«الهدف الرئيس توجيه رسالة إلى الغزاة بأن أراضينا لن تكون أبدًا أرضهم، وأن وطننا لنا، وأنه طالما بقى رجل أبيض واحد على قيد الحياة، لن يغزوا أرضنا ولن يحلوا محل شعبنا».. كانت تلك فحوى الرسالة المباشرة التى نشرها الإرهابى الأسترالى «برينتون تارانت» على صفحته بالفيسبوك قبيل إقدامه على إزهاق أرواح 49 مسلمًا وإصابة العشرات حين فتح عليهم هذا الإرهابى النار بدم بارد، بينما كانوا ينتظرون أداء صلاة الجمعة بمسجد النور فى مدينة كرايست تشرش بنيوزيلندا يوم 15 مارس الجاري، والمثير أن القاتل قام بالمذبحة مع بث مباشر من صفحته فى فيسبوك، على أنغام موسيقى غرينادير العسكرية البريطانية!! بالطبع لم يكن هذا الفعل الوحشى لذلك «الداعشى الأبيض» وليدًا للصدفة، ولكنه فعل منظم ومخطط له (ألقى القبض على 4 مشاركين بالمذبحة بينهم امرأة)، والأخطر هنا هو مسألة «الفكر المتطرف» وراء هذه المذبحة الشنعاء إذ ينتمى القاتل وزمرته إلى تيار يمينى متطرف يعلو صوته بالغرب بين الحين والآخر، يحمل أفكارًا عنصرية داعية إلى طرد المهاجرين لا سيما من العرب والمسلمين والأفارقة من أوربا والغرب كله. وقد اعترف «تارانت» فى منشوره على الفيسبوك قبيل ارتكاب المذبحة (يقع فى 87 صفحة) بإيمانه بنظرية «الاستبدال الكبير»، وهى نظرية مؤامرة يمينية، ظهرت أولاً فى فرنسا مفادها أن السكان الفرنسيين الكاثوليك والسكان الأوربيين.. البيض عمومًا، يتم استبدالهم بشكل منتظم بأشخاص غير أوربيين، ولا سيما من سكان منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وجنوب الصحراء الكبرى، من خلال الهجرة الجماعية والنمو السكاني، وتربط هذه النظرية وجود المسلمين فى فرنسا بالخطر المحتمل وتدمير الثقافة والحضارة الفرنسية!! ووجدت هذه النظرية صداها فى خطابات بعض الحركات اليمينية المناهضة للمهاجرين فى الغرب، ومنها الأحزاب الشعبوية اليمينية، وشبكات متطرفة مثل حركة «بيغيدا» الألمانية المعادية للإسلام والمهاجرين، ومثقفين مثل «إيريك زيمور»، فضلاً عن مدونين على شاكلة النرويجى «فيوردمان» الذى يدعو لإزالة الإسلام وكل من يمارسه من أوربا؟! ويعد الكاتب الفرنسى «رينو كامو».. رئيس ومؤسس حزب «لينوسانس» (البراءة) العنصري.. أكبر مروجى نظرية «الاستبدال الكبير»، علمًا بأن محكمة الاستئناف فى باريس قد أصدرت فى أبريل 2015 م ضده حكمًا بدفع غرامة قدرها أربعة آلاف يورو، بسبب تصريحات اعتبرتها تحرض على كراهية المسلمين. وقالت المحكمة، فى بيان صادر عنها إن تصريحات «كامو» تندرج تحت إطار «التحريض على الكراهية والعنف»، واعتبرتها بمثابة «هجمات متطرفة تهدف لإهانة المسلمين»، وذلك على خلفية تصريحاته التى ووصف فيها هجرة المسلمين إلى فرنسا بأنها مصدر تهديد لحضارتها، وأن المسلمين هم «الغزاة المحاربون الذين يسعون للاستيلاء على فرنسا».