ما إن تهدأ ملابسات قضية الصحفي السعودي جمال خاشقجي وتتواري عن اهتمامات العالم المنشغل بقضايا وأزمات هامة كبري إلا ونجد الولاياتالمتحدةالأمريكية تأجج الموضوع بمساعدة دول غربية وإقليمية وعلي رأسها كلا من تركيا وقطر برغم الجهد الحثيثة والنزيهة التي تقوم به السلطات السعودية من تحقيقات ومحاكمات تتعلق بسيادتها وأمنها وحقها في محاكمة أبنائها ، ولا يخفي علي دول العالم تلك الأساليب الاستعمارية والعدائية الرخيصة والازدواجية في المعايير التي تمارسها أمريكا علي الدول من اجل التحكم في مقدراتها وأحلامها وشئونها الداخلية من اجل استعمارها وتقسيمها والاستيلاء علي ثرواتها ووقف مسيرتها وتقدمها بمساعدة ومؤازرة دول بعينها ، انه نفس السيناريو الجائر والقائم علي الحقد والظلم وتكميم الأفواه وتلفيق وتضخيم التهم، واستخدامها للتهديد والوعيد والكيل بمكيالين والذي يحدث بدوره الآن في الكثير من بلدان العالم ،وللأسف فان أمريكا تفعل ذلك باسم شعارا الحرية والعدل والديمقراطية وكل تلك الشعارات المزيفة التي تتبناها وتفرضها وفق مصالحها ومخططاتها الخبيثة علي الدول، وذلك بعد أن ضمنت هيمنتها علي العالم من الناحية العسكرية والاقتصادية لتراجع روسيا نسبيا عن الساحة الدولية، وأيضا والاهم هيمنتها السياسية بعد أن سيطرت أمريكا وتحكمت في كل قرارات وأطروحات المؤسسات الدولية وعلي رأسها مجلس الأمن والأممالمتحدة بكل فروعها واهتماماتها، وعلي غيرها من الهيئات الدولية ومن ثم تسيير العالم وفق ما يخدم مصالحها ومخططاتها ولو حساب ظلم الآخر والتحكم والتدخل بكافة الطرق في مقدراته وشئونه وقيمه التي لم يعد لها عند قادة وساسة أمريكا أي اعتبار ، ومن تلك القضايا التي تأجج بها أمريكا ودول بعينها نيرانها هي قضية مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي من اجل أن تهدد بها السعودية من اجل ابتزاها ووقف نهضتها ومسيرتها وذلك بسبب رؤيتها ورؤية حكامها وأمرائها تجاه المستقبل وبسبب ثقلها وقوتها الاقتصادية ولمكانته الدينية والتاريخية وأيضا لنفوذها السياسي والإقليمي والدولي الذي تتمتع به ولدورها في الحفاظ علي امن وسلامة وعروبة منطقة الخليج والدول العربية والإسلامية ولدورها الأممي والحقوقي في مساعدة الدول الفقيرة ونشر مفاهيم التسامح والمحبة ونشاطها في المجال الصحي والمناخي والتعليمي والانفتاح علي الآخر والمساهمة في حفظ الأمن والسم الدوليين ومكافحة التطرف والإرهاب ،ولكل ذلك وغيره من الأدوار الرائدة للسعودية وغيره يجعل من كلا من الأمريكان والصهاينة ودول غربية وإقليمية تابعة غير راضية أو مرحبة بتمتع السعودية بتلك النعم والامتيازات والمقدرات التي حباها الله به بل وبالدور الذي تقوم به. فبعد مرور أكثر من ثلاثة أشهر علي واقعة مقتل خاشقجي لم يتوقف الرئيس الأمريكي عن تغريدا ته المستفزة ومزايداته ومطالباته الغير أخلاقية مع السعودية، كذلك تفعل وتنشط معه من اجل هذا الغرض الهادف إلي النيل من السعودية وتهديدها الأكثرية من أعضاء البرلمان والشيوخ من المتطرفين واليهود الحاقدين وغيرهم من الرموز السياسية الأمريكية البارزة بمساندة طبول دعاة الضلال من جمعيات ومؤسسات حقوق الإنسان ومن فسدة ودعاة الديمقراطية بمؤسسات وجمعيات حقوقية داخل أمريكا وخارجها تم ذرعها ، ومن الأمثلة الدالة علي تلك الهجمة العدائية الأمريكيةالغربية والإقليمية المتواصلة أن سبق وطالب مشرّعون أمريكيون بمجلس الشيوخ والنواب واشنطن يوم الحادي عشر من شهر يناير الماضي 2019 بتحميل السعودية