قالوا قديما أن من يملك الإعلام يملك العقول،وهذه الحقيقة لا تحتاج إلي برهان أو إثبات،غير أن واقع قطاعنا السياحي يخبرنا بأن تسخير الإعلام علي إختلاف أنواعه لخدمة قطاع السياحة مازال مجرد بعض النداءات من أبناء القطاع أو بعضا من المحاولات الجادة من قبل بعض المهتمين بالقطاع ولكنها تتم علي إستحياء. الغرب أكثر تفهما لأهمية الإعلام (بكافة أنواعه) في دعم قطاع السياحة،ولذلك تحولت معظم وسائل الإعلام الغربية من مجرد ناقل للخبر أو المعلومة إلي مشارك أساسي في صنع القرارات. بنظرة سريعة علي بعض الصحف الكبري في بلاد الغرب نجد أن قسم السياحة بتلك الصحف ليس مجرد نافذة للأخبار الهدف منها (في بعض الاحيان) تلميع بعض رجال الأعمال ممن لهم علاقة ما بالصحيفة،أو الترويج الفج والمبالغ فيه لإفتتاح مقهي أو منتجع سياحي رغم أهمية إبراز ما يتم إفتتاحه من مشروعات سياحية تضيف إلي رصيد الدول من إمكانيات،بل نقرأ ونشاهد أقساما سياحية في صحف أوروبية تتسم بالحرفية في صياغة الخبر وتناول أبعاده المختلفة. هم يعرفون كيف يجذبون القاريء والمسؤول ،ويبرعون في إستخدام التكنولوجيا ووسائل الإبهار في التصوير،وإختيار صورة معبرة تلفت إنتباه القاريء، ويعرضون الآراء المختلفة بصورة بها كثير من الرقي والفهم لطبيعة القاريء. يقدمون وجبة دسمة للقاريء،تتنوع نظرا لتنوع القراء،ولا يدورون في فلك التملق أو إخفاء الحقائق. يقدمون تقارير مصورة عن معظم أماكن الترفيه والسفر حول العالم ويزينونها بمقالات لكبار الكتاب تحتوي علي معلومات شيقة وجذابة. تعتبر معظم أقسام السياحة بالصحف الأوروبية مرجعا هاما للمسؤولين والكتاب لما لها من مصداقية وحياد (في معظم الأحيان) ودقة في نشر الإحصائيات الشاملة والإعتماد علي مصادر مختلفة قبل نشر الخبر. القسم السياحي لديهم ليس قاصرا علي الأخبار المتنوعة بل يمتد مفهومه ليشمل التغطيات الصحفية والتحليل وتقديم النصيحة والمشورة وفي أحيان كثيرة لا تتخذ الحكومات الغربية اية إجراءات متعلقة بالشأن السياحي إلا بعد الرجوع الي كبار الصحفيين المتخصصين في الشأن السياحي. لذلك أرجوكم عقد مقارنة سريعة بين ما يقدمه الإعلام الغربي لخدمة صناعة السياحة وبين ما نقدمه نحن في صحفنا العربية من صحافة سياحية تقوم علي الإعلان وليس الإعلام. ينقصنا أشياء كثيرة للنهوض بقطاع الإعلام السياحي الذي أصبح فرضا لا غني عنه للنهوض بصناعة السياحة وكل ما يتعلق بها من خدمات. ينقصنا أولا التواصل مع وسائل الإعلام الغربية ودعوتهم لزيارة بلادنا للوقوف علي ما نقدمه من خدمات.ينقصنا التواصل مع العميل بطريقة مباشرة عن طريق وسائل التواصل الإجتماعي الحديثة. والأهم من ذلك وذاك ينقصنا تشكيل وعي عام مجتمعي يؤمن بأهمية صناعة السياحة وأدوارها المتعددة علي مختلف الأصعدة لخدمة المجتمع والنهوض به. ينقصنا تشكيل وجدان المواطن بالطريقة التي تضمن لنا تعميق ولائه وإنتمائه لكي ينعكس ذلك كله علي سلوكياته تجاه السائح. ينقصنا تبادل حقيقي للخبرات بعيدا عن البروتوكولات المزيفة والتي لا تستفيد منها الدولة بأي شكل من الأشكال. ينقصنا التأثير علي وسائل الإعلام الأجنبية عن طريق رأس المال،فهذه المؤسسات في نهاية الأمر عبارة عن مؤسسات إقتصادية تهدف إلي الربح وتجنب الخسارة،لذلك يجب توجيه بعض رجال الأعمال للإعلان عن منتجاتهم بتلك الصحف فننشيء بذلك علاقة منفعة متبادلة بين الطرفين تعود في النهاية علي القطاع السياحي بأكمله. ينقصنا أن نذهب إليهم لنطلعهم علي كافة نواحي النمو السياحي والمناخ الإستثماري المناسب لكافة المشروعات وأن نقف عن قرب علي طريقتهم في تناول الموضوعات السياحية. ينقصنا الإعلام السياحي المرئي والذي أصبح أكثر تأثيرا علي المتلقي وقادرا علي تشكيل وعيه وتوجهاته.هذا الإعلام المرئي من شأنه أن يكون لسان حال القطاع بآماله وأحلامه وأن يعبر عن طموحات العاملين بالقطاع ويعرض لمشاكلهم ويتبني حلولا عملية وسريعة لكل التحديات التي يواجهها القطاع السياحي. علي الدولة أن تفكر جيدا في ضرورة وجود قناة فضائية سياحية تهتم بصناعة السياحة وكل ما يتعلق بها لتكون نافذة لإثراء القطاع،تنتج لنا الأفلام التسجيلية عالية الجودة وتفتح آفاق الحوار حول كل ما يخص القطاع،وتقدم الرأي والمشورة للجهات المسؤولة وتؤثر علي الرأي العام الخارجي والداخلي في ظل العولمة والسرعة الكبيرة التي أصبحت سمة مميزة لعالمنا. لدينا الإمكانيات والمقومات لإمتلاك هذه النافذة المرئية فالكفاءات من النوابغ في كافة المجالات موجودون في كل مكان من أرض المحروسة،والذين يتقنون اللغات الاجنبية كثيرون ،والوجوه التي تصلح منهم للظهور علي الشاشة كثيرة،ورئيس الدولة بنفسه يحث علي العمل والإجتهاد وتحويل الأحلام إلي واقع ملموس،وإستطاع سيادته في غضون سنوات قليلة إنجاز مشروعات كبري كانت تحتاج إلي عشرات السنوات لتتحقق علي أرض الواقع.وهنا اسأل مباشرة كل المسؤولين عن قطاع السياحة لماذا التأخير في إتخاذ القرار بإنشاء قناة سياحية مصرية؟ علينا أن ندرك أهمية الإعلام السياحي وألا نتكاسل عن حث الخطي للإستفادة منه. غالبا لا أحبذ إعادة صياغة أفكاري وكلماتي السابقة،ولكن للضرورة أحكام فقد أشرنا و حذرنا من قبل إلي أن هناك دولا إقليمية سبقتنا في الإستفادة من الإعلام بكل أنواعه ونحن مازلنا نتحدث ونناقش ونتحاور! حفظ الله مصر جيشا وشعبا.