الآن تبدأ العجلة فى الدوران... فبعد إعلان الهيئة الوطنية للانتخابات عن موعد الاستحقاق الرئاسى المرتقب والمقرر له مارس القادم.. هل نحن على اعتاب انتخابات رئاسية تعددية تجرى فى ظروف طبيعيه لأول مرة فى تاريخنا المعاصر أم ان الأمر سيستمر استثنائيًا أيضًا هذه المرة..!! عرفت مصر تجربة الانتخابات التعددية مؤخرًا بعد عقود من الاستفتاءات الأحادية معلومة النتيجه مسبقًا، حيث كانت المحاولة الأولى فى عام 2005 لانتخابات تعدديه شكلًا لا مضمونًا تنافس فيها بعض المرشحين امام الرئيس الاسبق مبارك الذى فاز باكتساح فى النهاية فى تجربة ضعيفة المستوى والاداء والشكل.. أما المحاولة الثانية فكانت فى ظروف استثنائية فى اعقاب ثورة يناير وحالة الفوضى السياسية التى عاشتها البلاد لتخرج انتخابات 2012 بشكل استثنائى أيضًا لا يعبر عن تعددية حقيقية أو ديمقراطية كاملة وانما كان الصوت الاعلى للفكر الذى رُوج له حينها بأنه الأفضل لمصر فى تلك المرحلة حتى ثبت عكس ذلك تمامًا خلال عام فقط من حكم الإخوان وتيار الإسلام السياسى.. التجربة الثالثة كانت فى انتخابات 2014 أيضا فى ظروف سياسية واجتماعية أشد وطأة وفى أعقاب ثورة 30 يونيو وفض اعتصامات الإخوان وبعد إفشال مخططاتهم للسيطرة على مفاصل الدولة ومقاليد الحكم وفى أجواء لم يكن لها أن تفرز أفضل مما شاهدناه حينها من أسماء متنافسه ليفوز الرئيس السيسى بولايته الأولى بدون عناء أو جهد أو أى منافسه تذكر. نظريًا.. تأتى انتخابات 2018 والوضع المصرى أفضل نسبيًا، حيث لا ثورات ولا اعتصامات أو مظاهرات فئويه أو سياسية.. فهل الأرض ممهدة حقًا لمشاهدة استحقاق رئاسى تعددى مميز أم ستقسو علينا الظروف مجددًا وتحرمنا من تلك الرفاهية تحت وطأة العمليات الإرهابية المتكررة والتقلبات المتسارعة فى المشهد السياسى الدولى وخاصة فى منطقتنا الشرق أوسطية الملتهبة ومحاولات جر مصر لصراعات ونزاعات إقليمية لا جدوى منها إلا إسقاط وكسر هذا الوطن الصامد خلال سنوات التشتت. واقعيًا.. ستكون الإجابة لا.. فمع ظروف مثل تلك ومع حالة الفراغ السياسى السائدة واختفاء الرموز القادرة على صنع الفارق وفى ظل اصطفاف وطنى منشود لعبور تلك المرحلة واستكمال مسيرة بناء الوطن وجنى ثمار الصبر يبدو اننا سنرضى بكل قناعه وايمان بمرور هذه التجربة بنفس الشكل الذى مرت به فى 2014 ليستمر الرئيس السيسى لأربع سنوات قادمة يحاول فيها جاهدًا أن يستكمل ما بدأه من مشروعات عملاقة وحفاظ على هوية الوطن وحدوده وثوابته وليتأجل موعد التمتع بجولة انتخابات تعددية وتنافسية كاملة إلى مرحلة لاحقة ربما نصل اليها عام 2022 حينما يكون الوطن قد حقق خطوات تقربه إلى الاستقرار الاقتصادى والاجتماعى المرجو وتنشط الأحزاب بعض الشىء لتقدم مرشحين جددًا يتنافسون بشكل واقعى وليس افتراضيًا فى انتخابات عادية كما نشاهد فى أغلب دول العالم شرقًا وغربًا. نعم ستمر انتخابات هذه المرة هادئة محسومة ومن جولتها الأولى ولكن سيظل لدينا مطلبان ورجاءان سيمنحان تلك الجولة بعض البهاء فى عيون المصريين ومن يتابعونهم فى الخارج.. أول هذين المطلبين أن يتوافر لدينا على الأقل بعض المرشحين المتنافسين فى حدود إمكانياتهم بالطبع والمطلب الثانى هو أن نرى عدة ملايين من المصريين فى لجان الانتخاب ليقولوا نعم لاستكمال المسيرة ولعبور تلك المرحلة الشاقة من تاريخنا المعاصر رغمًا عن الظروف والانتقادات الدولية المغرضة ومحاولات التفرقة وإسقاط البلاد فى دوامات الفتن. بموضوعية وبعيدًا عن التهليل الأجوف المفرغ من أى منطق أو فكر ستجد أن المرحلة لا تعطى لأى مصرى غيور على بلاده رفاهية التجربة السياسية الكاملة فالوضع حقًا لا يحتمل اى تجارب جديدة مريرة والأسماء المطروحة على الساحة لا تصلح فى أفضل الحالات حتى لرئاسة حزب أو نادٍ رياضى فكيف الحال بدولة بحجم مصر وقدرها وتركيبة أهلها العبقرية الفريدة وفى تلك الظروف غير العادية من تاريخها.. سيمر الامر بهدوء وسندعم مصر ورئيسها المنتخب بكل قوه ولنبدأ بعد ذلك وعلى مدار 4 سنوات قادمه فى الاستعداد لاستحقاق انتخابى تعددى تنافسى عام 2022 بما يليق باسم مصر الرائدة فى العمل السياسى والممارسة الحزبية منذ أكثر من 100 عام.... حفظ الله مصر الوطن وعبر بها إلى بر الأمان تحت قيادة رجل وعد فاجتهد أن يوفى وما زال لديه 4 سنوات أخرى كافية إن شاء الله لأن يصنع لمصر وللمصريين مستقبلًا أفضل مما عاشوه..