قال الدكتور مدحت العدل، رئيس لجنة تطوير السينما، إن الأعمال الفنية من أهم أدوات محاربة الفكر المتطرف، وأن تهميش دور الثقافة من سينما ومسرح ومهرجانات فنية في العديد من الدول العربية هو شكل من أشكال التطرف. وأوضح أن محاربة التطرف لا تقتصر على الأدب والثقافة فقط، بل تبدأ بتقويم الفكر الذي يقوم على التمييز ورفض الآخر. جاء ذلك خلال اليوم الثالث من المؤتمر السنوي الرابع لمواجهة التطرف الذي تنظمه مكتبة الإسكندرية في الفترة من 28 إلى 30 يناير 2018 مجموعة من الجلسات المتوازية التي ناقشت دور الأدب والمؤسسات الثقافية في مجابهة التطرف. وأشار إلى أن "تسليع الثقافة" أصبح هو السائد الآن، وأن النماذج السيئة أو متوسطة الموهبة هي التي تحظى بالقبول والانتشار. وشدد على أهمية أن تتبنى الدول مشروعات ثقافية في كافة المجالات، وأن يسعى الإعلام إلى تقديم النماذج الثقافية الناجحة. وأكد أن العمل الفني هو الأكثر تأثيرًا ونفاذًا للوجدان، ولهذا سعت "العدل جروب" إلى تقديم أعمال درامية تُظهر قيم التسامح وتقبل الآخر، ومنها مسلسل "حارة اليهود"، مشددًا على أن أي عمل ثقافي تنويري هو جهد مبذول لمواجهة التطرف. وقال الإعلامي محمود الورواري إن المعالجة الأمنية للإرهاب تقع على عاتق الحكومات والأنظمة، ولكن الأدباء والمفكرين يمتلكون سلاح يتساوى في القوة لتفكيك الإرهاب والتطرف من المنبع، مشيرًا إلى أن الأدب ابن بيئته فإذا كان الواقع في حالة ارتباك فكري ينتج عنه ظهور الإرهابيين، فإن الأدب سيحمل أوجاع واقعه. وطرح الورواري عدة تساؤلات حول مدى اهتمام واحتفاء الحكومات بالأدباء والكُتاب لما لهم من دور مهم في مواجهة تلك الظاهرة، وهل يتوقف دورهم عند رصد الظاهرة فقط، والتي تكون في شكل فيلم وثائقي دون الاهتمام بالشكل الفني، أم تحليل الأفكار دون أن يفقد ذاته وينتقل من دائرة الأدب إلى التأريخ؟ وأشار الورواري إلى أدب الاستعجال الذي يتناول الأحداث والوقائع بشكل سريع دون انتهائه أو نضوجه، وهذه نقطة الضعف التي أصابت الأعمال الأدبية عقب ثورة 25 يناير، مضيفًا: "ولذلك حاولت في روايتي (مدد) الابتعاد عن الثورة وحرصت على ربطها بأحداث إنسانية، ففي النهاية ما يبقى هو الأدب المكتمل فنيًا". وأضاف الورواري أن البعض يعتقد أن الروائيين الحاليين محظوظين لمعايشتهم هذه الأحداث الكبرى ليس في مصر فقط ولكن في الوطن العربي بأكمله، وهذا فكر خاطئ فالأكثر حظًا هم الروائيين القادمين، مشيرًا إلى موقف عميد الأدب العربي طه حسين في عدم كتابته عن أحداث ثورة 1952، وبرر موقفه بأنه لابد وأن "يهضم الحدث" حتى يتحدث عنه. وقال سيد محمود، صحفي وكاتب مصري، إن الأدب في مصر يمر الآن بلحظة حرجة، وذلك لأن البيئة ينتشر بها الأمية مما يجعل حضور الأدب هامشي وتأثيره ضعيف بصورة كبيرة، مشيرًا إلى أنه عقب ثورة 25 يناير نتج أدب مهم يجب أن يتم الإنصات إليه. وعرض محمود الأعمال الأدبية التي رصدت ظاهرة الإرهاب، والتي كان أولها نص الأفيال لفتحي غانم، عام 1980، وعقب ذلك ظهرت العديد من التجارب من بينها رواية "أقلتها" ليوسف إدريس، عام 1981، وفي التسعينات تحولت المواجهة مع الإرهاب إلى الإعلام وشاشة التلفاز. وأوضح محمود أن الأدب السوري خلال العشر سنوات الأخيرة، أي قبل بداية الأحداث السياسية بخمس سنوات، رصد الوضع بصورة دقيقة فيما أطلق عليه "بلاغة المقموعين"، إذ حاول الأدباء الرد على الضغط الممارسة على المجتمع بالكتابة، إلا أن النظام لم يكن ينتبه لهم.