كشفت حادثة إطلاق النار الأخيرة بمدينة لاس فيجاس الأمريكية والتى وصفت بالأسوأ فى تاريخ الولاياتالمتحدة أن أمريكا التى تذهب للحرب فى دول عربية وإسلامية بذريعة الإرهاب، تعج بالإرهابيين والمنظمات المتطرفة التى تتخذ القتل والإرهاب نهجا لها دون دافع وبالرغم من ذلك لا يطلق الاعلام الأمريكى وصف الإرهاب إلا على الحوادث التى يكون منفذوها مسلمين . المثير أن المجزرة التى ترتبت على إطلاق النار فى «لاس فيجاس» )خلفت 59 قتيلا ومئات الجرحى( لم يوصف الحادث بالإرهاب ولم يطلق لفظ الإرهابى على منفذ الهجوم الذى لم تكن له دوافع للقتل سوى القتل.حيث ينتشر بالولاياتالمتحدة العديد من المنظمات المتطرفة التى يقوم أفرادها بهجمات دموية دون وصمهم بالإرهاب ومن أبرزها: * كهنة فينس وهى منظمة إرهابية مسيحية تستخدم العنف للترويج لرسالتها المبنية على الحقد والكراهية حيث يحث هؤلاء الكهنة أتباعهم على كراهية كل من هو مختلف عنهم فهم ضد الزواج بين الاعراق المختلفة ويقاومون تعدد الثقافات بالاضافة إلى معاداة الديانات الاخرى كاليهودية والاسلام ويتطلعون إلى إنشاء دولة مسيحية مكونة من البيض فقط، وقاموا بالعديد من الهجمات على دور عبادة اليهود والمسلمين . * رابطة الدفاع اليهودية تأسست هذه المنظمة الإرهابية عام 1968 وهى تتبنى العنف وتستخدم جميع الوسائل للقضاء على معاداة السامية، اكتسبت شهرة واسعة بسبب انتقادها للاتحاد السوفيتى السابق حتى وصل عدد الراغبين فى القتال تحت رايتها إلى 15 ألف شخص، وفى عام 2004 اتهم مكتب التحقيقات الفيدرالى رابطة الدفاع اليهودية بارتكاب ما لايقل عن 15 اعتداء إرهابيا خلال الثمانينيات من القرن الماضى وتم إلقاء القبض على قائد هذه المنظمة ايرف روبن سنة 2001 وتم توجيهه له تهمة التخطيط لتفجير مسجد فى مدينة لوس انجيليس الأمريكية . * احتلوا وول ستريت بالرغم من عدم تصنيفها على أنها منظمة إرهابية إلا ان مكتب التحقيقات الفيدرالية يقوم بالتحقيق فى نشاط هذه الحركة والتعامل معها على أساس أن لها صلة بالإرهاب، فقد قام أفراد منظمة احتلوا وول ستريت بالاعتداء على الممتلكات العامة والخاصة وإضرام النار فيها وألحقوا خسائر تقدر بملايين الدولارات . وفى كل مرة تقوم هذه الحركة بتنظيم تجمع لها تقع الكثير من الاعتداءات الجنسية وتعاطى المخدرات وجرائم السرقة والقتل وينادى أفرادها باستخدام العنف للوصول إلى الحرية الاقتصادية المنشودة وعلى هذا الاساس يتعامل معها مكتب التحقيقات الفيدرالية على أنها أحد أخطر 10 منظمات ارهابية فى الولاياتالمتحدة. *جيش الرب وتقوم هذه المنظمة المعروفة بجيش الرب بتحريف النصوص الدينية لإلحاق الأذى بالآخرين تماما كما تفعل منظمة كهنة فينس، وفى أغلب الاحيان يقوم جيش الرب بهجمات على عيادات الاجهاض وأماكن تواجد مثليى الجنس ومن أشهر الهجمات التى نفذوها قيام أحد أتباعها ويدعى إريك رودلف بزرع قنبلة فى استاد الالعاب الاوليمبية عام 1996 فى مدينة أتلانتا بولاية جورجيا ما أدى إلى مقتل شخصين وإصابة 150 آخرين وفى سنة 2005 قام منفذ العملية رودلف بشرح مفصل للتفجير دون إبداء أى ندم على أفعاله مبررا الهجوم أنه جاء للضغط على الحكومة لتغيير سياستها