو مستحدث وغريب،‮ ‬كذلك في‮ ‬نمو الحضارة البشر‮ ‬يبدأ صغيرًا متضائلاً‮ ‬إلي‮ ‬الشباب والقوة فالكهولة والشيخوخة والانهيار،‮ ‬ثم ميلاد جديد لكائن جديد آملاً‮ ‬ضاربًا بيد من حديد‮.‬
نعم مازال هناك ابتسامة ما تشق وجه ذاك الشتاء‮.‬


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.