لا تنحصر الحرب الشاملة على الإرهاب فى المواجهة مع شرذمة من المتطرفين الذين يعتنقون أفكارًا ضالة مُضللة ومن ثم ينفذون عمليات إرهابية عشوائية بتمويل يعتمد على التبرعات والمساهمات الفردية التى تكفى لشراء أسلحة نارية محدودة مسروقة أو مهربة أو مُصنَّعة محليًا.. ولسنا أمام مئات من فلول التنظيم الإخوانى والجماعات المتأسلمة التى تفرق جمعها بعد فض اعتصامى «رابعة والنهضة». الحقائق على الأرض تقول لكل ذى بصر وبصيرة إن الجماعات الإرهابية مجرد أدوات يحركها تحالف دولى يقدم لها كل الدعم المالى والعسكرى والإعلامى، لتخوض حربًا بالوكالة تستمر سنوات وسنوات، إذا لم تجد جيشًا وشعبًا يقف لها بالمرصاد ويقتلع شجرتها الخبيثة وينفذ عمليات شاملة لتجفيف المنابع وتطهير تراب مصر من دنس الإرهاب والإرهابيين. لقد خرج التنظيم الإخوانى الإرهابى من باطن أرض مصر إلى ظاهرها بعد الحادى عشر من فبراير 2011، وأرسل المئات من عناصره إلى المناطق السورية التى تحتلها الميلشيات المسلحة، بدعاوى ظاهرها «الجهاد» وباطنها تدريب عناصر إخوانية تُشكل نواةً للجناح العسكرى والحرس الثورى المدنى، الذى تحولت عناصره فيما بعد إلى خلايا وحركات إرهابية متعددة الأسماء والمسميات مثل «المقاومة الشعبية.. حسم.. لواء الثورة». انتقلت العناصر الإخوانية إلى سوريا ومعها عناصر أخرى من تنظيمات «الجماعة الإسلامية»، و«الجهاد» و«السلفية الجهادية»، و«حازمون»، بمساعدة ودعم من التنظيم الإخوانى الدولى، وبعد تدريبات مكثفة على استخدام الأسلحة الخفيفة فى حرب الشوارع، عاد نفر منهم إلى مصر للمشاركة فى خطة حماية الثورة المزعومة واستمرت أعداد أخرى فى تلقى تدريبات متطورة، إلى أن جاء دورها للمشاركة مع الدواعش وخلايا الجناح العسكرى الإخوانى فى العمليات الإرهابية التى شهدتها مصر بعد أغسطس 2013 م. فى معسكرات تدريب التنظيمات الإرهابية داخل الحدود التركية والمناطق السورية المحتلة، وفى معسكرات أخرى فى ليبيا، وإحدى الدول العربية، كانت برامج تأهيل العناصر الإجرامية تتضمن التدريب على صناعة صواريخ مضادة للطائرات وصواريخ مضادة للسفن الحربية، والغواصات، وتحويل صواريخ أرض- أرض إلى صواريخ أرض - جو المضادة للطائرات، وكذلك تحويل صواريخ أرض – أرض إلى صواريخ أرض- بحر مضادة للسفن الحربية والغواصات وتحويل قذائف الهاون إلى قذائف مضادة للطائرات، بالإضافة إلى تدريبات عسكرية متقدمة، تؤكد أن الحرب على الإرهاب أصبحت ضرورة ولا مفر منها. ومع التحركات الأولى لتأسيس حزب «الحرية والعدالة» الذراع السياسى لجماعة «الإخوان» الإرهابية، كانت الجماعة تقدم التمويل اللازم لتأسيس الأذرع السياسية لتنظيمات أخرى متأسلمة مثل حزب «البناء والتنمية» الذراع السياسية لتنظيم «الجماعة الإسلامية» الإرهابى، وبالتوازى مع تأسيس الكيانات السياسية عمليات تسليح عناصر من تنظيمات «الجماعة الإسلامية» و«الجهاد» و«السلفية الجهادية» فى سيناء ومطروح والعديد من المحافظات، بدعم قطرى وتركى، وبدعاوى أن الحق لابد له من قوة تحميه وأن القوة مطلوبة لتأمين مسار الثورة وخطة التغيير المزعومة، وطلب التنظيم الإخوانى الملايين من الدول الداعمة ورجال الأعمال والكيانات الاقتصادية المتأسلمة تحت مسميات زائفة وشعارات براقة.. وباسم المشروع الإسلامى والدولة الإسلامية جمع تنظيم «الإخوان» المليارات من الداخل والخارج، وسارت التنظيمات الأخرى على ذات النهج ، فكان تنظيم مثل «الجماعة الإسلامية» يتقاضى الدعم من جماعة «الإخوان» ويقول هل من مزيد ويطلب التبرعات من شخصيات فى الخليج والدول العربية!! استغلت بعض العناصر الإرهابية حالة الفوضى فى ليبيا