يحتفل العالم الثلاثاء باليوم الدولي لمكافحة إساءة استعمال المخدرات والاتجارغيرالمشروع بها وكانت الجمعية العامة للامم المتحدة قد قررت الاحتفال به في عام 1986 نتيجة للتوصيات التي خرج بها المؤتمرالدولي لمكافحة المخدرات وإساءة استعمال العقاقيروالاتجارغيرالمشروع بها. ويأتي الاحتفال هذا العام تحت شعار 'نحو مجتمعات صحية خالية من المخدرات' بهدف توجيه رسالة توعية للأسرة- وخصوصا الوالدين - والمعلمين ,والمراهقين والشباب ,وصناع القرارات الدولية والصحية والاجتماعية والنفسية , ومراكز إعادة تأهيل المدمنين وعلاج المتعاطين والعاملين فيها..والمجتمع عامة. ومن أهداف الأحتفال بهذا اليوم رفع مستوي الوعي الاجتماعي بأضرار المخدرات وتأثيراتها الصحية والنفسية والاجتماعية والاقتصادية , والتأكيد والتركيز علي علاقة إدمان المخدرات بتدهور الصحة , وزيادة وعي المجتمع بخطورة الاتجار في المخدرات وآثارها السلبية علي المجتمع , بجانب تفعيل التعاون بين المنظمات المسؤولة لغرض مكافحة تعاطي المخدرات واستخدامها والاتجار بها , وحشد الدعم لتشجيع مكافحة المخدرات في المجتمع. ولا تزال مشكلة المخدرات العالمية تشكل خطرا جسيما علي الصحة العامة وسلامة البشرية ورفاهيتها, ولا سيما الشباب, والأمن الوطني للدول وسيادتها, ولأنها تهدد الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي والسياسي والتنمية المستدامة.. فقد اكد الامين العام للامم المتحدة بان كي مون ان اللجنة ومكتب الأممالمتحدة المعني بالمخدارت والجريمة شجعا علي مواصلة مساعيهما في ما يتعلق بالمراقبة الدولية للمخدرات وحثت جميع الحكومات علي أن تقدم أقصي دعم مالي وسياسي ممكن لتمكين المكتب من مواصلة أنشطته في مجال التعاون التنفيذي وتوسيع نطاقها وتعزيزها, في إطار ولايته. وذكر مون ان نهاية القرن الأول من مراقبة المخدرات 'التي بدأت في مدينة شنغهاي عام 1909'صادفت انتهاء العقد الذي استهلته الجمعية العامة في دورتها الاستثنائية المخصصة لمشكلة المخدرات في عام 1998, وحفزت هاتان المناسبتان التفكير في مدي فعالية سياسة المخدرات وحدودها, وأسفر الاستعراض عن إعادة التأكيد علي أن المخدرات ما زالت تشكل خطرا علي البشرية, ولهذا السبب, فإن المخدرات خاضعة للمراقبة وينبغي أن تظل كذلك, وقد حدا هذا الإقرار بالدول الأعضاء إلي تأكيد دعمها الصريح لاتفاقيات الأممالمتحدة التي أنشئ بمقتضاها النظام العالمي لمراقبة المخدرات. وتشير الإحصاءات العالمية إلي أن عدد مستعملي المخدرات يزيد علي 200 مليون شخص, كما أفادت منظمة الصحة العالمية أن 3و15 مليون شخص يصابون بالأمراض بسبب التعاطي . وتعد مشكلة المخدرات حاليا من أكبر المشكلات التي تعانيها دول العالم وتسعي جاهدة لمحاربتها لما لها من أضرار جسيمة علي النواحي الصحية والاجتماعية والاقتصادية والأمنية, ولم تعد هذه المشكلة قاصرة علي نوع واحد من المخدرات أو علي بلد معين أو طبقة محددة من المجتمع, بل شملت جميع الأنواع والطبقات,كما ظهرت مركبات عديدة جديدة لها تأثير واضح علي الجهاز العصبي والدماغ . ومشكلة التعاطي والإدمان ليست محلية بل عالمية في أبعادها الوخيمة فقد زادت نسبتها ستة أضعاف ما كان سائدامن قبل, ويؤكد الخبراء أن هذه الظاهرة تزداد عالميا مع ما يشهده العالم من توسع كبير في استخدام شبكة المعلومات ووسائل الإعلام الأكثر تطورا, وذلك يزيد من قدرة عصابات الإنتاج والتهريب علي تبادل المعلومات والخبرات التي تساعدهم علي تطوير أنشطتهم الإجرامية . ووفقاkلتقارير الأممالمتحدة فإن تجارة المخدرات تمثل المركزالثالث ضمن الأنشطة التجارية والاقتصادية العالمية, ويتم سنوياغسيل حوالي 120 بليون دولار من تلك التجارة في أسواق المال العالمية ومن خلال المصارف