مسؤولية مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي في قنصلية المملكة بمدينة إسطنبول التركية، وتعهّدوا بأن يتحرك الكونجرس إذا لم تحرك إدارة الرئيس دونالد ترامب ساكناً تجاه اتخاذه لردات فعل قوية لمعاقبة السعودية ،وخلال شهر ديسمبر الماضي نادي عدد من المشرّعون الأمريكيون بضرورة الرد على مقتل خاشقجي ، وأقرّوا تشريعين في مجلس الشيوخ لإنهاء الدعم الأمريكي للتحالف الذي تقوده السعودية في حرب اليمن، وتحميل ولي العهد السعودي محمد بن سلمان مسؤولية قتل خاشقجي ،ومطالبين أيضا بالإفراج عن وثائق تتعلق بجريمة خاشقجي ، ووصف مايك مكول أكبر عضو جمهوري بلجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب في حينه مقتل خاشقجي بأنه انتكاسة كبرى في العلاقات الأمريكية، وقال: يتعيّن علينا إحداث تغييرات ، كما تروج المخابرات الأمريكية أيضا من أن الأمير محمد بن سلمان أمر بعملية قتل خاشقجي ، وربط مسئولون أتراك كبار أيضاً مقتله بأعلى مستويات القيادة في المملكة هذا في الوقت الذي ينفي فيه المسئولون السعوديون تلك الاتهامات التي لم يؤكدها الرئيس الأميركي أو يتبناها بشكل قاطع حتى الآن ، ومؤخرا ويوم الخميس الماضي الموافق 7من شهر فبراير الجاري عادت ووجهت الولاياتالمتحدةالأمريكية صدمة أخري تتعلق بقضية مقتل الصحفي جمال خاشقجي ، إذ نقل وزير الخارجية الأمريكية مايك بومبيو عن الرئيس دونالد ترامب قوله إن الحقائق حيال جريمة خاشقجي ما زالت تتكشف لنا وأنها مازالت تطول متورطين آخرين ،كما أعلن بومبيو عبر الإعلام أيضا عن نية أمريكا في محاسبة جميع المسئولين عن اغتيال خاشقجي ، معتبرا وعلي حد قوله أن ذلك يعد التزام عميق يتسق مع مبادئنا ، يأتي ذلك وبعد أيام من توجيه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في مقابلة بأحد القنوات التركية اتهاما بالكذب لولي العهد السعودي محمد بن سلمان، ووزير خارجية السعودية السابق عادل الجبير ،وكذلك انتقاد الولاياتالمتحدة واتهامها بالصمت تجاه القضية ، يحدث ذلك في الوقت الذي يشهد خلاله كلا من مجلس الشيوخ والبرلمان بأمريكا نشاطا غير عاديا إذ يسعيان معا ديمقراطيين وجمهوريين إلي سن قانون ضد السعودية يهدف إلي توقيع المزيد من العقوبات عليها ومنه وقف تزويد طائرات التحالف بقيادة السعودية بالوقود خلال حربها ضد الحوثثين باليمن، ووقف تصدير الأسلحة لها، واتهام ومحاكمة شخصيات بارزة بالسعودية وذلك قبل تقديم الإدارة الأمريكية تقريرا مفصلا للرئيس ترامب عن ملابسات القضية وقبل الموعد المحدد بيوم واحد ، ويأتي ذلك متزامنا أيضا مع ما أعلنته السيدة / أنييس كالامار رئيسة ومقررة لجنة تحقيق هيئة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة عن قضية مقتل خاشقجي بتركيا ومفاده هو أن الأدلة التي حصلت عليها في التحقيق الذي تجريه في مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي تشير إلى أن خاشقجي كان ضحية عملية قتل وحشية ومدبرة خطط لها ونفذها مسئولون في الدولة السعودية ،واتهمت كالامار مقررة الأممالمتحدة المعنية بالتحقيق في حالات الإعدام خارج نطاق القانون أو وفق إجراءات تعسفية، السعودية بأنها قوضت بشكل خطير جهود تركيا للتحقيق في اغتيال خاشقجي في قنصلية بلده في اسطنبول ، كما عبرت كالامار عن "قلقها الجدي" إزاء نزاهة الإجراءات القضائية السعودية لمحاكمة أل 11فرد المشتبه بضلوعهم في قتل خاشقجي ، وتقول الأممالمتحدة إن التحقيق الذي أجرته كالامار هو تحقيق مستقل من زاوية حقوق الإنسان، ولا