المتساهلة مع عمليات الاجهاض كما اعترف أيضا بتفجير عيادتى اجهاض وناد لمثليى الجنس. * منظمة كلوكلوكلس كلان وتعتبر من أشهر وأخطر المنظمات الإرهابية فى الولاياتالمتحدة حيث عاثت فسادا وإجراما منذ تأسيسها عام 1865، فبعد انتهاء الحرب الاهلية الأمريكية قام بعض المقاتلين القدامى من قوات التحالف بتأسيس هذا التنظيم لاسترجاع سيادة البيض عن طريق الاعتداء على العبيد المحررين وكل من ساندهم حيث قاموا باغتيال العديد من السياسيين ورجال الدين والشخصيات المؤثرة من الأمريكيين من أصول أفريقية وارتكبوا جرائم لا حصر لها .وتستهدف منظمة كلوكلوكس اليوم المهاجرين غير الشرعيين والأمريكيين من أصول افريقية ويعتبر هذا التنظيم نواة لجميع المنظمات الإرهابية التى تنادى بسيادة البيض ليس فقط فى الولاياتالمتحدة ولكن فى جميع أنحاء العالم. * منظمة كريبس تأسست هذه المنظمة فى سبعينيات القرن الماضى بمدينة لوس أنجيلوس بهدف حماية الضواحى التى يقطن فيها أتباعهم من التهديدات الخارجية ويبلغ عددهم أكثر من 30 ألف عضو فى الولاياتالمتحدة، ولا تملك هذه المنظمة أى أجندات أو معتقدات واضحة حيث يتصرفون بدافع تحقيق حاجاتهم وعدم الاكتراث بالاخرين وتستخدم قيادات هذه المنظمة سياسة الاغتيالات لإرهاب المدنيين وتشكل عصابات إجرامية خطيرة وتقوم بتجارة المخدرات .ووفقا لمكتب التحقيقات الفيدرالية تعتبر منظمة كريس أكبر موزع للمخدرات فى العالم وهى من أكبر المنظمات الإرهابية خطورة داخل الولاياتالمتحدة. * جبهة تحرير الأرض تتميز جبهة تحرير الارض بخلايا ناشطة فى جميع الدول الغربية غير أن مركزها الرئيسى فى الولاياتالمتحدة ويطلق على أعضائها لقب «الاقزام». ويستخدمون تكتيكات حرب العصابات لتدمير البنى التحتية الحيوية والمكلفة كخطوط الكهرباء والشركات. وقامت هذه المنظمة بإضرام حرائق عديدة فى منتجعات التزلج والمخيمات ومكاتب حراس الغابات فى الولاياتالمتحدة وشن أعضاؤها هجمات على محلات الوجبات السريعة خاصة مطاعم ماكدونالدز بالاضافة إلى تدمير مختبر تابع لولاية مبتشجان الأمريكية. * المواطنون المستقلون: تتبع نهجا فوضويا وعنيفا وبالرغم من وجودها بالولاياتالمتحدة إلا أنها تعتبر نفسها مستقلة عن الحكومة الأمريكية وبالتالى ترفض دفع الضرائب والاعتراف بالسلطة القضائية والالتزام بالقوانين الفيدرالية وتقوم هذه المنظمة برفع آلاف الدعاوى القضائية الوهمية لإعاقة النظام القضائى، كما تقوم بتهديد القضاة والسياسيين وإطلاق النار على رجال الشرطة . * جيش التحرير الاسود تشكل عام 1970 بهدف المطالبة بحقوق متساوية للامريكيين من أصول إفريقية ولكن باستخدام العنف وقامت هذه المنظمة بالعديد من الجرائم مثل سرقة البنوك واغتيال أكثر من 13 شرطيا ومن أشهر الجرائم التى قاموا بها اختطاف طائرة تابعة لخطوط دلتا الجوية وطالبوا بمليون دولار فدية لإطلاق سراح الركاب قبل تحويل مسار الطائرة إلى الجزائر . * جبهة تحرير الحيوانات: تنظيم إرهابى يعمل فى الخفاء ويهدف إلى تحرير الطيور من المختبرات والمزارع والمصانع وعلى الرغم من زعمهم أنهم منظمة سلمية إلا أن أعمالهم التخريبية أدت إلى خسائر للمزارعين والعلماء تقدر بملايين الدولارات