والبنوك الكبيرة. وتؤكد إحصائيات الأممالمتحدة أن إنتاج المخدرات يتركز في عدد من البلادمنها أفغانستان وهي أكبر منتج للحشيش ولصناعة الهيرويين حيث انتجت 87% من إنتاج الأفيون في العالم وازدادت المساحات المخصصة لزراعة الخشخاش ب 62% وفي المقابل قللت بورما ولاوس من زراعة الخشخاش بنسبة 43% ,وتعتبر أوروبا الغربية المستهلك الرئيسي للمخدرات الأفغانية وترتفع حصة استهلاك المخدرات الأفغانية في الولاياتالمتحدة واليابان واستراليا, وبالمقابل احتفظت كولومبيا وبيرو وبوليفيا بمعظم إنتاج الكوكايين وكولومبيا وحدها مسئولة عن ثلثي انتاجه " حوالي 80% " . ويتسع نطاق الزراعة غير المشروعة للحشيش في العديد من الدول, حيث أبلغت 120 دولة عن تلك الزراعة, وقد أدي نمو تجارة المخدرات علي تزايد تكاليف مواجهتها طبيا واجتماعياوبوليسيا . وتتفاوت أنواع المواد المخدرة في درجة تأثيرها وطريقة عملها علي الجهاز العصبي للإنسان ومنها الحشيش والماريجوانا والمخدرات المنشطة مثل الكوكايين ,والمواد المهلوسة مثل 'إل. إس. دي' والمواد المستنشقة 'العطرية' مثل الصمغ ,والمسكنات والمهدئات الطبية مثل المورفين. ويؤكد الخبراء انه اذا كانت أغلب التشريعات الحديثة قد أدرجت جريمة الاتجار في المخدرات ضمن قوانينها الاقتصادية وبعضها الآخر في الطريق إلي ذلك, فلأن المشرع أصبح يعي بخطورة الأفعال التي تشكل جريمة الاتجار غير المشروع للمخدرات, حيث ان الاتجار في المخدرات إجرام منظم يتسم بكثير من الخطورة, وهو غالبا ما يحول الجريمة من جريمة فردية إلي جريمة منظمة, كما أنه في الغالب ينقلها من جريمة ذات طابع محلي إلي جريمة دولية عابرة للحدود , و هذا النوع من الإجرام - نظرا لخطورته - قد يستغل لارتكاب جرائم أخري ان الاتجار بالمخدرات - الذي كان فيما سبق ينظر إليه علي أنه مشكلة اجتماعية وجنائية- تحول في السنوات الأخيرة إلي خطر رئيسي يهدد صحة وأمن البشركما يهدد الصحة والأمن في مختلف المناطق , فسوق المواد الأفيونية في أفغانستان, التي تبلغ قيمتها السنوية 61 بليون دولار, تمول حركات التمرد والإرهاب الدولي وزعزعة الاستقرار علي نطاق واسع , وفي غربي أفريقيا, تؤدي تجارة الكوكايين العالمية- التي يبلغ حجمها 85 بليون دولار- إلي تفاقم الإدمان وغسل الأموال, إلي جانب تأجيج الاضطرابات السياسية والتهديدات الأمنية, فكل بليون دولار يتأتي من تهريب الكوكايين النقي عن طريق غربي أفريقيا يحقق مكسبا يزيد علي عشرة أضعاف عند بيع ذلك الكوكايين في شوارع أوروبا. ولمكافحة تجارة المخدرات تمضي التشريعات المعاصرة الآن نحو تجريم هذا النوع من الأفعال باعتباره جريمة اقتصادية تهدد الكيان الاقتصادي للدولة ,كما أن المجتمع الدولي يحث الدول علي تبني هدا الاتجاه, و يشجع علي ابرام معاهدات و عقد اتفاقيات تنص علي محاربة هده الظاهرة ووضع حد لآثارها السلبية, و من الاتفاقيات التي تبنت هذا الاتجاه اتفاقية الاممالمتحدة لمكافحة الاتجار غير المشروع في المخدرات و المؤثرات العقلية, المعروفة باتفاقية فيينا الصادرة في 20 يناير 1988 ,والاتفاقية العربية لمكافحة المخدرات المبرمة بتونس سنة 1994 ,واتفاقية الاممالمتحدة المتعلقة بالفساد المالي 'الرشوة' لسنة 2003 أيضا مضت في هدا النهج ,واتفاقية الاممالمتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية الموقع عليها بتاريخ 12 ديسمبر 2000, التي جرمت غسل العائدات الإجرامية بمقتضي المادة السادسة. ويدعو المجتمع الدولي كل الدول بالمصادقة علي كافة أو أغلب الاتفاقيات الدولية التي تبرم في إطار الأممالمتحدة أو أحيانا تستعمل الدول العظمي الضغط الاقتصادي أو السياسي لإلزام دول أخري علي المصادقة, مما يعني ضرورة تدخل المشرع الجنائي من أجل حماية الاقتصاد الوطني.