من المعروف ان مصر تمتلك مقومات سياحية لا تتوافر لدى أى دولة اخرى بالعالم ، آثار فرعونية وقبطية واسلامية ورومانية ويونانية ، شواطئ ممتدة بالساحل الشمالى وساحل البحر الأحمر ، مصايف ومشاتى ، رياضات مائية ، معارض ومؤتمرات ومهرجانات دولية ، أماكن استشفاء مثل سيوة وسفاجا ... الخ يكفى ان بها الأهرامات (احد عجائب الدنيا ) ، والأقصر التى تضم وحدها ثلث آثار العالم !! ورغم ذلك فإن الدخل القومى من السياحة لا يتعدى 6 مليار دولار سنويا !! فى حين ان دول أخرى لا تمتلك إلا القليل من العناصر السياحية يتعدى دخلها السياحى ضعف هذا الرقم !! وبسبب أحداث2011 وماتلاها من ازمات ، تراجعت معدلات السياحة ، تناقصت أعداد السائحين القادمين إلى مصر ، وبالتالى انخفضت الايرادات ، لذا لجأت الحكومة المصرية ممثلة فى وزارة السياحة وهيئة تنشيط السياحة إلى محاولة لانقاذ القطاع السياحى من الانهيار بواسطة تنشيط السياحة الداخلية ، ولكن .. ارتفعت صرخات أصحاب المنشآت السياحية والعاملين بالسياحة بسبب سلوكيات السائح المصرى ، ووصل الأمر ببعض المستثمرين إلى إغلاق منشآتهم بدلا من استقبال الأفواج المصرية!! فما هى الأسباب الى جعلت من المصرى أسوأ نموذج للسائح ؟! فلنعترف ان النشاط السياحى هو ثقافة جديدة على أغلب طبقات الشعب المصرى ، فقد كان المصريون حتى سنوات قليلة ماضية لا يعرفون سوى مصيف الاسكندرية ، ودائما يفضلون تأجير شقق مصيفية بدلا من الاقامة بالفنادق (المقتصرة على الطبقات المخملية للمجتمع المصرى ) ، وتصاحبهم عاداتهم اليومية من تنظيف الشقة وتحضير الطعام وغسل الملابس .. الخ وكأن المصيف انتقالا مكانيا فقط لا غير !! ولكن مع تغير الزمن ، واكتشاف أماكن سياحية جديدة داخل مصر ، وظهور عروض مخفضة تناسب طبقات الشعب المتوسطة ، واغراء المؤثرات المختلفة ، بدأت الأسر المصرية فى تجربة هذا النمط السياحى الجديد (رحلات سياحية شاملة للانتقالات والاقامة بالفنادق والوجبات والنزهات .. الخ فى باكدج Package واحدة ) ، ونظرا لعدم وعى المواطن المصرى سياحيا ، ظهرت بعض السلوكيات السلبية . اولها ما يحدث فى الفنادق ، كالاستخدام السئ لكل ما هو متاح ، عدم الحفاظ على ممتلكات ومرافق الفندق ، التخريب جهلا او تعمدا ، الاستيلاء على بعض الأدوات بحجة انها ذكرى ، والسلوك الاستهلاكى المبالغ فيه خاصة فى الفنادق المتبعة لنظام Open buffet مما يؤدى لإهدار كميات هائلة من الطعام ، هذا بخلاف الضوضاء وعدم مراعاة وجود آخرين قد لا يناسبهم الصخب ، والتعامل مع العاملين بأسلوب خال من الاحترام أحيانا .. الخ وياتى بعد ذلك سلوكياته تجاه المكان السياحى ذاته سواء شواطئ أو حمامات سباحة ، بداية من عدم الالتزام بتعليمات ونظام ادارة المكان وتعمد مخالفتها كنوع من (الفهلوة) المصرية ، إلقاء المخلفات فى كل مكان وعدم الاهتمام بقواعد النظافة ، السلوكيات الغير ملائمة التى تزعج الآخرين . والاصرار على اصطحاب المأكولات رغم مخالفة ذلك للنظام المتبع . أما فى الأماكن الأثرية فالوضع أسوأ ، لا يوجد أى وعى للتعامل مع الأثر ، هذا يجلس عليه ، وهذا يحاول الكتابة على جدرانه لتخليد تاريخ زيارته وكأنه رمسيس الثانى !! ، وأخر يصر على استخدام فلاش أثناء التصوير رغم منعه فى بعض المتاحف حفاظا على المقتنيات الأثرية ، والبعض يتعمد لمس المعروضات دون أى وعى بأن ذك قد يؤثر سلبا على الأثر . وفى المقابل تجد أن سلوكيات بعض العاملين بالسياحة ايضا تحتاج لإعادة نظر . مثلا بعضهم يتعامل مع السائح المصرى بنوع من التعالى والاحتقار ، ويشعرون فى قرارة أنفسهم انه سائح من الدرجة الثانية وأن الأولوية للأجنبى ، وهذا بدوره ينعكس على رد فعل الضيف المصرى تجاههم وتجاه المنشأة السياحية . وقد يتعمد باعة البازارات رفع الأسعار تحسبا لأسلوب (الفصال) المعتاد من المصريين . اذن مشكلة السياحة الداخلية لها أكثر من محور ، السائح المصرى ، العامل بالسياحة ، وصاحب المنشأة ، وللحديث بقية ..