يعد تحقيقا جنائيا رسميا من قبل الأممالمتحدة ،وستُقدم نتائج التحقيق والتوصيات التي ستخلص إليها اللجنة في تقرير لمجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة في جلسته المقررة في يونيو 2019 ، قبل أن يتم نشره أواخر شهر مايو القادم . ، هذا في الوقت الذي يعتزم خلاله كبير الديمقراطيين في لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأمريكي روبرت مينينديز التصعيد للضغط على إدارة الرئيس دونالد ترامب للعمل ضد السعودية ، ويسعى مينينديز لإصدار تشريعات عقابية جديدة تشمل ولي العهد محمد بن سلمان على خلفية مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي وذلك مع اقتراب الموعد النهائي لتحديد عقوبات إضافية في حال فرضها، وبحسب ما قاله مينينديز الثلاثاء الماضي، فإنه أرسل خطاباً هو و21 عضواً آخرين من أعضاء مجلس الشيوخ من كلا الحزبين إلى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قبل أربعة أشهر، طالبوا فيه بتطبيق قانون ماغنيتسكي لعام 2016، الذي يجيز مهلة 120 يوماً أمام الرئيس لاتخاذ قرار بشأن فرض عقوبات جديدة تتعلق بظروف مقتل خاشقجي بقنصلية بلاده في إسطنبول وهو الموافق للثامن من فبراير الجاري ، وتابع قائلاً إن هذا هو السبب الذي يجعله يطالب بضغوط أكبر علي الإدارة الأمريكية، بالإضافة إلى حرب السعودية في اليمن، مضيفاً ، أتوقع أن أحظى بدعم الحزبين على هذه الجهود، إن مساعي كبير الديمقراطيين تلك قد تواجَه بعقبات بمجلس الشيوخ الذي يسيطر عليه الحزب الجمهوري، حيث أعرب مشرعون من الحزبين عن غضبهم بسبب جريمة قتل خاشقجي، لكن الجمهوريين غالباً ما يترددون في كبح جماح الرئيس ترامب، الذي سعى لتأكيد أهمية التحالف الأمريكي-السعودي، وللدفاع عن بن سلمان ، هذا مع إمكانية استخدام الرئيس لحق النقض الفيتو ضد أي قرار،وجدير بالذكر أن قانون ماغنيتسكي الذي يطالب بتطبيقه الديمقراطيون، يلزم الرئيس الأمريكي فتح تحقيق بعد تلقيه طلباً من أعضاء في اللجنة، في حال كان شخص أجنبي مسئولا عن جريمة قتل أو تعذيب أو انتهاك صارخ لحقوق الإنسان المعترف بها دولياً، بحق شخص يمارس حقه في التعبير عن رأيه ،كما يُلزم القانون الرئيسَ إصدار تقرير خلال 120 يوماً من تلقي الرسالة، يتضمن قراراً بشأن فرض عقوبات على أي شخص يعتبر مسئولا عن انتهاكات خطيرة مثل التعذيب والاحتجاز مدة طويلة دون محاكمة، أو قتل شخص خارج نطاق القضاء لممارسته هذا الحق يذكر أن قانون ماغنيتسكي الدولي للمساءلة حول حقوق الإنسان تم توقيعه واعتماده بموافقة الحزبين الديمقراطي والجمهوري في الولاياتالمتحدة، كما وقّع عليه الرئيس السابق، باراك أوباما، في عام 2012. إن المملكة العربية السعودية بقوة ملوكها وأمرائها وبكل ثقلها ووزنها بالعالم سوف تتمكن وبعون من الله من تجاوز هذا الإعصار وتلك الحملة النكراء التي تحاك ضدها من قوي الغرب ، وبرغم ثقتنا تلك فانه يجب علي قادة وشعوب البلدان العربية والإسلامية والدول النزيهة والصديقة ومن كل شعوب العالم الحر أن تقف بكل ثقلها مع المملكة وقوف الأبطال للتصدي بحزم في وجه تلك القوي الغاشمة التي تقف وراء الكثير من بؤس وشقاء دول العالم ، وأن يكون لدي الجميع ثقة بان السعودية ووفقا للقوانين الدولية تعمل بعدل ونزاهة وشرف في التحقيق في تلك القضية تمهيدا للوصول إلى كافة الحقائق وإعلانها في حينها، ومحاسبة جميع المتورطين فيها وتقديمهم للعدالة دون أن يهتز لها طرفة عين بسبب ما يوجه لها الآن من مخططات وما يحاك لها من عداء وافتراء.