أسكن في شارع مصطفي بدوي، ويسكن القطب الإخواني الشهير د.عصام العريان في شارع سليمان محمد، الموازي لشارعنا .. والشارعان متفرعان من شارع خاتم المرسلين في مدينة الفنون بأول الهرم .. أي أنهما يتبعان حي 'العمرانية'، ولقد عاني الشارعان اضطهادًا مزمنًا طوال حكم الرئيس مبارك، حيث تركا ممتلئين بالحفر، بلا إنارة أو رصف، صحيح أن شارع د.عصام كان أكثر اضطهادًا وإهمالاً .. لكنهما معًا .. شارعنا وشارعه .. كانا يمثلان النموذج القياسي لعدم احترام آدمية المواطن، ولقد تفرد شارعنا بحديقة كانت يومًا مزدهرة وجميلة، ولكنها تهدمت وتحولت إلي مقلب للزبالة، واحتلها من شاء وأصبحت ملاذًا آمنًا لمدخني البانجو والقطط والكلاب الضالة .. ومنذ سنوات وسنوات فوجئنا بآلات الرصف تدخل إلي الشارعين فهللنا وكبرنا، ولكننا فوجئنا أنها أتت لرصف مداخل الشارعين فقط حتي يعتقد السائر في شارع خاتم المرسلين أنهما مرصوفان، وقد كان شار عنا أوفر حظًا من شارع الدكتور عصام حيث نصبت عندنا أعمدة للإنارة ما لبثت أن انطفأت لأسباب مجهولة .. لكننا عانينا في شارعنا معاناة لم يعان منها شارع الدكتور عصام .. فلقد كنا ومازلنا نتعذب من انفجارات 'المجاري' التي تكلفنا تاوات أسبوعية للسادة 'عمال المجاري' الذين لا يسلكونها إلا إذا تقاضوا المعلوم .. لكن شارعه لم يتعرض لهذه الظاهرة مطلقًا، وقيل إن السبب يرجع إلي اهتمام مصلحة المجاري بشارعه حرصًا علي مشاعر ضيوف الدكتور من ضباط أمن الدولة وضباط الأمن المركزي الذين اعتادوا زيارته فجرًا وربمًا يعرقل طفح المجاري مهمتهم 'المقدسة' لذا لم تنفجر في شارعهم ماسورة مجارٍ واحدة لاعتبارات أمنية!! وبشكل عام بات واضحًا لكل ذي عينين أن منطقتنا 'المشئومة' مضطهدة لوجود الدكتور عصام العريان بها .. ولأننا 'جيزاوية جدعان' لم نتململ ولم نغضب وسلمنا أمرنا لله سبحانه وتعالي. وقامت الثورة .. وصبر الناس علي الأحوال والأزمات، والفلتان وكلهم أمل في التغيير والحياة الآدمية الكريمة.. وفجأة .. وبعد أيام من انتخاب الرئيس مرسي فوجئ أهل المنطقة بظهور آلات الرصف تأتي في مظاهرة كبيرة فهللوا وكبروا .. لكن هذه الآلات توجهت إلي شارع الدكتور عصام .. وبدأت عمليات الرصف ليل نهار، وانتظر الناس أن تمر علي شارعنا دون جدوي ولم يعرف هؤلاء البسطاء الذين تحملوا ما تحملوا أن 'الحكم المحلي' قرر رصف شارع د.عصام العريان فقط؛ لأن الرجل علي رأس حزب رئيس الجمهورية، أي أن الدولة ببساطة مازالت تسير علي نفس منهج نظام مبارك ولا تعرف غير مصلحة 'الحكام'، ولا تهتم إلا بالسادة أيًا كانوا، بل لا تعترف بالمواطن أساسًا. فما موقف 'السادة الجدد' من هذا المنهج إذا كانوا ينتمون إلي الثورة ويعبرون عن أهدافها كما يدّعون؟! الطريف أن أهل شارعنا يتساءلون الآن بتهكم: هل قامت الثورة كي يتمتع رموز الإخوان بمزايا رموز الحزب الوطني وليذهب المواطن إلي الجحيم؟! وأخيرًا.. ما رأي جارنا الدكتور عصام العريان في هذا التمييز العنصري وإهدار تكافؤ الفرص بعد ثورة 52 يناير التي استشهد من أجل مبادئها أنبل أبناء مصر؟!