وصف طارق الهاشمي نائب رئيس جمهورية العراق قرار الحكم عليه بالإعدام غيابيا الذي صدر عن المحكمة الجنائية العليا في بغداد الاحد ب"المفاجئ"، مؤكدا انه مفاجئ في توقيته وليس في مضمونه، واوضح انه منذ البداية كان يتوقع صدور مثل هذا القرار. وكشف الهاشمي في أول حديث لصحيفة عربية بعد صدور حكم الإعدام عليه، قائلا ل"الشرق الأوسط" عبر الهاتف من أنقرة الاثنين "أقول مفاجئ في توقيته كوني تلقيت معلومات موثقة ومن جهات سياسية عراقية رفيعة المستوي تفيد بأن نوري المالكي، رئيس مجلس وزراء العراق، قد قرر تهدئة الموضوع وأن يتم تأجيل إصدار أي قرار، وذلك ضمن ما يطلق عليه عملية إجرائه للإصلاحات السياسية والتصالح مع بقية الكتل السياسية'، مشيرا إلي أن 'هذه الرسائل تلقاها من شخصية كانت قد التقت بالمالكي نفسه مؤخرا". وأضاف الهاشمي أن "المالكي يتجه نحو المزيد من تصعيد الأوضاع وتعقيدها، وهذا ما دفعه للاستعجال بالضغط علي المحكمة لإصدار قرار إعدامه لتفجير الأوضاع الطائفية ضمن أجندة تهدف إلي إغلاق الأبواب أمام جميع فرص الإصلاح السياسي التي لا يستطيع ولن يستطيع تنفيذها ، ووضع الجميع في طريق مغلق". ونبه إلي أن "صدور مثل هذا القرار الخطير بحق نائب رئيس جمهورية العراق وشخصية سياسية في هذا الوقت بالذات، يهدف إلي تشتيت الرأي العام وحرفه باتجاه بعيد عن مراقبة العراقيين واستيائهم من فشله 'المالكي' السياسي وتراجعه عن تنفيذ كل وعوده سواء السياسية أو ما يتعلق بملفات الخدمات والاقتصاد والتراجع الأمني الخطير الذي يستهدف كل يوم أرواح العراقيين الأبرياء'. وأشار إلي أن "توجيه دفة الأمور نحو الصراع الطائفي والتلويح بأن الهاشمي وحماياته هم من السنة الذين يقتلون الشيعة، أمر في غاية الخطورة ومغاير لكل الحقائق ولغرض التغطية علي فشل المالكي الذي لا تسجل له أية إنجازات يعلنها في الانتخابات المقبلة سوي الأجندة الطائفية، فهو لم يقدم أي شيء للشعب العراقي ولا لعلاقات العراق بعالميه العربي والإسلامي". وحول الاتهامات التي وجهها مسؤول أمني عراقي الاثنين للهاشمي بأن مجاميع تابعة له كانت وراء تفجيرات بغداد ومناطق أخري من العراق الاحد ، وأنها جاءت رد فعل علي قرار الإعدام ، قال نائب الرئيس العراقي "من المعروف أن مثل هذه الهجمات الإرهابية تحتاج إلي تخطيط دقيق وتهيئة مسبقة وتنسيق مع نقاط التفتيش التي تأتمر بأمر المالكي لأنه القائد العام للقوات المسلحة، وأن صدور حكم الإعدام كان مفاجئا مثلما نوهت، فكيف لي وأنا في إسطنبول أن أهيئ لكل هذه التفجيرات وأخطط لها وأحركها من هنا ، وما هي المجاميع التي يتحدثون عنها.. لقد اتهموا حماياتي وموظفي مكتبي وأغلبهم رهن الاعتقال، ومن تبقي منهم تهجر أو اختفي، ومثل هذه التفجيرات لا تتم بين ليلة وضحاها ، متهما "بعض الأجهزة الأمنية التابعة لمكتب القائد العام للقوات المسلحة بالوقوف وراء هذه التفجيرات لأنها كانت مهيأة مسبقا وجاءت لتتزامن مع قرار الحكم بالإعدام الذي كان المالكي يعرف بتوقيته بالضبط ومن ثم ليتم اتهامي وليقولوا إن مجاميع تابعة للهاشمي تقف وراء هذه التفجيرات". وحول مداخلات قرار الحكم، كشف الهاشمي عن أن "رئيس المحكمة الذي كان ينظر في القضية انسحب من المحاكمة لأنه لم يقتنع بإصدار مثل هذا القرار وغيابيا.. لكن هذه المحكمة والقضاء صار بيد المالكي الذي يريد للعراق أن يتحول إلي دولة فوضي ، ولهذا أدعو السيد رئيس الجمهورية باعتباره الحامي للدستور ومجلس النواب بصفتهم ممثلين عن الشعب إلي الوقوف ضد مثل هذه الإجراءات". وأكد الهاشمي أنه لا يزال في منصبه نائبا لرئيس الجمهورية، وقال "أنا حصلت علي مئات الآلاف من أصوات العراقيين في الانتخابات، مما رشحني في البرلمان لمنصب نائب رئيس الجمهورية، ولم يتم تعييني من قبل شخص، والبرلمان وحده هو الذي يستطيع عزلي عن منصبي'. وأشاد الهاشمي بموقف "مسعود بارزاني رئيس إقليم كردستان العراق وقادة ائتلاف العراقية وجميع العراقيين الشرفاء الذين وقفوا ويقفون إلي جانبي'. إلي ذلك، أعرب الرئيس العراقي جلال طالباني عن أسفه للحكم، وأضاف في بيان نشر علي موقع رئاسة الجمهورية "أداء لواجبي في صون القانون الأساسي للدولة، فقد حرصت دوما علي استقلال القضاء واحترام قراراته"، مستدركا "كان مدعاة للأسف أن يصدر في هذا الوقت بالذات قرار قضائي بحقه وهو ما زال رسميا يشغل منصبه، الأمر الذي يمكن أن يصبح عاملا لا يساعد ، بل ربما يعقد ، الجهود الرامية إلي تحقيق المصالحة الوطنية الشاملة". من جهتها، دعت الحكومة العراقية الهاشمي إلي المثول أمام القضاء "إذا أراد إثبات براءته". وقال الناطق الرسمي باسم الحكومة علي الدباغ في تصريح ل"الشرق الأوسط" إن "الحكم الصادر بحق الهاشمي لا يزال بحاجة إلي أن يأخذ صيغته النهائية من خلال التمييز والإجراءات القضائية التي تأخذ بالتأكيد وقتا قبل أن يكتسب الدرجة القطعية".