وسافرت إلى هناك بدعوى تقديم الدعم إلى الثورة الليبية، ولكن الهدف نهب ثروات الدولة الشقيقة، والعودة بسبائك الذهب والسيارات الجديدة والقديمة المسروقة، وكان بعضها يتم بيعه بملفات مزورة والبعض الآخر يتم تفكيكه وبيعه كقطع غيار داخل مصر. وشهدت الفترة من الحادى عشر من فبراير 2011 وحتى الثلاثين من يونيو 2013 حفر أكبر عدد من الأنفاق فى سيناء لتهريب الأسلحة ونقل وتهريب المواد التموينية المدعومة، وكذلك المواد والمشتقات البترولية والسيارات المسروقة إلى خارج البلاد. وحضرت وفود رجال الأعمال القطريين والأتراك إلى مصر لتحصيل مقابل التبرعات والمساهمات التى حصلت عليها جماعة «الإخوان»، وحاول خيرت الشاطر وعصابته أن يفتحوا لهم ثغرات فى مجالات عمل تتصل بالأمن القومى المصرى بالتعاون مع عشرات الشركات الإخوانية.. لكن كانت عيون مصر الساهرة ترصد وتتابع وتقف لهم بالمرصاد. فرض تنظيم «الإخوان» الإرهابى سيطرته على عدد كبير من المساجد وترك بعضها لحلفائه من الجماعات المتأسلمة، وكان يتم توزيع الخطباء حسب أهواء القيادات الإخوانية، ودفع التنظيم الإرهابى بعناصره إلى المناطق الشعبية ومناطق الإسكان المتوسط للسيطرة عليها، وبدأت الجماعة فى تأسيس امبراطورية إعلامية تضم قنوات فضائية وصحف ومواقع وصفحات وحسابات إلكترونية، وكانت الجماعة تستعد لإطلاق إذاعة (إف إم) تبدأ فى نطاق القاهرة الكبرى. فى يناير 2013 بدأت بوادر صراع الغنائم بين جماعة «الإخوان» وحلفائها وتحرك بعض الحلفاء لانتزاع سلطة الحكم تدريجيًا من التنظيم الإخوانى وتم الإعلان عن أول تحالف يضم سبعة من الأحزاب المتأسلمة التى كانت تخطط للحصول على الأغلبية فى أول انتخابات برلمانية، ومن ثم تتمكن من تشكيل الحكومة، وتطرح مرشحًا رئاسيًا فى مرحلة تالية، وكان التحالف المرتقب نذير حرب بصراع مسلح بين عدد من التنظيمات المتأسلمة.. لكن جاءت ثورة الثلاثين من يونيو 2013 لتتحطم أحلامهم وأوهامهم على صخرة الغضب الشعبى، وتنتهى المعارك المتوقعة بين المتأسلمين المسلحين، وتنتهى معها أحلام جماعة «الإخوان» الإرهابية فى إقامة امبراطورية حاكمة لمصر والعديد من الدول. ارتكبت عناصر الجناح العسكرى الإخوانى والخلايا العسكرية الموالية لها من التنظيمات الحليفة العديد من الجرائم بعد أحداث يناير 2011 وحتى نهاية عام حكم «الإخوان» اليتيم فى الثالث من يوليو 2013، فشاركوا فى حصار مجلس الدولة والمحكمة الدستورية ومدينة الإنتاج الإعلامى، وقتلوا وأصابوا المتظاهرين الأبرياء فى محيط قصر الاتحادية الرئاسى فى ديسمبر 2012، واشتركوا فى اختطاف وقتل وتعذيب المتظاهرين فى محيط مكتب الإرشاد بالمقطم وعدد من مكاتب حزب الحرية والعدالة فى أسيوط وغيرها من المحافظات. ومازالت تسجيلات المنفلتين من أعضاء التنظيم الإخوانى وحلفائه تشهد أن خيرت الشاطر قال لهم إن الجماعة جهزت مائة ألف مسلح ينتظرون الإشارة للتحرك فى أى وقت.. والتحرك المقصود هو العمليات الإرهابية فى مواجهة قوات الجيش والشرطة وطوائف الشعب المصرى التى تلتف حول مؤسسات الدولة. كان البيان الذى ألقاه الفريق أول عبد الفتاح السيسى فى الثالث من يوليو 2013 هو الإعلان الحقيقى للحرب الشاملة على الإرهاب، فحشد التنظيم الإخوانى عناصره فى ساحتى «رابعة والنهضة» واختار من مسجد «رابعة» والقاعات الملحقة به مقرًا لغرفة العمليات التى تدير خطة الهجوم على الوزارات والهيئات والمؤسسات الحكومية فى القاهرةوالمحافظات، وعادت التنظيمات المتأسلمة إلى عباءة «الإخوان» مرة أخرى وبدأت فى التخطيط لنشر الفوضى وإسقاط الدولة وأصدر التنظيم الإخوانى تكليفاته بتحريك الجماعات المسلحة لعزل