بالاضافة إلى تعطيل عملية تطوير الادوية وتعريض حياة البشر للخطر. تعود المشكلة فى كل تلك الهجمات إلى الدستور الأمريكى الذى يكفل شراء الاسلحة لكل مواطن أمريكى دون ترخيص ومن ثم كان من السهل إنشاء منظمات مسلحة تتخذ العنف نهجا لها ومن السهل أيضا أن يقوم أى مواطن بدافع أو بغير دافع بقتل الكثير من الابرياء لمجرد القتل حتى وصل عدد القتلى من حوادث إطلاق النار الجماعى إلى 30 ألف قتيل سنويا وهو ما جعل الرئيس الأمريكى السابق باراك أوباما يسعى إلى تقديم مشروع قانون للكونجرس يضع قيودا على شراء السلاح غير أنه لاقى معارضة شرسة من الجمهوريين ومن لوبى السلاح حتى جاء ترامب ليؤكد فى برنامجه الانتخابى أنه لن يغير هذا المبدأ الدستورى والان بعد مذبحة لاس فيجاس التى وصفها الرئيس الأمريكى الحالى بالأسوأ فى تاريخ الولاياتالمتحدة لا ينوى وضع قيود على تجارة السلاح الأمر الذى فسره بعض المراقبين بسبب قرب ترامب من هؤلاء التجار وتكوين صداقات قوية معهم . وأكدت صحيفة الجارديان البريطانية أن أمريكا ليست فقط دولة رائدة فى مجال حيازة السلاح وإنما تشهد حوادث إطلاق نار أكثر ب 11 مرة من اى دولة متقدمة أخرى موضحة أن الولاياتالمتحدة لديها أعلى معدل لحيازة السلاح فى العالم حيث يملك 88 شخصا 100 سلاح وذلك وفقا لمكتب الاممالمتحدة المعنى بالمخدرات والجريمة وهو أعلى معدل على مستوى العالم لملكية السلاح . وأضافت الصحيفة أن عدد الأمريكيين الذين يقتلون بسبب إطلاق النار كل عام هو 30 ألف قتيل وأشارت إلى أن الأمريكيين معرضون للقتل فى حوادث اطلاق النار أكثر ب25 مرة من اقرانهم فى الدول المتقدمة . ويعتبر حادث لاس فيجاس من أسوأ حوادث إطلاق النار الجماعى داخل الولاياتالمتحدة منذ ربع قرن لمجرد القتل ثم يليه حادث إطلاق النار الجماعى الذى وقع بجامعة فيرجينيا التكنولوجية وأسفر عن مقتل 32 شخصا وهو حادث نفذه طالب أمريكى من أصل كورى قبل أن ينتحر فى حرم الجامعة ثم يليه حادث المدرسة الابتدائية فى ساندى هوك عندما قتل شاب 26 شخصا بينهم 20 طفلا بالمدرسة بولاية كونتيكت . وفى شهر أكتوبر من عام 1991 قتل رجل 22 شخصا فى مطعم كيلين بولاية تكساس وأصاب حوالى 20 بجروح قبل أن ينتحر . وفى عام 2009 قتل شخص من أصل فيتنامى 13 شخصا فى مركز استقبال لمهاجرين بولاية نيويورك . وفى ابريل من عام 1999 فتح طالبان النار على مدرسة كولومبالين الثانوية ما أدى إلى مقتل 12 تلميذا ومدرسة واصابة 24 آخرين وانتحر بمكان المذبحة. يبقى أن الولاياتالمتحدة التى تعج بالمنظمات الإرهابية والمسلحة على أراضيها والتى ذهبت إلى العراق وأفغانستان بذريعة محاربة الإرهاب لم يقتل من جنودها أو مواطنيها نصف العدد من القتلى الذى يقتل على أراضيها كل عام جراء تلك الهجمات المسلحة التى يقوم بها إرهابيون أمريكيون لمجرد القتل أو لدوافع متطرفة أخرى ومع ذلك لا يطلق الاعلام الأمريكى عليها اسم حادث إرهابى الذى يطلق لمجرد قذف مواطن أمريكى بالحجارة من قبل شخص من أصول عربية أو أى شخص يعتنق الاسلام. فالأولى لترامب الذى ينادى بأمن أمريكا أولا أن يحقق هذا الامن داخل بلاده وأن يقضى على الإرهاب فيها قبل الذهاب لبلاد أخرى بذريعة القضاء عليه.