انتهى الاستحقاق الأول، وأقصد الموافقة على الدستور، وتتصارع الأفكار والآراء اليوم عما سيحدث فى ذكرى 25 يناير 2011. سيكون يوما عاديا يثبت أن الدولة المصرية فى الطريق الصحيح والطريق لاكتمال أركانها الأساسية، وننتظر الآن الاستحقاق الثانى وهل سيكون الرئاسة أم البرلمان. وتتضارب الأنباء والأفكار حاليا عن أشياء كثيرة – التعديل الوزارى – الرئاسية أم البرلمانية – هل سيترشح الفريق الأول عبد الفتاح السيسى لمنصب الرئيس – قانون الانتخابات. ولا أدرى لماذا نملك الإحساس بأن الوقت فى صالحنا وأن رفاهية الانتظار ومساحة الوقت ملك لنا. من أين أتى الإحساس بأنه لا توجد ظروف استثنائية تستدعى أن تكون مجريات الأمور بشكل أسرع وبوتيرة تعكس الحالة التى يمر بها هذا الوطن. وكنا قد حضرنا ندوة هامة للسيد الدكتور أشرف العربى وزير التخطيط الأسبوع الماضى، نتحدث فيها عن التحديات الاقتصادية القادمة وخاصة قضية الدعم، ودعم الطاقة الذى يشكل نصيبا هائلا من الميزانية، وأشار إلى حقيقة مؤلمة وهى أن فلسفة الدعم أن نخفض الفقر، ولكن عمليا مقدار الدعم يزداد سنويا ونسبة الفقر تزداد أيضا. هذا الخلل سيكون التحدى الأهم أمام الرئيس القادم والحكومة الجديدة. نستنتج أن رفاهية الكلام انتهت وجاءت لحظة الحقيقة، لحظة العمل والعمل فقط. نحتاج فى المرحلة القادمة إلى سلوك جديد ومفاهيم عميقة تقدس العمل، والانتظار للمطالبة بالحقوق، وصلنا إلى مرحلة الواجبات وأتمنى أن تكون هذه المفاهيم سائدة فى المجتمع المصرى بكل طوائفه. وفى نفس السياق حذر الدكتور تشارلز باول رئيس معهد الكانو الملكى فى أسبانيا، خلال ندوة هامة بمركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء المصرى من حالة الإنهاك السياسى التى قد تصيب المجتمع المصرى الذى أصبح مسيسا بالدرجة الأولى ولا يتحدث فى شىء إلا السياسة، وإن ذلك قد يصيبنا بحالة وصفها بالإنهاك الديمقراطى، كما أكد أنه ليس بالضرورة أن الديمقراطية تحمل فى طياتها نموا اقتصاديا إلا أنها تؤكد على الحراك المجتمعى الذى يصب فى النهاية فى صالح النمو الاقتصادى ولو بعد فترة. وقد اختار المركز خلال الندوة تجربة التحول الديمقراطى فى أسبانيا نظرا لاحتوائها العديد من الدروس القيمة والمميزة، وأن كانت تجارب الشعوب لا يمكن مطابقتها ولكن يمكن الاستفادة منها فقط. وكانت خلاصة هذه الندوة أن الشعب المصرى لن يتحمل مطلقا من الآن أى نظام ديكتاتورى، وأن التحدى القادم فى مصر هو احترام الدستور وتنفيذه، وأن يكون مظلة يعمل الجميع من تحتها. أتحدث مرة ثانية عن عدم إحساسنا بضيق الوقت أمامنا، وأننا نعيش حالة استثنائية تؤكد على ضرورة الإسراع بتطبيق خارطة المستقبل، والإعلان عن بعض الاستحقاقات اللازمة لاستكمال خارطة الطريق بصورة سريعة حتى يستعد الجميع للاستحقاقات التالية والتى ينتظرها العالم كتأكيد للتحول الديمقراطى فى مصر وانطلاق قطار التنمية والبناء. عندما ينشر هذا المقال سنكون فى ذكرى ثورة 25 يناير التى وضعت أمال التغيير السياسى موضع الحقيقة والتنفيذ، وللأسف لا نستطيع القول أننا حققنا أهداف هذه الثورة حتى بعد استكملها بأحداث 30 يونيو 2013. وقد يكون هذا ما أطلق علية المحاضر الأسبانى الإنهاك السياسى الذى يبدو أنه سيظل مصاحبا للمشهد السياسى المصرى لفترة طويلة. وأتمنى أن لا يصل هذا إلى إنهاك اقتصادى يؤثر على الاستقرار السياسى المنشود لمصر. بعض السرعة قد تكون مفيدة لاستكمال المشهد، وبعض الهدوء والسلام الداخلى لكل إنسان يعيش على أرض مصر، قد يكون مفيدًا أيضا.