سيناء عن مصر شرقًًا وفصل مطروح والمناطق الشمالية غربًا وتوسيع نطاق الاعتصامين فى «رابعة والنهضة» للسيطرة على أكبر مساحة ممكنة فى القاهرة والجيزة. كان لابد من فض الاعتصامين لتدمير مركز القيادة والتخطيط، وتفكيك الخلايا الإرهابية المتحصنة بساحتى الاعتصام، ومن ثم حاولت العناصر الإخوانية التجمع فى مناطق أخرى لخلق بؤر إرهابية متعددة فى الميادين الكبرى بالقاهرةوالمحافظات، وتصدت قوات إنفاذ القانون لمحاولات الاعتصام فى عين شمس وألف مسكن والمطرية وميدان الاستقامة وكرداسة بالجيزة، ووقفت قوات الأمن بالمرصاد لكل محاولات قطع الطرق الزراعية ومخططات عزل وحصار عدد من المحافظات والمدن والقرى، واستهداف الكنائس ودور العبادة. جمع التنظيم الإخوانى عناصره العائدة من سوريا وليبيا ودول أخرى، وتم تقسيم الجناح العسكرى إلى خلايا عنقودية تنفذ مخططات إجرامية تتضمن فى مرحلتها الأولى استهداف قيادات الجيش والشرطة والقضاة، وتخريب وإتلاف مرافق الكهرباء والمياه والصرف الصحى، واستهداف الشركات والبنوك، وتم القبض على عدد كبير من العناصر الإرهابية، ونجحت الضربات الأمنية المكثفة فى إحباط العديد من العمليات الإرهابية والمؤامرات، فلجأ التنظيم الإخوانى إلى خلاياه النائمة لاستكمال محاولات تخريب الاقتصاد القومى، وتعزيز الفساد ودعم الفاسدين.. والهدف إسقاط هيبة الدولة ونشر حالة من اليأس بين صفوف المواطنين. رفض الرئيس عبد الفتاح السيسى استخدام الأدوية المؤقتة والمُسكنات فى مواجهة بؤر الفساد السرطانية المنتشرة وأمسك بأدوات الجراحة ولم يستثن كبيرًا أو صغيرًا.. وزيرًا أو محافظًا، وظهرت نتائج العمليات الجراحية فى استرداد أراضى الدولة وإعادة الكثير من أموالها وثرواتها المنهوبة.. ومن هنا أصبح الرئيس السيسى عدوًا للجماعات الإرهابية وأباطرة الفساد فى وقت واحد!! وكما عاد «الإخوان» إلى باطن الأرض واستعانوا بالخلايا النائمة، بحث الفاسدون عن ملاذ آمن وقام بعضهم بتقديم الدعم الخفى للعناصر الإرهابية، بينما قام آخرون بتقديم كل الدعم لبعض الفاسدين وأصحاب الضمائر الخربة فى بعض القطاعات للقيام بكل ما يمكن القيام به من تخريب وهدم وفساد وإفساد، واستعان الفريقان (الإخوان وأباطرة الفساد) باللجان الإلكترونية داخل مصر وخارجها للتشكيك فى القوات المسلحة والشرطة والقضاة، وترويج الشائعات والأكاذيب والمعلومات المغلوطة التى تضر بالأمن القومى للبلاد. وكانت سيناء بحاجة إلى المزيد من العمليات العسكرية لتطهيرها من العناصر الإرهابية التى استغلت شبكة الأنفاق والطبيعة الجغرافية، والتجمعات السكانية، وعلى مدار خمس سنوات، سَطَر رجال القوات المسلحة والشرطة إنجازات كبيرة فى مواجهة المؤامرة الإرهابية الدولية، وما زالت الأعمال البطولية مستمرة ولن تتوقف إلا باقتلاع آخر جذور الإرهاب. مع بداية عام 2018 كانت قوات الجيش والشرطة على أهبة الاستعداد لتنفيذ عمليات حاسمة فى إطار الحرب الشاملة على الإرهاب وفى صباح الجمعة التاسع من فبراير الجارى، بدأت القوات المسلحة بالتعاون مع أجهزة الأمن بوزارة الداخلية فى تنفيذ خطة المجابهة الشاملة للتنظيمات الإرهابية بشمال ووسط سيناء، بالإضافة إلى دلتا مصر والظهير الصحراوى غرب وادى النيل، كما بدأت فى تنفيذ مهام تدريبية واستراتيجية أخرى بغرض إحكام السيطرة على المنافذ الاستراتيجية، وتطهير المناطق التى تتواجد بها بؤر إرهابية، مع مجابهة الجرائم الأخرى التى تهدد أمن واستقرار الوطن. وقد أكدت نتائج العملية (سيناء 2018) فى أيامها الأولى أن قرار الحرب الشاملة على الإرهاب كان ضرورة لإنقاذ مصر الوطن والمواطن وحماية كيان الأمة العربية.