أكد الإعلامي محمود الورواري، أن المعالجة الأمنية للإرهاب تقع على عاتق الحكومات والأنظمة، ولكن الأدباء والمفكرين يمتلكون سلاحاً يتساوى في القوة لتفكيك الإرهاب والتطرف من المنبع، مشيرًا إلى أن الأدب ابن بيئته فإذا كان الواقع في حالة ارتباك فكري ينتج عنه ظهور الإرهابيين، فإن الأدب سيحمل أوجاع واقعه. وطرح "الورواري" عدة تساؤلات حول مدى اهتمام واحتفاء الحكومات بالأدباء والكُتاب لما لهم من دور مهم في مواجهة تلك الظاهرة، وهل يتوقف دورهم عند رصد الظاهرة فقط، والتي تكون في شكل فيلم وثائقي دون الاهتمام بالشكل الفني، أم تحليل الأفكار دون أن يفقد ذاته وينتقل من دائرة الأدب إلى التأريخ؟ وأشار "الورواري" إلى "أدب الاستعجال" الذي يتناول الأحداث والوقائع بشكل سريع دون انتهائه أو نضوجه، وهذه نقطة الضعف التي أصابت الأعمال الأدبية عقب ثورة 25 يناير، مضيفًا: "حاولت في روايتي (مدد) الابتعاد عن الثورة وحرصت على ربطها بأحداث إنسانية، ففي النهاية ما يبقى هو الأدب المكتمل فنيًا". وأضاف "الورواري" أن البعض يعتقد أن الروائيين الحاليين محظوظين لمعايشتهم هذه الأحداث الكبرى ليس في مصر فقط ولكن في الوطن العربي بأكمله، وهذا فكر خاطئ فالأكثر حظًا هم الروائيين القادمين، مشيرًا إلى موقف عميد الأدب العربي طه حسين في عدم كتابته عن أحداث ثورة 1952، وبرر موقفه بأنه لابد وأن "يهضم الحدث" حتى يتحدث عنه. ولفتت "إنعام كجه جي"؛ كاتبه صحفية وروائية عراقية، أنه في أغلب الأحاديث عن مواجهة الإرهاب والتطرف تطرح الحلول العسكرية وسط تغافل دور الأدب، على الرغم من كونها حرب ضد الظلام والعتمة وتحتاج إلى مواجهة عقلية وفكرية وليس السلاح، مشيرة إلى أنها بدأت في الكتابة الروائية عقب سنوات من الكتابة الصحفية وهي تحمل آمال إنقاذ العراق ممن قاموا بتشويهه دينيًا واجتماعيًا وثقافيًا. وأشارت "جي" إلى أنها تسعى إلى الكتابة عن البلد الراقي المثقف الذي كان يتعايش فيه الجميع، لأن هذه الصورة كادت تتشتت وتضمحل وأصبح هناك أجيال جديدة لا تعرف هذه الصورة. وأكد الكاتب الصحفي سيد محمود، أن الأدب في مصر يمر الآن بلحظة حرجة، لأن البيئة ينتشر بها الأمية مما يجعل حضور الأدب هامشيا وتأثيره ضعيف بصورة كبيرة، مشيرًا إلى أنه عقب ثورة 25 يناير نتج أدب مهم يجب أن يتم الإنصات إليه. وعرض "محمود" الأعمال الأدبية التي رصدت ظاهرة الإرهاب، والتي كان أولها نص الأفيال لفتحي غانم، عام 1980، وعقب ذلك ظهرت العديد من التجارب من بينها رواية "أقلتها" ليوسف إدريس، عام 1981، وفي التسعينات تحولت المواجهة مع الإرهاب إلى الإعلام وشاشة التلفاز. وأوضح "محمود" أن الأدب السوري خلال العشر سنوات الأخيرة، أي قبل بداية الأحداث السياسية بخمس سنوات، رصد الوضع بصورة دقيقة فيما أطلق عليه "بلاغة المقموعين"، إذ حاول الأدباء الرد على الضغط الممارسة على المجتمع بالكتابة، إلا أن النظام لم يكن ينتبه لهم. وأضاف مبارك السالمين، رئيس اتحاد أدباء وكتاب اليمن، أن المكتبة في اليمن من العوامل التي كادت أن تنقرض، فمع بداية سنوات الحرب أصبحت المكتبات والمسارح جزءًا من الماضي وبالكاد يستطيع اليمنيون المحافظة على الجامعات، مشدداً أن العالم العربي في أمس الحاجة إلى ترويض النفس لحثها على المحاسن في ظل الأحداث الدامية التي يعيشها، مضيفًا: "اليوم لا نستطيع حتى أن نتحدث مع أحد في مقهى عام لأننا نتخوف من إرهابه، مما يقتضي بضرورة تعلم مشاعر المحبة والقرب التي تآكلت". وأكد "السالمين" على ضرورة أن يتجه الأدب إلى المدرسة، التي لم تعد السياج الذي يحمي النفس والفضاء المستقطب بل فضاء طارد بسياسات تعليمية وأساليب تدريس غير صالحة، كما أصبح المسرح عدو للسلطة في جميع البلدان العربية على الرغم من كونه أحد أهم وسائل تقويم النفس. جاء ذلك، خلال جلسة بعنوان "الأدب في مواجهة التطرف"، ضمن فعاليات المؤتمر الرابع لمواجهة التطرف، المنعقد بمكتبة الإسكندرية.